بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
الرقص مع امريكا فوق صفيح احمر!؛ |
شبكة البصرة |
ما يجري داخل العراق حول تصريحات المرشحة لمنصب السفيرة الأمريكي في العراق تريسي جاكوبسون يلفت الانتباه بقوة، فالجماعات الموالية لايران في العراق اندفعت بقوة لا حدود لها للتعاون مع الاحتلال الامريكي للعراق قبل حدوثه وبعد حدوثه وتحولت هذه المجموعات وباوامر من علي خامنئي شخصيا الى الركيزة البشرية المسلحة لحماية الاحتلال الامريكي وتكريسه، ولهذا لم تكن صدفة ان من مولت تلك الميليشيات طوال عقدين من الزمن هي الولايات المتحدة، فلقد كشف الرئيس السابق دونالد ترامب عندما كان رئيسا بان امريكا كانت تدفع رواتب ميليشيا الحشد الشعوبي في العراق، وانه اوقفها، وذلك تاكيد واضح على ان الركيزة الاساسية التي سمحت للغزو بان ينجح ويستقر الى هذا اليوم هي الميليشيات التابعة لايران، وبالمقابل فان الولايات المتحدة الامريكية ردت على هذا الموقف بتسليم الحكم لهذه الميليشيات منذ عام 2005 وحتى الان. وهذه حقائق معروفه لا تحتاج للنقاش، ولكن الذي يجلب الانتباه هو ان تلك الميليشيات في السنتين الماضيتين على الاقل اخذت تهاجم السفارة الامريكية والقوات الامريكية، ومرة اخرى ايضا باوامر من علي خامنئي، والهدف كان معلنا وهو (اجبار امريكا على ترك العراق) لكي تنفرد ايران بالسيطره عليه بصورة تامة، وردت ادارة ترامب ثم بايدن على تلك الميليشيات بقتل قاسم سليماني وابو مهدي المهندس وعشرات من قادة تلك الميليشيات، ووصلت الامور الان الى حد التهديدات المتبادلة بين الطرفين. ولكن ما يجرى الان مهم حيث ان السيده جاكوبسن اطلقت تصريحات في الكونجرس الامريكي عندما كانت تقدم نفسها لاقرار ترشيحها، وهذه التصريحات اثارت ايران وميليشياتها في العراق لانها وعدت (بتصفية الميليشيات وضرب النفوذ الايراني في العراق)، وذلك يحصل لاول مرة بهذه الصورة،مما دفع بالعلاقات الامريكية مع تلك الميليشيات الى نهاية طريق اللف والدوران، فتصريحات السفيرة الواضحه هي نتاج ادراك الادارة الامريكية بان دور الميليشيات الذي رسمته امريكا وليس ايران فقط في العراق انتهى، وكان هدف دعم هذه الميليشيات من قبل واشنطن هو اكمال مخطط تدمير العراق ليس كدولة فقط بكل مؤسساتها بل ايضا تدمير المجتمع وقيمه العليا وروابطه الاسرية والعشائرية التقليدية ونشر المخدرات والشذوذ بكافة اشكاله، وفي المقدمة الشذوذ الجنسي وزنا المحارم ونشر الخرافة وتعميم الامية. وبما ان غزو العراق في المخطط الامريكي يعد الخطوة الستراتيجية الاعظم للولايات المتحدة الامريكية في بناء قواعدها الاقليمية لمواجهة خصومها ومنافسيها فانها اكدت مرارا وتكرارا بانها ليست جمعية خيرية تحتل العراق لتتركه لايران بعد ان قدمت حوالي 5000 قتيل امريكي،حسب الاحصاءات الامريكية، ومليون معوق نفسيا وجسديا، وخسارة ثلاثه تريليون دولار، كما قال الرئيس السابق دونالد ترامب، فهل من المنطقي والمعقول ان امريكا بعد كل تلك الحقائق والتضحيات التي قدمتها من اجل غزو العراق ان تتركه لايران ولميليشياتها؟ الجواب الواضح هو ان الدور الوظيفي لايران وميليشياتها في العراق حقق الخراب المادي والمعنوي الذي ارادته امريكا وحان وقت ان يعاد تشكيل العراق مجددا ليصبح قاعدة عسكرية هي الاهم في العالم، وكي يتحول العراق الى استثمار عظيم للولايات المتحدة الامريكية فتسخر موارد العراق كلها مثلما يسخر موقعه الجغرافي لخدمه المخططات الامريكية العالمية، ولهذا راينا شهادة السفيرة جاكوبسن صريحة وقالت للمليشيات الايرانيه في مختصر شهادتها: لقد استخدمناكم وحان وقت رميكم في الزباله! وتكشف هذه التطورات عن حقيقه بارزة تنطوي على درس عظيم للجميع وليس للميليشيات التابعه لايران فقط، فالذين يتوهمون انهم قادرون على خداع الولايات المتحده الامريكيه في مجال التكتيك والعمل المخابراتي واهمون، لان الولايات المتحده الامريكيه لديها مؤسسات متنوعة امنية وطبية وعلمية وتكنولوجية، ولديها مراكز بحوث ستراتيجية تخطط لمستقبل الولايات المتحدة ولا يصرف دولار واحد الا لخدمة تلك الاهداف المحدده مسبقا. وبكل هذه القوه التي تملكها الولايات المتحدة المادية والمعنوية تستطيع في اي حوار وتفاوض مع جهه لا تملك دولة حقيقية وليس لديها قدرات استخبارية متطورة وتفتقر الى التجربة السياسية والوعي العام وتتميز بالتخلف والامية او انصاف الامية، وليس لديها قدرات قتاليه متطورة ان تضمن تحقق هدفها هي،لان ميزان القوى بين الولايات المتحدة من جهة وايران وميليشياتها من جهة ثانية يميل بقوة حاسمة لصالح الولايات المتحده، فاللعب مع امريكا في ضوء موازين القوى هذه من قبل اطراف لا تمتلك ما يوازي القوة الامريكيه بمختلف فروعها انما هو تعبير صريح وواضح عن سذاجة مفرطة، وفي اطار هذا الفهم لما يجري فان هذه الميليشيات بعد اول الضربات الشامله لها في بغداد وغيرها سوف نشهد ظاهرة مالوفة ومتوقعة جدا وهي ان اغلب تلك الميليشيات سوف تحول الولاء من طهران الى واشنطن وستستخدم نفس السلاح الحالي ضد من يقف بوجه المخططات الامريكية في العراق. لا غموض في ان التعاون او ما يسمى التحالف بين طرف بالغ القوة وطرف مجرد من الحد الادنى منها لن يؤدي الا الى خدمة الطرف القوي واجبار الطرف الضعيف على الخضوع للقوي، وبتثبيت هذه الحقيقه فانه يجب ان يفهم بان التعاون مع امريكا من اجل انقاذ العراق لن يكون مصيره الا مصير الميليشيات الايرانية، اي ان يتحول من مناهض للغزو الامريكي للعراق الى اداة من ادوات تثبيته وتكريسه والدفاع عنه! وهكذا يفقد من كان شريفا شرفه، وتنتهي ظاهرة ازدواجية الادعاءات التي تنقضها الممارسات الفعليه. هيئة تحرير البعث افتتاحية جريدة البعث العدد 75 |
شبكة البصرة |
الثلاثاء 26 ذو الحجة 1445 / 2 تموز 2025 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |