بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

المحاصصة في وفد السوداني لواشنطن.. و لجان تفاوضية بلا متخصصين

شبكة البصرة

لا يكاد يخلو أي نشاط سياسي أو تقاسم السلطة في العراق بعد عام 2003 من المحاصصة السياسية والطائفية في مختلف المجالات، وكان آخرها الزيارة الرسمية للوفد الحكومي لحكومة السوداني الى واشنطن منتصف شهر نيسان الجاري.

وترأس السوداني حكومة تسيطر عليها الأحزاب العراقية الأكثر قرباً من إيران، لكن العراق مع ذلك يبقى بلداً مهماً لأمريكا التي أحتلت البلد من أكثر من عقدين، وقد استطاع السوداني أن الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أمريكا وإلى البيت الأبيض رغم الخلافات في الرؤى والمواقف.

تحدّث السوداني بما سماه روح الصراحة والشراكة عن ذلك الخلاف في الرؤية تجاه أزمات الشرق الأوسط بين العراق وأمريكا لكنه تحدّث عن الإيمان المشترك بالقانون الدولي والرغبة في إنهاء قتل المدنيين.

وضم الوفد المرافق للسوداني ما يقارب 135 شخصية تبدأ من طاقمه الوزاري وأعضاء مجلس النواب ومستشاريه الخاصين وكذلك رجال أعمال، ولا يخلو الطاقم من إعلاميين ومحللين سياسيين.

وهو ما دفع إلى وصف الوفد بالمُبالغ بعدده، إضافة إلى تساؤلات لم تجد إجابة أو تبريرا عن المغزى من اصطحاب الوفد لشخصيات مفروضة عليها عقوبات أميركية ضمن القائمة السوداء، من بينهم مالك شركة فلاي بغداد، ونمير العقابي صاحب النفوذ السياسي والتجاري، وعدد من أصحاب المصارف العراقية الذين تراقب أنشطتهم الخزانة الأميركية ضمن مزاد العملة التي تدعي واشنطن أنها تساهم بتهريب الدولار إلى خارج العراق.

 

سيناريوهات الزيارة

يعتقد المتفائلون أن رحلة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى واشنطن ولقائه الرئيس الأميركي جو بايدن ستُدخل العراق في مرحلة تصفير العداد بالنسبة للرأي السائد بالقناعة الأميركية بالرضوخ للأمر الواقع والتهدئة في المنطقة التي تحاول أن تصنعها واشنطن من أجل إجراء انتخاباتها بأجواء طبيعية.

ويرى الكاتب العراقي، سمير داود، أن الكثيرين يعتقدون أن التصفير يشمل الجميع مادامت العملية السياسية تلبّي رغبات الإدارة الأميركية.

وأضاف داود في مقال له، أن زيارة السوداني إلى واشنطن تأتي في ترقب من احتمال تفجر الأوضاع في الشرق الأوسط ودخول الميليشيات المسلحة طرفاً في الصراع المحتدم بين إيران والكيان الصهيوني، خصوصاً بعد تصريح أبوعلي العسكري المسؤول الأمني لكتائب حزب الله العراقي بأنهم ينتظرون الأوامر من المرشد الأعلى الإيراني للرد على أيّ استهداف إسرائيلي.

وبين داود، أن الرد يشمل قصف القواعد التي تتواجد فيها القوات الأميركية في العراق حيث قد يغير ذلك الفعل القرار الأميركي وغاية الوفد العراقي من تلك الزيارة، مع التأكيد على سعي السوداني لتثبيت قدمه في الداخل العراقي من خلال ما سيطرحه أمام الإدارة الأميركية.

 

المحاصصة الطائفية

شملت الزيارة ذهاب أكثر من 135 شخص بين وزير ووكيل ومدير عام وممثل عن مؤسسة اقتصادية، وعند النظر الى جدول زيارة الوفد الحكومي يجد المراقب أن الشخصيات توزعت بين المكونات والأحزاب بعيداً عن الأهمية والتخصص.

وكشف الباحث الاقتصادي، علي العامري، أن الوفد الاقتصادي المرافق لرئيس الحكومة يثير الكثير من علامات الاستفهام والاستغراب، من خلال مرافقة شخصيات بعيدة عن التمثيل الاقتصادي للوزيرة المالية والبنك المركزي وهيئة الاستثمار.

وأنتقد العامري، وضع شخصيات غير متخصصة و لا علاقة لها بالقرار الاقتصادي وسلطة التفاوض النقدي والمالي، إنما تم اختيار الشخصيات وفقاً لمبدأ المحاصصة الطائفية والحزبية.

وأشار، إلى أن التمثيل البرلماني ضمن الوفد العراقي المرافق للسوداني شمل ثلاث أعضاء برلمان، لا يمتلكون أي تخصص أو كفاءة تفاوضية إنما تم اختيارهم وفقاً للمحاصصة والتوازن، وهم كل من عامر الفايز (الاطار التنسيقي) و رعد الدهلكي (تحالف السيادة) و ديلان غفور (التحالف الكردستاني) وكذلك الحال بالنسبة للبقية أعضاء الوفد.

وأكد العامري، أن 20 شخص من الوفد المرافق للسوداني تعرضوا الى تحقيق في مطار واشنطن، بسبب اتهامهم بقضايا فساد وتهريب وعلاقات مباشرة مع إيران، فضلاً عن منع عدد آخر من مرافقة الوفد، كما هو الحال مع أحمد الأسدي وزير العمل وآخرين.

 

غموض الزيارة

أكد مختصون أن هناك تكتم عن مسألة العقوبات الأمريكية للمصارف العراقية والتفاوض بخصوص رفع الحظر عنها، فضلاً عن قضية التعامل مع ايران وهيمنتها المباشرة على العراق.

وخلال مؤتمره الصحافي الذي عقده في مقر إقامته بواشنطن، اضطر السوداني، إلى أن يُكرر الإجابة خمس مرات عن سؤال يُطرَح عليه كل مرة بصيغة مختلفة من ممثلي الصحافة ووكالات الأنباء العالمية في العاصمة الأميركية.

السؤال المتكرر يتعلق بما إذا كان في العراق وجود قتالي أميركي أو أجنبي، وجاء بهذه الأشكال: هل بحث (مع المسؤولين الأميركيين) ملف الوجود الأجنبي العسكري في العراق؟ كيف يتعامل العراق مع ملف التحالف الدولي على أرضه؟ متى تنتهي مهمة التحالف الدولي في العراق؟ ما طبيعة التحالف عندما تصبح العلاقة ثنائية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية في ضوء اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين البلدين عام 2008؟

حين جاء الجواب الأخير بإحراج من قبل السوداني، "لا توجد قوات قتالية في العراق لكي تنسحب"، و قال السوداني: "أنا أوقّع على هذا الجواب".

ويرى مراقبون، أن نتائج زيارة السوداني للولايات المتحدة لم تكن واضحة المعالم، ولم تعلن نتائجها الحقيقية في مسألة الوجود الأمريكي في العراق، والذي ينتشر في أكثر من 10 قواعد عسكرية في مختلف محافظات العراق، فضلاً عن وجود أكثر من 10 آلاف جندي أمريكي في بغداد.

كما لم تعلن الزيارة فيما إذا تم مناقشة وضع المصارف التي تمت معاقبتها وعمليات حظر الدولار عنها، ومشكلة العملة التي مازال الشعب العراقي يدفع ضريبتها بسبب السيطرة الايرانية على سلطة القرار الاقتصادي العراقي عن طريق حكومة بغداد.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الاربعاء 15 شوال 1445 / 24 نيسان 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط