بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
بطر العراقيين!!!؛ |
شبكة البصرة |
نزار العوصجي |
في بعض الاحيان نسمع كلمة لا نعرف معناها او المغزى منها، مثل كلمة (بطر او بطران)، حيث طرقت سمعي لاول مرة قبل مايقرب من سبعة عقود و تحديداً في عام 1958، حين كنت في الصف الثاني الابتدائي. ففي بداية العام الدراسي أنذاك طلب منا معلم الرياضة جلب الملابس الواجب إرتدائها في درس الرياضة، و التي تتكون من شورت إسود و فانيلة نصف ردن بيضاء و حذاء ابيض باتا (أجلكم الله)، مع التأكيد على ان تكون نظيفة و بحالة جيدة. حينها اخبرت عائلتي (والدتي) بذلك، مع اضافة عبارة ان تكون جديدة بدلاً من جيدة، عندها فقط سمعتها تقول: (شكد بطران). للوهلة الاولى لم ادرك معنى الكلمة، لكني ادركت ذلك بعد ان اخبروني بأني ساستخدام حاجات اخي الاكبر مني سناً، و التي أستخدمها في العام الماضي، كونها اصبحت ضيقة عليه و انها بحالة جيدة. حينها تعمدت عدم الأصغاء لهم، لذا إعدت الكرة مرة أخرى و طلبت ان تكون الملابس جديدة، ليأتي الرد الصاعق (لا تتبطر)، حينها فقط ثبتت المقولة في ذهني، و لم تغادره الى يومنا هذا. ان المعنى الذى اختزنته مخيلتي طويلاً هو (البطر)، و بعد ان فهمته و قرأت عنه، أدركت أنه (صفة مذمومة) كما يصفها المجمع اللغوى الشعبي، لذا عمدت الى التوسع في دائرة المعرفة حتى وصلت الى إنماط من (البطر)، بما فيها الذي يصيب الشعوب و المجتمعات و في مقدمتها المجتمع العراقي. من هنا وجب علينا مخاطبتهم فنقول: يكفيكم تذمراً ايها العراقيين (لا تتبطروا)، فكل ما تحتاجوه في متناول ايديكم. فالحكومات الديمقراطية المتعاقبة منذ عقدين من الزمن، تسعى جاهدةً الى تأمين اجتياجاتكم. إنها توفر لكم الكهرباء المجاني على مدار الساعة و طول ايام السنة، في عز الصيف اللاهب و الشتاء القارص، بعد ان انفقوا مايزيد عن 81 مليار دولار لتأمينها خدمةً للمواطن البسيط، لذا فانكم لستم بحاجة المولدات، و في غنى عن جشع اصحابها. كما ان سياسة الدولة المائية بافضل حال، الأنهار و البحيرات و السدود ممتلئة بكامل طاقتها الإستعابية، بالأضافة الى ان المعنيين يعملون على توفير الماء الزلال الصالح للشرب بغزارة، لذا لم تعودوا بحاجة الى بذل الجهود و اضاعة الوقت في تصفية المياه التي تصلكم. رجال الدولة و كوادرها مهتمون بالنواحي الطبية لعلاجكم مجاناً، و هم قائمين على بناء المستشفيات الحديثة و رفدها بالكوادر الطبية المتخصصة في جميع الاختصاصات، كما انهم يعملون جاهدين على هدم (المسالخ) المستشفيات القديمة المسكونة بالاوبئة و الامراض المعدية، بحيث اصبح العراق قبلة العالم طلباً للاستشفاء و التشفي و تلقي العلاج. كما انهم حريصين على استيراد الدواء من افضل المناشئ، ليكون في متناول يد الفقراء قبل غيرهم، بذلك لم يعد للدواء الرديئ اي وجود. اما التعليم فانه بافضل حال، و يحتل العراق المراتب المتقدمة في التصنيف العالمي لجودة التعليم. كما ان بناء الألاف المدارس الحديثة المجهزة بافضل التجهيزات و المستلزمات قائم على قدم و ساق. الى جانب توخي الدقة العالية و الحرص الشديد على اختيار المناهج التعليمية الحديثة التي تواكب تطور المناهج الدراسية في دول العالم المتطور بكافة مستوياتها، لضمان التمسك بصدارة الترتيب العالمي و عدم انخفاض المستوى الى الحدود الغير مسموح بها. لم يعد هنالك طفل امي او جاهل، فنسبة الأمية في العراق باتت شبه معدومة، و الذكاء في تصاعد مذهل، قياساً بدول العالم الاخرى. و لا تنسوا الثقافة، الثقافة التي تعم اوساط المجتمع بعد ان من الله على العراقيين بيسر تطبيق الأعراف العشائرية التي تعنى بشؤون الفصل و الدكة العشائرية وما الى ذلك. سيادة البلد مصانة لا يجروء اي طرف كان على المساس بها او التجاوز عليها، كائناً من يكون، سواءاً كان تركياً ام إيراني ام باكستاني ام كويتي. كما ان الأمن مستتب فعلاً وليس بالاسم فقط، فالمسلحين الملثمين بالعشرات بل المئات و الألاف منتشرين في الشوارع والأحياء السكنية بسيارات سوداء مضللة ليل نهار، لتأمين حمايتكم من اي اعتداء يمكن ان يقلقكم او يهدد حياتكم. حقوقك محمية و كرامتكم محفوظة لا خوف عليها و لا هم يحزنون، لذا فانكم تعيشون اليوم حالة من الأمن و الأمان الذي لم تحضوا به يوماً قبل الاحتلال. ثروات العراق و خيراته و موارده مصانة، و توزع بأمانة بالتساوي على العراقيين جميعاً دون استثناء او تميز، و الكل يعيش في بحبوحة قل نضيرها. لم يعد هنالك من عاطل عن العمل، و فرص العمل متاحة للأكفئ و الأفضل، بغض النظر عن الأنتماء او الدين او المذهب. الألتزام بالنظام بافضل حالاته، و القانون النزيه يسري على الجميع دون أختلاف او أستثناء لهذا الطرف او ذاك. لم يعد هنالك نازحين او مهجرين او مغيبين، كما ان السجون خالية من المظلومين، و حرمات السجينات مصانة. لم يعد هنالك من يسكن في العراء او المخيمات او بيوت التنك، فحملات الأعمار قائمة على قدم و ساق دون هواده. لقد وصل الأمر الى ان يترك للمواطن حرية الاختيار، ما بين العيش في قصر او فيلا او ناطحة سحاب، و في أجمل المناطق. مما ادى الى صعوبة التفريق او التميز بين مستوى معيشة العامل البسيط و المسؤول في الدولة. يكفيكم فخراً ان لديكم نظام ديمقراطي أنتخابي مستقل، من خلاله تختارون الأفضل لتمثيلكم، بالرغم من ان 83% منكم لم يشاركوا بالأنتخاب بجميع دوراته. لا يهم ان يكون النظام القائم خالياً من الفساد، فالمهم ان يكون خالي من الفوضى، ذلك لإن رجال الدين الأتقياء الرافضين للطائفية الى أبعد الحدود، يرفضون الفوضى عندما يقارنوها بالفساد (وفق منظورهم)، لذا يدعون للتسامح مع الفساد مهما بلغ مداه، ذلك لانهم يؤمنون بان الحساب يوم الحساب، كونهم ملتزمين بمخافة الله و يدعون ليل نهار الى التقوى و الصلاح. انهم يسعون الى نشر العدل و يحقون الحق و لا يرضوا عنه بديلا. حتى لم يعد هنالك في العراق جائع او مظلوم، ذلك لانهم ينهجون نهج السلف الصالح، فيأمرون بنثر القمح على رؤوس الجبال، كي لا يقال ان هنالك في العراق طيرً جائع. كل ماتحتاجونه هو منتج وطني مصنع داخل البلد (صنع ايديا و حياة عينيه)، لدينا اكتفاء ذاتي الى ابعد الحدود، الصناعة و الزراعة بالف خير ولا نستورد شيئاً يذكر سوى (المخدرات و الكواتم)، فالمصانع و المزارع لا تتوقف مطلقاً عن العمل و الأنتاج، و الشعب لا ينقصه سوى الأستمتاع بالنظر الى شگولات السياسيين، و الأستماع لهم بشغف و هم يتحدثون عن رؤيتهم للمسقبل المشرق و الغد الأفضل. مما ورد انفاً نجد ان الاحزاب الحاكمة لم تدخر وسعاً في توفير كل ما يحتاجه المواطنيين، منذ الإحتلال البغيض في 2003 و لحد الأن. هم يوفرون للمواطنيين البسطاء ما كانوا قد حرموا منه في العهود السابقة، لذا رزقهم الله بهذه الطبقة السياسية لكي تعوضهم عن ما افتقدوه و ما كانوا يتمنوه، (شتريدون بعد ايدكم بالدهن). قولوا الحمد لله و أشكروا نعمته عليكم، و تذكروا فضل سياسيي الصدفة على ما إنتم فيه، و ما حققوه لكم من تطور غير مسبوق في فنون اللطم و التطبير و الزحف، و نهضة غير مسبوقة يشاد لها بالبنان في تنوع اساليب الجهل و التخلف. تذكروا ما يقوله اخواننا المصريين: «ما تتبطرش على النعمة». رحم الله الشيخ الشعراوى حين كان يردد: « قل الحمد لله لتصون النعمة و لا يبتليك بالبطر ». صدگ العراقيين بطرانين!!! الكاردينيا |
شبكة البصرة |
الخميس 26 محرم 1446 / 1 آب 2024 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |