بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

المتغيرات المحتملة

شبكة البصرة

صلاح المختار

لايجب علينا الانتظار حتى يهدأ البحر بل

يجب علينا تعلم الابحار في البحر العاصف

سقراط

في حالة فوز دونالد ترامب في الانتخابات فإن الاحتمالات المرجحة هي التالية:

1- الحرب في أوكرانيا ستنتهي بقرار امريكي وسيؤدي ذلك الى تبريد الصراعات الساخنة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية لأن كلا الطرفين له مصلحة في ذلك، فالحكومة العالمية الخفية تدرك، نتيجة صلابة روسيا وعزمها حتى على اللجوء للنووي، أن الدفع باتجاه توسيع الحرب الاوكرانية لتشمل حلف النيتو مخاطرة قد تكون مميتة لان ذلك سيحولها الى حرب نووية رغم ارادة المتحاربين، وهو ما ينهي الحياة على الكرة الأرضية، لذلك فإن انتخاب ترامب هو خيار الحكومة الخفية لمنع نهاية العالم.

 

2- سيزداد ضعف علاقة الولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي لأن التقارب الأمريكي الروسي وبعد كل ما اتخذته أوروبا تجاه روسيا من مواقف عدائية بضغط امريكي صريح سوف يجعل اوربا الخاسر الاكبر، وهو ما سيزيد عملية تآكل للاتحاد الأوروبي ويعزز صعود اليمين واليسار معا و استمرار تراجع الوسط.

 

3- سوف يزداد اقتراب الموقف الروسي من قضية فلسطين من الموقف الأمريكي لأن روسيا ستحاول التعويض عن خسائرها التي تعرضت لها نتيجة الحرب في أوكرانيا اقتصاديا وتكنولوجيا وسياسيا. وهذه نتيجة سلبية من وجهة نظر عربية لأن ترامب سوف يضغط باتجاه حل قريب من طروحات ناتنياهو.

 

4- ستواجه الصين نوعا من التراجع في علاقتها مع روسيا مع استمرار الضغط الأمريكي وزيادته عليها، وهذا أحد الأهداف الجوهرية من إنهاء الحرب في أوكرانيا من قبل ترامب لأن هدفه الجوهري هو زيادة تطويق الصين وعزلها.

 

5- ستواجه أسرائيل الشرقية (إيران) ضغطا هذه المرة من روسيا إضافة لأمريكا والاتحاد الأوروبي من أجل الوصول إلى اتفاق إقليمي حول القضية الفلسطينية وما يرتبط بها، وبالتالي فإن المليشيات التابعة لإسرائيل الشرقية ستتعرض للتآكل التدريجي نتيجة تضحية طهران بها في صفقة المساومات الإقليمية والدولية القادمة.

 

6- بوجود تقارب روسي أمريكي وانشغال الصين بالضغوط المتزايدة عليها سوف يبلور الحل الذي يناقش ويثار الآن وهو إقامة سلطة فلسطينية شكلية في غزة والضفة الغربية تحت الهيمنة الأمنية الإسرائيلية.

 

7- في العراق وسورية ولبنان واليمن، وهي الأقطار التي تحتلها اسرائيل الشرقية،سوف تشهد حلا أمريكيا مدعوما من روسيا مباشرة أو بصورة غير مباشرة يقوم على المحافظة على النتائج التي حققتها اسرائيل الشرقية من تخريب للهوية الوطنية والقومية لهذه الأقطار وتعميق الصراعات الطائفية والعرقية فيها، مع أحكام القبضة الأمريكية عليها وإعطاء طهران دورا أقليميا تحدده الولايات المتحدة الأمريكية.

 

أما في حالة فوز كمالا هاريس فإن التطورات الدولية والإقليمية ستتخذ المجرى التالي:

1- سوف يتواصل الصراع في أوكرانيا ويزيد من جر النيتو إلى الحرب مباشرة فتشمل دول اوربية اخرى، ولكن اطراف الحرب ستحاول إبقائها محدودة وعدم تحولها إلى حرب شاملة بين النيتو روسيا لتجنب الحرب النووية.

 

2- في فلسطين المحتلة سوف تزداد الضغوط الأمريكية على نتنياهو لقبول حل وسط ينهي الحرب على غزة وتعقد صفقة إقليمية تقدم ضمانات لحماس بعدم الاستمرار في الحرب ضدها مقابل تخليها عن شن هجمات على إسرائيل الغربية والقبول بحكومة فلسطينية ائتلافية تشمل الضفة الغربية وغزة وبدعم عربي وإقليمي ودولي. الأمر الذي سيؤدي إلى سقوط حكومة نتنياهو وتراجع هائل لقوة اليمين الإسرائيلي، مع تعاظم الهجرة من الداخل إلى الخارج واستمرار التفاعلات في المجتمع الإسرائيلي بطريقة طاردة للحلول الداخلية وهي بيئة تخدم القضية الفلسطينية وقضايا العرب الأخرى.

 

3- سوف تحاول هاريس عقد صفقة مع الصين تجنبهما تصعيد الصراع المباشر حول تايوان وغيرها، والمحرك لهذا التوجه هو تراجع قدرات امريكا والضرورة القصوى لترتيب أوضاعها الداخلية وفي العالم.

 

4- سوف يزداد الضغط الأمريكي على الاتحاد الأوروبي من أجل استمرار تفكيكه لمنعه من التحول إلى قوة غربية منافسة لأمريكا وليس تابعة لها.

 

5- أما بالنسبة لإسرائيل الشرقية فإن خطة الرئيس السابق باراك أوباما القائمة على تحقيق تقارب ايراني امريكي على حساب العرب ومصالحهم سوف تكون هي المؤثر الرئيس على خطوات هاريس، وسينعكس ذلك سلبا على العراق وسورية واليمن ولبنان ودول الخليج العربي. فخطة أوباما تقوم على اعتبار إسرائيل الشرقية الشرطي الإقليمي الرئيس الذي تعتمد عليه في ترتيب أوضاع المنطقة بعد أن أثبت نظام الملالي قدرته الكبيرة على خلخلة الأقطار العربية واختراقها وخلق ميليشيات مسلحة تابعة لها فيها، وهذا يناسب إسرائيل الغربية بعد رحيل نتنياهو أيضا.

 

6- وفي ظل وجود كمالا هاريس في الإدارة الأمريكية سوف تنصرف إسرائيل الغربية لمعالجة الآثار الكارثية لطوفان الأقصى عليها خصوصا عزلتها العالمية بصورة لم يسبق لها مثيل وانهيار الأمل في بقاءها وتعاظم دافع الهجرة منها إلى خارجها وعدم الثقة واليقين من مستقبلها، وهكذا سوف نشهد مرحلة تراجع الدور الإقليمي لإسرائيل الغربية مقابل تعزيز عملياتها الداخلية لترميم الجراح وإزالة أو تقليص آثار طوفان الأقصى المدمرة عليها.

 

ما العمل؟ يتضح مما تقدم أن الأمة العربية مقدمة على مرحلة المعطيات البارزة تهدد الوجود العربي برمته بالفناء، الأمر الذي يفرض خيارا ستراتيجيا واحدا وهو تنظيم الصفوف الشعبية وتبني ستراتيجية المقاومة المسلحة،مهما كانت الظروف صعبة ومعقدة، لأن البديل الوحيد هو تواصل خطوات محو الهوية العربية للأقطار العربية وتثبيت أركان الهيمنة الأمريكية المباشرة أو عبر إسرائيل الغربية واسرائيل الشرقية، وتركيا في حالة حصول تغيير سياسي كبير فيها.

 

ومقارنة خسائر المقاومة المسلحة بمكاسبها ستظهر نتيجتها لانها تمثل استثمار الاستنزاف والتراجع البنيوي الأمريكي، مقترنا باستنزاف وتراجع الدورين الروسي والإيراني في الوطن العربي، نتيجة لحرب أوكرانيا بالنسبة لروسيا،أما بالنسبة لإسرائيل الشرقية فبسبب انكشاف خططها الاستعمارية ومطامعها وعدائها للأمة العربية بصورة لم يسبق لها مثيل وفقدانها للحواضن الشيعية التي كانت تراهن عليها في أغلب المناطق، وهكذا فإن المقاومة المسلحة،خصوصا في العراق،ستكون عامل توليد لواقع جديد مختلف عما خططت له أمريكا وإسرائيل الغربية واسرائيل الشرقية، نعم سيكون الثمن باهضا ولكن إذا لم يدفع فإن البديل الوحيد هو تفكك الأقطار العربية وتقسيمها وصولا إلى محو هويتها العربية وبالتالي تزايد احتمالات دفن الامة العربية.

 

وفي الساحة في الفلسطينية فإن السلطة الإدارية الفلسطينية المزمع إقامتها لن تستطيع فرض سيطرتها مهما حظيت بدعم خارجي لأن معطيات طوفان الأقصى أكبر بكثير من أن يتم تجاهلها بل إن تأثيراتها العميقة أصبحت أكبر من كافة القوى السياسية الفلسطينية والعربية، ولهذا فإن نتائج طوفان الأقصى ستكون حاضرة موفرة للقوى المقاومة بالسلاح فرصا أكبر لفرض خطها السياسي والعقائدي في الساحة الفلسطينية. وعندما يتحقق ذلك سوف ترتبك خريطة الترتيبات التي وضعتها أمريكا بالاتفاق مع أطراف إقليمية ودولية، وهذا ينسحب على العراق وسورية حيث أن هذه التطورات سوف تخلق بيئة مناسبة لتحالفات جديدة ولوعي جديد يتخطى الكتل والأطراف السياسية التي لعبت دورا انتهى بالفشل في السنوات الطويلة الماضية.

Almukhtar44@gmail.com

30-7-2024

شبكة البصرة

الاثنين 23 محرم 1446 / 29 تموز 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط