بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
يونيو في التاريخ المصري |
شبكة البصرة |
السيد زهره |
شهر يونيو من أغرب الشهور في تاريخ مصر الحديث والمعاصر. عندما يأتي ذكر يونيو لا يذكر احد تقريبا الا هزيمة يونيو عام 1967 . لكن الحقيقة ان هذا الشهر شهد عبر عقود طويلة أكبر التطورات التي شكلت هذا التاريخ .. شهد أحداثا وتطورات عظيمة وانتصارات باهرة ، وشهد أيضا انتكاسات كبرى . ليست مبالغة القول بأن ما تطور اليه تاريخ مصر والدولة المصرية عبر عقود طويلة وما استقر عليه حال الدولة والمجتمع في مصر اليوم هو نتاج لما جرى في شهر يونيو. لنتأمل الأحداث والتطورات التالية: في 18 يونيو عام 1805 تم تنصيب محمد علي حاكما لمصر. محمد علي هذا الحاكم العبقري هو الذي أسس مصر الحديثة برؤيته وانجازاته المشهودة في كل المجالات. في 18 يونيو عام 1953 تم اعلان الجمهورية في مصر لتدخل عهدا جديدا في تاريخها الطويل في ظل حكم رجال ثورة يوليو. في 18 يونيو عام 1956 رحل آخر جندي من جنود الاحتلال البريطاني عن ارض مصر تطبيقا لاتفاقية الجلاء التي تم توقيعها في أكتوبر عام 1956 ، وخرجت بموجبها كل قوات الاحتلال ، وليصبح 18 يونيو عيدا للجلاء في مصر تحتفل به كل عام. في 25 يونيو عام 1956 اصبح جمال عبدالناصر رئيسا لمصر بعد الاستفتاء الشعبي الذي جرى في 23 من الشهر نفسه. ومع تولي عبدالناصر رئاسة الجمهورية دخلت مصر في مرحلة التغيير التاريخية الكبرى على المستويات الداخلية والسياسات العربية والعالمية. في 5 يونيو عام 1967 وقعت الهزيمة الكبرى امام العدو الصهيوني بما اسفرت عنه من احتلال الأراضي العربية ، سيناء والجولان والضفة الغربية ، وهي الهزيمة التي كسرت احلاما وحطمت آمالا ، وكانت نقطة تحول ليس فقط في تاريخ مصر ولكن في التاريخ العربي كله. في 30 يونيو عام 2013 اندلعت الثورة الشعبية الكبرى التي قادت الى انهاء حكم الاخوان المسلمين وانقذت الدولة المصرية من الضياع . هذه ابرز الأحداث التاريخية الكبرى التي شهدتها مصر في تاريخها الحديث والمعاصر. حين نتأمل هذه الأحداث والتطورات مجتمعة لا نملك الا ان نتوقف عند تحولات التاريخ واحواله وما يمكن ان نستخلصه منها من دروس وعبر. التاريخ ، ليس فقط تاريخ مصر وانما تاريخ كل الدول والأمم ، لا يمضي ابدا في خط مستقيم ، لا سلبا ولا إيجابا. تاريخ أي دولة يحفل عادة بالانتصارات والانجازات ، وبالهزائم والانكسارات .. يحفل عادة بما يدعو الى الفخر والاعتزاز والأمل ، وبما يدعو الى الخجل والاحباط. لكن المهم في النهاية ان تبقى الدولة الوطنية موجودة وان تستجمع مصادر قوتها من اجل تحقيق هذا الهدف ومن اجل ان تتعدل مسيرة التاريخ بما يحفظ الدولة وقوة وتماسك المجتمع. واذا تأملنا هذه الأحداث والتطورات التي شهدتها مصر في شهر يونيو سنكتشف فورا ان الشعب المصري هو مصدر القوة الأعظم .. هو الذي حفظ الدولة وعدل مسار التاريخ دوما. الشعب المصري هو الذي نصب محمد علي حاكما لمصر عبر علمائه ونخبته لتدخل مصر عصر البناء الحديث وعصر الدولة المصرية القوية. والشعب المصري هو الذي أجبر الاحتلال البريطاني على الرحيل عبر ثوراته ومقاومته منذ اليوم الأول للاحتلال ، وعبر ثوراته الشعبية التي بلغت الذورة في ثورة 1919، ثم اعمال المقاومة الشعبية البطولية التي سجلها التاريخ في مدن القناة. والشعب المصري هو الذي رفض الاستسىلام والخضوع في اعقاب هزيمة الخامس من يونيو واصر على الصمود والمقاومة ودعم الجيش والقيادة حتى تحقق نصر أكتوبر عام 1973. والشعب هو الذي انقذ الدولة المصرية وحمى كيان المجتمع عندما ثار في 30 يونيو وهي الثورة التي انحاز اليها جيش مصر الوطني. هذا اذن هو درس التاريخ الأكبر الذي يمكن ان نستخلصه من كل التحولات والأحداث العاصفة الكبرى .. ان الشعب هو الذي يحمي ويحفظ كيان الدولة والمجتمع والرهان يجب ان يكون دائما على الشعب. الدرس الأكبر الآخر انه بالنسبة لمصر او أي دولة لا ينبغي ابدا في مراحل التراجع او الانكسار او الأزمات الكبرى او العجز ، مثلما هو حال الأمة العربية اليوم ، الاستسلام لليأس او الاحباط او فقدان الأمل. بالعكس في هذه المراحل بالذات يجب التحلى بالثقة بالنفس وان يكون التفكير منصبا على كيف نعدل مسار التاريخ .. كيف نستخدم مصادر قوتنا من اجل تعديل مسار التاريخ. |
شبكة البصرة |
الجمعة 22 ذو الحجة 1445 / 28 حزيران 2025 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |