بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
الكلمة حين تقتل |
شبكة البصرة |
السيد زهره |
محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فجرت قضايا كثيرة جدا في أمريكا. كثير من هذه القضايا لا تهم أمريكا فقط وانما تهم كل دول العالم. محاولة الاغتيال فجرت قضايا مثل، الى أي حد سوف تؤثر على انتخابت الرئاسة ألمريكية وموقف المرشحين بايدن وترامب، وقضية كفاءة أجهزة الأمن في أمريكا، وقضية العنف وامتلاك السلاح في أمريكا.. وهكذا. من اهم القضايا التي أثارتها محاولة الاغتيال تتعلق بهذا السؤال: من المسئول عن هذه المحاولة؟ كثيرون من قيادات الحزب الجمهوري اتهموا مباشرة الرئيس بايدن وأركان ادارته وحملته الانتخابية بالمسئولية عن محاولة الاغتيال. اعتبروا ان الخطاب الذي تبناه الحزب الديمقراطي في مواجهة ترامب مسئول مباشرة عن التحريض على استهدافه عموما وعن محاولة الاغتيال بشكل خاص. يقصدون هنا ما ظل يردده بايدن والديمقراطيون عموما في حملتهم عن ترامب من انه فاشي واستبدادي، ومن انه يشكل تهديدا للديمقراطية وللأمن القومي الأمريكي، ويمثل خطرا يجب ازاحته.. وهكذا. بعد محاولة لاغتيال اعترف بايدن نفسه بخطأ مثل هذا الخطاب حين قال انه اخطأ حين صرح في احد اللقاءات بأنه " يجب وضع ترامب في مرمى الهدف". ما يقوله الجمهوريون بهذا الصدد صحيح الى حد كبير. بالطبع، بايدن وأركان الحز ب الديمقراطي حين يرددون مثل هذا الكلام عن ترامب لا يقصدون ابدا الدعوة الى استهدافه مباشرة او قتله. لكن المؤكد ان مثل هذا الخطاب العدواني تجاه ترامب خلق مناخا عاما يشجع على العنف ويعطي له شرعية في مواجهة ترامب. بعبارة ادق، هذا الخطاب اسهم في تأجيج نوازع العنف الموجودة فعلا في أمريكا. الديمقراطيون يعلمون، كما يعلم الكل ان العنف اصبح ظاهرة متأصلة في المجتمع الأمريكي، وان الانقسام الاجتماعي والسياسي بلغ حدا شديد الخطورة. ليس هذا فحسب بل ان استطلاعات الرأي العام في الفترة الماضية تشير الى ان نسبة لا يستهان بها من الأمريكيين لا ترى بأسا في اللجوء الى العنف خدمة لأهداف سياسية يؤمنون بها. في ظل هذا المناخ، من الطبيعي ان يكون للخطاب السياسي والإعلامي من أي جهة سواء الديمقراطيين او الجمهوريين الذي يؤججه هذا الوضع نتائج خطيرة. الأمر المؤكد ان الشاب الذي اطلق النار على ترامب فعل هذا متأثرا بهذا المناخ العام وبهذا الخطاب التحريضي ضد ترامب. هذا ناهيك عن تأثير هذا الخطاب على المجتمع ككل وتأجيج نوازع العنف فيه. من ألأمور الجيدة التي حدثت في أمريكا انه بعد صدمة محاولة اغتيال ترامب، ادرك كثيرون الخطورة الشديدة والنتائج الكارثية لمثل هذا الخطاب الذي يحرض على العنف. وسارع الديمقراطيون والجمهوريون الى الدعوة الى الوحدة والى نبذ العنف.. ومن الأمور الملفتة مثلا انه فور وقوع محاولة الاغتيال، فان الجمهور الذي كان حاضرا في الحشد لم يهتف باسم ترامب ولا باسم الجمهوريين انما هتف " الولايات المتحدة الأمريكية". كل هذا جيد لكنه للأسف في حالة أمريكا لا يكفي وحده لمعالجة هذه الأزمة العميقة من جذورها. المهم الذي يعنينا ويعني كل الدول والمجتمعات ان ما حدث في امريكا يلفت النظر بقوة الى النتائج الخطيرة المدمرة التي يمكن ان تترتب على الخطاب السياسي والإعلامي غير المسئول او المنفلت او الذي يحرض على العنف او الفتنة سواء كان هذا خطاب افراد او قوى سياسية ومجتمعية. هذا الخطاب يمكن ان يقتل.. الكلمة غير المسئولة يمكن ان تقتل. يمكن ان تقتل ليس افرادا فقط بل مجتمعات بأسرها. ينطبق هذا مثلا على الخطاب الطائفي الذي يكرس الكراهية او يحرض على الفتنة والتطرف والعنف. هذا خطاب قاتل للدول والمجتمعات. |
شبكة البصرة |
الخميس 12 محرم 1446 / 18 تموز 2024 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |