بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
إيران بعد رحيل الرئيس |
شبكة البصرة |
السيد زهره |
بمجرد اعلان وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم الطائرة انبرى الكثيرون في الحديث عن مستقبل ايران بعد رحيله. معلقون في الفضائيات والمواقع الإعلامية بدأوا يثيرون أسئلة عن تأثير الرحيل على التطورات في ايران وكيف ستكون. لاحظت ان البعض من المحللين طرح أفكارا تبالغ كثيرا في هذا التأثير من قبيل ما نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية مثلا بقلم احد الكتاب المعروفين من ان "وفاة رئيسي تمثل ضربة موجعة للنظام الإيراني وللمرشد العام". بالطبع حدث كبير مثل رحيل الرئيس لا بد ان يكون له تأثير من زوايا عدة، لكن الحقيقة ان هذا التأثير بشكل عام محدود وينحصر في بعض الجوانب الداخلية المهمة. بداية، بالنسبة للترتيبات الرسمية لانتقال السلطة فليست فيها مشكلة اذ هي محددة دستوريا، وقد تولى نائب الرئيس السلطة بالفعل وسيجري ترتيب اجراء انتخابات رئاسية خلال خمسين يوما. وكما جرت العادة ليس لنا ان نتوقع أي مفاجآت بالنسبة لمن سيترشحون للانتخابات اذ يتم التحكم بدقة في قائمة من يسمح لهم بالترشح. حين نقول ان تأثير رحيل الرئيس محدود بشكل عام فذلك بحكم طبيعة النظام السياسي الإيراني الذي في ظله تعتبر صلاحيات الرئيس محدودة ويضع كل الصلاحيات والسلطات بيد المرشد الأعلى. المرشد الأعلى لديه سلطات مطلقة سواء تعلق الأمر بالسياسات والأوضاع الداخلية او الخارجية، وسلطات الرئيس تنفيذية في المقام الأول ولا يستطيع تحدي المرشد. فيما يتعلق بسياسات ايران الخارجية والدور الذي تلعبه في المنطقة العربية بالذات ليس من المتوقع حدوث أي تغيير مع رحيل الرئيس ومجيء رئيس جديد، وأسباب ذلك كثيرة. سياسة ايران الخارجية ودورها في المنطقة العربية تحكمه استراتيجية إيرانية توسعية واضحة المعالم على نحو ما نعرف. وهذه الاستراتيجية محل اجماع بين كل القيادات الإيرانية سواء كانت توصف بانها متشددة او معتدلة. لا احد يختلف حولها. والدليل على ذلك انه على امتداد العقود الماضية تعاقب عدة رؤساء في ايران من بينهم من وصفوا بالاصلاحيين من أمثال محمد خاتمي مثلا، ومع ذلك لم يحدث أي تغيير في سياسة ايران الخارجية وفيما تفعله في المنطقة العربية هي والمليشيات العميلة لها. حقيقة الأمر ان كل القيادات الإيرانية تعتبر ان هذه الاستراتيجية في المنطقة العربية ضرورة لبقاء النظام ذاته. ثم ان امر السياسة الخارجية عموما وفي المنطقة العربية خصوصا هو بيد الحرس الثوري الايراني وليس بيد الرئيس. رحيل الرئيس الايراني سيكون له تأثير كبير مهم في جانبين اساسيين في ايران: الجانب الأول: من المعروف انه في ظل النظم الاستبدادية مثل النظام الإيراني فانه في مراحل التحول السياسي مثل حالة رحيل الرئيس والترتيب لمجيء رئيس جديد يعمد النظام الى اظهار القوة والقبضة الحديدية والقدرة على السيطرة على الوضع الداخلي. لهذا من المتوقع ان يلجأ النظام الى مزيد من القوة والقمع في مواجهة أي احتجاجات من أي نوع. الجانب الثاني: والأكثر أهمية يتعلق بخلافة المرشد الإيراني. في الفترة الماضية أصبحت هذه القضية تحتل اهمية كبرى على ضوء الحالة الصحية للمرشد الحالي. وكان الرئيس الراحل رئيسي في مقدمة المرشحين لخلافة خامنئي الى جانب نجل خامنئي. الآن بعد رحيل رئيسي، هل من الممكن ان ينشب صراع حول خلافة المرشد؟ ام ان الأمر سيكون تحت سيطرة النظام كالعادة؟. بالطبع هذه قضية كبرى بالنظر الى الصلاحيات والسلطات المطلقة التي يتمتع بها المرشد في النظام الايراني. عموما التطورات الداخلية في ايران على كل المستويات تستحق المتابعة الدقيقة في الفترة القادمة. |
شبكة البصرة |
الخميس 15 ذو القعدة 1445 / 23 آيار 2024 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |