بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
حزب البعث العربي الإشتراكي أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة قيادة قطر العراق المنتخبة وحد ة حرية أشتراكية استحقاقات مرحلة ما بعد حزب الله |
شبكة البصرة |
إن الأحداث الخطيرة المتلاحقة ليست فورة آنية وإنما هي جزء من مخطط شامل أمريكي إسرائيلي أوروبي وضع بألتفصيل قبل طوفان الأقصى، وهدفه إعادة ترتيب الوضع الستراتيجي في الإقليم الذي يضم الوطن العربي وإيران وتركيا، بحيث يكون القاعدة الأساسية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة الأمريكية في صراعها المصيري مع الصين وروسيا، واستنادا إلى هذا الهدف الخطير فإن المطلوب هو تغيير الأدوات وإقامة تحالف إقليمي فعال وقوي يستطيع المحافظة على الترتيب الجديد بعد أقامته، ولكن بعد إنجاز أهداف المرحلة السابقة والتي كان هدفها المركزي تفتيت الأقطار العربية وإغراقها في الأزمات التي تدمر قواها وتضعها أمام واقع مرير لا بد من تكريسه، وهو ما رأيناه خصوصا منذ غزو العراق في سورية واليمن ولبنان وليبيا وغيرها. وفي هذه الترتيبات الجديدة تلعب إيران دورا أساسيا يفوق بأهميته الدور الإسرائيلي فهي وحدها من نجحت في تحقيق الأهداف الستراتيجية الأكبر للغرب والصهيونية في الوطن العربي وأبرزها نشر الفتن الطائفية والعرقية وتفتيت الأقطار العربية وزجها في صراعات داخلية فشلت كل دول الغرب والصهيونية في تحقيقها طوال أكثر من قرن، فجاءت إيران الملالي وبدعم غربي وصهيوني وحققت تلك الأهداف. وعلى النقيض من ذلك فإن إسرائيل التي أنشئت لتكون حارسة المصالح الغربية في المنطقة فشلت منذ حرب أكتوبر عام 1973 في القيام بهذا الدور بل تحولت إلى عبء ستراتيجي واضح على أمريكا والغرب، وهنا نرى سبب البروز الصاروخي للدور الإيراني التدميري. خامنئي أحدث انقلابا جذريا في السياسات الإيرانية حينما أعلن بكل صراحة مؤخرا بأن الصراع الرئيس الدائر الآن (يقوم بين جبهة الحسينيين وجبهة اليزيديين وأنه صراع مصيري يجب أن يحسم لصالح جبهة الحسينيين)، وترجمة هذا الكلام الوحيدة هي أنه يعلن بأن الصراع الحقيقي الذي تخوضه إيران هو صراع بين السنة والشيعة في المقام الأول والاخير، وهذا التغيير كان لا بد منه لإيجاد المبرر للغدر الايراني بحماس وعدم تحقيق ما وعدت به وهو أن طوفان الأقصى ستكون عملية تشارك فيها خمسة أطراف وهي إيران وذيولها إضافة لحماس، وقال خامنئي أيضا وبكل وضوح بأن إيران لن تقاتل من أجل أي طرف آخر وإنما ستكتفي بتقديم الدعم، وهذا بحد ذاته براءة شاملة ورسمية من الستراتيجية التي أعلنها خميني وواصلها خامنئي طوال أكثر من أربعة عقود، واستنادا اليها اسس فيلق اسمه فيلق القدس اعلن ان هدفه تحرير القدس، لكنه لم يحارب في القدس بل حارب في العراق وسورية واليمن ولبنان وغيره واباد مئات الالاف من العرب فيها بقسوة فاقت قسوة الصهاينة! وكان ذلك هو الفخ الايراني الذي وقع فيه كثيرون!
فما الذي يترتب على هذا التحول الجذري في السياسات الإيرانية؟ أولا: إن الصفقة قد اكتملت بشكل عام، وما أكد ذلك هو الرئيس الإيراني الذي أعلن من نيويورك بالذات بأن إيران تحمل مشاعر الأخوة تجاه أمريكا وتريد العودة إلى المفاوضات حول المشروع النووي الإيراني، وقال ذلك والمذبحة الهائلة تجري في لبنان! وأكمل ذلك مستشاره محمد جواد ظريف فقال نحن لا نقاتل من أجل الآخرين ونكتفي بتقديم الدعم لهم، والترجمة العملية لذلك واحدة وهي انتهاء دور حزب الله في الصراع الإقليمي والذي كان أساسيا في ضمان دعم شعبي عربي ليس بالقليل لايران، فما الذي يبقى لحزب الله عندما يتفق سيده خامنئي مع الإدارة الأمريكية؟ ان انتهاء الصراع بين الغرب وإسرائيل من جهة وإيران من جهة ثانيه يحتم إنهاء دور حزب الله، وبما أن هذا الحزب سيطر بصورة تامة على لبنان فإن تراجعه عما حققه من قوة ونفوذ يكاد يكون مستحيلا بالطرق العادية ناهيك عن إن المكاسب التي حققها في العقود الماضية في الصراع مع اسرائيل يجب أن ترد عليها تل أبيب لكي تستعيد قدرتها على الردع التي فقدتها. وهكذا أصبح متوقعا القضاء على حزب الله وليست تقليم أظافره فقط، وهو هدف اتفقت عليه إيران مع أمريكا وإسرائيل كما أثبتت كل مجريات الصراع منذ بدأت إسرائيل بقصف بيروت والضاحية الجنوبية منه ونفذت عمليات أبرزها عملية البيجر وما تبعها من القضاء التام على أكثر من 50 قائد في حزب الله في خلال أيام، إضافة لاستشهاد آلاف المدنيين الأبرياء من اللبنانيين، ولم تخفي إسرائيل وأمريكا أن الهدف هو القضاء على حزب الله واجتثاث قدراته التي بنيت بموافقة غربية وصهيونية طوال عقود، وإلا لم يكن ممكنا أن يحقق هذا التراكم الهائل للسلاح والمعدات الالكترونية والأموال والتنظيم العسكري الذي فاق قوة وإمكانية الدولة اللبنانية. لقد انتهى حزب الله وظيفيا وبالتالي يجب أن ينتهي ميدانيا أيضا.
ثانيا: أن آلاف اللبنانيين تم تجنيدهم تحت شعارات طائفية مقيتة وأصبحوا جنودا في هذا الحزب وقاتلوا دفاعا عن إيران اعتقادا منهم بأن الشعارات الإيرانية وبالتبعية شعارات حزب الله صادقة وحقيقية، لكنهم صدموا بعدة حقائق لا يمكن إنكارها وفي مقدمتها إن حزب الله ليس مخترقا أمنيا فقط بل هو أصلا قام على أساس وجود إدارة ثنائية له منذ بداية نشوئه: إدارة إيرانية من جهة، وإدارة سرية أمريكية وصهيونية من جهة ثانية، وبدون إقرار هذه الحقيقة لا يمكن تفسير السرعة والبساطة التي تمكنت فيها المخابرات الإسرائيلية من اصطياد قادة الحزب بطريقة تكاد أن تكون بغرابتها شبيهة بالأفلام الهندية!فقد كانت تقتل يوميا أكثر من قائد من حزب الله وبدقة متناهية وتحدد مكانه السري جدا وتحدد التوقيت لحضوره وهو سري أيضا، لدرجة أن كل معايير تحديد الاختراقات الأمنية لا تنطبق على ما جرى لحزب الله، فالذي جرى هو أن لدى إسرائيل مخزن معلومات قديم يشمل كل شيء حتى مجالات اللهو لحزب الله، وهكذا فإن عملية ضربه ليس مجرد إضعاف له وتحويله إلى حزب سياسي مجرد من السلاح بل هي عملية اجتثاثه من الجذور لينتهي.
ثالثا: أن إعادة لبنان إلى ما قبل انقلاب حزب الله لن يكون قائما على تكيّف حزب الله مع الواقع الجديد فيدمج في التركيبة السياسية الجديدة المتوازنة كما كانت، فذلك مستحيل بسبب الجرائم البشعة التي ارتكبها حزب الله ضد الشعب اللبناني كله وضد قواه السياسية وشخصياته ورموزه، حيث تعمد إذلالهم والإساءة إليهم والتجاوز على حقوقهم وأملاكهم الأمر الذي يجعل من المستحيل تقبل المصالحة مع حزب الله ونسيان ما جرى في لبنان من كوارث لا نظير لها في تاريخه، وهذه الحقيقة تضع أعضاء حزب الله الذين اكتشفوا أنهم كانوا ضحايا للتضليل الإيراني طوال أكثر من أربعة عقود وأنهم ضحوا بأولادهم ومستقبلهم ودمائهم وعرقهم من أجل إيران التي غدرت بهم وتخلت عنهم تضعهم أمام خيار واحد وهو ترك حزب الله نهائيا والالتحاق بمسيرة إعادة بناء لبنان وتضميد جراحه، وهذا يتطلب احتضان القوى السياسية اللبنانية بشكل خاص والعربية بشكل عام للعناصر التي تورطت مع حزب الله ودعمته طوال عقود واحتوائها ضمن إطارات وطنية جديدة. وهنا يكمن التحدي لكل القوى الوطنية والقومية التي يجب أن تلعب دورا في استقطاب هذه الكتل البشرية التي انخرطت في صفوف حزب الله أو دعمته طوال أربعة عقود وتضميد جراحها وتثبيت أركان وعيها الجديد لحجم المؤامرة الإيرانية عليها وعلى أمتنا العربية. أما أولئك الذين يتصرفون بعقلية الانتقام من كل من وقف مع حزب الله أو كان عضوا فيه فإنهم يتجاهلون أبسط قواعد كسب الصراعات وهي فتح الباب أمام العدو ومن يعمل مع العدو للتراجع وتحييده إن لم يكن كسب بعضه، وهذه من أهم شروط الانتصار الحاسم. فليكن شعارنا هو إعادة البناء في لبنان وفي كل قطر عربي وتضميد الجراح واستقطاب العناصر التي تتراجع وتعيد النظر في مواقفها، فالمرحلة ليست مرحلة انتقام بل هي مرحلة بناء وحدة الحركات الوطنية في كل الأقطار العربية وتأطير ذلك ببناء الجبهة القومية العريضة على مستوى الوطن العربي من أجل قيادة النضال ومواجهة استحقاقات المرحلة القادمة الخطيرة والتي لن تكتفي فيها إسرائيل وأمريكا بتدمير لبنان وإنما ستنفذ المشروع الصهيوني، وهو إقامة إسرائيل التوراتية، وكل ذلك يتم تحت قيادة الولايات المتحدة التي ستستخدم المنطقة بكل دولها لأجل مواجهة الصين وروسيا في الصراع المصيري الحالي.
قيادة البعث في 1-10-2024 |
شبكة البصرة |
الاربعاء 29 ربيع الاول 1446 / 2 تشرين الاول 2024 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |