بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
الأخطار تتراكم لتحويل حرب غزة وجنوب لبنان إلى حرب عالمية... السلاح النووي في معادلة امتحان القوة بالشرق الأوسط الكبير |
شبكة البصرة |
عمر نجيب |
فيضان من الأخبار والتوقعات والتحليلات التي قد تتلاقى أو تختلف تغمر العالم بشأن ما ينتظر منطقة الشرق الأوسط وربما العالم كله من تطورات وإسقاطات، وذلك ارتباطا بحرب غزة التي تقترب من دخول شهرها العاشر. ما يعقد الصورة أن حرب غزة تتحول مع مرور الأيام إلى صراع بين معسكرين شرقي وغربي ويلتقي جزء من حلقاتها مع حلقات مواجهات مسلحة وسياسية تدور في مناطق مختلفة من المعمور. يقدر غالبية الخبراء والمحللين العسكريين أنه بعد تسعة أشهر من عملية طوفان الأقصى والهجوم الإسرائيلي الجوي والبحري والبري الذي حشدت له تل أبيب أكثر من 320 ألف من قواتها لم تتمكن إسرائيل من تحقيق هدفها الأساسي أي تدمير حماس والإفراج عن عشرات الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس وبقية فصائل المقاومة التي تخوض المواجهة معها في قطاع غزة. ومع اقتراب الشهر السادس من سنة 2024 من نهايته تروج الحكومة الإسرائيلية القول أنها نجحت في هزيمة حماس وبالتالي ستكون قادرة على شن عملية عسكرية كبرى ضد لبنان سواء لإبعاد قوات حزب الله عن منطقة الحدود الشمالية إلى ما وراء نهر الليطاني أو إلحاق ضرر كبير بكل لبنان وإعادته كما يقول بعض ساستها إلى العصر الحجري والتخلص نهائيا من كل تهديد يأتيها من الشمال. مرة أخرى يقدر غالبية الخبراء أن الحرب الإسرائيلية الواسعة ضد حزب الله أخطر على تل أبيب مرات عديدة من الحرب على غزة بسبب ضخامة ترسانة حزب الله من الصواريخ الدقيقة والتي تذهب بعض مصادر الرصد إلى تقديرها بما يفوق 180 الف صاروخ وكذلك حجم قواته التي تصل إلى 100 الف مسلح، أي أكثر من ضعف الوحدات الفلسطينية في قطاع غزة. ويضيف هؤلاء أن ترسانة حزب الله توفر له القدرة على الوصول إلى أي منطقة تحت سيطرة تل أبيب من الشمال المحاذي للبنان حتى الحدود المصرية في سيناء. ويقول أعضاء متقاعدون من المخابرات الأمريكية أن روسيا تزود حزب الله تباعا وبوتيرة متصاعدة بمعدات عسكرية ومعلومات بعضها بالأقمار الصناعية وذلك في رد على الدعم الغربي الإسرائيلي المتصاعد لحكومة كييف. وكان الرئيس الروسي بوتين قد أكد خلال شهري مايو ويونيو أن موسكو ستمد بالأسلحة كل من يواجهون تهديدات غربية. الإصرار الظاهر من جانب ساسة تل أبيب على شن حرب واسعة ضد لبنان يواجه مواقف متباينة في واشنطن التي يعترف الجميع أنه لولا دعمها بالسلاح والمال والدعم اللوجستي والاستخباري لما تمكنت إسرائيل من مواصلة الحرب على غزة. هناك داخل دوائر صنع بالعاصمة الأمريكية اتجاهان واحد لا يرغب في توسيع الحرب الدائرة حاليا لأن ذلك يحمل في طياته خطر فشل إسرائيل في كسب الحرب على لبنان دون تكبد خسائر قاتلة، وكذلك خطر تدخل إيران لمساندة حزب الله، ويضيف هؤلاء أنه إذا تورطت طهران في الحرب فإنه سيكون لزاما على الولايات المتحدة التدخل عسكريا وعلى نطاق واسع لدعم إسرائيل وفي هذه الحالة يرقد خطر الانتقال من حرب إقليمية محدودة أو موسعة إلى مواجهة عالمية لأنه وحسب تقديرات لعدد من أجهزة المخابرات والمؤسسات العسكرية في الغرب، لن تسمح موسكو لتل أبيب وواشنطن بإلحاق هزيمة عسكرية بإيران وبالتالي إسقاط حكومتها واستبدالها بنظام متحالف مع الغرب والنجاح في إعادة جزء من طوق الحصار على الجناح الجنوبي الغربي لروسيا. ويدعم أنصار هذا التقدير وقف حرب غزة وتجميد المواجهة من لبنان والبحث عن تسوية تسمح بإعادة نحو 120 ألف مستوطن إلى مناطق إقامتهم في مناطق الجليل والجولان وعقد صفقة ما عبر طرف ثالث أو مباشرة مع طهران وتجنب مواجهة عسكرية إقليمية. التوجه الثاني في البيت الأبيض وهو الذي يحظى بدعم من يوصفون بالمحافظين الجدد يقدر أنه على إسرائيل وبدعم عسكري أمريكي كامل تصفية حزب الله ومنعه بفضل التفوق الجوي العسكري الأمريكي خاصة بواسطة القواعد الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ومجموعتي القتال البحرية الجوية للقوات الأمريكية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر من إلحاق أضرار كبيرة بإسرائيل خاصة على مستوى المدن والمستوطنات، وأنه في حالة تدخل طهران عسكريا وهو ما يراه داعمو هذا التوجه غير مرجح فستكون هناك فرصة لإلحاق ضرر كبير عسكريا وإقتصاديا بإيران والتخلص من إمكانية حصولها على السلاح النووي. (هناك أوساط غربية تذهب إلى القول أن طهران تمكنت فعلا من صنع قنبلة نووية) في نفس الوقت وحسب المحافظين الجدد فإن موسكو التي لا تزال لم تحسم المعركة في وسط شرق أوروبا مع أوكرانيا المدعومة عسكرية وماديا بشكل غير مسبوق من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وبقية أعضاء حلف الناتو، لن تكو قادرة على التدخل بكثافة لدعم طهران ومنع تكبدها هزيمة كبيرة، وسيترتب على كل ذلك وحسب المحافظين الجدد إعادة رسم خريطة التوازنات في كل منطقة الشرق الأوسط الكبير وإعطاء درس لكل الأطراف التي تجرب أو تفكر في التمرد أو مجرد معارضة التوجيهات الغربية، وبناء على ذلك ستستعيد واشنطن ومعها حلفاء الناتو نفوذهم في المنطقة المركز في العالم وتوجيه ضربة للصين وروسيا في نفس الوقت، حرمان بكين من تدفق سلسل للنفط من الخليج العربي وسحب الثقة منها بالنسبة لدول المنطقة ودق مسمار في تابوت المشروع الصيني طريق الحرير الجديد، ويعرف المشروع رسميا باسم "الحزام والطريق"، وهو مبادرة صينية قامت على أنقاض طريق الحرير القديم، ويهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر استثمار مئات مليارات الدولارات في البنى التحتية على طول طريق الحرير الذي يربطها بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ويشمل ذلك بناء مرافئ وطرقات وسككا حديدية ومناطق صناعية. ربح المحافطين الجدد لرهانهم سيكبد الكرملين حسب تقديراتهم خسارة واسعة في الشرق الأوسط قد تمتد آثارها إلى أفريقيا ومناطق أخرى يتنافس فيها مع الغرب. في العمليات الحسابية النظرية لاستطلاع القادم في الحرب وهي السياسة... لكن بوسائل أخرى، تشكل المعطيات الناقصة أو غير المكتملة أحد محاور الفصل والحسم. في هذا الإطار يدخل التفاهم التركي الباكستاني الإيراني. تفيد مصادر رصد غربية أن باكستان عرضت على تركيا وإيران وربما أطراف أخرى مدها بالسلاح النووي إذا ما تبين أن تل أبيب تفكر في استخدامه سواء في لبنان أو أي جبهة عربية أخرى. وحسب نفس المصادر فإن السلاح النووي الباكستاني موجود فعلا في المنطقة مع مشغليه. بتاريخ 6 يونيو 2019 كشفت شبكة "سي أن أن" أن الاستخبارات الأمريكية حصلت على معلومات تؤكد أن السعودية تعكف على بناء برنامج للصواريخ البالستية بمساعدة من الصين. موقع الدفاع العربي أفاد في 26 أبريل 2024: هناك تقارير تشير إلى أن المملكة السعودية قد حصلت على صواريخ باليستية من نوع DF-21C من جمهورية الصين. الصاروخ DF-21 هو صاروخ باليستي متوسط المدى يعمل بالوقود الصلب وقادر على حمل رؤوس حربية نووية. تم تصميمه أصلا كسلاح استراتيجي، ولكن تم تطوير نسخ لاحقة منه لمهام الضربات النووية والتقليدية. في عام 1987، وحسب المخابرات المركزية الأمريكية نقلت الصين إلى السعودية ما بين 70 و 120 صاروخا باليستيا من طراز DF-3A دونغ فانغ (رياح الشرق)، يبلغ طولها 24 مترا وعشرات من شاحنات TEL. هذه الصواريخ يمكن أن تصيب أهدافا تصل إلى 2700 ميل — على الرغم من أنها تتطلب منصات إطلاق خاصة. شكلت المملكة العربية السعودية قوة الصواريخ الإستراتيجية الملكية السعودية لتشغيل هذه الأسلحة، الأمر الذي أثار انزعاج واشنطن. ما بين هذين التوجهين يتأرجح العالم.
الخيارات الأمريكية تتضاءل جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم 23 يونيو 2024: مع اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2023، كانت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن على أمل في وقفها ومنع انتشارها بالشرق الأوسط. ولكن بعد أكثر من ثمانية أشهر على استمرارها أصبحت المهمة أصعب أمام إدارة بايدن، التي تواجه تحديات عديدة، ما "يسلط الضوء على الضعف السياسي للرئيس بايدن قبل مناظرته" مع منافسه الجمهوري، دونالد ترامب بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال. المحادثات التي تقودها الولايات المتحدة لم تنجح في وقف الحرب أو إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس، ولا تزال الحرب جارية داخل غزة، وتتكثف الهجمات عبر الحدود الشمالية لإسرائيل مع حزب الله، ناهيك عما يحدث في البحر الأحمر. وعلى الصعيد السياسي الأمور ليست في أفضل أحوالها، إذا يتبادل البيت الأبيض ورئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو الاتهامات بتأخير شحنات الأسلحة والذخائر، وهو ما تنفيه واشنطن. استمرار التوترات في الشرق الأوسط، تسلط الضوء على التحدي الذي يواجه إدارة بايدن في تحقيق "فوز" في السياسة الخارجية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر، وهو ما لن يتحقق من دون "موافقة الأطراف المتحاربة التي تعمل ضمن جدول زمني مختلف تماما" عن جدول الإدارة الأمريكية.
مفبرك 100 في المئة ورغم تقديم خارطة طريق بمقترح إسرائيلي، إلا أن رئيس الوزراء، نتنياهو، أكد أنه لا تراجع عن هدف "القضاء على حماس" قبل وقف الحرب وتجاهل استراتيجية واشنطن الأوسع بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وتحقيق الاستقرار على مستوى المنطقة، كما لم يظهِر زعيم حماس يحيى السنوار سوى القليل من الاهتمام بوقف سريع لإطلاق النار، أو طالب بإنهاء الحرب. خالد الجندي، وهو زميل باحث في معهد الشرق الأوسط يقول للصحيفة إن "نتنياهو والسنوار يتحدثان عن تفضيل وقف إطلاق النار، لكن كلاهما يحصلان على ميزة سياسية من الحرب". وأضاف أن "نتنياهو لن يحب شيئا أكثر من تمديد محادثات وقف إطلاق النار إلى الأبد حتى يتمكن من البقاء في السلطة، لأنه في اللحظة التي تنتهي فيها الحرب، تدق ساعة نهاية ولايته". آرون ديفيد ميلر، زميل باحث في مؤسسة كارينغي للسلام يقول للصحيفة: "إن ساعتهم (نتنياهو والسنوار) غير متزامنة مع ساعة بايدن"، مشيرا إلى أنهم "أكثر انسجاما مع بعضهم البعض ويتحركون بشكل أكثر بطئا". وفي أبريل، حذر بايدن إسرائيل من أن الولايات المتحدة ستتوقف عن تزويدها بالأسلحة إذا نفذت قواتها عملية كبيرة في رفح. لكن هذه المحاولات لم تؤثر على نتنياهو، الذي توجه لتصعيد الموقف للرأي العام عندما نشر، الثلاثاء 18 يونيو، مقطع فيديو باللغة الإنكليزية قال فيه إن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أكد له أن إدارة بايدن، تعمل على رفع القيود المفروضة على تسليم الأسلحة إلى إسرائيل. الدبلوماسي الإسرائيلي السابق، ألون بينكاس قال للصحيفة إن "سلوك نتنياهو هو جزء من نمط التحريض على التوترات والمواجهات مع الإدارة (الأمريكية) لإظهار أنه يقف في وجه الولايات المتحدة". وأضاف أن "هذا الأمر مفبرك 100 في المئة".
إستراتيجية حرب فاشلة جاء في تقرير نشرته مجلة "فورين أفيرز" foreign affairs: لم تَهزم 9 أشهر من العمليات القتالية الجوية والبرية الإسرائيلية في غزة حركة حماس، بل إن إسرائيل ليست حتى قريبة من هزيمة الحركة. بل على العكس من ذلك، أصبحت حماس اليوم أقوى مما كانت عليه في السابع من أكتوبر 2023. ومنذ هجوم حماس في أكتوبر، غزت إسرائيل شمال وجنوب غزة بحوالي 40 ألف جندي مقاتل، وهجرت 80 في المئة من السكان قسراً داخل القطاع، وقتلت أكثر من 37 ألف إنسان معظمهم مدنيون، وأسقطت ما لا يقل عن 70 ألف طن من القنابل على القطاع، (وهو ما يتجاوز الوزن الإجمالي للقنابل التي تم إسقاطها على لندن ودريسدن وهامبورغ طوال الحرب العالمية الثانية)، دمرت إسرائيل أو ألحقت أضرارا بالغة بأكثر من ثلثي المباني في غزة، وقيدت وصول القطاع إلى المياه والغذاء والكهرباء، ما ترك السكان بالكامل في حالة مجاعة غير مسبوقة. ورغم أن العالم يرى عدم أخلاقية إسرائيل في هذه الحرب، ورغم تهم الإبادة الجماعية التي تلاحقها، فإن زعماء إسرائيل ظلوا يزعمون على الدوام أن هدف هزيمة حماس وإضعاف قدرتها على شن هجمات جديدة ضد الإسرائيليين لابد أن تكون له الأسبقية على أية مخاوف بشأن حياة الفلسطينيين، ويجب على العالم قبول معاقبة سكان غزة باعتبار ذلك ضروريا لتدمير قوة حماس. لكن ما يحدث اليوم، وبفضل الهجوم الإسرائيلي، فإن قوة حماس آخذة في النمو فعليا بحسب "فورين أفيرز". وكما ازدادت قوة "الفيت كونغ" (الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام) خلال عمليات "البحث والتدمير" الضخمة التي اجتاحت معظم أنحاء فيتنام الجنوبية في عامي 1966 و1967 عندما أرسلت الولايات المتحدة قواتها إلى البلاد في محاولة غير مجدية لتحويل مسار الحرب لصالحها، فإن حماس لا تزال قائمة وقوية. لقد تطورت هذه الحركة إلى قوة "عصابات مسلحة" عنيدة ومميتة في غزة، مع استئناف العمليات البرية في المناطق الشمالية التي كان من المفترض أن إسرائيل قامت بالسيطرة عليها قبل بضعة أشهر فقط كما زعمت.
مصادر قوة تقول المجلة الأمريكية إن الخلل الرئيسي في استراتيجية إسرائيل ليس بالضرورة فشل التكتيكات أو فرض قيود على القوة العسكرية لحماس، بل إن الفشل الذريع كان عبارة عن سوء فهم فادح لمصادر قوة حماس. ومما ألحق ضررا كبيرا بإسرائيل أنها فشلت في إدراك أن المذبحة والدمار الذي ارتكبته في غزة لم يؤد إلا إلى زيادة قوة حماس. ولعدة أشهر، ركز المحللون الإسرائيليون والعسكريون اهتمامهم على عدد مقاتلي حماس الذين تزعم القوات الإسرائيلية قتلهم، كما لو كانت هذه الإحصائية هي المقياس الأكثر أهمية لنجاح الحملة الإسرائيلية ضد الحركة. ومن المؤكد أن العديد من مقاتلي حماس قد قتلوا، حيث تشير مصادر استخباراتية أمريكية إلى أن العدد الحقيقي لقتلى حماس يبلغ نحو 10 آلاف مقاتل.
سر قوة حماس مع ذلك، فإن التركيز على هذه الأرقام يجعل من الصعب إجراء تقييم حقيقي لقوة حماس. فعلى الرغم من تدمير غزة والحديث عن تقويض قدرات الحركة، إلا أنها ما زالت تسيطر فعليا على مساحات واسعة من غزة وتهاجم القوات الإسرائيلية المتوغلة في القطاع من الشمال وحتى الجنوب. ولا تزال الحركة تتمتع بدعم هائل من سكان غزة الذين يمثلون حاضنتها الشعبية ويؤمنون بها كفكرة ومنهج. والآن يسهل على المقاتلين الظهور بسهولة في المناطق التي تقول إسرائيل إنها "طهرتها" سابقا. ووفقا لتقييم إسرائيلي حديث، أصبح لدى حماس الآن عدد أكبر من المقاتلين في المناطق الشمالية من غزة، التي تكبد فيها الجيش الإسرائيلي مئات الجنود بين جريح وقتيل من أجل فرض سيطرته عليها. وتشن حماس الآن حرب عصابات، تنطوي على نصب كمائن وقنابل محلية الصنع، أو أخرى مصنوعة من ذخائر غير منفجرة أطلقها الجيش الإسرائيلي (حوالي 10 آلاف طن)، وهي عمليات مطولة قال مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء نتنياهو مؤخرا إنها قد تستمر حتى نهاية عام 2024 على الأقل، ولا يزال بإمكانها ضرب إسرائيل وتهديدها. وبحسب مصادر "فورين أفيرز" من المرجح أن لدى حماس نحو 15 ألف مقاتل معبأ على الأرض، أي ما يقرب من عشرة أضعاف عدد المقاتلين الذين نفذوا هجمات 7 أكتوبر. علاوة على ذلك، لا يزال أكثر من 80 في المئة من شبكة الأنفاق تحت الأرض التابعة للتنظيم صالحة للاستخدام في التخطيط وتخزين الأسلحة والتهرب من المراقبة والاحتفاظ بالأسرى وشن هجمات على القوات الإسرائيلية. ولا تزال أغلب القيادات العليا لحماس في غزة على حالها. خلاصة القول، إن الهجوم الإسرائيلي السريع في الخريف قد أفسح المجال لحرب استنزاف طاحنة من شأنها أن تترك لحماس القدرة على مهاجمة الإسرائيليين حتى لو واصل الجيش الإسرائيلي حملته في جنوب غزة لفترات أطول. وغالبا ما كانت "عمليات مكافحة التمرد" الفاشلة في الماضي عبر العالم تركز على أعداد القتلى من الأعداء. ويشارك الجيش الإسرائيلي الآن في لعبة "اضرب الخلد" المألوفة التي أعاقت القوات الأمريكية في أفغانستان لـ20 عاماً وانتهت بانتصار حركة طالبان وانسحاب الجيش الأمريكي.
الخلط بين التكتيكي والاستراتيجي إن الاهتمام الاستعبادي بأعداد القتلى يميل إلى الخلط بين النجاح التكتيكي والاستراتيجي، ويتجاهل التدابير الرئيسية التي من شأنها أن تظهر ما إذا كانت القوة الاستراتيجية للخصم تنمو حتى مع تزايد الخسائر المباشرة للمجموعة. بالنسبة للجماعة المسلحة، المصدر الرئيسي للقوة ليس حجم الجيل الحالي من المقاتلين، بل قدرتها على كسب المؤيدين من المجتمع المحلي في الماضي والحاضر والمستقبل. إن قوة حركة مقاومة مسلحة مثل حماس لا تأتي من العوامل المادية النموذجية التي يستخدمها المحللون للحكم على قوة الدول، بما في ذلك حجم اقتصادها، والتطور التكنولوجي لجيوشها، ومدى الدعم الخارجي الذي تحصل عليه، والقوة العسكرية التي تتمتع بها، وقوة أنظمتهم التعليمية. وبدلا من ذلك، فإن المصدر الأكثر أهمية لقوة حماس وغيرها هو القدرة على التجنيد، وخاصة قدرتها على جذب أجيال جديدة من المقاتلين والناشطين الذين يؤمنون بها، ومستعدين للموت من أجل هذه القضية. وهذه القدرة على التجنيد والإيمان في الفكرة متجذرة في عامل واحد: حجم وشدة الدعم الذي تستمده الحركة من مجتمعها. إن دعم الحاضنة الشعبية يسمح للحركات المشابهة لحماس بتجديد صفوفها، واكتساب الموارد، وتجنب الكشف عنها، وبشكل عام، الحصول على مزيد من الموارد البشرية والمادية اللازمة لتعبئة ومواصلة العمليات المسلحة القاتلة. ولأن أفراد المجتمع متضررون جدا من إسرائيل وغاضبون لتدمير منازلهم أو فقدان أفراد من عائلاتهم أو أصدقائهم أو سلب أرضهم، يبحث هؤلاء عن الانتقام لأنفسهم في الانضمام إلى جهات مثل حماس، التي أثبتت أنها قادرة على الولادة في كل مرة تعرضت فيها لضربات عنيفة من قبل إسرائيل. والأهم من ذلك، أن دعم المجتمع ضروري لتعزيز ثقافة الاستشهاد، حيث إن المجتمع الذي يكرم المقاتلين من أبناء الحركة الذين سقطوا خلال قتال عدوهم يساعد في الحفاظ عليها، والاستشهاد يضفي الشرعية على الأعمال القتالية ويشجع المجندين الجدد على الانضمام. وتضحية الفرد تحظى بمكانة عالية بين الفلسطينيين. إن الهجوم الإسرائيلي لم يؤد إلى تأليب الفلسطينيين ضد حماس. ولم يؤد القصف الإسرائيلي والغزو البري لغزة إلى تراجع التأييد الفلسطيني للهجمات ضد الإسرائيليين، ولا إلى تراجع التأييد لهجوم 7 أكتوبر 2023. وفي مارس 2024، اعتقد 73 في المئة من الفلسطينيين أن حماس كانت على حق في شن هجوم 7 أكتوبر وهذه الأرقام مرتفعة للغاية، ليس فقط بعد أن أدت الهجمات إلى تحفيز الحملة الوحشية الإسرائيلية، ولكن أيضا في ضوء حقيقة أن عددا أقل، 53 في المئة، من الفلسطينيين أيدوا الهجمات المسلحة على المستوطنين الإسرائيليين في سبتمبر 2023. وتستمتع حماس بلحظة "الاحتشاد حول العلَم"، ما يساعد في تفسير سبب عدم قيام سكان غزة بتقديم المزيد من المعلومات الاستخبارية للقوات الإسرائيلية حول مكان وجود قادة حماس والأسرى الإسرائيليين، كما تقول "فورين أفيرز". ويبدو أن الدعم للهجمات المسلحة ضد الإسرائيليين قد ارتفع خاصة بين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وهو ما يتساوى الآن بحق مع مستويات الدعم العالية المستمرة لهذه الهجمات في غزة، ما يدل على أن حماس حققت مكاسب واسعة النطاق في المجتمع الفلسطيني منذ أكتوبر وحتى الآن.
قوة الرسالة من المؤكد أن العقوبات الهائلة التي فرضتها إسرائيل على غزة تدفع العديد من الفلسطينيين إلى الشعور بمزيد من العداء تجاه الدولة الصهيونية والالتفاف حول حماس. تقول "فورين أفيرز" إن الدعاية لا تعمل من خلال خلق وغرس الخوف والغضب بقدر ما تفعل ذلك من خلال إعادة توجيه هذه المشاعر نحو أهداف ملموسة. وتشكل جهود حماس مثالا رئيسيا على هذا التكتيك. منذ بدء الحرب، قامت الحركة بنشر كمية هائلة من المواد عبر الإنترنت، في محاولة لحشد الشعب الفلسطيني حول نهجها وسعيها لتحقيق النصر ضد إسرائيل. وهنا يجب أن نذكر هذا البحث المهم، حيث قام فريق تحليل الدعاية العربية -وهو مجموعة متخصصة من اللغويين العرب المتخصصين في جمع وتحليل الدعاية العسكرية باللغة العربية- في جامعة شيكاغو بدراسة الدعاية التي تنتجها حماس وجناحها العسكري، كتائب القسام، ويتم توزيعها على قناة التليغرام الرسمية للكتائب في أعقاب 7 أكتوبر. وقد نشرت القناة التي تضم أكثر من 500 ألف مشترك، رسائل وصور ومقاطع فيديو وغيرها من المواد الدعائية كل يوم تقريبا منذ هجمات 7 أكتوبر. قام محمد الجوهري، قائد فريق البحث، بتحليل أكثر من 500 جزء من الدعاية في الفترة من 7 أكتوبر 2023 إلى 27 مايو 2024. ومن غير المعروف عدد الفلسطينيين الذين يستهلكون هذه المواد عبر الإنترنت، لكن غزة والضفة الغربية لديهما إمكانية الوصول إلى الإنترنت يوميا، وإن كان بشكل متقطع. ويعكس المحتوى الرقمي لحماس جهودها الدعائية التناظرية في شبكات المجتمع المحلي. وتتمحور المواد حول ثلاثة مواضيع: ليس أمام الشعب الفلسطيني خيار سوى القتال لأن إسرائيل عازمة على ارتكاب فظائع لا توصف ضد جميع الفلسطينيين حتى لو لم يشاركوا في عمليات عسكرية، وتحت قيادة المقاومة يستطيع الفلسطينيون هزيمة إسرائيل في ساحة المعركة، وأولئك المقاتلون الذين يموتون في المعركة يحصلون على الشرف والمجد.
الحقيقة الصارخة تقول المجلة الأمريكية، بعد تسعة أشهر من الحرب المرهقة، حان الوقت للاعتراف بالحقيقة الصارخة: لا يوجد حل عسكري لهزيمة حماس. ويبلغ عدد مقاتلي الجماعة حاليا أكثر من مجموع عدد مقاتليها السابق للحرب. إنها أيضا أكثر من مجرد فكرة مثيرة للذكريات. إن حماس حركة سياسية واجتماعية جوهرها العمل المسلح ضد إسرائيل، ولن تختفي في أي وقت قريب. إن الاستراتيجية الإسرائيلية الحالية المتمثلة في العمليات العسكرية المكثفة قد تؤدي إلى مقتل بعض مقاتلي حماس، لكن هذه الاستراتيجية لا تؤدي إلا إلى تقوية الروابط بين حماس والمجتمع المحلي. طيلة تسعة أشهر، واصلت إسرائيل تنفيذ عمليات عسكرية غير مقيدة تقريبا في غزة، ولم تحقق إلا قدرا ضئيلا من التقدم الواضح نحو تحقيق أي من أهدافها. إن حماس لم تهزم، ولا هي على وشك الهزيمة، وقضيتها أصبحت أكثر شعبية وجاذبية أقوى مما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر. وفي غياب خطة قد يقبلها الفلسطينيون لمستقبل غزة والشعب الفلسطيني، فإن حماس سوف تستمر في البقاء وتهديد أمن إسرائيل، وستعود من الحرب بأعداد أكبر. ولكن لا يبدو أن القادة الإسرائيليين أصبحوا أكثر استعدادا لتصور مثل هذه الخطة السياسية القابلة للتطبيق مقارنة بما كانوا عليه قبل السابع من أكتوبر. ولا تلوح في الأفق نهاية تذكر للمأساة المستمرة في غزة. وسوف تستمر الحرب، وسيموت المزيد من الفلسطينيين، وسوف تقوى حماس، وسوف يتزايد التهديد الفلسطيني لإسرائيل.
معادلة انتحار نشرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية يوم 21 يونيو 2024 مقالا للواء المتقاعد في الجيش الإسرائيلي إسحاق بريك جاء فيه: إن "المستوى السياسي والعسكري، الذي جلب لدولة إسرائيل في 7 أكتوبر أكبر فشل وكارثة منذ تأسيسها، على وشك القيام بذلك مرة أخرى. لكن هذه المرة سيكون الإغفال أكثر خطورة بمئات الآلاف في الحرب الإقليمية الشاملة التي ستأتي علينا وتدمر دولة إسرائيل". ورأى أن "المبادرة التي طرحها رئيس الأركان هرتسي هاليفي ووزير الدفاع يوآف غالانت بموافقة رئيس الوزراء نتنياهو، لشن هجوم على حزب الله برا وجوا وبحرا، سيجلب علينا حربا إقليمية شاملة في ست ساحات على الأرض، وسيتم إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار على الجبهة الداخلية الإسرائيلية كل يوم"، معتبرا أن "هذه المبادرة عبارة عن انتحار جماعي بقيادة ثلاثة أشخاص (بيبي وغالانت وهاليفي) الذين لم يعد لديهم ما يخسرونه، لذلك يراهنون على مصير البلاد ويأخذونها بأكملها معهم إلى الهاوية". وأضاف: "نفس القادة الذين فشلوا في إسقاط حماس في قطاع صغير من قطاع غزة، لأن الجيش البري صغير الحجم، ولا يستطيع البقاء لفترة طويلة في المناطق التي احتلها بسبب عدم وجود فائض في القوات المقاتلة، وهذا يسمح لحماس بالعودة إلى تلك المناطق بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها لتبني نفسها. نفس القباطنة في قرارهم بمهاجمة حزب الله سيدخلون إسرائيل في حرب إقليمية شاملة. لبنان، سوريا، الحدود الأردنية، انفجار في الضفة الغربية، وغزة، وأعمال الشغب الشديدة داخل دولة إسرائيل، ولم نذكر بعد مصر، التي من المرجح أن تشارك بقوة ضدنا في حرب إذا اندلعت حرب إقليمية شاملة". وحذر بريك من أن "جيشنا صغير الحجم، غير قادر على الفوز حتى في ساحة واحدة، وبالتأكيد ليس في ستة ساحات في نفس الوقت. يعاني جيش الدفاع الإسرائيلي من نقص شديد في الموارد، وخاصة في مجال التسليح، وبالتالي فإن الحرب الشاملة ستجلب الكارثة والدمار لإسرائيل".
ضمانات أمريكية جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم 21 يونيو 2024 وعلى موقع "الحرة": مع استمرار تبادل القصف وإطلاق النار بشكل يومي بين حزب الله والجيش الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر 2023، تزداد المخاوف من توسع دائرة الصراع بعيدا عن الحدود، في وقت يتوقع فيه اجتياح إسرائيلي لجنوب لبنان لإبعاد الحزب إلى شمال نهر الليطاني. وفي هذا الإطار ذكرت شبكة "سي أن أن" في تقرير لها نشرته، الجمعة، أن الولايات المتحدة قدمت ضمانات لإسرائيل بالوقوف إلى جانبها في حال اندلاع حرب شاملة مع حزب الله. وأكد مسؤولون أمريكيون كبار لوفد من كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين زاروا واشنطن هذا الأسبوع أنه في حال اندلاع حرب شاملة على الحدود الشمالية بين إسرائيل وحزب الله، فإن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مستعدة تماما لدعم حليفها، وفقا لما نقلته الشبكة عن مسؤول كبير في الإدارة. وتأتي هذه التأكيدات في الوقت الذي ازدادت فيه الهجمات عبر الحدود في الأسابيع الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران، وسط ازدياد المخاوف بشأن توسع الصراع. وشارك مسؤولون إسرائيليون كبار، بمن فيهم وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، ومستشار الأمن القومي، تساحي هانيغبي، في سلسلة من الاجتماعات مع مسؤولين في إدارة بايدن مثل مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ومنسق شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض، بريت ماكغورك، في واشنطن هذا الأسبوع. وقال المصدر للشبكة إنهم ناقشوا مجموعة واسعة من المواضيع بما في ذلك الوضع على الحدود الشمالية لإسرائيل وإيران ومفاوضات وقف إطلاق النار والرهائن. وخلال هذا اللقاء أكد بلينكن "التزام الولايات المتحدة الثابت بأمن إسرائيل"، وفق ما قال المتحدث باسمه، ماثيو ميلر. وأضاف ميلر أن وزير الخارجية الأمريكي شدد أيضا على "أهمية تجنب تصعيد جديد في لبنان" من خلال "حل دبلوماسي يسمح للعائلات الإسرائيلية واللبنانية التي نزحت بسبب تبادل إطلاق النار على الحدود، بالعودة إلى ديارها". وصرحت إدارة بايدن مرارا وتكرارا أنها لا ترغب في رؤية اندلاع حرب أخرى على الجبهة الشمالية لإسرائيل، وحثت على التهدئة والحل الدبلوماسي. وقبل أيام زار المبعوث الأمريكي، عاموس هوكستين، المنطقة لمحاولة المساعدة في تهدئة الصراع. وذكرت شبكة سي أن أن، أن مسؤولين أمريكيين لديهم مخاوف جدية من أنه في حالة اندلاع حرب شاملة في الشمال، يمكن لحزب الله أن يهاجم الدفاعات الجوية الإسرائيلية، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي (القبة الحديدية)، وأن هذا الواقع من شأنه أن يجعل الدعم الأمريكي الكامل لإسرائيل أكثر أهمية. وتكثف قصف حزب الله في الأسابيع الأخيرة مع تهديدات متبادلة من الطرفين تثير مخاوف من توسع الصراع إلى حرب إقليمية. وكان زعيم حزب الله، حسن نصر الله، قد حذر، الأربعاء 19 يونيو، من أن أي مكان في إسرائيل "لن يكون بمنأى" من صواريخ مقاتليه في حال توسع الحرب. وقال "يعرف العدو جيدا أننا حضرنا أنفسنا لأسوأ الأيام"، مضيفا "عليه أن ينتظرنا برا وجوا وبحرا". وأكد جهوزية تنظيمه، لناحية العديد والعتاد، وشدد نصر الله على أن حزبه قاتل "بجزء" من سلاحه فقط حتى اللحظة، مؤكدا "حصلنا على أسلحة جديدة" لم يكشف نوعها. وقال "على مستوى القدرة البشرية، لدى المقاومة ما يزيد عن حاجتها وتقتضيه الجبهة حتى في أسوأ ظروف المواجهة". وتابع "قبل أعوام تحدثنا عن مئة ألف مقاتل... اليوم تجاوزنا (العدد) بكثير"، مضيفا "هناك تحفز كبير على مستوى لبنان وقوة بشرية للمقاومة لم يسبق لها مثيل". وجاءت مواقف نصر الله بعد إعلان الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء 18 يونيو، "المصادقة" على خطط عملياتية لهجوم في لبنان. وهدد وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الثلاثاء، حزب الله بالقضاء عليه في حال اندلاع "حرب شاملة". Omar_najib2003@yahoo.fr |
شبكة البصرة |
الجمعة 22 ذو الحجة 1445 / 28 حزيران 2025 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |