بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

عمالة الأطفال.. العراق في قائمة البلدان الأكثر انتهاكاً لحقوق الطفل

شبكة البصرة

تعتبر عمالة الأطفال قضية مقلقة في العراق لما لها من تداعيات اجتماعية خطيرة، حيث اشارت التقارير ان هنالك ما يقارب مليون طفل يعمل في سن مبكرة، بسبب الفقر والنزوح ونقص الفرص التعليمية التي تعتبر من العوامل التي تدفعهم العمل المبكر بالاضافة الى اضطرارهم إلى إعالة أسرهم ماليا، و يؤثر ذلك على حقهم في الوصول الى التعليم والطفولة الآمنة والتي حق من حقوق الانسان.

 

العراق الرابع عربيا

قال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، إن العراق يحتل المرتبة الرابعة عربيا في عمالة الاطفال، وأن أكثر من 200 مليون طفل في العالم من أعمار 6 - 17عاماً يعملون في سوق العمل يمثل الذكور منهم نسبة 80%.

واوضح الغراوي أن العراق يحتل المرتبة الرابعة في عمالة الأطفال بعد اليمن والسودان ومصر، بنسبة 4.9% في الفئات العمرية الصغيرة يتركز عملهم في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات بنسب عالية".

وبين أن ارتفاع معدلات عمالة الأطفال في العراق سببها الأوضاع الاقتصادية بسبب انخفاض دخل الأسرة وارتفاع معدلات البطالة والفقر والصراعات التي عاشها العراق والنزوح وارتفاع معدلات العنف الاسري ضد الاطفال وضعف منظومة التشريعات القانونية والاستراتيجيات لحماية حقوق الطفل.

واضاف الغراوي أنه "على الرغم من مصادقة العراق على الاتفاقيات الأساسية الرئيسية التي تحمي الأطفال من جميع أشكال عمل الأطفال، كما أنه من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل إلا أن نسب عمالة الأطفال في العراق مازالت مرتفعة"

 

تقارير حقوقية

وتُبيّن تقارير حقوقية وكذلك مسؤولون عراقيون، أن ارتفاع معدّلات الفقر في العراق، دفع مؤشّر عمالة الأطفال إلى تسجيل أرقام قياسية في معظم مدن البلاد خلال العامَين الماضيَين.

التقارير الحقوقية، تفيد بأنّ أكثر من مليون طفل يعملون في سنّ مبكرة، في ظلّ ارتفاع نسبة الفقر، واستمرار النزوح القسري، ونقص الفرص التعليمية، الأمور التي دفعتهم إلى العمل المبكر لإعالة عائلاتهم.

نحو مليون طفل عراقي في سنّ الدراسة هم في سوق العمل اليوم، وأنّ لدى 30% من الأسر العراقية تقريباً أطفالاً يعملون في مجالات مختلفة، وتضيف أنّ هؤلاء الأطفال يعملون لقاء أجر يومي، الأمر الذي يشير إلى انخراطهم في وظائف مؤقّتة و منخفضة الأجر، بالإضافة إلى انخراطهم في الخدمة المنزلية وأعمال البناء.

وتشير المصادر إلى أنّ الأطفال يتورّطون كذلك في أنشطة غير قانونية، من قبيل السرقة والتسوّل وجمع القمامة وحتى بيع المخدرات. وفي إطار الأنشطة غير القانونية، تزجّ عصابات منظّمة بفتيات في الملاهي الليلية، وتستغلّهنّ في الدعارة والاتجار بالبشر، وثمّة حالات موثّقة لهذا الوضع الذي تتجاهله الحكومة العراقية والسلطات الأمنية، لأنّ العاملين في هذا المجال بمعظمهم مدعومون من جهات متنفّذة في الدولة، وفق المصادر.

وتنص قوانين وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق على معاقبة المسبب في تشغيل الأطفال بعقوبة تتراوح بين الغرامة المالية وإيقاف التصريح لرب العمل أو حتى إيقاف النشاط.

وفي قانون الاتجار بالبشر، يعاقَب من يستغل شخصاً لا يعي حقه، كالأطفال، بالسجن أو الغرامة المالية.\

أما دولياً، فإن اتفاقية حقوق الطفل في المادة (32-1) تقول: "تعترف الدول الأطراف بحق الأطفال في حمايتهم من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون ضاراً بصحة الطفل، أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي".

 

غياب الفرص

وفي السياق، قال الباحث الاجتماعي، محمود داود، أن الانخراط في العمل في سن مبكرة يعيق التقدم الأكاديمي للأطفال حيث يحرمهم العديد من الفرص التعليمية، بالاضافة الى ان مسؤولية العمل تتطلب منهم إعطاء الأولوية للعمل على التعليم، وهذا الشيء يؤثر أيضاً على قدرتهم في التركيز على دراساتهم من خلال توفير وقتهم وطاقتهم في العمل.

وبين داود لوكالة، "يقين"، أن ساعات العمل الطويلة، والضغط الجسدي، والتعرض لبيئات خطرة تساهم في التوتر والقلق، يمكن ان يؤدي الاجهاد البدني الى الارهاق والاضطرابات الجسدية، في حين ان ظروف العمل الخطرة يمكن أن تغرس الخوف والقلق بشأن سلامتهم.

وأضاف، أن الاطفال الذين يعملون في ظروف غير آمنة معرضون للاستغلال الجسدي والجنسي وسوء المعاملة والعنف، وقد يتعرضون للاعتداء الجسدي او اللفظي حيث يمكن ان يكون لهذه التجارب عواقب نفسية وخيمة تؤدي الى الصدمة والخوف وعدم الثقة العميق بالاخرين.

وشيراً، إلى أن عدم وجود بيئة تنشئة ووقائية يؤثر بشكل أكبر على صحتهم النفسية واحترامهم لذاتهم، يمكن أن يؤدي نقص الدعم العاطفي والتوجيه والرعاية الى تفاقم مشاعر العزلة والوحدة، ويمكن ان يحرمهم ذلك من فرص التفاعلات الاجتماعية الايجابية وتطوير علاقات صحية مما يؤثر بشكل أكبر على صحتهم العقلية.

 

الأسوأ في تاريخ العراق

تتسع ظاهرة عمالة الأطفال في العراق لتصل إلى حد وصفته وزارة العمل بـ "الأسوأ" في تاريخ العراق وسط بقاء القوانين المكافحة لهذه الظاهرة شبه مشلولة نتيجة ضعف عمل لجان الرقابة والظروف الاجتماعية والاقتصادية والأمنية التي تسود في البلاد، التي ساهمت في تفاقم الظاهرة.

وهو ما دفعها إلى إطلاق حملة وطنية بالتعاون مع "منظمة العمل الدولية" تتضمن سلسلة من الأنشطة الهادفة للتصدي لأسوأ أشكال عمالة الأطفال التي تمر بالبلاد، حسب وصفهم.

ويبين رائد جبار، مدير عام دائرة التدريب المهني في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، أن "الحملة "استهدفت أكثر من عشرة آلاف طفل وأسرهم وأولياء أمورهم والمعلمين وأرباب العمل ووسائل الإعلام"، وتشمل "جلسات توعية في المدارس والمناطق التي ينتشر فيها عمالة الأطفال"، والتي يشيع فيها التسرب من المدارس.

بينما توضح المنسقة القُطرية لمنظمة العمل الدولية في العراق، مها قطاع، أن الحملة ضرورية "لأجل أن يعي الناس في العراق أن المكان المناسب للأطفال هو مقاعد الدراسة وليس سوق العمل"، مؤكدة أن منظمة العمل تدعم الحملة بقوة للقضاء على عمالة الأطفال.

من جانبه، قال الخبير القانوني، علي جابر التميمي، إن قانون العمل "37" لعام 2015 الأخير، منع تشغيل الأطفال دون سن الـ15، وحصر السماح بتشغيل من هم بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة وفق شروط ورقابة ومهن محددة، وقد حدّد القانون عقوبة لأصحاب العمل إذا تم خرق القانون.

لكن التميمي يرى أن هذه القوانين ولدت مشلولة في الأصل، ولا تُطبقه. فعلى الرغم من القوانين، إلّا أن آلاف الأطفال ما زالوا منتشرين في الأسواق والأحياء الصناعية وعلى مكبات النفايات يعملون في أقسى الظروف التي لا تراعي أي قانون وهم يسعون إلى توفير بضعة دنانير تعيل عائلتهم من الفقر والجوع.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الاحد 3 ذو الحجة 1445 / 9 حزيران 2025

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط