بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
بعد ان اكتملت الصورة (2) التقية فن التضليل |
شبكة البصرة |
صلاح المختار |
الملاحظة الثانية: في الصراعات الكبرى المعقدة والخطيرة يلجأ الغرب والصهيونية واسرائيل الشرقية إلى أساليب في التخطيط والتفكير غير معتادة من قبل العرب وهي تقع تحت مفهوم التقية، أي تبني موقف ظاهري متناقض مع الهدف الحقيقي الذي يتم إخفاؤه، والتقية وأن أعتبرها البعض نتاج سايكولوجيا التشيع الصفوي إلا أنها في الواقع سمة من سمات الشخصية اليهودية،وأنتقلت إلى بلاد فارس بعد الفتح الإسلامي، فالتقية يلجأ إليها الضعفاء غالبا لأن ضعفهم يجعلهم عاجزين عن الإفصاح عن مواقفهم الحقيقية خوفا من ردود فعل المستهدفين، فيتظاهرون بعكس ما ينون ويخططون، وفي حالة اخرى يلجأ القوي للتقية لتقليل خسائره التي تترتب على انكشاف خططه الحقيقة المخفية فيعمل على ابقاء الضحية هادئا مطمئنا كي يمكن اكمال عملية ذبحه بلا مقاومة! لذلك كنا نرى اليهود قبل إنشاء إسرائيل الغربية يتمسكنون ويتظاهرون بالضعف ويبدون أفضل أنواع الطيبة والتعاون مع محيطهم، ولكنهم بعد قيام اسرائيل الغربية تنمروا واصبحوا وحوشا كاسرة مثل يهود شرقيين! وكذلك الفرس وإن اختلفت إلى حد كبير طبيعة التقية في بلاد فارس حيث أن بلاد فارس أصبحت ضعيفة بعد الفتح الإسلامي وكانت قبلها قوية في مراحل تاريخية معينة قامت فيها إمبراطوريات قوية، فالتراث الاستعماري للدولة الفارسية عميق وقديم واصيل، ولهذا فإنه اقترن بعد إسقاط العرب للإمبراطورية الفارسية بتقية مشحونة بالتظاهر بالود والاستخذاء، فلا تفارق فم الفارسي او اتباع الفرس،منذ الحكمين الاموي والعباسي حتى غزو العراق كلمة (يامولاي...) والتي تقترب من معنى انا عبد لك، عندما يخاطبون العربي،وهذا الاستخذاء المحسوب تقية موه العنجهية الفارسية ولكنها لم تمت،وبرزت ألاحقاد الفارسية بقوة أشد عمقا من أحقاد اليهود على العرب، واعتمدت على أساليب في ممارسة العداء أكثر إيذاء من ممارسات اليهود، وهذا ما يعرفه العرب الأقربون إلى بلاد فارس خصوصا العراق، وكانت اكبر الكوارث حلت بالعراق وسورية من صنع الفرس بعد غزو العراق. والتقية تجر الى مالا يستوعبه العقل العربي بصورة سهلة، وبالتالي فأنه يبقى مستبعدا الاحتمالات القاتلة لانها غير منطقية حتى يقع الفأس في الرأس فيكتشف ان طريقة محاكمته للاحداث تختلف جذريا عن محاكمات اعداءه لها! فالحركة الصهيونية في ألمانيا مثلا هي التي كانت وراء اضطهاد يهود ألمانيا بصورة بشعة والمحارق النازية كان من يديرها يهود، وكانوا كارهين لليهود الرافضين للصهيونية لانهم رفضوا الهجرة الى فلسطين اعتقادا منهم بان اسرائيل لن تقوم الابعد عودة المسيح، فدعوة الصهيونية لانشاء اسرائيل (مخالفة لاوامر الرب)، وحصل ذلك بعد أن عقدت الصهيونية الألمانية صفقة مع هتلر قامت بموجبها بتوفير ملايين الدولارات لأجل تنفيذ الخطط العسكرية لهتلر، ومنها صنع صنوف من الأسلحة متقدمة ولم يكن هتلر يملك التمويل اللازم لتحقيقها،فقدمت له الحركة الصهيونية ما يحتاجه من مال مقابل أن يضطهد اليهود في ألمانيا، وحينما سألهم هتلر عن سبب هذا السخاء تجاه ألمانيا قالوا له بكل صراحة (نحن نريد أن يهاجر اليهود إلى فلسطين)، فتخيلوا كيف يفكر العقل اليهودي عندما يموت الآلاف منهم على يد يهود أو ألمان بمساعدة اليهود فقط لأجل تهجيرهم إلى فلسطين؟ أنه ثمن يجب أن يدفع من أجل تحقيق ما هو أكبر وهو إنشاء إسرائيل. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية عرف عنها أنها تضع لكل مرحلة من تنفيذ خططها اطارا سياسيا وفكريا ونفسيا هدفه منع الضحايا من الربط بين قرارات وخطط سابقة وبين ما يجري لهم، فتتظاهر بانها تعمل من اجل مساعدة تلك الدولة لبناء الحداثة والديمقراطية واحترام حقوق الانسان وانها تدافع عن الصديق والحليف، وان ما يشاع عن وجود خطط امريكية معادية للحليف او الصديق هي محض اكاذيب هدفها زرع عدم الثقة،ونظرة سريعة لكيفية تنفيذ وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو وخطة بنرمان وهي كلها وضعت في بداية القرن العشرين ومازلت تنفذ حتى الان بلا توقف تثبت بالقطع باننا نواجه مخططا تاريخيا عمره اكثر من قرن ومع ذلك يفتقر كثيرون الى القدرة على الربط بين تسلسل الاحداث وكونها اجزاء مترابطة من مخططات ثابتة! أما إسرائيل الشرقية فإنها تفعل نفس الشيء فنظام خميني مثلا بدأ مسيرته بشعارات تتحكم بها التقية ومنها الدفاع عن فلسطين والقدس ومحاربة الشيطان الاكبر (امريكا) والشيطان الاصغر (اسرائيل) الغربية، وكان ذلك كله غطاء لخداع العرب والمسلمين وجر الكثير منهم لدعم مواقف نظام الملالي حتى لو كانت تبدو غريبة ومناقضة لشعار الموت لامريكا مثل اصرار خميني على شن الحرب على العراق، وكان شعار (تحرير القدس يمر عبر تحرير بغداد) هو اللعبة التي منعت البعض من الانتباه لما يقوم به نظام الملالي مع العراق اولا،وبقي الامر هكذا طوال اكثر من اربعة عقود زخرت بأحداث خطيرة جدا هددت الوجود العربي مباشرة واكثر مما هدده الكيان الصهيوني وامريكا، مثل نشر الفتن الطائفية في الوطن العربي مقرونة بنشر كافة انواع الفساد الاخلاقي والمالي وتعميم المخدرات، وزرع الشذوذ الجنسي وزواج المتعة الذي وصل حد الاباحية الجماعية والتي تمارس اثناء الزيارات الدينية التي تتحول الى مهرجانات اباحية غير مسبوقة يمارس الجنس فيها من قبل عشرات الالاف! ووصل التحلل الاخلاقي والضميري حدود ممارسة زنا المحارم، ومع ذلك بقي البعض يسير خلف نظام الملالي ويدعمه لانه (داعم للقضية الفلسطينية) ويقدم الدعم المالي والعسكري لمنظمات فلسطينية! وصفقة إيرانجيت عقدت في ظل حرب كلامية شرسة بين أمريكا وإسرائيل الشرقية وقدمت فيها أمريكا وإسرائيل الغربية اسلحة ضخمة لإيران أستخدمتها ضد العراق في الحرب التي شنها خميني عليه، رغم ان نظام الملالي يصر على شتم امريكا واسرائيل الغربية بلا توقف ليكون ذلك وسيلة اقناع للاتباع كي يستمروا في طاعة الولي الفقيه! وكذلك فإن حكام إسرائيل الشرقية يظهرون كل الود لأعدائهم قبل نشوب الحروب بينهم وبعدها،وهذه حالة معروفة فإذا كان الرئيس الإيراني يستقبل شخصيات عراقية بعد إنهاء الحرب بالتقبيل والأحضان مع إنه كاره لهم كرها شديدا كما أثبتت الأحداث فإن ذلك يمثل أبرز تعبير عن التقية. اننا نشرح كل ذلك لكي نوضح طريقة تفكير وتخطيط اعداء امتنا العربية المختلف جذريا عن طريقة تفكيرنا وتخطيطنا فتتوسع امكانية استيعاب حقائق مرعبة تنكشف ولكن بعد خراب البصرة! وفي ضوء ما تقدم يمكن تناول موضوع الدعم الإيراني للقضية الفلسطينية،وكان هذا التكتيك الايراني يستهدف عزل العراق عن العرب، أثناء الحرب التي شنها خميني عليه، إضافة إلى أنه غطاء ناجح للسيطرة على المنافذ الإعلامية والسياسية والنفسية للقضية الفلسطينية وإبعاد العرب عنها خصوصا بعد غزو العراق وتبني الأنظمة العربية موقف يتراوح بين اللامبالاة تجاه فلسطين وبين التطبيع مع إسرائيل الغربية، فأصبح الدعم الإيراني لحماس والجهاد الإسلامي وكتائب القسام وسيلة فعالة كي تحسب القضية الفلسطينية على إسرائيل الشرقية بدل أن تبقى في إطارها العربي، رغم ان الفرس معادون في الواقع لفلسطين، فالذي يعادي العراق وسورية وبقية الاقطار العربية ينطلق من موقف قومي عنصري كاره لكل العرب لكنه يستخدم التقية لتحييد قسم من العرب او لكسبهم الى جانبه ضد بقية العرب عبر تبني موقف داعم بسخاء لمنظمات فلسطينية تماما مثلما دعمت الصهيونية الالمانية هتلر ـ أستمرت طهران في ممارسة دعم منظمات فلسطينية وشتم الصهيونية وامريكا طوال عقود وتحت هذا الغطاء نجحت في غزو اقطار عربية رئيسية مثل العراق وسورية، ودمرا تدميرا شاملا ابشع من تدمير فلسطين واكثر تكلفة بعدة مراحل من كل تضيحات الشعب الفلسطيني، وتهدد الهوية القومية العربية لتلك الاقطار بصورة حاسمة لكن كل ذلك لم يحرك المشاعر الوطنية والقومية في تلك المنظمات الفلسطينية والتي بقيت تمتدح قادة الفرس، مثل قاسم سليماني، الذين ولغوا في دماء ملايين العرب في العراق وسورية! وتستمر عملية الخداع الكبرى هذه الى ان يصل الصراع الى ذروته الحاسمة فتضطر أسرائيل الشرقية لرفع برقع التقية عن وجهها والاسفار عن موقفها الحقيقي المخفي طوال اكثر من اربعة عقود كانت عقود كذب وخداع مبرمجين! وهو ما نراه الان بكل ضوح خصوصا بعن تصريحات علي خامنئي التي اكد فيها ان الصراع الحقيقي هو بين معسكر الحسين ومعسكر يزيد، اي بين السنة والشيعة! وهكذا وضعت تلك المنظمات الفلسطينية السنية امام واقع تعجز عن تفسيره واستيعابه لانها غطست في بحر الخداع واصبحت في وضع بالغ الخطورة، وهذا ما سوف نوضحه.يتبع. Almukhtar44@gmail.com 4-9-2024 |
شبكة البصرة |
الخميس 2 ربيع الاول 1446 / 5 أيلول 2024 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |