بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

طوفان الأقصى (310) هل تصمد إيران في وجه حرب الإعلام المفتوحة ضدها؟

شبكة البصرة

اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

ستانيسلاف تاراسوف

مؤرخ وباحث سياسي روسي

خبير في شؤون الشرق الاوسط والقوقاز

وكالة أنباء REX الروسية

5 أغسطس 2024

 

الموساد يتوقع تفاقم الوضع الداخلي في إيران

في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية في طهران، أصدرت السلطات الإيرانية تحذيرا بأن "التقارير الموثوقة حول هذا الموضوع لا تنشر إلا من قبل المؤسسات والهيئات الرسمية الإيرانية". لكن النقطة الأساسية في رد الفعل الأولي لطهران كانت "الالتزام بنظام الصمت" الذي "فجرته" وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية.

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في البداية أن هنية قُتل جراء انفجار عبوة ناسفة زرعها عملاء المخابرات الإسرائيلية، الموساد، في غرفته بالمجمع الحكومي، وتم تفجيرها عن بعد. وأكملت الصحيفة معلوماتها بأخبار مفادها أنه بعد جريمة القتل في إيران، “تم اعتقال أكثر من 20 شخصا، بينهم ضباط كبار في المخابرات، وموظفون في وزارة الدفاع ودار ضيافة عسكرية في طهران، كان من المفترض أن يوفروا الأمن له، لكنهم ارتكبوا انتهاكا خطيرا للقواعد الأمنية. ثم تم تكرار هذه الرسائل في صحيفة وول ستريت جورنال والتلغراف البريطانية. في الوقت نفسه، أشارت هذه المنشورات إلى مصادر إيرانية لم تذكر اسمها، من بينها ضباط رفيعو المستوى في الحرس الثوري الإيراني، الذين ذكروا أنه يُزعم أن “المتفجرات الخاصة بقتل هنية زرعها عملاء الحرس الثوري الإيراني بتعليمات من الموساد». هذه علامات واضحة على أن أجهزة الاستخبارات الغربية تبني حدثًا إعلاميًا علنيا له أهداف محددة.

وهذا أسلوب معروف لشن حرب المعلومات. وهو يهدف لإجبار العدو على الرد في موقف، عندما لا يكون مستعدًا بعد لتقييمه بشكل مستقل. إذا بقي الخصم صامتا، فسيتم الترويج للنسخة المقترحة للحدث. وإذا بدأ في التصرف بسرعة، فإنه يقع في تناقضات محتملة، وعندها يقومون بتطوير النسخة على مستوى التقاطعات مع سياقات الوضع الداخلي في البلاد. وفي حالتنا فإن مقتل هنية داخل المبنى الذي يقيم فيه ضيوف الحرس الثوري، يعد حدثا غير مسبوق في تاريخ إيران منذ ثورة 1979.

وهذا تحدي مباشر مع فهم أن طهران لا يمكنها أن تصمت طويلا عن مقتل هنية على أراضيها، وأنه ليس أمامها خيار سوى إعطاء إجابة واضحة و/أو رادعة عن: كيف ومتى ولماذا حدث الاغتيال. لذلك، دعونا نسمّي السياق السياسي العام مع«الإشارات».

بعد أن هاجمت إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق في نيسان/أبريل، فقدت إيران الرئيس إبراهيم رئيسي. جرت الانتخابات الرئاسية. وكانت نتائجها بمثابة مقدمة جديدة لتحول في السياسة الخارجية الإيرانية. لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا سيحدث بعد ذلك؟

وفي سياق الخصوصية الإيرانية، تكتسب تفاصيل وملابسات مقتل هنية أهمية سياسية حادة. وإذا انتصر مفهوم «المؤامرة» داخل أجهزة الاستخبارات الإيرانية، فسوف تنكشف آفاق قدرات الموساد المحتملة في تصفية القادة الإيرانيين، وهو ما يمكن تقديمه على أنه «نتيجة صراع سياسي داخلي حاد في البلاد». ويترتب على ذلك استنتاج آخر: إذا كان من الممكن حل العديد من مشاكل إيران بوسائل أخرى من خلال تآكل وحدتها السياسية الداخلية، فلماذا ننجرف إلى حرب مفتوحة ضدها؟

وهكذا فإن الحرب المعلوماتية الجديدة ضد إيران، التي بدأت، تحرك إبرة بوصلتها الداخلية والخارجية إلى موقع جديد، وتقوض استقرار «الحزام الشيعي» حول إسرائيل.

وفي هذا السياق، فإن أي نتائج فنية محتملة للتحقيق في العملية، التي، بحسب إيران الرسمية، “تم التخطيط لها وتنفيذها من قبل إسرائيل وبدعم أميركي”، لا تغير شيئا في تقييم الوضع من حيث المبدأ. وشيء آخر. زار هنية بشكل متكرر العديد من البلدان في المنطقة، ولكن في طهران حصل القاتل على الضوء الأخضر لاغتياله في منشأة تخضع لحراسة مشددة في عاصمة البلاد بعد ساعات فقط من مراسم أداء اليمين للرئيس الإيراني الجديد، مسعود بيزشكيان. وكل هذا يجب أن يتبعه شيء آخر مهم.

الحوار المتمدن

شبكة البصرة

الثلاثاء 9 صفر 1446 / 13 آب 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط