بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
رد على تلفيقات غير لائقة للعرب بقلم ماجد مكي الجميل |
شبكة البصرة |
الأخوة الزملاء، تحية وسلام: هذا ما كتبته اليوم، رداً على شخص وجَّه إنتقادات غير لائقة للعرب حتى أنه إستخدم عبارة ”عقدة العربي من الإيراني”، ووصف الثورة السورية بـ”الحرب الطائفية”…الخ. أنقل لكم نص الرد، بعد حجب إسم الشخص المعني، معتقداً أنَّ في ذلك فائدة. ماجد مكي الجميل عقدة العربي من الإيراني (1-3) الأستاذ (……)، المحترم تحية طيبة وبعد، إطلعت على ما كتبته اليوم بشأن ”عقدة العربي من إيران”، و”حماس والعرب”، و”نحن [حماس] نصنع البوصلة”…الخ. بدايةً، لابد من تقرير حقيقة أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هي ليست فلسطين، ولا تُمثِّل كل الشعب الفلسطيني. حماس، فصيلٌ مُهمٌ من فصائل فلسطينية عديدة. بالنتيجة، هي ليست ”البَوصلَة”، ولا ”هي مَن صنعت البَوصلة”، حسبما قلتم.قولكم، للأسف الشديد، ”إذا واحد عنده عقدة من الإيراني، فعليه أن لا يُهين إنجازات شعب…الخ”. هنا لابد أن أُذكِّرُكم أنَّ فلسطين هي روح العرب وجسدهم، فالفلسطيني والعربي ينتميان إلى أمة واحدة، تاريخ واحد، دين واحد، رموز عربية - إسلامية واحدة، لغة واحدة، تُراث وعادات وتقاليد واحدة…الخ. هذه حقيقة تاريخية ووجدانية عاشها أجدادُنا وآبأؤنا منذ آلاف السنين، ونعيشها الآن مع أبنائنا وأحفادنا حتى مماتنا. في أيار/مايس 1941، قامت حركة عسكرية مناهضة للبريطانيين في العراق، فإذا بسوريين من منطقة دير الزور وألبو كمال يعبرون الحدود مع بنادقهم البسيطة بعفوية وعجل - دون نداء ولا دعوة - إلى البلدات العراقية القريبة (راوة، عنه…الخ) متجهين إلى بغداد لنصرة الحركة العسكرية. أنتَ أعلم كيف تكرر هذا الدافع الفطري الغريزي في فلسطين على نحو أكبر بمئات الأضعاف كونها أرض عربية مُقدَّسة. أفترض أنتَ على إطلاع بطبيعة الشخصية العربية البسيطة، حتى أن فرط بساطة العربي وطيبته جعلته يفقد أوطاناً بأكملها، على رأسها فلسطين والأحواز وغيرهما. أُبشِّرُكَ أن العراق وسوريا واليمن الآن في طريق التفريس لتصبح عندنا ثلاث دول جديدة كفلسطين.ليسَ للعربي، المعروف بفخره واعتزازه بانتمائه لثقافته وقِيَمه الإجتماعية الأصيلة التي صقلتها تعاليم الإسلام الحنيف، ”عقدة من الإيراني” حسبما ذكرتَ. في المقابل، ترى أن صاحب العُقَد هو صاحب الحِقد الذي لم يتوقف عن شتم العرب والحط منهم ومن دينهم ورموزهم منذ 14 قرناً ونصف القرن. أنظر وابحث وحدِّثنا بإنصاف، من فضلكَ، عن سبب شتم الفارسي اليوم للعربي وللرموز العربية - الإسلامية، خاصة تلك التي ساهمت في نشر الإسلام في بلاده قبل نحو 1400 عام. الأمر بسيط جداً، إذهب إلى أي موقع إلكتروني عائد للمراجع الشيعية الإيرانية والعربية على السواء، واقرأ ما فيها. إستمع إلى أحاديث ”المنابر الحسينية” وستطَّلع على أنواع من الحقد الإيراني (الفارسي) لم تَخبره من قبل. أدخل إلى أي حُسينية في إيران أو العراق وشاركهم الصلاة وستدرك أن الشتم والأحقاد هي جزءٌ لا يتجزأ من أداء الصلاة. راجع أي وسيلة إعلامية إيرانية (صحف، تلفزيون، راديو، مواقع إلكترونية…الخ). بعد ذلك، أخبرنا مَن الذي لديه عقدة من الآخر: العربي أم الفارسي.؟ تحدثتَ عما سَمَّيتَه ”الحرب الطائفية في سوريا”، وقد سمَّتها إيران بذلك قبلكَ. لم تكن حرباً طائفية ياسيدي، كانت إنتفاضة بسيطة إندلعت من مدرسة لطلاب المتوسطة في درعا، ثم تطورت إلى إنتفاضة شعبية واسعة جراء تراكم أربعة عقود من الظلم والفساد والقتل، إرتكبها الأب وابنه، بما فيها إرتكاب الأب مجزرة حماه عام 1984 التي راح ضحيتها ما بين 10 إلى 20 ألف مدني سوري بتهمة الإنتماء لتنظيم الأخوان المسلمين. تحدثتَ أيضاً عن ”الحرب الطائفية في العراق”. مرَّة أخرى، لم تكن حرباً طائفية ياسيدي، ومَن يكتب لكَ عراقيّ. هو كفاح المقاومة العراقية ضد الإحتلال الأميركي وصدامها الحتمي مع قوى الجيش والشرطة والأمن والميليشيات الطائفية التي كانت ترى أنَّ أي مقاومة للأميركان ”المحرِّرين” يهدد بقاءَهم في السلطة. أمَّا داعش، التي أقحمتها في الموضوع، فلم تظهر في العراق إلا في منتصف عام 2014.
عقدة العربي من الإيراني (2-3) لنعد إلى موضوعنا بإيجازه على شكل نقاط، إختصاراً للوقت والمساحة: 1. الإنتفاضة الفلسطينية إندلعت في مُخيم جباليا بقطاع غزة في 8 كانون الأول/ديسمبر عام 1987 قبل تأسيس حماس. 2. فور إندلاعها، إنتشرت الإنتفاضة في كافة البلدات والقرى الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، ولم تكن حماس قد تأسست بعد. 3. في الإحتفال باليوم السابع لإندلاع الإنتفاضة، وزعت حماس (لم يكن هذا إسمها) بياناً يُدعِم الإنتفاضة تحت إسم إسلامي آخر. 4. بعد ثمانية أشهر من إندلاع الإنتفاضة، أصدرت حماس ”الميثاق التأسيسي” للحركة في آب/آغسطس 1988. 5. في 2006، فازت حماس في الإنتخابات التشريعية وأصبح إسماعيل هنية رئيساً لحكومة وحدة مع حركة فتح بزعامة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. 6. في 2007، قامت حماس بانقلاب إنتهى بفرض سلطتها الكاملة في غزة. 7. قُبيل الإنقلاب وخلاله وبعده، جرت مصادمات مسلحة بين حماس والسلطة، قام خلالها كل طرف بسجن وتعذيب أنصار الطرف الآخر حتى الموت. أعرف أنَّ هناكَ فلسطينيَّين إثنين يُقيمان في تونس، تم حبسهما من قبل شرطة حماس في غزة، ولم تطلق سراحهما إلا بعد أن أطلقت النار على أرجلهم ليصبحا شبه مشلولَين. 8. في 2017، أعلنت حماس في ”وثيقة مبادئ سياسية جديدة” عن موافقتها على: ”إقامة دولة فلسطينية واحدة، عاصمتها القدس، على حدود عام 1967 دون الإعتراف بإسرائيل”.هذه الوثيقة تؤكد أنَّ هناك شُبه تطابق في موقف حماس مع منظمة التحرير الفلسطينية بخلاف ”الإعتراف بإسرائيل”. السؤال: كيف سيكون بمقدور حماس، بعد تنازلها عن أرض فلسطين التاريخية، أن تُقيم دولة مُستقلة قابلة للحياة مع ضمان ديمومة أمن هذه الدولة، دون إعتراف متبادل بين إسرائيل والدولة الوليدة؟ حتى من ناحية القانون الدولي، لا يوجد إعتراف بين دولتَين من جانب واحد فقط. 9. في 4 كانون الثاني/يناير 2020، إغتالت مُسيَّرة أميركية الجنرال الإيراني قاسم سليماني فورَ خروج موكبه من مطار بغداد. بعد ثلاثة أيام، ردَّت إيران على إغتيال سليماني بقصف صاروخي لقاعدتَين عسكريتَين أميركيتَين في العراق دون وقوع إصابات بين الجنود الأميركان لكن مع أضرار مادية محدودة. 10. في بداية 2024، أوضحَ الرئيس الأميركي السابق والمرشح الحالي للرئاسة الأميركية دونالد ترمب، ”حقيقة الضربة الصاروخية الإيرانية”، كاشفاً عن تواطؤ أميركي - إيراني بالسماح لإيران بضرب القواعد الأميركية في العراق كرد على إغتيال سليماني. في هذا التفاهم، قدَّمَت إيران ضمانات للولايات المتحدة ألا تمس صواريخها القواعد الأميركية، وهذا ما تحقق تقريباً. 11. ما يلي، نص ما قاله ترمب عن هذا التواطؤ:”إتصلوا بنا [الإيرانيون] وقالوا: إسمعوا. ليسَ لدينا خيار. علينا أن نضربكم. سنقوم بإطلاق 18 صاروخاً على قاعدة عسكرية معيَّنة لكم. لا تقلقوا. لن يصل أي من الصواريخ إلى القاعدة. فهي صواريخ دقيقة للغاية. هذه الصواريخ لا تُخطِئ أبداً. إنها صواريخ مضمونة جداً ودقيقة للغاية. خمسة منها [الصواريخ]، إنفجرت في الهواء ولم تصل. أمَّا البقية، فقد سقطت خارج منطقة القاعدة. هل تتذكر ذلك يا لويس [مشيراً باصبعه إلى أحد الأشخاص الجالسين في القاعة]. لقد كنتَ انتَ هناك، أليسَ كذلك؟ [مخاطباً ذات الشخص]. كانَ لويس متوتراً لأني كنتُ أعرف شيئاً لم يعرفه لويس. لقد قالوا لي أنهم سيضربوننا. كان عليهم أن يفعلوا ذلك. لم أروِ تلك القصة من قبل. هل تعرفون ما مغزى هذه القصة: إحترام أمننا … إحترام أمننا.”
أسئلة يحق لأي فلسطيني أو عربي أن يطرحها على حماس: - هل طعنت حركة حماس الأمة العربية والإسلامية عند تحالفها مع إيران السافرة في عدائها للعرب والإسلام؟ - بتعاونها مع إيران، هل تُعزِّز حركة حماس النفوذ السياسي الإيراني ووجودها الحربي - الميليشياوي في منطقتنا العربية وجهودها الجارية في تفريس سوريا والعراق واليمن؟ تقول إحصائية للأمم المتحدة نُشِرَت قبل نحو عامَين أن أكثر من 14 مليون سوري كانوا ضحايا قتل أو إختفاء أو تعذيب أو تشريد أو حبس أو تهجير…الخ مارستها قوات النظام والقصف الروسي وميليشيات شيعية مسلحة تابعة لإيران (عراقية، أفغانية، لبنانية، باكستانية، إيرانية…). - حسب تقديرات الأمم المتحدة في 3 أيار/مايو 2024، تتراوح كلفة إعادة إعمار غزة بين 30 إلى 40 مليار دولار. في مواجهة 37 مليون طن من الحطام المتراكم في القطاع، تُقدِّر الأمم المتحدة فترة خمس سنوات لرفع هذه الأنقاض. مَن سيدفع كلفة إعادة إعمار غزة؟ - بعد حرب الإبادة الشاملة على غزة، ومع الإنهيار الكامل للأمن القومي العربي، ومع إحتلال أربع عواصم عربية، ومع إفلاس كافة الدول العربية باستثناء دول الخليج، ومع توسُّع القناعة الشاملة لدى العرب بخداع إيران وأكاذيبها بشأن فلسطين…الخ ماذا ستختار حماس من طريق؟ - بعد وقف إطلاق النار، وتكون غزة قد سُوِّيَت بالأرض (”سنجعل غزَّة موقفاً للسيارات”، حسب مسؤولين إسرائيليين) وأُعيدَ شعبها إلى العصر الحجري، هل ستستطيع حماس أو أي حركة مقاومة أخرى أن تطلق رصاصة واحدة ضد العدو؟ مرة أخرى سأعود لأكتبَ لكَ عن ”عقدة العربي من الإيراني” من ناحية تعاون حماس مع إيران، وكيف رسَّخَ هذا التعاون الهيمنة الإيرانية على أربع دول عربية.
عقدة العربي من الإيراني (3-3) 12. على الرغم من الخطاب الإيراني العدواني ضد العرب (سواء كانَ رسمياً مباشراً أم عبر وكلاء)، وعلى الرغم من نشاط قاسم سليماني ضد دول الخليج العربي (خاصة السعودية والكويت والبحرين باعتباره المسؤول عن الملف الأمني لدول المنطقة)، وعلى الرغم من الدعم المالي القوي الذي قدَّمته دول الخليج لفلسطين وللحركة، وصفَ رئيس حركة حماس إسماعيل هنية (رحمه الله وغفر له) في خطاب له في طهران سليماني بـ ”شهيدُ القدس، شهيدُ القدس، شهيدُ القدس”. 13. قال إسماعيل هنية (مقابلة حديثة مع الجزيرة) أن دعم إيران للحركة يأتي بـ”دافع إسلامي”. لكن هناك صورة له مع مرافقه الفلسطيني -مثلما يبدو- يمتنعان عن أداء الصلاة مع مصلين إيرانيين في حُسينية في طهران. ظهر المرحوم هنية في الصورة (تعود إلى أواخر عام 2006) جالساً على أرض الحسينية ومرافقه يقف خلفه وكافة المصلين في حالة سجود (شاهد رابط الصورة). رفض الصلاة مع قومٍ، لا يدلُ على إعتراف بديانة هؤلاء القوم، خاصة وأن الدين الإسلامي الذي تُمارسه دولة ولي الفقيه لا يتوافق مع أبسط مبادئ الدين الإسلامي الحنيف الذي نعتنقه نحن مع حماس. 14. في 3 حزيران/يونيو 2024، قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، خلال حديث في إحتفال بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لوفاة الخميني، ”إن منطقتنا كانت في حاجة ماسة إلى هذا الهجوم [طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023]” لأنَّه ”حطَّم خطة طويلة المدى للولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول الإقليمية لتغيير الديناميكيات القائمة في المنطقة.” وأضاف: "بالنظر إلى الوضع خلال الأشهر الثمانية الماضية، ليس هناك أمل في إحياء مثل هذه الخطة". 15. تناغماً مع قول خامنئي هذا، قال هنية (في مقابلة حديثة مع قناة الجزيرة) ”إن دعم إيران للحركة ما جاء إلا لإبعاد الخطر عن النظام في طهران”!! كيف يتلاءَم هذا مع هذا؟ بمعنى، كيف تكون حماس أداة ”لإبعاد الخطر عن إيران”؟ ثُمَّ هل يجوز لحماس أن تُضحي بأكثر من 100 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح ومفقود ومُعاق وهجرة مُتكرِّرة لأكثر من مليوني غزَّاوي بين حُطام البنايات بلا مأوى وطعام وماء كافٍ، ودمار نحو 70 في المائة من مباني غزة وبنيتها التحتية ”من أجل إبعاد الخطر عن إيران”؟ 16. في خطاب بثه التلفزيون الإيراني إحتفالاً بيوم القدس (الأربعاء 3 نيسان/أبريل 2024)، قال رئيس حركة حماس: ”نستذكر في هذا اليوم العظيم الإمام الخميني رحمه الله الذي جعل القدس ركناً من اركان الثورة والمقاومة وغاية سامية متجددة للأمة الإسلامية المجيدة”. كيف يُمكن لهنية أن يرفض ديانة الخميني وصلاته، مع أن الخميني يعتبر القدس ركناً من أركان ثورته؟ 17. قدَّمت حماس - خاصة عقب 7 أكتوبر 2023 - ثناءً لا نظير له لأنظمة وجهات وقوى وأحزاب مرتبطة بجهة أو جهات أجنبية. على سبيل المثال، تم وصف السلطة الحاكمة في العراق والأحزاب والميليشيات التابعة لها، وجميعها تُديرها إيران وتمارس التفريس في العراق، على أنها قوى ”مقاوِمة”. بالطريقة نفسها، وصفت حماس النظام السوري وحزب الله والحوثيين على أنهم ”مُقاومين”. في هذا المقام، أعيدكَ إلى النقطة العاشرة (2-3). شكراً لتفهمكم ماجد مكي الجميل 2 آب/آغسطس 2024 جريدة البعث العدد 80 |
شبكة البصرة |
الاثنين 1 صفر 1446 / 5 آب 2024 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |