بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مفهوم الردع في العلاقات الدولية

شبكة البصرة

الدكتور شاكرعبد القهار الكبيسي

لا بد من وجود نظام عقابي بين الأشخاص وبين الدول فلا يمكن أن تستقيم الحياة دون نظام قانوني يردع المخالفين لأحكامه وعلى مستوى العلاقات الدولية يمكننا القول بأن الردع يعني إجبار الخصم على الإنصياع لإرادتنا سواء بالكف عن إعتداءاته المتكررة أو الإنصياع الى منطق الحق وإعادة حقوقنا التي يكفلها القانون الدولي وبالتالي فأن الردع يقتضي وجود إرادتين مختلفتين كل منهما يسعى لتحقيق أهداف معينة مستخدماً جميع إمكانياته المادية والبشرية ومستثمراً علاقاته الدولية لهذا الغرض ويعتمد الردع على قاعدتين أساسيتين هما:

القاعدة الأولى: إقناع الخصم بإمكانية معاقبته من خلال إنزال الأذى والتأثير والتدمير في أصوله وبشكل لا يقبل الشك أو الأيحاء له بذلك فعندما يقتنع الخصم بأنك قادر على معاقبته وتدمير قدراته سيتوقف عن أعماله العدوانية.

القاعدة الثانية: وهي القدرة على إحداث التأثير النفسي على العدو وإقناعه بأهمية الإنصياع لإرادتنا والأ فأنه سيتعرض لخسائر كبيرة لا يستطيع تحملها دون أن يكسب أي مغانم مُحتملَة.

والردع على عدة أنواع هي:

1. الردع الإلكتروني: هذا النوع من الردع يشير يشير إلى إمكانية إلحاق الضرر بالأنظمة والبيانات والحواسيب والشبكات والمواقع الألكترونية بغية تخريب الأصول الوطنية في الفضاء وقد حدث ذلك ضد الكيان الصهيوني خلال عمليات طوفان الأقصى من قبل بعض المؤيدين للقضية الفلسطينية.

2. الردع غير المباشر: ويتم ذلك من خلال الضغط على الدول والجماعات الداعمة للعدو بإستخدام الموارد الوطنية كما حدث في سبعينات القرن الماضي عندما أستخدم العرب النفط كسلاح ضد الدول الغربية المساندة للكيان الصهيوني كما يقوم المجتمع الدولي بمعاقبة الدولة الراعية أو الداعمة للإرهاب لردع الفاعلين من غير الدول من شن هجمات من أراضي دول أخرى.

3. الردع بالتحمل وتخفيف الإضرار: ويتم من خلال العمل على تقليل الآثار المتربتة على الهجوم المعادي المحتمل بأخذ الإحتياطات اللازمة من الغش والإختفاء وتوزيع القدرات.

4. الردع بالقوة: ويتم ذلك بعد تحديد الأهداف الإستراتيجية للعدو وإختيار الأماكن المهمة التي تُحدث ضرراً وتكاليف مادية عالية كالموانيء والمعامل والشركات المالية التي تُضعِف الإقتصاد والتهديد بتدميرها مما يدفع الطرف المتزمت للإنصياع للعقل والحكمة بعد حساب الخسائر والتكاليف التي يُحدثها هذا الردع.

5. الردع عن طريق الجتمع الدولي: ويشير هذا الى الردع الّذي تشكله المنظمات الدولية كفعل جماعي ضد الدول الخارجة عن القانون الدولي والمخالِفة لأحكامه لتحقيق الأمن والسلام الدوليين ولكن غالباً ما يُستخدًم هذا الردع وفق مصالح الدول الكبرى.

6. الردع بالأحلاف والتعهدات الجماعية: كان هذا الردع واضحاً في فترة التوازن الدولي ما بين المعسكرين الشرقي والغربي (حلف وارشو - حلف الأطلسي) بغية إيقاف الأعمال العدوانية التي تقوم بها بعض الدول وإمكانية ردعها بالفعل الجماعي.

7. الردع المتبادل: ويتم بطريقتين هما:

أ. قوتين نوويتين تردع بعضهما البعض كما هو الحال بين الهند وباكستان

ب. الردع بالقدرة على التحمل بعد التعرض لهجوم نووي (الضربة الأولى) كما هو الحال اليوم بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية. ويعتبر هذا الردع الأفضلوالردع على عدة بين جميع أنواع الردع لأنه يتيح للطرفين المتنازعين تدمير بعضهما البعض حتى بعد إستخدام الطرفين للأسلحة النووية وغالباً ما تتحاشى الدولتين الصراع المباشر بينهما لأن في ذلك دمار ما بعده نهوض ولذلك تبقى القوة سيدة الموقف في السياسة الدولية ولذلك دعانا الله سبحانه وتعالى الى أمتلاك القوة في صراعاتنا الدولية ونضالنا المشروع في المحافظة على حقوقنا الوطنية ودفع الأذى عن بلداننا فقال في سورة الأنفال:60 ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾    .

3/10/2024

شبكة البصرة

 السبت 2 ربيع الثاني 1446 / 5 تشرين الاول 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط