بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
أمريكا تدعم وكلاء إيران سراً، وتحاربهم علناً |
شبكة البصرة |
بقلم نزار السامرائي |
اختطت الولايات المتحدة تجاه العالم عموما وتجاه الشرق الأوسط خصوصا، لما لعصر النفط من دور تحريك عجلة الاقتصاد العالمي، مع إخفاق خطط البحث عن بديل ثابت للطاقة، هذه السياسة في غاية التعقيد رسمتها العقول الاستراتيجية ذات الأصول الأوربية والآسيوية التي استوطنت العالم الجديد في مواسم الهجرات إلى هناك، التي تعمل بصمت بعيداً عن الأضواء، وبصرف النظر عمن يجلس في المكتب البيضاوي في واشنطن، ومن أجل بلورة أفضل تصور عما يجب أن يكون عليه القرار النهائي، تشارك الجامعات الأمريكية ومراكز الدراسات الاستراتيجية، في تقديم قراءاتها لمجلس الأمن القومي الذي يشبعها بحثا ودراسة، وبعد أن يتم إقرارها، توكل للحكومة الأمريكية مهمة التنفيذ الأفضل بعد أن توضع لها جداول وسقوف زمنية قريبة المدى وأخرى بعيدة المدى، شريطة ألا يتم اغفال أي بند من بنودها، من أجل إبقاء القرن الحادي والعشرين قرنا أمريكيا، ومن دون أن تتخلى عن الحلم الأمريكي بأن تبقى الولايات المتحدة سيدة العالم لقرون عديدة. وبقدر تعلق الأمر بالمنطقة العربية، حرصت أمريكا على تحريك كل الملفات الشائكة والنائمة في تاريخ منطقة ممنوع عليها أي طموح جديد، فوضعت خطة تمكين الأقليات من حكم الأكثري، وهي التي حاربت كثيرا من دول العالم بحجة استئثار الأقلية بالحكم لقرون طويلة.،فأمريكا هي التي صنعت تنظيم الحوثيين في جزيرة العرب، ومنعت الحكومات اليمنية من التعرض له، واستخدمت سلاح حقوق الإنسان لقمع كل من يعارض توجهاتها، وهي التي تسترت على وصول شحنات السلاح الإيراني له عبر البحر بل ووفرت له الحماية بواسطة جزء من اسطولها الخامس الذي يسيطر على الملاحة البحرية في المحيط الهندي والبحر العربي، حتى يصل الموانئ اليمنية باطمئنان، وعبر البر من عُمان العميل المزدوج لكل الكبار والصغار الدوليين والإقليميين، وأمريكا هي التي أوقفت عملية تحرير الحديدة في الساعات الأخيرة، والتي تحولت إلى منصة حوثية لتهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر. *وأمريكا هي التي سلمت المليشيات الشيعية في العراق الحكم بعد ان مارست كل ما في قاموسها من ارهاب الدولة وتحت ظل الاحتلال الأمريكي الذي انتهى رسميا عام 2011، حصلت أبشع عملية تصفية لسنة العراق وذهب ضحيتها الملايين من العراقيين قتلاً، على الهوية الدينية والمذهبية والقومية، أو الاسم أو المنطقة. وأمريكا هي التي حرّفت مسار الثورة السورية عن هدفها النهائي بإسقاط نظام القاتل بشار الذي كان قاب قوسين أو أدنى من يذهب إلى مصيره الحتمي. وأمريكا هي التي حمت حزب شيطان الولي الفقيه في الضاحية الجنوبية من بيروت وتسترت على امداده بالسلاح عبر الاراضي العراقية ثم السورية، وشجعته على احتلال بيروت بعد أن كشف هذا الحزب عن هويته الحقيقية، في قمع كل صوت يرى في إيران خطراً لا يقل عن خطر إسرائيل، بل يتفوق عليها، لأنه خطر يحارب العرب باسم الإسلام، ومنحت أمريكا حزب إيران في ضاحية بيروت الجنوبية كل ما من شأنه تمكينه من مصادرة القرار السياسي في لبنان عمليا، وهي وهي وهي.ثم جاءت الولايات المتحدة الان تحت لافتة تحالف دولي لحماية الملاحة في البحر الأحمر، بعد أن قطعت الطريق على الشعب اليمني ومنعته من إزاحة الحوثي من الخارطة، كل هذا حصل بعد أن اتخذ الرئيس منتهي الصلاحية الفنية جو بايدن، قرار حذف تنظيم الحوثيين من قوائم الارهاب. وفي عهد أستاذ بايدن الذي علمه النفاق بصوت عال، باراك حسين أوباما، منحت أمريكا لإيران فرصة التوغل أكثر فأكثر في المنطقة العربية والعالم الإسلامي عن طريق تحويلها إلى هراوة فوق الرؤوس، في نطاق خطة لتغليب الاقليات وتمكينها من الإمساك بعناصر القوة ماديا وعسكريا، والتحكم بالقرار السياسي ورسم مسار جديد لتاريخ المنطقة وفرض رؤية طائفية عليها بقوة القمع وارهاب سلطة الامر الواقع. ومع ذلك مازالت تُعزف في طهران وبيروت وبغداد وصنعاء، سيمفونية الموت لأمريكا بقوة وصوت عالٍ وسط إعجاب مخططي الاستراتيجية الأمريكية الكبار الذين حولوا اخفاقات الماضي الى نجاحات بديلة، بعد أن غسلوا أيديهم من قدرة إسرائيل على إخضاع العرب عبر الحروب الخاطفة كما حصل عام 1948، وعام 1956، وعام 1967، وتفريغ انتصار 1973 من بعده السياسي ليتحول من نصر عسكري لامع إلى هزيمة سياسية استراتيجية، تمثلت بالاعتراف التدريجي بوجود إسرائيل والقبول بها كأمر واقع في قلب الوطن العربي. ربما انتهت الحقبة الإسرائيلية كحاملة طائرات أمريكية في الشرق الأوسط، لتحل محلها الحقبة الإيرانية كأكبر قاعدة برية بحرية جوية ثابتة في الشرق الأوسط، لتنوب عن دور القواعد الأمريكية السابقة، مثل قاعدة هويلس في ليبيا، وقاعدة الظهران في السعودية وقاعدة العديد في قطر وقاعدة انجرليك في تركيا، وقواعدها المستحدثة في العراق. هذا ما يجري طبخه على نار هادئة وفي مطابخ ترفع علم الأمم المتحدة. رسالة بوست |
شبكة البصرة |
الثلاثاء 26 ذو الحجة 1445 / 2 تموز 2025 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |