بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
سردية الوجع الفلسطيني تجسدت في صورة الطفلة حافية القدميين |
شبكة البصرة |
صباح البغدادي |
تعالوا أتلوا عليكم نبأ ذكر حافية القدمين: تصحو على صوت الانفجارات، بعد أن كانت تصحو على صوت زقزقة العصافير التي تتجمع على نافذتها وتتأمل ما يجرى حولها، وكأنها تحاول الهروب من ظلال المعاناة والألم الذي يحيط بها، تلك هي الطفلة شقراء الشعر حافية القدمين، مع نسمات الريح تتراقص خصلات شعرها، وتسير خطوات على ارض رسمت آثار قدميها على التراب، حاملة هموم اختها الجريحة، تتذكر صدى ضحكاتها مع اختها في زوايا بيتهم والتي كانت تُعانق كبد السماء العلى، كل شيء من حولها أصبح يتاكل حتى أحلامها التي رسمتها في مخيلتها تلاشت مع حجم الفاجعة والمعاناة والالم، وحيدة أصبحت في هذا العالم، حتى الفراشات التي رسمتها في دفاترها المدرسية احترقت بعد ان كانت تحلق من حولها رغم اجنحتها المكسورة و حاملة اعباء همومهم على اكتافهم الصغيرة، ورغم القصف وزخات القذائف التي تنهال على رؤوسهم وأجسادهم الغصة الفتية كالمطر، ما بين الخرائب والأنقاض تحمل في يديها الصغيرة شعلة مملوءتين بالأمل والعزم ولكنها لا تنطفئ ويتلألأ ضوئها في عيونها، وما يزالون يتلون تراميم صلاتهم وخاتمتها بأن لن نستسلم أبدا! تلك هي قصة شقراء الشعر حافية القدمين؟ خلال الساعات الماضية انتشرت بصورة متسارعة وغير مسبوقة في العالم الرقمي الأفتراضي، ومن خلال مختلف منصات التواصل الاجتماعي التي تحكي عن جانب حي من صورة الألم والمعاناة لطفلة من قطاع غزة، حافية القدمين وعليها ملابس رثة ومتسخة، وهي تحمل أختها الجريحة المصابة بقدمها، وتحت أشعة الشمس الحارقة ولمسافة أكثر من كيلومترين لغرض الوصول أحدى المستشفيات أو لخيمة عائلتها!؟ هذه السردية الموجعة التي تجسد قمة المشاعر الإنسانية، وتعبر عن مدى الظلم تقبل الظلم الذي وصلنا إليه، وكشفت بما لا يدع مجال للشك أو التأويل ان هدف الإبادة الجماعية التي تحدث في قطاع غزة تستهدف بالدرجة الأساس الطفولة، وقد انعكس هذا الحدث بصورة قاصدًا على فضح وسقوط أخلاقيات الدول الغربية بصورة مخزية ومتجذرة في العقل الجمعي العربي والعالمي، وتتمثل كذلك بسقوط مخزي أخر بممارسة تركيز الحكومات الغربية واعلامهم المسيس و صحافتهم الصفراء في اختيار الضحايا والمعايير الأخلاقية ومن هم أحق بتسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة وانتهاكات حقوق الإنسان والقتل والتدمير من الآخر وكما يحدث حاليا كمثال في الحرب المفتعلة بين " روسيا و اوكرانيا " حيث يتم التباكي وذرف دموع التماسيح على ما يحصل الأطفال والمدنيين أوكرانيا وفي المقابل تتجاهل وتقلل إلى أبعد حد وتصل لحد التشكيك بالآمر بمجمله وبصورة متعمدة والتي تحدث حاليآ الان في قطاع غزة، خاصة عندما تكون تلك الانتهاكات مرتبطة بحلفاء أو شركاء استراتيجيين مثل إسرائيل وحلفائها من أمريكا وألمانيا والدول الغربية!!؟ ولعل ابشع هذه الازدواجية والمعايير الأخلاقية وحقوق الطفولة تتجسد في التصريح الوقح لوزيرة الخارجية الألمانية "أنالينا بيربوك" التي انتزعت منها الإنسانية والحياء عندما صرحت علنا أمام الجمعية الاتحادية برلمان ألمانيا " لإسرائيل الحق في قتل المدنيين بقصف المناطق التي يعيشون فيها، إذا كان هناك إرهابيون يسيئون استخدامها وليس بمهاجمتهم فقط" مما ينعكس هذا التصريح بأنه رخصة مجانية ومشروعة وبدون محاسبة الجهة المنفذة لقتل المزيد من المدنيين والنساء والأطفال، ويأتي خطاب الوزيرة اليمينية المتطرفة مناقضا تماما للمادة 19 من اتفاقية جنيف الرابعة واتفاقية حماية الأشخاص المدنيين والنساء والأطفال في وقت الحروب الموقعة بتاريخ "12 أبُ 1949 في مناطق الحروب والنزاعات المسلحة من يدفع الثمن أولا ليس المتحاربين فيما بينهم! وأنما الأطفال الذين تسرق طفولتهم بلمح البصر وحقهم الطبيعي في التعليم والرعاية الصحية وممارسة ألعابهم وهواياتهم في بيئة أمنة طبيعية، أما العنف والترهيب وأصوات الانفجارات التي يتعرضون لها كل يوم سوف تؤدي بهم إلى آثار نفسية عميقة ودائمة يصعب معها علاجهم على المدى المنظور، وتتأثر على نموهم الجسدي والعقلي حتى برامج التأهيل الطبي والدعم النفسي والاجتماعي سوف تجد صعوبة بالغة في إصلاح وإنقاذ ما يمكن إنقاذه بسبب حجم الألم والمعاناة التي يفوق قدرتهم النفسية والجسدية والعقلية الصغيرة، ومع الأسف منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة والمكلفة تحديدا بحماية حقوق كل طفل، في كل مكان، والمجتمع الدولي، وغيرهم من منظمات المجتمع المدني فشلوا جميعهم فشلا ذريعا في وقف معاناة الأطفال في قطاع غزة حتى ولو بالحد الادنى، نتيجة عدم المبالاة من قبل أمريكا وحكومات الدول الغربية، حيث وقفت متفرجة باستهداف الأطفال بَلْهَ حتى بمنع إصدار قرارات من مجلس الأمن الدولي بمحاسبة من يتسببون في هذه المعاناة، بل على العكس باستعراض مجمل تصريحاتهم الرسمية فإنهم يباركون باستهداف المدنيين والنساء والأطفال العزل الذين لا حول لهم ولا قوة؟ السردية التي تتخذ الضحية شكل جلادها وتترجم على أرض الواقع اليوم بأن ما يفعله رئيس الوزراء "نتنياهو" تتجسد في محاولة منه ويعتبرها فرصة سانحة من غير خوف من المحاسبة، بان ينتقم من النازيين وما فعلوه باليهود بمعسكرات الاعتقال من خلال أطفال غزة، والذين عليهم أن يدفعوا ثمن هذه الجرائم النازية؟. إعلامي وصحفي عراقي sabahalbaghdadi@gmail.com |
شبكة البصرة |
الاربعاء 20 ربيع الثاني 1446 / 23 تشرين الاول 2024 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |