بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

غزة حررت العالم

شبكة البصرة

السيد زهره

تحية شكر وتقدير لا بد ان نوجهها للملكة رانيا العبدالله ملكة المملكة الأردنية.

السبب ما قالته قبل أيام خلال كلمة لطلبة خريجي الأكاديمية الدولية في العاصمة عمان.

قالت "إن غزة حررت الكثيرين حول العالم من وهم الانبهار بالغرب. وأضافت: "التقدم لا يقتصر على التفوق الاقتصادي والتقني ولا يقاس بارتفاع ناطحات السحاب أو سرعة الإنترنت فقط، بل بعمق قيم الأمة".

وقالت الملكة رانيا أيضا: "عالم فيه الكثير من التناقضات بين ما نسمعه وما نراه. أنا عربي قولوها دون خجل أو خوف قولوها بكل فخر واعتزاز.

فلا أجمل من أن نكون حملة رسالة ملئها الرحمة التي يحتاجها عالمنا اليوم أكثر من أي وقت مضى".

ما قالته الملكة رانيا العبدالله على هذا النحو وهي تخاطب الشباب الخريجيين دقيق جدا ويستحق التوقف عنده مطولا، اذ يثير جانبين كبيرين مهمين:

الجانب الأول: ان غزة حررت العالم بالفعل. حررته ليس فقط من أوهام الانبهار بالغرب، وانما من أوهام أخرى.

الغرب ظل عبر العقود الطويلة الماضية يصور نفسه على اعتبار انه موطن الديمقراطية والحرية والتعددية واحترام حقوق الانسان. وظلت الدول الغربية تنصب نفسها وصيا على دول العالم في هذا المجال.

بمجرد ان بدأت حرب الابادة الصهيونية على غزة، اكتشف العالم على الفور مدى وحشية وهمجية الغرب.

كان سقوط الغرب الأخلاقي والسياسي مدويا. انحط الغرب الى هاوية سحيقة من انعدام القيم والمشاعر الإنسانية. فوجي العالم بالغرب يهب عن بكرة ابيه في البداية دعما عن ابشع جرائم الإبادة التي عرفتها البشرية، ودفاعا عن كيان إرهابي، قبل ان تفيق قطاعات شعبية في الدول الغربية على هول ما ارتكبته حكوماتها من جرائم بموقفها.

اكتشف العالم ان كل التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يتفاخر به الغرب، وكل دعاوى الحرية واحترام حقوق الانسان، مجرد قناع يخفي وجها بشعا من العنصرية والوحشية وانعدام القيم والاخلاق.

ان ينحاز الغرب الى الكيان الصهيوني، وان يدعمه بالمال والسلاح والتأييد السياسي والإعلامي، وان يؤيد استمرار حرب الابادة طوال هذه الأشهر من دون أي شعور الذنب او الخجل، يمثل قمة البشاعة والانحطاط الحضاري والانساني والسياسي.

تحرر الكثيرون في العالم من وهم الانبهار بالغرب كما قالت الملكة رانيا ستكون له تبعات إيجابية كثيرة في انحاء العالم. يعزز هذا أولا الاستقلالية والاعتزاز بالهوية والثقافات الوطنية في الدول غير الغربية. كما سيعجل بسقوط النظام العالمي القائم على اليهيمنة الغربية، ويعزز سعي العالم لاقامة نظام عالمي جديد قائم على التعددية واكثر عدلا وانصافا واحتراما للقيم والشعوب.

ومع سقوط وهم الانبهار بالغرب سقط أيضا في العالم كله الوهم الذي ظلوا يرددونه حول الكيان الصهيوني ككيان ديمقراطي متقدم في المنطقة ليظهر على حقيقته الهمجية وكمجرد عصابة من المجرمين القتلة.

اما الجانب الثاني المهم في حديث الملكة رانيا العبدالله، فيتعلق بما يجب ان نربي ابناءنا والأجيال العربية الشابة عليه من قيم الاعتزاز بعروبتنا وانتمائنا لأمتنا العربية.

في العقود الماضية، وفي خضم الانبهار بالغرب لا شك ان قطاعات لا يستهان بها من الأجيال العربية الشابة كانت تعتقد ان النموذج الغربي مثالي ويجب ان نحتذي به، وان نسير على نهجه.

أيضا، فان استمرار حرب ابادة اهلما في غزة والعجز العربي عن ردع العدو الصهيوني ووقف الحرب لا شك أصاب الكثيرين بالإحباط والغضب.

لهذا من المهم جدا، وخصوصا بعد هذا السقوط المدوي للغرب وكل ما يمثله، ان يستعيد ابناؤنا الثقة في انفسهم وفي عروبتهم وفي قدرة الأمة العربية رغم كل شيء على ان تستعيد مكانتها وقدرتها.

يجب ان تتعلم الأجيال العربية الشابة الاعتزاز بأمتها العربية.. بقيمها الانسانية النبيلة وحضارتها، وان تثق في قدرتها رغم كل الآلام وكل دواعي الإحباط.

ولهذا كم كان جميلا ومعبرا ان تخاطب الملكة رانيا العبدالله شباب الخريجين وتقول لهم: "انا عربي.. قولوها دون خجل أو خوف.. قولوها بكل فخر واعتزاز".

شبكة البصرة

الاحد 25 ذو القعدة 1445 / 2 حزيران 2025

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط