بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 حزب البعث العربي الاشتراكي  امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة

قيادة قطر العراق المنتخبة   وحدة حرية أشتراكية

شبكة البصرة

جريدة البعث العدد 64 في 13 -نيسان- 2024

جريدة أسبوعية تصدر عن حزب البعث العربي الاشتراكي

الفهرس

- الافتتاحية: ماذا لو شنت دولة ما الحرب على إسرائيل؟

- من تراث البعث الفكري:

فكر وثقافة بقلم القائد المؤسس ميشيل عفلق

- كلمة الرفيق صلاح المختار الممثل الرسمي للحزب بمناسبة الذكرى الشب او 77 لتأسيسه

 

مقالات

1- الخسارة الاستراتيجية للحرب على غزة بقلم الرفيق أبو هنيدة القدس المحتلة

2- خبر وتعليق بقلم الرفيق ابو علي القدس المحتلة

3- الجيل الرابع للحرب الحلقة الرابعة بقلم الرفيق جومرد حقي اسماعيل

4- غربة اللغة العربية بين أهلها بقلم ايناس محروس بوبس

5- لا المصلي صلّى ولا المغني غنّى! بقلم زهير سالم - سورية

6- المقاومة بين السلبيات والايجابيات في الرد على منير شفيق بقلم أحمد العطاونة

7- ملاحظات على مقال محمد شياع السوداني بقلم عبد الواحد الجصاني

8- نظرة الى امام في فلسطين بقلم دكتور نبهان عثمان غانم فلسطين المحتلة

 

التقارير والأخبار

1- هجوم إيراني وشيك على إسرائيل!

2- ما هو الهدف الاستراتيجي الإيراني؟

3- هل تحول المسيرات الايرانية مسار الحرب في السودان؟

4- ايران ابلغت واشنطن بأن ردها على اسرائيل لن يكون تصعيديا!

 

الشعر في المعركة

قصيدة للشاعر اليمني الكبير عبد الله البردوني

 

الافتتاحية: ماذا لو شنت دولة ما الحرب على اسرائيل الان؟

ليس ثمة شك في ان اسرائيل الان في أسوأ حالات ضعفها وانكشافها طوال تاريخها، فخلال ستة شهور مضت من حرب الإبادة العرقية التي تشنها على الشعب الفلسطيني في غزة، وبصورة أقل في الضفة الغربية،حصلت تحولات كبرى غيرت تغييرا جوهريا القدرات الإسرائيلية الاساسية والاحتياطية، فكل ما بنوه طوال اكثر من سبعة عقود من جيش واحتياط وأسلحة وتطور علمي وتكنولوجي هو الاحدث، وكل ما صرف من الخارج وبلغ تريليونات الدولارات،وكل الحروب التي انتصرت فيها اسرائيل لأسباب متعددة رسخت فكرة انها باقية الى الابد، كل ذلك تلاشى، او كاد، كما يتلاشى الثلج تحت حرارة شمس حارقة!

هذه القدرات دمرت على يد المقاومة الفلسطينية في غزة، ولم تعد قائمة كما كانت، فما يسمى جوهرة الجيش الاسرائيلي وهي دبابة ميركافا تم تحطيم عدد ضخم منها بحيث لم تعد قدرتها الردعية فعالة، ففتحت ثغرة في حائط الصد الصهيوني، وسلاح الجو الاسرائيلي فقد بريقه بعد ان اصبح لا يقوم الا بالقصف العشوائي لأهداف مدنية! وتفوقها التكنولوجيي لم تعد له تلك القيمة التي قيلت طوال عقود، ومواردها المالية شحت، الزراعة والصناعة تتراجعان صورة خطيرة نتيجة تجنيد المزارعين والعمال والمهندسين وزجهم في القتال، والغرب الاستعماري بشقيه الاوروبي والامريكي عاجز أن تغطية كل نفقات الحرب الكبيرة التكاليف التي تشنها،...الخ، وهذه التغييرات المادية رغم خطورتها ووضعها إسرائيل أمام انهيار استراتيجي غير مسبوق يمكّن من يريد النيل منها أن يحقق أغراضه بصورة عملية بعد أن كان ذلك مستحيلا.

ولكن الخسارة الأخطر لإسرائيل والتي تعد السرطان الحقيقي الذي نبت في جسدها هي خسارة قناعة المستوطنين الصهاينة التي كانت راسخة بأنهم يعيشون في دولة آمنة محمية ومضمونة من أي تهديد او حرب خارجية، وهذه الضمانات ليس قدرات إسرائيل فقط بل هي القدرات الامريكية والغربية، ولهذا كان المستوطنون يمارسون جرائمهم براحة نفسية وقناعة تامة بان الحساب لن يطالهم في المستقبل، اما الآن فقد انهار كل هذا البناء النفسي ولم يعد قائما، وعاد المستعمرون إلى مرحلة اليهودي التائه، كما وصفه الكاتب اليهودي ارثر كوستلر، الان نرى الصراعات الجامحة بين من احتلوا فلسطين تتعمق وتتسع وتهدد بحرب اهلية حقيقية، والأكثرية الساحقة من المستعمرين الصهاينة اقتنعوا بأنه لا مستقبل لهم في فلسطين وان الرحيل منها حتمي سواء تم الان او بعد عام او بعد عامين، فلقد سقطت كل الأوهام وثبت بالدليل المادي بعد طوفان الاقصى بان هذه الارض لأهلها وانها تقاتل الى جانب اهلها، وتلفظ من عاش فوقها من الغرباء مهما طال استقرارهم فيها، وهكذا وبتذكر المستعمرين حياتهم السابقة للهجرة الى فلسطين ومقارنتها بالمخاطر اليومية المميتة التي يتعرضون لها يفضلون العيش البسيط وربما المعقد في بلدانهم الأصلية على العيش في فلسطين في أجواء الحرب الدائمة التي لم تتوقف طوال العقود الماضية.

وهذه الحقيقة الميدانية تكشف لنا المزيد من الادلة على ان اسقاط النظام الوطني في العراق وتدمير الناصرية في مصر قبلها وسحق التيار القومي العربي بلا رحمة من قبل الصهيونية وإيران والغرب الاستعماري كان مقدمة لهذه اللحظة التاريخية، فتلك القوى كانت تتوقع انه سياتي يوم ما تنكشف فيه حقيقة إسرائيل الكارتونية وتصبح هشة وسهلة الاختراق، لذلك قضوا على القدرات العربية أو أفشلوها واوصلوها الى طرق مسدودة بقوة الغرب والصهيونية وإيران، سواء في زمن الشاه أو في زمن الملالي، تذكروا هذه الحقيقة ونحن نعيش كوارثنا الحالية ونرى كيف ان اسرائيل اصبحت سهله الهزيمة وسهلة الاختراق ولو كان هناك نظام وطني كنظام البعث في العراق لما بقيت اسبوعا واحدا امام زحف ابناء نبوخذنصر وصلاح الدين الايوبي وصدام حسين.

تلك هي نهاية إسرائيل،ومهما طال بقاؤها فهي ستغلق ابوابها قريبا ويكتب عليها: هنا كانت بذرة سرطانية غريبه تم استئصالها.

هيئة تحرير جريدة البعث

 

من تراث البعث الفكري

فكر وثقافة الرفيق القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق

إن الحركات التي تنشأ في مجتمع ما، اما ان تكون سطحية وقتية، واما ان تكون جدية اصيلة، وكلا النوعين لا بد ان يتأثر بظروف المكان والزمان المحيطة به، ولكن نوعية هذا التأثر بظروف الزمان والمكان هو الذي يعين نوع الحركة، فاذا تأثرت الحركة تأثرا منفعلا سلبيا استنفد كل امكانياتها وقواها حتى غرقت في ظروفها، اعتبرناها من الحركات السطحية الآنية العابرة واذا استطاعت الحركة ان تتأثر بالظروف المحيطة بها دون ان تغرق فيها بل احتفظت بالسيطرة عليها لتوجهها، كانت من الحركات الجدية الاصيلة.

اذا نظرنا الى يقظة العرب الحديثة، نجد ان الدور الاول الذي مرت به هذه اليقظة تنطبق عليه صفات التأثر المنفعل السلبي. فكل مظاهر اليقظة، سواء في السياسة او في الاجتماع او في الفكر، انما هي رد فعل لما سبقها من حالة الجمود والانحطاط فكانها تقلد تقليدا حرفيا الحالة التي قامت لتنفيها وتتمرد عليها، وهذا أمر طبيعي، اذ لا بد ان تمر الامة في دور سلبي في بدء يقظتها وانقلابها، ولكن الشيء غير الطبيعي ان تستمر اليقظة في سلبيتها وأن تبقى رد فعل لما سبقها، وانها اذا استمرت على هذا الحال، يغدو من المشروع ان نعتبرها يقظة مخفقة لا تحوي في نفسها بذور الحياة إذ لا حياة مع السلبية.

واذا عددنا مختلف الحركات الوطنية التي قامت في الاقطار العربية جوابا على الاستعمار الاجنبي -والحركات الفكرية والاجتماعية التي قامت كجواب على امراض المجتمع العربي- (كالاقطاعية والطائفية والاقليمية والرجعية الفكرية وغير ذلك) وأمعنا النظر في هذه الحركات جميعا، وجدنا صفة واحدة تجمع بينها على اختلافها وتباينها وهذه الصفة هي: السلبية.

ونقصد بالسلبية أنها لا تختلف في الجوهر عن الحالة التي قامت بها تلك الحركات لنقضها، فالحركات الوطنية تقلد الاستعمار واساليبه، والحركات الفكرية المتمردة الثائرة تقلد حالة الجمود في اطلاقها وفي تعصبها وفي شططها، والحركات الاجتماعبة التي ثارت على الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتخلف في البلاد العربية حملت بذور السلبية، إذ خرجت عن نطاق الامة التي تعمل لها، وشطت في أهدافها وغاياتها حتى خانت رسالتها والقصد من وجودها.

إن التأثر بالزمان والمكان واقع لا محالة، إنه شيء لا مفر منه ولا يمكن ان توجد حركة تستطيع التأثير في مجتمع ما دون أن تتأثر بهذا المجتمع نفسه، ولا وجود للحركات النظرية المجردة التي تعيش في الفضاء بين الارض والسماء لا تلامس الواقع ولا تتصل به.

اذن لابد للحركة حتى تكون حية من أن تعيش في جو حي واقعي، وأن تفهم مختلف التيارات التي تعترك في مجتمعنا. ولقد طرقنا مرات عدة في احاديث البعث العربي وكتاباته موضوع التوفيق بين حيوية الحركة وجوهريتها. كيف يمكن أن تكون الحركة جوهرية، أي تعني بالجوهر الثابت من الامور، وتكون في الوقت نفسه حركة متجاوبة مع واقعها متصلة بزمانها.

إن الدور الاول من يقظتنا القومية يمثل هده الناحية السلبية، ولكن لا يجوز أن يستمر هذا الدور، فثمة وضع نفسي فكري للحركة الاصيلة لا يمكن الا ان يكون وضعا ايجابيا. ذلك ان الحركة الاصيلة لا يمكن ان تأتي جوابا على حالة طارئة في الأمة، فالاستعمار حالة طارئة، والاقطاعية التي هي تفرد فئة من الشعب لاستثمار الآخرين والتحكم فيهم حالة طارئة، والطائفية التي هي تغلب روابط سطحية تافهة على روابط أساسية عميقة حالة طارئة، والإقليمية التي هي تغلب الصفات الموضعية الثانوية في الأقاليم والأقطار على الصفات القومية هي حالة طارئة.

وهذه الحالات كلها سلبية ليس فيها شيء من الحياة، وانما هي نتيجة ضعف الحياة وتراخيها، ومتى ضعفت الحياة طفت القشور على السطح فهل يجوز ان تتصف الحركة العربية المنشودة بهذه الصفات العارضة التي لا تمت الى حقيقة امتنا بصلة؟ هل يجوز ان تكون نظرتنا الى القيم ونظرتنا الى المستقبل مستوحاة كلها من هذه الحالة المرضية الطارئة؟ كذلك هل يجوز أن تقوم حركات فكرية اجتماعية على وجود آفات وأمراض في مجتمعنا كالطائفية والاقطاعية وغيرهما؟!.

لذلك كله سميت الحركات التي تنشأ عن الحالات الطارئة، حركات سطحية لأنها لا تعبر عن ارادة الأمة في الحياة الحقة التي تصبو اليها، وانما تعبر عن رد فعل آلي في الأمة، عن اشمئزاز وامتعاض من حالات طارئة، ومثل هذه الحركات لا يكتب لها البقاء.

لو اكتفينا بالنظر الى برامج الحركات والأحزاب القائمة في العالم العربي لخرجنا بنتيجة تشاؤمية لأننا لا بد واجدون فيها كلها هذه الصفة السلبية -ولكن شيئا واحد ينقذنا من التشاؤم: هو أن نلتفت في الوقت نفسه الى الشعب العربي الذي كون المادة لجميع الحركات في نشاطها وأعمالها.

إن بامكان الحركات المختلفة ان تضع لنفسها البرامج التي تريد وان تتبع الخطط والأساليب التي تفضلها، ولكن الشعب نفسه لا يجيب جوابا آليا على تلك البرامج والخطط، انه ليس آلة تستجيب لما يراد بها بل هو في حركاته يمثل شيئا إيجابيا كل الايجابية، فالحركة الوطنية في افكارها وفي عقلية قادتها وفي أهدافها الواقعية وأساليبها المشاهدة لا تحوي الا الاشياء السلبية، وليس فيها أي تطلع الى بناء حياة إيجابية، ولكن الشعب الذي تجاوب مع الحركة الوطنية، ولبى نداءها، لم ينحصر في حدود أهدافها، ولم يتقيد بجدب افكارها ونضوبها، انما كان في مقاومته للاستعمار الاجنبي ونضاله يسعى الى تحقيق شيئ ايجابي وهو: مجتمع عربي ناهض متقدم تسوده المبادئ والمثل العليا من عدل ومساواة وحرية. فثمة فرق واضح بين ما تسطره البرامج وبين الروح التي تتجلى في تصرفات الشعب المتجاوب مع هذه البرامج. وكذا الحال لو تناولنا اية حركة اخرى: فالأحزاب الدينية مثلا انما هي في فكر موجهيها والدافعين اليها حركات تقوم على اشياء سلبية محضة، على الكره الطائفي والخوف والحذر وغير ذلك من العواطف السلبية. ولكن الشعب الذي يتبع في وقت من الاوقات مثل هذه الحركات التي ننعتها بالرجعية الدينية لا يتحرك بدوافع سلبية، انه لا يتحرك بدوافع الخوف والكره والبغضاء. واذا نفذنا الى روحه وضميره، تبينا ان في تبنيه لهذه الحركات نصيبا كبيرا من الايجابية ايا كان لون الحركة ونوعها. وهو في تأييده الحركات الدينية الرجعية في بعض الاحايين انما يرمي الى المحافظة على شخصيته والابقاء على تلك الصلة الحية الروحية بين حاضره وماضيه، ويهدف الى تحقيق الانسجام في حياة المجتمع بربطه بالارض التي يعيش عليها وبالجو الذي يحيط به، عدا عن ان مثل هذه الحركات الدينية تعبر، في ضمير الشعب، عن توقه وحنينه الى تحقيق مثل عليا سامية.

ولكن اذا كنا نتفاءل بروح الشعب ونقول بأن روحه روح إيجابية تطمح الى البناء والخلق، فهذا لا يعني اننا نستطيع أن نستكين ونستسلم للأفكار الخاطئة.

نحن نثق بأن جوهر الشعب سليم متقبل للعمل الايجابي المبدع، ولكن متى انتبهنا الى خطل الافكار الموجهة له، علينا ان نعلن ذلك وان نخاطب الشعب لنفهمه الصواب من الخطأ.

ان الذين تتبعوا حركة البعث العربي في الناحية الفكرية على الاقل، وذلك فيما صدر عنها من كتابات، يستطيعون ان يلاحظوا منذ بدء الحركة اهتمامنا البالغ بأن نجعل من حركة البعث الخطوة الايجابية التي يجب ان تأتي بعد الخطوة السلبية.

ونحن كأبناء هذه الامة وهذا المجتمع نتأثر به ونشعر بتياراته، وقد شعرنا كما شعر الكثيرون ان الحل لم يأت بعد، وان الامة في موقف انتظار، وان طريق الامة لا يمكن ان يكون سلبيا، لان كلمة الامة الاخيرة لا يمكن ان تكون بالنفي، وانه يجب ان تأتي اخيرا الكلمة الايجابية التي تقول لنا كيف يجب ان نعيش وكيف يجب ان نبني حياتنا ومجتمعنا.

لذلك كنا من الناحية السياسية متطلعين الى مرحلة تعلو على الحركات الوطنية السائدة في الوطن العربي، وهذه الاشياء قد كتبت مرارا، بأننا لم نرض لانفسنا في وقت من الاوقات ان نكون مجرد رد فعل للخيانة والاستعمار، بل وضعنا نصب أعيننا الحركات الوطنية لكي نعلو عليها ونرتفع الى درجة أعلى، ونصفيها من شوائب العدوى التي لحقت بها من حالة الاستعمار والخيانة.

وكنا نقول في مناسبات عديدة اننا نؤمن بأن الوطنية يمكن ان تجتمع ويجب ان تجتمع مع النزاهة والكفاءة، لا أن تكون متصفة -كما هي عند القيادة القديمة- بصفات بارزة طاغية عليها، هي صفات الاستغلال والجهل.

اما من الناحية الفكرية فكنا أبدا نرى ان الخطوة المنشودة لم تظهر، الخطوة التي تعلو على الخطوتين السابقتين، على الجمود والمحافظة، وعلى التقدم السطحي الذي يخرج المواطن عن قوميتة وروحه وتاريخ امته، والذي لا تتوفر فيه شروط الحياة التي ترتبط بروح الامة. واذا كان بعضنا يذكر تلك النشرة الني جاء فيها منذ اربع سنوات اننا نمثل التاريخ العربي الحي ضد الرجعية "الميتة" والتقدم "المصطنع" فإن ذلك كان ينبئ عن موقفنا الايجابي.

اننا نريد ان نجد الحالة التي ترتاح اليها نفس الامة ويطمئن اليها المجتمع والتي تنفي انحرافين: انحراف الجمود والمحافظة البالية وانحراف التقدم المصطنع الذي يعيش في جو غير جونا، ولا يمكن ان يتجاوب معنا ويقدم لنا النفع والخير. كذلك من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، وهي من أهم النواحي التي يجب ان تعني بها الحركة القومية، علينا ان نلتفت ونتطلع الى الحل الذي يتفق مع حاجة الأمة الايجابية. فهناك حالة مرضية في مجتمعنا، هي حالة تحكم فئة قليلة بكثرة الشعب، انها حالة الاقطاعية والاستغلال وهناك جواب عليها مصطنع، وهو الاشتراكية اللاقومية التي لم تفهم حاجات المرحلة.

ومنذ سنين شعرنا بهذه الحاجة الملحة الى ايجاد الحل الايجابي، الى الاشتراكية العربية التي تداوي امراض المجتمع العربي من الناحية الاقتصادية ولا تضطره الى انكار قوميته والى الارتباط بذيل غيره من الامم، فيفقد سيادته وتطمس شخصيته. وهنا لابد من ان نذكر ملاحظة لها بعض الخطورة، وهي اننا نرى فيما حولنا كثيرا من الحركات التي لا تتصف بالجد لأنها لا تتصف بالعمق. انها ليست في صميم القضية القومية، لانها لا تحمل المسؤولية التي يفرضها تطلع الأمة، بل تعيش لتستغل الحالات الطارئة، نراها تتبنى كل يوم فكرة أو دعوة وتماشي وتساير، فهي مثلا عندما ترى الجو مشبعا بفكرة سائدة وترى الزي الرائج في وقت من الاوقات، تتبنى الدعوة الاشتراكية وتلحقها بما لها من مبادئ سابقة، وفي هذا خطر كبير على مستقبل حركتنا القومية. الفرق جوهري بين ان نأخذ الاشتراكية كشيء نؤمن به من أعماقنا لأنه يفصح عن حاجات أصيلة جوهرية في أمتنا، وبين أن نأخذها "كرفع عتب" ومسايرة كي لا يقال اننا اقطاعيون أو رجعيون، أو لكي لا تنجح الحركة الشيوعية في أخذ انصارنا ومريدينا.

الموقفان مختلفان لا بل متعاكسان. أما الموقف الايجابي، وهو الموقف الثاني، فهو الا ننادي الا بما نؤمن بحقيقته ونفعه وضرورته، وعند ذاك يكون دفاعنا عنه واخلاصنا له من النوع المبدع، لا من نوع دفع التهمة ودرء الخطر. ومن المؤسف ان تكون حال الفكرة الاشتراكية وغيرها من الافكار التي هي من صميم الفكرة العربية في العالم العربي كله، الى الآن، هذه الحال. أي انها لم توضع عن قناعة ولا ايمان، انما مسايرة ودفعا لتهم الخصوم وتمشيا مع شعارات الوقت، في حين ان ثمة حاجة قاهرة تهيب بالعرب وخاصة بالشباب العربي الذي يكوّن الطليعة في حركتنا العربية بأن ينظر الى قضية أمته نظرة اكثر جدية. فأفكارنا وأهدافنا لا يمكن ان تعيّن بهذا الدافع التافه، دافع المسايرة والتبرؤ من تهمة والرد على تهمة اخرى. يجب ان تعين افكارنا واهدافنا تبعا للحاجات الايجابية التي نشعر بها ونلمسها ونصل اليها بعد الدرس والتدقيق والتجربة.

في سبيل البعث - الجزء الأول

13 آذار 1947

 

كلمة الرفيق صلاح المختار الممثل الرسمي للحزب لمناسبة الذكرى ال 77 لتأسيسه

https://youtube.com/watch?v=py8WTSRnUTw&si=zvkahpy_lWvaCPgN

 

مقالات

1- الخسارة الاستراتيجية للحرب على قطاع غزة والشعب الفلسطيني

بقلم الرفيق ابو هنيدة القدس المحتلة

لعله يبدو مبكرا الان طرح هذا الموضوع لكن التمعن في المحتوى يجيب على صواب هذا الراي، فلقياس نتائج اية حرب فانه ينظر الى انجازاتها الاستراتيجية لاطرافها،وبهذا فاسرائيل وبالقياس الى اهدافها التي رفعتها مع بداية ردها على طوفان الاقصى والتي فشلت وما تزال تفشل في تحقيق اي من اهدافها الثلاثة قد عمقت الاستنتاج لدى جمهورها وسياسييها سواء في السلطة او المعارضة بانها خسرت الحرب مع المقاومة وبات العديد من قادتها السابقين سياسيين وعسكريين ومحللين يتحدثون عن هذه الخسارة بصراحة ووضوح محملين حكومتهم ونتنياهو شخصيا المسؤولية عن هذا الفشل.

اضافة لفشل المنظومة العسكرية والسياسية في الكيان في تحقيق اي من اهداف الحرب التي اعلنوها على المقاومة وحماس كما يسمونها فما هي مظاهر هذا الفشل؟؟

1- التدمير لكل البنى التحتية الحياتية من صحية وتعليمية وخدمية وكل مظاهر الحياة المدنية مع ما رافقها من تهجير وتجويع ومنع لكل مستلزمات العيش بما شكل مادة غنية لجر إسرائيل لتواجه المحاكمة في تهمة ارتكاب جريمة الابادة الجماعية في محكمة العدل الدولية في لاهاي التي انشات بعد الحرب العالمية الثانية على خلفية ما تعرض له اليهود من ابادة على يد المانيا النازية فاضحت اسرائيل اليوم في موقف المتهم من قبل نفس المحكمةِ.

2- الخسارة الاستراتيجية لجزء كبير ومهم من الراي العام الشعبي والرسمي عالميا فباتت اسرائيل متهمة من الجميع بانها تمارس حربا غير متكافئة ضد شعب لا يملك من القوة ما يكفي ليمنع هذا التغول الذي فقط يرتكب جرائم الابادة والتهجير وقتل الاطفال والمدنيين وتدمير المستشفيات والمدارس واصبحت نداءات وقف الحرب الان شعار الجميع وباتت محرجة لمن يدعمها من الحكومات واولها الادارة الامريكية، وساقت المانيا الى محكمة لاهاي بتهمة المساعدة في جرائم الابادة من قبل نيكارغوا.

3- والاهم من كل ذلك فان الفشل في تحقيق الاهداف المعلنة من قبلهم وما يعنيه من فشل قاتل في استعادة مفهوم الردع والجيش الذي لا يقهر والذي سقط دون رجعه في السابع من اكتوبر والذي افقد اسرائيل اهم عنصرين قامت عليهما وهما الامن والرخاء الاقتصادي والذين بات واضحا ان هذه الخسارة اضحت استراتيجية لا يمكن جبرها مما انعكس على العدد المتنامي من الصهاينة الذين غادروا الكيان الى مناشأهم الى غير رجعة وهذه البداية الحقيقية لتفكك الكيان وتنامي الاصوات في العالم لانصاف الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير في دولته مع طرح قرارات كانت هي الاساس شرط الاعتراف بها من الكيان شرط لقبوله كدولة وهو قرار التقسيم بعد ان كادت تندثر في ادراج الامم المتحدة وللعلم فان الغطاء القانوني لبقاء اسرائيل كدولة عضو في الامم المتحدة بات معلقا فقط باعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بها؟!.

4- رغم كل التدمير والقتل فشلت حكومة الاحتلال في زرع الثقة في نفوس مواطنيها للعودة الى مستوطنات الغلاف لا بل الهجرة تزداد من باقي مستوطنات وبلدات الجليل لفقدهم الاحساس بالامن وثقتهم بقدرات جيشهم وقوة ردعه.

5- اسراع دول الاستعمار القديم والحديث منذ اليوم الاول في دعم اسرائيل المباشر بكل انواع الاسلحة والدعم المالي من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وايطاليا والمانيا وتحريك البوارج واستنفار كل الامكانيات والقواعد العسكرية لهذه الدول ومنها مقدرات حلف الناتو وقواعد امريكا في المنطقة وفتح الجسر الجوي من الاسلحة للكيان وذلك لقناعتهم بان اسرائيل مشروعهم المشترك في ترتيبات ما بعد الحرب العالمية الثانية تواجه خطرا وجوديا حقيقيا.

6- تحركات الادارة الامريكية على كل الصعد ومنها ما تسميه عدم توسيع الحرب والضغط على دول الاقليم والوسطاء تحت التهديد والتهويل من اجتياح رفح والتباكي بدموع التماسيح على المدنيين وكان ما قدمه الشعب الفلسطيني حتى الان بالشيء الهين في هذا العدوان الذي تشارك وشاركت به الادارة الامريكية تسليحا وتخطيطا وحتى في حضور اجتماعات الحرب الصهيونية تارة من بلنكن واخرى من لويد اوستن ومرات من قبل المختصين في الاركان وقيادة المنطقة الوسطى هذه المشاركات التي تصنف وفق القانون الدولي مشاركة مباشرة في الحرب وليس دعما فقط لفرض الاستسلام على المقاومة وتحقيق اهداف الحرب بالمفاوضات بعد فشل اسرائيل من تحقيقها بالحرب طيلة ستة اشهر.

فمن له عينان ليرى واذنان ليسمع فالهزيمة الاستراتيجية للكيان تحققت نعم والثمن الذي دفعه شعبنا ثمنا ليس بالهين لكنها هي كذلك معارك التحرير فبورك الشعب الفلسطيني وطليعته في غزة العزة وسلمت ايدي الرجال صانعي ملحمة اكتوبر الصابرين الصامدين الذين بسخاء شعبهم صنعوا ملحمة كسرت اسطورة الجيش الذي لا يقهر وان يوم تحريرها من نهرها لبحرها قد بدا وان يوم التحرير الشامل بات قريبا.

 

2- خبر وتعليق بقلم الرفيق ابو علي القدس المحتلة

الخبر: مسؤولون امريكيون الرد الايراني على قصف القنصلية في دمشق سيكون محدودا وبيد احد وكلاءها.

التعليق: نعم لقد قالها الرئيس الايراني عشية يوم القدس ردا على تساؤل متى تدخل ايران الحرب؟ فاجاب ان ايران جزءا من الحرب فحلفاءها في الحرب وهي الداعم الرئيسي لهم، وهكذا سيكون واضحا فالرد الايراني المحدود جدا كما حصل بعد مقتل سليماني سيكون بايدي بعض اذرعها في المنطقة ووفق سياقات ما يسمى عدم التصعيد، فايران تعتمد استراتيجية عدم المشاركة المباشرة في اية حرب مع الكيان او امريكا وان لا تكون اي حرب على اراضيهاٍ.

لقد استهدفت ايران في عمليات كوماندوز واخرى استخباراتية قاسية داخل طهران ومدن اخرى ولم ترد فلماذا سترد الان؟ هي فقط تستثمر الحدث في حوار عبر وسطاء مثل سلطنة عمان وقطر لانجاز تفاهمات مع الولايات المتحدة في ملفات اخرى

 

3- الجيل الرابع.. تدمير وقتل بلا مدافع (الحلقة الرابعة - الأخيرة)

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ() أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ}

صدق الله العظيم

جومرد حقي إسماعيل

في الحلقة السابقة كنا قد توقفنا عند سؤالنا: لماذا يدفع موقع (التك توك) المشبوه مبالغاً كبيرة لكل من حقق عدد ملاييني من المتابعين والمشاهدات؟.هكذا هي حروب الجيل الرابع، تنشط الأجهزة المخابراتية المعادية في إيجاد الوسائل والطرق التي تبعد الناس وشبابهم خاصة عن القيم والأخلاق المجتمعية وكل ما من شأنه تفكيك المجتمعات، وأفضل وسيلة تستخدمها المخابرات المعادية.. خاصة الموساد الصهيوني، هو نشر مواقع تحت مسمى التواصل الاجتماعي، وفي الحقيقة هي مواقع التآكل الاجتماعي، ونشر المواقع الإباحية والقنوات الفضائية التي تشغل الناس ببرامج التفاهة وتعميق حالة الجهل في المجتمع، ولكي تجذب الناس وخاصة الفئات الشبابية في المجتمع لهذه المواقع والبرامج فإنها تقوم بتقديم مبالغ مالية ضخمة لمن يؤكد تفاعله الكبير مع هذه المواقع كما هو حاصل في (التك توك) و(الانستغرام)، ولأنه ومن خلال الضغط الاقتصادي على البلاد العربية وسيطرة الاستعمار العسكري أو الاقتصادي عليها ورخاوة أصالة البعض والخلل في النشأة المجتمعية تجد عدد غير قليل من الناس شيباً وشباباُ - ذكوراً ونساء - يتهافتون على هذه المواقع وقد جعلوا معاني الشرف وأصالة الانتماء خلف ظهورهم وجل همهم الحصول على المبالغ التي تقدمها لهم هذه المواقع من خلال تقديمهم لمحتويات الرقص المبتذل والتهريج والعري والمتاجرة بالأطفال في محتويات هابطة أو أن البعض الآخر (له قرون لا تنطح) يظهر ويعرض زوجته أو أخته وبنته بل وحتى أمه وهو يتراقص بهم ومعهم، وكل ذلك من أجل ما يدفعه التك توك وغيره لهم، فكيف يكون السمسار (القوّاد) إذاً؟.

وأما قناة ال(mbc) فقد اعتبرت من أقوى القنوات التخريبية التي استطاعت - وبفضل الإنفاق الكبير عليها وبرامجها - من التواجد في عموم البيوتات العربية من حيث قيامها بتخصيص قنوات موجهة لكل بلد عربي، والأسئلة التي تطرح نفسها هنا هي: ما تلك الجهة التي تنفق هذه المليارات من الدولارات على هذه القناة؟.هل ما يجنيه المنفق على هذه القناة يجدي نفعاً تجارياً له؟. لماذا هذا التوجيه البرامجي الساقط إلى المجتمع العربي؟.

إن المجتمع العربي ومن خلال الأُسر العربية مهدد بشكل واضح وصريح وبقوة أكبر من قوة السلاح التقليدي وغير التقليدي.عندما نقاتل دفاعاً عن بلادنا فإننا نحمي مما نحميه شعبنا وعوائلنا وقيمنا المتأتية من حضاراتنا، فكيف والعدو يباغتنا في اختراق أهالينا ومجتمعاتنا؟، فهل نتصدى له أم نعطيه ظهورنا ونستمتع بما يقدمه التافهون والمهرجون عديمي الشرف والغيرة من على منصات التهادم الاجتماعي وقنوات العهر المشبوهة؟.

فليكن شعارنا: لن نتخاذل ما دام الشرف منبتنا ومرضعنا.والله أكبر، وليخسأ الخاسؤون

 

4- غربة اللغة العربية بين أهلها.. المظاهر والأسباب ومنهجيات المعالجة

إيناس محروس بوبس 12/4/2024

في غرفة الاجتماع في مؤسّسةٍ عربيّة في دولةٍ عربيّةٍ كانا فريقين؛ الفريق الأول مكوّن من العرب ويريد أن يعقد اتفاقا مع إحدى المؤسسات العربية، وفريق المؤسسة المضيفة مكون من العرب أيضا باستثناء مديرة مكتب رئيس المؤسسة؛ وعند البدء أُعلن أنّ لغة الاجتماع هي الإنجليزيّة! قصّة قصيرة ليست من محض الخيال! الاجتماع الذي يضمّ غالبية عربية من مؤسستين عربيّتين وعلى أرض عربيّة تُفرَضُ عليه لغة أجنبية للتواصل والعمل وإبرام الاتفاقات! إنّها غربة اللغة؛ التوصيف الأدقّ لهذا المشهد الذي يمثل نموذجا لما تعيشه العربيّة في أوطانها وبين أبنائها؛ غربة اللغة العربية التي قال في وصفها المستشرق الفرنسي أرنست رينان المعروف بشدة عدائه للعرب ولغتهم في كتابه (التاريخ العام للغات السامية ونسقها المقارن): "من أغرب ما وقع في تاريخ البشر وصعب حلّ سرّه؛ انتشار اللغة العربية، فقد كانت هذه اللغة غير معروفة بادئ بدء".

ويتابع "فبدت فجأة على غاية الكمال، سلسةً أيّة سلاسة، غنيةً أي غنى، كاملةً لم يدخل عليها منذ ذلك العهد إلى يومنا هذا أدنى تعديل مهم، فليس لها طفولة ولا شيخوخة، ظهرت لأول أمرها تامة مستحكمة". وقال أيضا: "ما عهدت قط فتوحا أعظم من الفتوح العربية، ولا أشد سرعة منها؛ فإن العربية -ولا جدال- قد عمت أجزاء كبرى من العالم، ولم ينازعها الشرف في كونها لغة عامة، أو لسان فكر ديني أو سياسي".

مظاهر غربة اللغة العربية بين أهلها وأسبابها

إنّ غربة اللغة العربية عن مجتمعاتنا العربية غدت من الظواهر التي لا تخطئها عين متابع، ويتمعّر لها وجه كلّ مخلص لأمته ووطنه ودينه، وتتجلّى هذه الغربة في صور شتى؛ منها عدم استعمالنا للغة العربية الفصيحة في أحاديثنا اليومية وفي ارتباطنا وتواصلنا مع المجتمع من حولنا، وكذلك الأمر في تحصيل المعرفة في بعض المجالات التقنية الحديثة التي تنفرد بها اللغات الأجنبية.ويعكس هذا الأمر رغبة عالمية بتنحية العرب عن المشاركة في هذه المساقات العلمية، ويترافق ذلك أحيانا بخلق نظرة استصغار لها لدى أبنائها الذين لم يتعرفوا إليها حق المعرفة، وهذا أمر مؤسف حقيقة. أضف إلى ذلك تنمّر المجتمع واستهزاءه بمن يحاول أن يتحدث بالفصحى، ويسعى لممارستها مع أبنائه في البيت وخارجه.

ومن المظاهر أيضا انتشار اللافتات التعريفية بالمحلات التجارية والمؤسسات العاملة باللغات الأجنبية واعتبار ذلك ضربا من الرقي والتحضر، ومن المظاهر والأسباب أيضا انتشار العامية في البرامج الإعلامية والمسلسلات والبرامج المختلفة لا سيما الخاصة بالأطفال.ومن أسباب هذه الغربة التعليم الذي بدأ يعطي مظلة لانتشار المدارس الأجنبيّة والدولية التي تعتمد اللغة الإنجليزيّة وتنحي العربية عن مناهجها كليا، وتقديمها بوصفها المؤسسات الأكثر مكانةً ورقيًّا في مجال التعليم وبناء الأجيال، بل صار بعض الآباء والأمهات يتفاخرون أمام أقرانهم أنّ أبناءهم لا يعرفون العربية وأنهم لا يتحدثون بينهم إلا باللغة التي يتلقونها في مدارسهم الدولية.

وفي كتابه "اللغة الباسلة" يؤكد المرحوم الدكتور فتحي جمعة أستاذ علم اللغة السابق بكلية دار العلوم أنّ مدارس اللغات من غرس المحتل، وأنها أدّت دورا كبيرا في غياب الفصحى وإبعادها عن الحياة الطلابية.ويذكر في كتابه أنّ إحدى المدارس الخاصة بالإسكندرية دعت أولياء الأمور إلى الاجتماع، وطلبت منهم منع أطفالهم التلاميذ من الحديث باللغة العربية في المنزل، ومعاقبتهم على ذلك عن طريق الحرمان من المصروف إذا ارتكبوا جريمة التحدث بالعربية، ونطقوا في حياتهم اليومية بغير الإنجليزية!

منهجيات لتدارك غربة العربية بين أبنائها: إن نقطة البدء بمعالجة هذه الغربة هو الشعور بوجودها فعلاً وخطورتها على هوية الأجيال والأوطان، ثم الانعتاق من سطوة الغالب ونفسية المغلوب، وقد أكّد ابن خلدون في مقدمته أن: "غلبة اللغة بغلبة أهلها، وأن منزلتها بين اللغات صورة لمنزلة دولتها بين الأمم".ومن هنا يتبين لنا الدور الكبير الذي يلقى على عاتق الإعلام وبرامجه في تحبيب العربية وتقريبها للناس جميعا، صغارا وكبارا، ففي الآونة الأخيرة انتشرت كثير من برامج الأطفال الكرتونية والبرامج الترفيهية أيضا التي تعتمد اللهجات العامية في الحوارات والأحاديث، والهدف من ذلك التأثير في المتلقي وإشعاره بقرب المقدم منه واستعماله لألفاظه التي يستخدمها في حياته اليومية وتراكيبه اللغوية العامية التي تتميز بها لهجته، فيتلقى المستمع والمشاهد ما يقوله هذا المتحدث بدفء وقبول أكثر.

وينسحب الأمر نفسه نحو المنشورات التي تكتب وتنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يذهب معظم المؤثرين إلى استعمال اللهجات فيما يكتبونه، قد يُعزَى ذلك إلى ضعفهم في التعبير بالفصحى، وقد يُعزَى إلى رغبتهم باستقطاب السواد الأعظم من الناس الذين تبدو لهم العامية أسهل وأقرب، لكن ذلك ليس سببا كافيا ولا يسوغ اعتماد العامية واللهجات وتهميش الفصحى تهميشا كاملا! وعلى الرغم من أن مثل هذه البرامج لاقت رواجا لدى عامة الناس، فإنها تسيء للغتنا العربية الفصيحة حين تزيد اغترابها عن أبنائها، وتخلق مسافة بينها وبينهم بوصفها لغة الكتب والتحصيل الأكاديمي فحسب! والحل هو أن تكون هذه البرامج بنسبة معينة لا تطغى على وجود العربية الفصحى.

وفي هذا السياق فإن بعض القنوات التلفزيونية والإخبارية.....تمثل نموذجا متقدما فيما تبذله من جهود حثيثة لتوثيق العلاقة بين اللغة العربية وأبنائها، لا سيما بعد انتشار ما يؤدي بالضرورة إلى إفقاد الجيل الناشئ حاسة التذوق اللغوي، فيستحسنون ما لا ينبغي استحسانه ويستوحشون مما ينبغي أن تتلقاه أسماعهم بقرب وجمال، وما ينبغي أن تستقبله أذهانهم وقلوبهم بدفء وقبول حسن.ومن الوسائل المهمة للانعتاق من غربة العربيّة الارتباط بالقرآن الكريم حفظا وترتيلا باللسان وتعلّمه في حلقات التحفيظ، ولنا في قصة الوليد بن المغيرة عبرةً؛ حين سمع آيات من القرآن الكريم فأعجب بما سمعه أيما إعجاب، وكأنه سحر لغوي بديع نزل على قلبه وعقله، وذلك لسلامة ذوقه اللغوي والأدبي، فقال قولته الشهيرة: "والله لقد سمعتُ منه كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمُغدِق، وإنه ليعلو ولا يُعلى عليه، وإنه ليحطم ما تحته، وما يقول هذا بشر".

لكنه أبى واستكبر ورجح الجهالة والبقاء على دين آبائه للإبقاء على نفسه وجاهه بين قومه وإرضائهم. على أن ما يعنينا من هذه القصة هو حسه اللغوي العالي الذي ما كان ليكتسبه هو وأبناء جيله من العرب آنذاك لولا سلامة العربية وفصاحتها وجريانها على ألسنتهم ودورانها على أسماعهم بأجمل ما يكون من حلل أدبية وشعرية نفيسة.

ولكي يكتسب أبناؤنا هذه الحاسة الذوقية اللغوية يجب أن يبقوا في معرض السمع والاستماع للغة العربية الصحيحة السليمة الفصيحة، ويجب أن يقرؤوا، لا سيما في ظل هذا الغزو الثقافي واللغوي الذي يتعرضون له في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي واقعهم المعاش.

ناهيك بفكرة ميل بعض الباحثين والأكاديميين إلى تدريس اللهجات العربية الحديثة وتأليف كتب حولها، بحجة أنها تفيد غير الناطقين بالعربية في مجالات العمل والتجارة والسياحة، وأرى أن ذلك ليس صائبا، بل إنّ تمكين العربيّة لتكون اللغة الرئيسة في مناهج التدريس كلها في المدارس الحكوميّة والخاصة، وزيادة عدد الحصص الدراسية الخاصة باللغة العربية وإفراد حصص خاصة بالمحادثة والتذوق اللغوي؛ لهو من الأهمية بمكان لمواجهة غربة اللغة عن أبنائها.

وليتنا نتمثل قول مصطفى صادق الرافعي -رحمه الله- في "وحي القلم" عن أهمية اللغة وارتباطها بعزة شعبها، إذ قال: "ما ذَلّت لغةُ شعبٍ إلا ذلّ، ولا انحطَّت إلا كان أمرُهُ في ذهابٍ وإدبارٍ".و"تحت راية القرآن" يقول فيه "إنما اللغة مظهر من مظاهر التاريخ، والتاريخ صفة الأمة… فكيفما قلَّبتَ أمر اللغة -من حيث اتصالها بتاريخ الأمة واتصال الأمة بها- وجدتَها الصفة الثابتة التي لا تزول إلا بزوال الجنسية وانسلاخ الأمة من تاريخها".المصدر: الجزيرة

 

5- لا المصلي صلّى، ولا المغني غنَّى بقلم زهير سالم*

(تنشر جريدتننا هذا المقال لانه ينطبق على كل الاقطار العربية التي تواجه ازمات طاحنة تتعمد القوى الدولية والاقليمية منع حلها ووضع حد لكوارثها –جريدة البعث)

ولأن الشمس تطلع كل صباح، ولا تنتظر أحدا..فإن المشهد السوري يحتاج إلى مبادرات إيجابية من كل أطرافه…نواح الثكالى على المفقودين، الموصوفين بالشهداء، يجب أن يتوقف.وترنيمة:

نحن بني ضبة أصحاب الجمل..

نصارع الموت إذا الموت نــــزل..

يجب أن تطوى..

وإذا ما خلا الجبــــان بأرض

طلب الطعن وحده والنزالا

وآن ليضع السوريون حدا لبضعة عشر عاما من التردي المحموم.وليعلم كل سوري يظن أنه على شيء بأنه ليس على شيء..في سوق بيع الثلج يظل البائع المحموم ينادي: ارحموا من رأسماله يذوب. كل يوم يمر على السوريين - جميع السوريين- والذي بعده أشرُّ منه.فإن كانت المراهنة على القلوب، فعلى أصحاب القلوب المحبة من السوريين أن يتقدموا..

وإن كانت المراهنة على العقول، فعلى أصحاب العقول السليمة من السوريين أن يتكلموا…وإذا كانت المراهنة على المصالح، فعندما تغرق السفينة المترنحة، فلن ينفعك أنك من ركاب الدرجة الأولى، ولا أنك القبطان، الذي أعد لنفسه مائة قارب للنجاة…

أيها السوريون قد جد بكم الأمر فجدوا..

لندن: ١٣/٢٠٢٤

*مدير مركز الشرق العربي

 

6- المقاومة بين السلبيات والإيجابيات.. في الردّ على منير شفيق

أحمد العطاونة

هذه المقالة هي نقاش مع الأستاذ منير شفيق حول مقالته: "المقاومة بين السلبيات والإيجابيات" المنشورة على الجزيرة نت في 28 يناير/كانون الثاني 2024. والتي جاءت ردًّا على مقالة نشرتُها على ذات الموقع بعنوان: "ثغرات لا بدّ من سدّها في جدار الصمود الفلسطيني في غزة"، في 17 يناير/كانون الثاني 2024. يبدأ الأستاذ منير شفيق نقاشَه بالاعتراض على وصف الحالة القائمة اليوم في قطاع غزّة بأنها حالة صمود، وإنما هي "حالة هجوم إستراتيجي، قد يشكل تمهيدًا للهجوم العام". ما زلت أعتقد أن حالة الصمود هي الأقرب والأكثر دقة لتوصيف ما يحدث في فلسطين بشكل عام، وفي قطاع غزة بشكل خاص.

فرغم أنّ المعركة بدأت بهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول التاريخي والاستثنائي في سياق المقاومة الفلسطينية- والذي تعرّضت له في مقال نُشر على الجزيرة بتاريخ 9 أكتوبر/تشرين الأول، بعنوان: "معركة طوفان الأقصى.. المقاومة الفلسطينية تضع الأمور في نصابها"- فإنَّ المشهد – وبعد إعلان الكيان حربه الاستئصالية على الشعب الفلسطيني، وإعلانه عن أهدافه الثلاثة المعروفة: "القضاء على المقاومة واستئصالها، وضمان عدم تكرار هذا الهجوم مرة أخرى، واستعادة الأسرى لدى المقاومة"، بل وتجاوزها إلى حد العمل على تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة – تحوّل إلى حالة واضحة من حرب الإبادة، التي يواجهها شعبنا ومقاومته بصمود استثنائي.

إن الهدف الواضح للمقاومة الذي لا يحتاج للبحث بين السطور وخلفها، هو الدعوة لمكونات الشعب الفلسطيني أينما كانت لتطوير أدائها، والعمل بكل الوسائل للانضمام للمعركة، وحث القيادات والفصائل الفلسطينية لبذل كل الوسع للارتقاء بهذه المشاركةوإنّ معيار الانتصار فيها هو الصمود وإحباط أهداف العدو، والحيلولة بينه وبين تحقيقها. بل إن وصف الأستاذ منير للمعركة "هجومًا إستراتيجيًا" يضع المقاومة ومعها الشعب الفلسطيني أمام تحديات كبيرة، واستحقاقات لا قِبَل للشعب الفلسطيني بها في ظل الظروف الإقليمية والدولية.

ثم إن المقاومة وقيادتها أعلنت في أكثر من مرة أن هدفها هو وقف العدوان، وأن المعركة، وهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، جاءا لمواجهة السياسات الفاشية للحكومة الصهيونية الحالية، ولجم مشاريعها تجاه الأقصى والفلسطينيين في الضفة، وقطع الطريق أمام مشاريع التهجير.وهو ما يعني دعم صمود الشعب الفلسطيني، والحيلولة دون الانقضاض عليه وعلى حقوقه، وصولًا لتهجيره كما في خُطة حسم الصراع التي نشرها الوزير المتطرف سموتريتش.

هدفُ المقالة المقصودة بالنقاش- والتي يؤمن كاتبها بأنه واجب اللحظة- وضعُ الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية، وعدم البحث عن تبرير لضعف موقف أي طرف كان، لأن حجم المعركة وطبيعة أهدافها التي وضعها الاحتلال تاريخية ومفصلية، وتشكّل تهديدًا ليس فقط للمقاومة والشعب الفلسطيني في غزة، بل لمجمل القضية الفلسطينية.وإنّ البحث في الثغرات في جدار الصمود الفلسطيني سعيًا لسدها كما في عنوان المقالة، وبعد مرور كل هذا الوقت على المعركة، وبعد ما يزيد عن (32,000) شهيد، و(65,000) جريح، وتدمير غالبية منازل القطاع وكل بنيته التحتية والمدنية، هو واجب كل حريص على القضية والمقاومة ومشروعها. ولا يتعارض هذا مطلقًا مع الإشادة بصمود شعبنا ومقاومته واستبسالهما.

أمّا عن سلبيات جبهة العدو، ونقاط ضعفه وحجم الضربة الإستراتيجية التي تلقاها، فقد عالجها الكاتب في مقالات سابقة يمكن الرجوع إليها على موقع الجزيرة، وهي ليست مناط بحث المقالة ولا موضوعها، وليس مطلوبًا من أي كاتب متابع بشكل يومي لأحداث الحرب أن يتعرض لكل جوانبها في كل مقالة يكتبها.يظن الأستاذ منير في مقالته أن الحديث عن القدرة والإرادة للاستثمار في المعركة، بما يخدم المنطقة ويحول بينها وبين حقبة جديدة من الهيمنة الأميركية، قد يكون موجهًا لقيادة المقاومة، وليس للحكّام والقيادات العربية والإسلامية.

وهنا يبرز سؤال: كيف يمكن قراءة هذه الإشارة بأنها موجهة لقيادة المقاومة؟! وهي تتحدث عن استثمار اللحظة لتغيير الواقع العربي والإسلامي والتخلص من الهيمنة. كيف يمكن أن تكون قيادة المقاومة معنية بالحديث عن الهيمنة وتغيير الواقع العربي والإسلامي؟! ثم يضيف الأستاذ منير: "ثم لاحِظوا المطلوب من هذه "الإرادة الكافية" بأن تغيّر "الواقع السياسي للعديد من الدول العربية والإسلامية…" ولإطلاق "بداية النهاية لحقبة من الهيمنة والاستعمار والعربدة في المنطقة كلها". مما يعني أن توفير هذه "الإرادة" تعجيز وأيّ تعجيز؟".وهنا أتساءل أيضًا، ما وجه التعجيز في الطلب من الدول والشعوب في المنطقة أن تستثمر في المعركة للتخلص من الهيمنة؟! ثم إذا كان هذا غير ممكن من وجهة نظره على مستوى الأمة بكل مكوناتها، فكيف يمكن لهذه المعركة في ظل هذا العجز العربي والإسلامي أن تكون هجومًا إستراتيجيًا؟!

في نقاشه عن "عدم انخراط المكوّنات الفلسطينية كافة في المعركة: الضفة الغربية، وأراضي الـ48 والشتات الفلسطيني" بالمستوى الذي يمكن أن يحدِث تغيرًا جوهريًا في مسار المعركة، يعتبر ذلك حكمًا يحمل ظلمًا للضفة الغربية ولفلسطينيي الـ 48.ولكن لماذا تم إسقاط أو تجاوز هذا النص من المقالة، والذي يحث على تطوير الموقف ولا يغفل عنه، فتقول: "حيث ما زالت مساهمة هذه المكونات في المعركة محدودة ولا ترقى إلى المستوى المطلوب الذي يجعلها تساهم مساهمة مباشرة وفاعلة في تحقيق إنجاز وطني فلسطيني نوعي، مع أن طول أمد المعركة ينبغي أن يشكل حافزًا ومبررًا موضوعيًا لهذه المكونات للانخراط في المعركة، بغضّ النظر عن الآليات والوسائل والأدوات، بما يراعي ويتلاءم مع طبيعة كل منطقة جغرافية وكل مكوّن فلسطيني".وهو ما يعني حث الفلسطينيين لعدم الركون للواقع القائم، وأن الفرصة ما زالت سانحة لتطوير أدائهم، والمساهمة بشكل أكثر فاعليّة في هذه المعركة، وهو ما دعت له المقاومة وقيادتها العسكرية والسياسية مرات كثيرة خلال هذه الحرب.

إن الهدف الواضح، الذي لا يحتاج للبحث بين السطور وخلفها، هو الدعوة لمكونات الشعب الفلسطيني أينما كانت لتطوير أدائها، والعمل بكل الوسائل للانضمام للمعركة، وحث القيادات والفصائل الفلسطينية لبذل كل الوسع للارتقاء بهذه المشاركة.وإن أي تحليل أو شعار لا يمكن أن يكون قاسيًا على المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة أكثر من الواقع القائم ذاته، وإن اللحظة لا ينفع معها تجميل المواقف أو تزيينها، ولا يحتمل وضع صياغات منمّقة للتخفيف من تأثير ضعف المواقف، ومحدودية تأثيرها.

كما يعتقد الأستاذ منير بأن نقاش ما اعتبرته المقالة أزمة تاريخية مرتبطة بعدم انخراط المكوّنات الفلسطينية كافّة في المعركة بالشكل المأمول، هو "تعجيز فوق تعجيز". فهل وجود أزمة مزمنة يعني الاستسلام لها وإعلان العجز عن التعامل معها، رغم أنها تؤثر بشكل جوهري على الأداء الفلسطيني؟! وهل لفت الانتباه لهذه الأزمة في إطار الحث على تجاوزها وإبراز خطورتها على الموقف الحالي يشكل تعجيزًا؟! أم أنه وضع للأطراف الفلسطينية في الجغرافيات الأخرى أمام مسؤولياتهم، وتحذيرٌ لهم من خطورة الركون إلى الصيغ السابقة التي ألحقت أضرارًا كبيرة بمسارات القضية الفلسطينية والحركة الوطنية.

وكيف تجاوز الأستاذ هذا النص الوارد في المقالة: "إن حديثَ الاحتلال عن المرحلة الثالثة من الحرب والتي يمكن أن تستمرّ لأشهر أو أكثر، يفتح المجال أمام انخراط الفلسطينيين في كلّ مكان في موجة مقاومة طويلة مع الاحتلال تشبه الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى"، يمكن أن تقود إلى هزيمة الاحتلال وإنجاز بعضٍ من الحقوق السياسية الفلسطينية، وتدفع العالم للإقرار بضرورة حلّ القضية الفلسطينية، وأنه لا يمكن لأحد أن يتجاوز الفلسطينيين وقضيتهم."ينتقد الأستاذ منير الحديث عن العجز في الأداء القيادي الرسمي الفلسطيني "قيادة م ت ف والسلطة الفلسطينية"، والحث على ضرورة تغيير هذا السلوك بما يتلاءم مع المعركة ومتطلباتها، وحجم الضرر المترتب على الانقسام الفلسطيني في هذه اللحظة المفصلية من تاريخ الشعب الفلسطيني.

بل يذهب بعيدًا، ومخالفًا لموقف كل الفصائل الفلسطينية وقياداتها، بمن فيها فصائل المقاومة، وكذلك قوى المجتمع المدني الفلسطيني ومؤسساته المختلفة، التي عملت دون كلل للخروج من الانقسام؛ إدراكًا منها لخطورته على القضية الفلسطينية، ولحجم الضرر الذي يلحقه بالقضية الفلسطينية، حين يتحدث بإيجابية عن الانقسام، ولا يعتقد بضرره على المقاومة والنضال الوطني، ويرى في التركيز على مخاطر الانقسام "تهويلًا".لكن، حتى لو عجز الفلسطينيون عن حل هذه المعضلة طوال السنوات الماضية، ألا ينبغي الاستثمار في لحظة استثنائية لإنجاز ما عجزوا عنه سابقًا؟! وهل يمكن، وهل الحكمة والمنطق يتطلبان، القبول بهذا العجز في الأداء السياسي الرسمي؟! وهل نقده يشكل إحباطًا للحالة الوطنية؟ وهل تسليط الضوء على خطورة هذا الأداء والحثّ على تغييره أمر مرفوض؟

إن الانقسام الفلسطيني كان وما زال نقطة ضعف وطنية، وأزمة لا بد من معالجتها، وتزداد الحاجة لذلك إلحاحًا كلما ازدادت المخاطر التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، وإن إدراك القيادات السياسية والفكرية ونشطاء الشعب الفلسطيني حجمَ المخاطر المترتبة على هذا الانقسام هو ما دفعهم لبذل كل الجهد للخروج منه.وما لقاءات واتفاقات المصالحة الكثيرة، وإصرار قيادات الفصائل كافة، وبالذات قيادة فصائل المقاومة، على تجاوز الانقسام إلا لإدراكهم مخاطرَه.فاستمراره يلحق ضررًا بالغًا بالقضية الفلسطينية، ولا يمكن أن يكون إيجابيًا أو يترتب عليه مصالح. حتى وإن نجحت فصائل المقاومة في استثمار بعض الفرص الجانبية الناجمة عنه. ونحن نرى اليوم، وفي ظل المعركة، إلى أي مدى يستثمر الاحتلال ومن خلفه الولايات المتحدة فيه، ويعملون بكل السبل لاستمراره.

كما أن الاستنتاج الذي خرجت به مقالة الأستاذ منير، والذي يعتبر أن "التهويل بموضوع الانقسام، يؤدي، عمليًا، بوضع طرفيه في سلة واحدة"، لا يوجد ما يدعمه، خاصة أنه بات من المعلوم لكل المتابعين للشأن الفلسطيني أن قيادة السلطة هي من أحبطت المحاولة الأخيرة والأكثر جدية للخروج من الانقسام، والمتمثلة في محاولة إجراء الانتخابات عام 2021م. ولم تعد المسؤولية عن استمراره محل نقاش عند غالبية النخب والفصائل الفلسطينية.ثم كيف يمكن للأستاذ أن يتجاوز هذه الدعوة التي تحدّد من يقصّر ومن ينبغي عليه التحرّك، حيث يرد في المقالة معرض النقاش: "وأين القوى والفصائل والنقابات والاتحادات الفلسطينية من هذا الأمر؟، لماذا لم نشهد أيَّ تحرك ضاغط لإنجاز الوحدة، وللمساهمة في حماية الشعب الفلسطيني ومقاومته ومنجزاته المحتملة من هذه المعركة؟"

يعترض أيضًا الأستاذ منير على الحديث عن عجز الأمة، بمكوناتها المختلفة، عن وضع حد للعدوان، ولا أعلم كيف وضع الخذلان الناتج عن العجز والضعف في ذات خانة "الخيانة"، واستنتج أن الحديث عن ضعف أداء الأمة هو عامل مثبّط، ولا ينبغي إبرازه.

وكأن المقالة كشفت عن سر خطير لا يعلمه أحد، ولا يدركه الصغير والكبير، ولا تضج به وسائل الإعلام، ولا يصدر عن لسان كل صوت يخرج من نساء وشيوخ وأطفال غزة. ألم تسمع الدنيا كلّها صرخات الضحايا في غزة وهي تصرخ "أين العرب، وأين المسلمون؟! نعم هذه الأمة تعجز عن تقديم الدعم على الأقلّ في الشقّ الإنساني منه، في حين تحدت دولة جنوب أفريقيا كل النظام الدولي والهيمنة الغربية، ووقفت بكل صلابة إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، معرضة مصالحها لمخاطر عدة.

وممّا ورد في المقالة محذرًا من انعكاسات عجز العالم العربي والإسلامي: "لقد استبشر البعض خيرًا باجتماع منظمة التعاون الإسلامي، لكن سرعان ما خاب الظن. هذا العجز الذي يظهره العالم العربي والإسلامي، إن استمر على حاله فسيكون العالم العربي والإسلامي أمام حقبة جديدة من الهيمنة الأميركية والعربدة الصهيونية قد تستمرّ لعقود قادمة".

ثم أخيرًا، ما علاقة خيرية الأمة التي تحدث عنها القرآن الكريم، والتي أوردها الأستاذ في نقاشه، بضعف أدائها في الحرب؟! وهل خيرية الأمة تنفي عنها الضعف في محطات تاريخية وتجاه قضايا محددة، وكيف يمكننا فهم وتفسير محطات التراجع والضعف في تاريخنا الإسلامي؟! ثم هل المطلوب حتى لا نخدش مشاعر الأمة وأنظمتها أن يستمر قتل الفلسطيني بصمت، هل الخوف على مشاعر البعض يتطلب عدم الصراخ والتعبير عن الألم والمرارة، هل المطلوب من الفلسطيني ألا يبثّ آلامه لكي لا يمسّ مشاعر إخوانه؟!

ويخلص الأستاذ منير إلى أن الحديث عن الخذلان قد يقود إلى ذات الشعار الفلسطيني السابق "يا وحدنا"، الذي يعتقد أنه أوصلنا إلى أوسلو.

لكن الكل يعلم أن مسار أوسلو، والتنظير للاعتراف بـ" إسرائيل" لدى عدد من فصائل منظمة التحرير قد سبق أوسلو بكثير، وسبق انهيار وغياب الدول العربية المركزية، وأنه جاء نتيجة عوامل كثيرة، لسنا في وارد نقاشها، وفي السنوات الأولى من انطلاق ما يعرف بالثورة الفلسطينية المعاصرة، وأن برنامج النقاط العشرة الذي مهّد لأوسلو كان في بداية السبعينيات من القرن الماضي.ويعلم المتابعون للشأن الفلسطيني أن الغالبية العظمى من الفصائل والنخب الفلسطينية قد نفضت يدها من أوسلو والحلول الجزئية، وأن ثلاثين عامًا من التسوية لم تجلب سوى مزيدٍ من السراب والضعف.

ختامًا، أشكر الأستاذ منير أن أوضح أنّه لا يمكن إعداد الإنسان الفلسطيني المقاوم والاستثنائي الذي تحدثت عنه المقالة، إلا بوجود قيادة جادة، وصادقة ومؤمنة بمشروعها ومقاومتها، وذلك رغم أنني لا أظن أنه يسع أحدًا أن يفسر الإشادة بالجند أنها تنفي الإشادة بقيادتهم الاستثنائية أيضًا.وهل طرحت المقالة أنّ هؤلاء الأبطال جاؤوا من كوكب آخر وتسلّلوا إلى غزة؟! وهنا أحيل القارئ إلى مقالات سابقة على موقع الجزيرة-نت ليطّلع على الرأي في المقاومة وقيادتها وتخطيطها لـ 7 أكتوبر/تشرين الأول، والذي كتب بعد يومين فقط من المعركة.

ومما جاء فيه: "إننا أمام نموذج فلسطيني مقاوم مختلف، وإن المقاومة بقيادة كتائب القسام تشكل حالة فلسطينية غير مسبوقة على الأرض الفلسطينية، فهي جادة صادقة مؤمنة تمامًا بما تفعل، وعاقدة العزم على التحرير، لا تظهر في هذا الطريق أي تردد أو تهاون. وهو ما جعل الفلسطينيين في كل مكان يلتفون حولها، ويهتفون باسمها وباسم قائدها.

 

8- ملاحظات على مقال محمد شياع السوداني في دورية "العلاقات الخارجية" الأمريكية

بقلم عبد الواحد الجصاني

11 نيسان 2024

كعربون يقدمه للولايات المتحدة نيابة عن أسياده قبل زيارته الى واشنطن المقررة يوم 15 نيسان 2024، كتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أو بالأحرى كُتب له، مقال في أكبر دورية أمريكية هي "الشؤون الخارجية" يوم 11 ابريل 2024 بعنوان "العراق يحتاج الى نوع جديد من الشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية".

بدأ المقال بالجملة الآتية: "مر عقدان منذ أن ساعدت الولايات المتحدة شعب العراق على إسقاط نظام صدام حسين الدكتاتوري ووضعت الأساس لنظام ديمقراطي ومكنت العراقيين من تذوق طعم الحرية للمرة الأولى وأزالت الاضطهاد سوء استخدام الموارد التي سببت المشاكل ليس لبلدي فقط بل وأيضا للإقليم بشكل أوسع".

ثم اسهب "السوداني" في عرض أهمية ومراحل الشراكة مع أمريكا، ووصفها أنها "مكنت الطرفين من هزيمة الإرهاب وضمان التعاون والسماح بإعادة بناء الجيش العراقي وقوات أمنية فاعلة، واعتبر "العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق عنصر أساسي للاستقرار في الشرق الأوسط ورفاهية شعوب المنطقة". كما وعد السوداني الامريكان باستعادة الأمن والاستقرار في العراق وتلاشي الحاجة إلى السلاح الموجود خارج سيطرة الدولة ومؤسساتها، وأعلن " رفض الهجوم على المصالح الامريكية في العراق او في الدول المجاورة " وعبر عن استعداده للتعاون مع الولايات المتحدة "لنزع فتيل الازمات وخفض التوتر في الشرق الأوسط". كما اكد ان "الاستقرار الحالي في العراق يجب ان يكون مشجعا للشركات الامريكية لكي تنخرط في مشاريع تنموية مهمة في مجالات الطاقة والاتصالات والإسكان والرعاية الصحية والتعليم والنقل وغيرها".

كيف نقرأ المقال وزيارة السوداني المقبلة الى واشنطن:

1 –المقال ليس أكثر من رسالة إيرانية إلى أمريكا، فالحكومة ومجلس النواب والقوات المسلحة في العراق تسيطر عليها الأحزاب والميليشيات التابعة لإيران، ولا يصدر عن الحكومة موقف إن لم يكن لمصلحة ايران، والسوداني دمية جاء بها الإيرانيون كوجه جديد بعد ان فقدت وجوه الجعفري والمالكي وعادل عبد المهدي وحيدر العبادي مصداقيتها أمام الامريكان. وهذه الرسالة تأتي بعد رسائل عديدة وجهتها ايران للولايات المتحدة عبر عُمان ووسطاء آخرين، جوهرها أن إيران لن ترد على حادث القنصلية في دمشق، وإن ردت فسيكون رداً "منضبطا" مثل الرد على اغتيال قاسم سليماني، وأنها ستدعو “حلفائها" في المنطقة الى وقف التصعيد، وبالمقابل فإنها تريد ثمنا لذلك يتمثل بتخفيف العقوبات المفروضة عليها، وبدء حوار سياسي لحل المسألة النووية.

أمريكا والكيان الصهيوني تسعيان لجر ايران الى المواجهة لتحويل انظار المجتمع الدولي عن جرائم الابادة في غزة، وإيران تخشى هذه المواجهة التي ستكلفها الكثير وربما تكلفها نظامها نفسه، لذلك عملت على طريقة "البازار" بإن طلبت ثمنا سياسيا لعدم الرد أو للرد "المنضبط"، ومقال السوداني وزيارته المقبلة لواشنطن هو "عربون" لإثبات حسن نواياها.

2– اهم رسالة في المقال هي اقرار السوداني بأن الامريكان جاءوا للعراق محررين لا غراة. ولنتذكر عندما احتل الجنرال ستانلي مود بغداد في عام 1917 قال "جئنا محررين لا فاتحين" ولم يصف سياسي عراقي وقتها البريطانيين بالمحررين. وبعد قرن تقريبا يحتل الأمريكان العراق في غزو غير شرعي هو أكثر الأعمال خسة في التاريخ الحديث، وأقرّ قادة الغزو الامريكان أنهم أرادوا اسقاط صدام حسين لأنه كان: "يعادي الصهيونية ويريد حذف إسرائيل من خارطة الشرق الأوسط ويسعى للوحدة العربية وقام بتأميم النفط واستخدم الموارد الهائلة الناتجة عن التأميم لتحديث العراق". (الصفحة "25" من كتاب المؤرخ الأمريكي ميلفين ليفلر "التصدي لصدام حسين: جورج بوش وغزو العراق" الصادر عام 2023)، وتساوم ايران الأمريكان على "صك البراءة" من هذا الغزو كونها شريكتهم فيه، والأكثر ايلاماً أنها تحاول بذلك إذلال العراقيين بادعاء ان الامريكان حرروهم.

3– لم يشر المقال الى الوضع الحالي في الشرق الأوسط وبالذات جرائم الإبادة التي يتعرض لها شعب فلسطين والحاجة لوقف فوري لإطلاق النار، مع ان المقال أشار الى أن "العلاقة العراقية - الأمريكية هي مفتاح استقرار الشرق الأوسط ولازدهار شعوب المنطقة" وعبر عن الاستعداد "لنزع فتيل الازمات وخفض التوتر في الشرق الأوسط". إن تجاهل الإشارة الى جرائم الإبادة الصهيونية بتمويل وسلاح وغطاء سياسي امريكي هو بحد ذاته رسالة تواطؤ واضحة، كما أن نشر المقال في مجلة "الشؤون الخارجية" اليهودية-الصهيونية هو رسالة أخرى، وقبله المالكي استبق زيارته الى واشنطن في أواخر عام 2013 بمقال في جريدة صهيونية أخرى هي "نيويورك تايمز".

4 –تأكيد المقال على أن الامريكان حرروا العراق وأن "العراق يبحث عن تعاون مستدام مع أمريكا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية" سيضع ميليشيات "المقاومة الإسلامية في العراق" التابعة لفيلق القدس وللحرس الثوري الإيراني في مأزق، فكيف يستقيم شعار "الموت لأمريكا" الذي يرفعونه مع شعار "تحيا أمريكا" الذي يرفعه رئيس وزرائهم! علماً بأن الامريكان أصبحوا خبراء في التعامل مع "التقية" والنفاق الايراني ولا يقيمون وزنا ويسخرون من أي تعهد من وكلاء ولاية الفقيه، وحتى من المرشد نفسه، ومنه على سبيل المثال فتوى الخامنئي بتحريم صنع أو حيازة السلاح النووي.

الخلاصة

إيران دخلت ملعب الكبار وتصورت أنها أصبحت قوة فوق إقليمية كبرى قادرة على مناطحة وابتزاز القوى الدولية والإقليمية الكبرى سلاحها نظرية سياسية عدوانية توسعية من مخلفات القرون الوسطى وتحالفات مصلحية وميليشيات هزيلة، وقامت بإهدار موارد إيران على صناعة السلاح، وتفكك اقتصادها وتدهور نسيجها الاجتماعي الهش أصلا بسبب هيمنة الفرس على بقية القوميات المكونة لإيران الحالية، وها هي اليوم تُلقي "عنترياتها" وراء ظهرها وتستجدي من أمريكا القبول، مع ان أمريكا تعيش اليوم أسوأ أزماتها السياسية والاقتصادية، خاصة مع حرب أوكرانيا التي استنفذت مواردها وحرب غزة التي استنفذت ما بقي من قيمها وأخلاقها. فهل سيعود حكام ايران الى وعيهم ويصالحوا شعوبهم ودول الإقليم ويهتموا بصناعة المحاريث بدل المُسيّرات، أم انهم الى مزبلة التاريخ ذاهبون؟

والله المستعان. بغداد في الحادي عشر من نيسان 2024.

 

9- تقديم: نظرة الى الامام في فلسطين د. نبهان عثمان غانم فلسطين المحتلة

في 13/09/2024، سيكون قد مضى 31عاما على توقيع اتفاق اوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل، هذا الرقم يذكرني بقول رئيس وزراء اسرائيل السابق اسحق شامير، اثناء الاعداد لعقد مؤتمر السلام في الشرق الاوسط، والذي عقد في العاصمة الاسبانية مدريد في 30/10/1991، حين قال سأجعل العرب يفاوضون ربع قرن دون ان يحصلوا على شيء، وها قد مضى اكثر من ربع قرناً، على بدء المفاوضات مع اسرائيل، دون ان تنسحب من شبر واحد من الاراضي الفلسطينية، التي احتلتها في حزيران من عام 1967، ولا زالت طبول السلام والمفاوضات تصدح من الدول الغربية وعلى راسهم الولايات المتحدة الامريكية ومن بعض الدول العربية وبعض القيادات الفلسطينية. ولازالت طبول حرب اسرائيل تصدح بعدوانها مند توقيع اتفاق اوسلو وحتى احداث 7 اكتوبر من عام 2023.

ولا زالت اسرائيل مستمرة في ارتكاب جريمة الابادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني الاعزل , وارتكاب المجازر بحق كل مخلوق حي في قطاع غزة. ولا زالت اسرائيل مستمرة في محاولتها خداع العالم برغبتها بالسلام وسائرة في تنفيذ سياستها التي اتبعتها مند نشؤها , لكنها في نفس الوقث تماطل وتبرر وتقدم الحجج لابقاء الوضع على ماهو عليه، وتقدم المطالب تلو المطالب لاعاقة تنفيذ القرارات الدولية، وتسوق ادعاءات تلو الادعاءات امام الراي العالمي، من اجل ابتلاع الارض الفلسطينية باقامة المستوطنات والاستيلاء على الارض الفلسطينية بحجج الامن وتطوير المستوطنات.بل في الاونة الاخيرة صرح رئيس وزراء اسرائيل نتنياهو كما صرح ايضا وزراء حكومتها بانهم لن يسمحوا باقامة دولة فلسطينية.

حين وقع اتفاق اوسلو كنت من المعارضين له، ومن المصوتين ضده، في اجتماع المجلس المركزي، الذي عقد للمصادقة على الاتفاق، في الدورة الثانية عشر، والذي عقد في تونس، في الفترة ما بين 10-12/10/1993، والتي اتخذ فيه قرار انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، وانتخاب الرئيس الراحل ياسر عرفات رئيساً لها.

معارضتي للاتفاق كانت مبنية اساساً، على ان جميع بنود الاتفاق لن تحقق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. والشيء الغريب ان في نصوص مواده لم ترد كلمة واحدة فيها، تشير الى ان الارض االفلسطينية المحتلة في عام 1967 هي ارض فلسطينية. ولم يرد فيه اي مبدأ يمكن القياس عليه بقضايا الصراع , مثلا انهاء الاحتلال او حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني او حق الشعب الفلسطيني باقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. على الرغم من ان الاتفاق يحمل اسماً رسمياً هو "اعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي". اي ان اتفاق اوسلو ليس فيه اية مبادىء سوى الكلمة الواردة في عنوانه.

وقد اشرت في كتابي الذي حمل عنوانا " الاتفاق الاسرائئلي – الفلسطيني , بين السياسة والاقتصاد " , والذي نشرت طبعته الاولى في تشرين ثاني/1993 بعد الاعلان عن الاتفاق مباشرة، والطبعة السادسة عام 2018, الى ان هذا الاتفاق لا يملك من المبادئ سوى كلمة مبادئ الواردة في عنوانه، وهذا الاتفاق لن يحلق عالياً وبعيداً , على الرغم من الضجيج الاعلامي والانوار الساطعه من حوله.

وحينها تسائلت لماذا هذا العجز الذي فرض علينا توقيع هذا الاتفاق؟ ربما جاء التوقيع كثمرة لما طرحه بعض رفاق الدرب من سياسات الواقعية والحل الممكن , مند عام 1971. وربما قد ارقهم واتعبهم النضال ضد الكيان الصهيوني , بعد ان استكانوا لطيبات الحياة ورغدها , فألت نفوسهم الى طلب النوم مستريحين وان يستيقظوا هانئين.ولعل القيادة المتنفذة في منظمة التحرير , قد ايقنت ان قيادتها تعطيها الحق في ان تتصرف , وفق ما صور لها انه سلام وانه الحل الممكن , قبل ضياع الارض بسبب الاستيطان الاسرائيلي. كما كان يطرحه بعض اعضاء الوفد الفلسطيني المفاوض , القادم من داخل الوطن , والذين كان يحضروا اجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية , ليضعوا اعضاءه في صورة ما يجري , داخل غرف المفاوضات المغلقة. الا ا ن احدهم تحدث عن كل شيء , الا ما كان يجري في الغرف المغلقة. مما اضطر الاخ خالد الحسن , بعد تكرار طلب اعضاء المجلس ان بتحدث عما يجري في المفاوضات , للوقوف ومناشدته ان يتحدث عن فن الطبخ افضل له وافضل للمجلس لان هدا المجلس لا يعرف شيئا.

والآن وبعد مرور 31 عاما على توقيع اتفاق اوسلو, والتي توجتها اسرائيل بشن حرب ابادة لشعبنا في قطاع غزة وتمارس القتل اليومي للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية , أي تمارس الابادة بالتقسيط المريح لها , دون ضجيج الاعلام الحر في العالم.أعيد تأكيدي على ان العجز كامن في الادارة وعلى الادارة العليا في المجتمع الفلسطيني، ان تعي ان الحياة قد تطورت وتقدمت وان الادارة لم تعد مقتصرة على اعطاء الاوامر وفرض العقوبات، بل اصبحت علماً متطوراً من علوم العصر، رفعت قدرات بعض الشعوب الى العلى، ومسخت قدرات شعوب اخرى الى الحضيض.

اتفاق اوسلو بجوهره وبمواده ونصوصه، مليء بخلط الالوان، وتغطيه ضبابية محبكة بطريقة تجعل السلام وفق بنوده مستحيلاً، والسير في عملية التنمية للوطن صعب وسيكون متعثرا. والتنمية تحتاج الى العقلاء المتمرسين في الادارة والتخطيط كي يضعوا لنا رؤية تحدد استراتيجية بعيدة المدى بعيدة عن نصوص الاتفاق، وسياسات تأخذ على عاتقها وضع خطط وبرامج تنموية للقطاعات الاقتصادية والاجتماعية، تضع أمامها معالجة الاختلالات والثغرات والفجوات والتعثرات، والتي تعاني منها شتى قطاعات الاقتصاد في المجتمع الفلسطيني.

والاهم وضع سياسات مستقبلية امام شعبنا الفلسطيني , كي يستنير بها لشق طريقه نحو تحقيق اهدافه وحقوقه الوطنية وتحرير وطنه فلسطين المغتصبة من كيان صهيوني استعماري احلالي.ولذلك كان لازماً منذ بداية انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، تطوير اداء ادارتها العليا، من أجل خلق جو التناسق والتنسيق بين الحقوق والواجبات الوطنية , السياسة والاقتصادية والاجتماعية،، والاستخدام الامثل لامكانيات الشعب الفلسطيني المرئية وغير المرئية، بحيث نجعل المعرفة تتقدم بسرعة منذ نشوؤها كمعلومة الى غاية ترجمتها بفاعلية في حياتنا الانتاجية والعملية والعلمية, واخص بالاشارة في حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.من اجل تثبيت ودعم صمود شعبنا في وطنه.

منذ توقيع الاتفاق وحتى الان،مرت احداث كثر على ارض فلسطين، انتفاضات، هبات شعبية، دماء نزفت وآلام ظهرت في المجتمع الفلسطيني، وبيوت ومنازل هدمت، وشباب ونساء واطفال استشهدوا وأسروا وسجنوا عشرات الآف من الفلسطينين وزجوا في السجون الاسرائيلية، ومستوطنات جديدة بنيت واخرى وسعت، واراضي صودرت، وقرارت صدرت بحق الشعب الفلسطيني وبقيت حبر على ورق. واسرائيل ازدادت تعنتاً وصلابه وصلافة ووقاحة، والقدس بقرار جائر من الرئيس الامريكي ترامب، أهديت كعاصمة لاسرائيل، وسفارته الى القدس نقلت. والآن يتحدثون عن صفقة قرن للسلام الموهوم، آملين تصفية القضية الفلسطينية كما يتوهمون.

كل هذا حصل ويحصل بالشعب الفلسطيني منذ الاعلان عن الاتفاق، لاسباب واضحة للجميع وان تنكر البعض لها هذه الاسباب هي:

اولها: تعنت اسرائيل ضد حقوق الشعب الفلسطيني، وازديادها شراسة وعنفاً، وازدياد المجتمع الاسرائيلي تطرفاً ودعماً لحكوماتها العنصرية.

ثانيهما: تضاعف دعم الولايات المتحدة الامريكية لاسرائيل، الى درجة الوقوف بوجه القرارات الشرعية الدولية، التي تؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني , واخره استعمال حق الفيتو في مجلس الامن للامم المتحدة ثلاثة مرات ضد القرار , الدي يطالب اسرائيل بوقف اطلاق النار والسماح بمرور المساعدات الانسانية للشعب الفلسطيني. وتقديم المساعدات العسكرية , لتمكينها من الاستمرار في ارتكاب جريمة الابادة الجماعية بالمواطنين العزل في قطاع غزة , غالبتهم من النساء والاطفال , امام اعين العالم.

ثالثهما: قصور الاداء الفلسطيني وتخبطه في ادارة شؤون المجتمع الفلسطيني، ويمكن تلخيص الاوضاع في فلسطين بالقول اتفاقيات مجحفة، وحلول غائبة، وادارة خاطئة فاسدة، أوصلت القضية الفلسطينية الى باب مغلق وعلى مفترق الطرق.

رابعهما: تقاعس وتراجع دعم وتأييد بعض الدول العربية للقضية الفلسطينية، الى درجة اصبحت اسرائيل حليفة لبعضهم في الصراعات الدائرة في منطقة الشرق الاوسط.

وخامسهما: تفكك اواصر الدعم الجماهيري العربي للقضية الفلسطينية، وتراجعه بسبب الاحداث التي مرت بها الشعوب العربية، وترهل الاحزاب القومية والتقدمية في العالم العربي، ولاسباب عديدة، اصبح الجميع يعرفها.

بعد هذا.. ماذا بقي امام القيادة الفلسطينية المتنفدة , التي تجري وراء وهم حل الدولتين؟ لم يبق أمامها في هذه المرحلة الراهنة الصعبة، التي نمر بها سوى العودة الى قراءة التاريخ من جديد لاستنباط رؤوى وعبر للمستقبل, كي تعي انها ضلت الطريق , علها تصحح مسارها واتجاه مسيرتها. ولو ان ذلك صعبا عليها.

مند توقيع اتفاق اوسلو ,واوضاع الشعب الفلسطيني تزداد سوءا واضطرابا ,وعلى شتى الاصعدة الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. خلال تلك الفترة الزمنية مر الشعب بانتفاضة ثانية عام 2000 وحروب متقطعة شنتها اسرائيل على قطاع غزة عام 2008, 2014 ,2018 ,2021 , والان تجري جريمة الابادة الجماعية 2024\2023. كان نتيجتها تدمير وقتل وهدم منازل بحجج واهية و وقطع الاشجار وحرق المزارع , وحصار واغتيالات يومية نفدتها اسرائل في غزة والضفة الغربية الى جانب الاعتقالات اليومية او بشكل ادق واصدق تعبيرا اختطاف رهائن بالالاف من المواطنين الفلسطينين تحت يافطة الاعتقال الاداري اي دون تهمة ,يقضي المختطف سنين وسنين في السجن دون محاكمة. الى جانب 650 نقطة تفتيش وحواجز للجيش الاسراءئلي في الضفة الغربية , يمارس فيها جنودة شتى اساليب القمع والاذلال على المواطن الفلسطيني.

وبعض التقديرات الاحصاءية تشير الى ان عدد من قتلتهم اسرائيل من الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ عام 2000 الى تاريخ 6 اكتوبر من عام 2023 تجاوز عددهم 11800 ضحية وعدد الجرحى قارب عدد 156000 جريح.

الى جانب دلك قامت اسرئيل مند 7 اكتوبر بقتل اكثر من 460 ضحية فقط في الضفة الغربية واعتقال او خطف رهائن تجاوز 7600 فلسطيني.والاهم والاخطر مصادرة الاراضي الفلسطينية وازدياد بناء المستوطنات وعدد المستوطنين , الدي تضاعف عددهم من مائة الف الى أكثر من سبعة مائة وخمسون الفا خلال فترة ما بعد توقيع اتفاق اوسلو.

توجت الاعمال العدوانية الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني, بعد احداث 7 اكتوبر من عام 2023 بنمط لم يسبق ان حدث مثله في التاريخ الانساني. ابادة جماعية للمدنيين ,غالبيتهم من الاطفال والنساء والتطهير العرقي , والتشريد القسري , وقصف الاحياء السكنية وتسويتها بالارض , والقتل بالجوع بمنع الغذاء والماء عن السكان , وتدمير المستشفيات والمدارس والجامعات , وغيرها الكثير من الاساليب الاجرامية , التي مارستها اسرئيل ضد المدنيين العزل, والتي لم نسمع انها مورست في االحرب العالمية الاولى او الثانية.

بعد مرور 31 عاما على توقيع اتفاق اوسلو , والذي سوّق تحت شعار حل الدولتين , وبعد كل تلك الاحداث الدامية , هل بقي املا لتنفيذ حل الدولتين. واثبت مرور تلك الفترة على طرح حل الدولتين , ما كان سوى خديعة لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية , والتي ابتلعت الطعم بجدارة وسوء تقدير , ان توقيعها كان مطلوبا امريكيا ,كي يتحرك قطار التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني. والولايات المتحدة كفيلة بزيادة سرعته وزيادة حمولته من المطبعين.

وهل ادركت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ان موافقتها على وهم حل الدولتين ضمن حدود عام 1967 التي تبلغ مساحتها 22 % من فلسطين , يعني تنازلها عن قرار 181 الصادر بتاريخ 1947.11.29 عن الجمعية العمومية للامم المتحدة , الذي يدعوا الى اقامة دولة فلسطينية على مساحة 47% من مساحة فلسطين الى جانب دولة لليهود؟. بالتأكيد تدرك لكنها تلتزم الصمت , وتبرر موافقتها بتبرير حبها للسلام وعدوها رافضا للسلام , ومستمرا في تهويد ارض شعبها الفلسطيني وقتل شعبها امام اعينها , ولا تحرك ساكنا فقط, بل تلاحق كل من قاوم بالسلاح.

قرار هيئة الامم المتحدة 181 وان كان قرارا جائرا بحق الشعب الفلسطيني , لكنه يعطيك مجالا اوسع للمناورة في السياسة الدولية. كان جائرا لانه يعطي مهاجرون من جنسيات متعددة , لجؤا الى فلسطين هربا من اضطهاد اوروبا لهم, حق اقامة دولة لهم على ارض الشعب الفلسطيني , الذي قدم لهم الدعم الانساني والمؤى الامن.

اما قرار هيئة الامم المتحدة رقم 194 الصادر بتاريخ 29.11.1948 , والذي يطالب بعودة الاجئين الفلسطينين الى وطنهم وديارهم , مع حق التعويض عن الاضرار التي لحقت بهم , بسب قيام اسرئيل عام 1948. والذي كان تنفيذة شرطا على قبول عضوية اسرائيل في هئية الامم المتحدة. بخصوص هذا القرار , في اتفاق اوسلو لم يرد نصا , يشير الى قبول اسرائيل بتنفيذه.

بل ان اتفاق اوسلو. الذي سوّق على انه انجازا عظما , لم ياتي بنص يؤكد حق الشعب الفلسطيني باقامة دولته على حدود عام 1967 , جاء في النص على انه طلب فلسطيني خاضع للنقاش , بل ايضا لم ياتي في نصوص الاتفاق نص يؤكد ان الضفة الغربية وقطاع غزة هي ارض فلسطينية , ولا حتى نص يشير الى انها ارض فلسطينية محتلة , الاتفاق جاء في نصوصه على انها ارض متنازع عليها بين الطرفين.

حتى قرار مجلس الامن 242 الصادر في عام 1967, الذي يطالب اسرائيل بالانسحاب الى حدود الرابع من حزيران من عام 1967 , والذي يؤكد ايضا عدم جواز الاستيلاء على الارض بالقوة , والذي على ضوء الاعتراف به من قبل منظمة التحرير الفلسطينية , تم اعلان وثيقة الاستقلال واعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة , في حدود الرابع من حزيران , في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في الجزاءر عام 1988 , تم القفز عنه والتخلي عنه بنص جاء وورد في اتفاق اوسلو , وهو على ان ما يتم الاتفاق عليه الطرفان يعتبر تنفيذا له.

من بداية مسيرة التسوية ومند طرح النقاط العشر في بداية السبعينات من القرن الماضي من قبل القيادة المتنفدة في منظمة التحرير الفلسطينية , برر السير في مسيرة التسوية على انه برنامجا مرحليا لنضال الشعب الفلسطيني. بعد توقيع اتفاق اوسلو اصبح النضال مقتصرا على اقامة الدولة الفلسطينية في حدود الرابع من حزيران من عام 1967 , الى جانب دولة اسرائيل. اي بجرة قلم تم التنازل من قبل بعض القيادات الفلسطينية عن 78% من فلسطين. اي من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ومن بعض التنظيمات الفلسطينية, التي لم يعد لها وجود في الواقع الفلسطيني , ولم يعد لها دورا في الحياة الفلسطينية سوى دور الكومبارس ومهمة الديكور في السياسة الفلسطينية.

في اطار هذه النقطة بالذات ,لا بد من التاكيد على ان الشعب الفلسطيني لم يتنازل عن شبر واحد من ارض وطنه فلسطين التاريخية من النهر الى البحر. وبقي الشعب الفلسطينيى على هدفه تحرير وطنة من كيان غربي صهيوني استعماري عنصري احلالي شكل وتكون من مهاجرين اوروبين , من معتنقي الديانة اليهودية , حضر لقيامه بدعم من العالم الغربي وتنفيذ بيد المجرم الاول , الذي من العدل والانصاف ان يتحمل مسؤلية العذابات والاضرار الفظيعة التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني ,...وهي بريطانيا. والتي تامرت مع الصهيونية العالمية , لافراغ القارة الاوربية من اليهود , وتهجيرهم قسرا او طوعا الى فلسطين على الرغم من انهم مواطنون اوروبين , من اصول شعب اوروبي وثني.لم يؤمن باية ديانة من الديانات الثلاث لا المسيحية ولا الاسلام ولا ليهودية. كان شعب مملكة الخزار , التي اقيمت في منطقة بحر قزوين في القرن السادس بعد الميلاد , والتي خاضت حروبا ضارية مع امبرطورية بيزنطة المسيحية ومع الخلافة العباسية المسلمة. والتي استمر وجودها حتى القرن الحادي عشر بعد الميلاد ,الى حين القضاء عليها من قبل الروس. والذي كان سببا في هجرة وانتشار سكانها في البلاد الاوروبية.

سكان تلك الدولة , اي مملكة الخزار اعتنقوا الديانة اليهودية بعد اعتناق ملكهم الديانة اليهودية. هذا ما دونه تاريخ شعوب اوروبا , والذي دونه مؤرخي اوروبا ومنهم المؤرخ ارثر كوستلر ,البريطاني ذو الاصول المجرية, ويهودي الديانة , في كتابه مملكة الخزار والقبيلة الثالثة عشر.

هؤلاء الاوربيون لا علاقة لهم بفلسطين ولا باقوام وشعوب منطقة الشرق الاوسط. والذين كانوا سببا لاحقا مع مرور قرون من الزمان , نشؤء المسألة اليهودية في اوروبا. والتي كان نتيجتها , اضطادهم وطردهم من بعض الدول الاوروبية الى ارتكاب المجازر ضدهم.ومن اجل التخلص منهم , وطردهم من اوروبا , تلاقت مصالح الصهيونية العالمية ومصالح دول الاستعمار الغربية وعلى راسها بريطانية, وايضا تلاقت مصالح الرأسمالية اليهودية التي تشكل اساسا قيادة الحركة الصهيونية مع مصالح الرأسمالية الاوربية , للحد من هجرتهم من دول اوروبا الشرقية الى دول اوروبا الغربية, بدعم فكرة ايجاد وطن امن وقومي لليهود , بعيدا عن اوروبا.

لتحقيق تلك الفكرة او الهدف , جاء وعد وزير خارجية بريطانيا بلفور , الذي كان معروفا عنه انه من المعادين لليهود ومن قادة تيار معاداة السامية. وتلاقت ايضا مع افكار رئيس وزراء بريطانيا هنري كامبل بانرمان , الذي دعى الى انشاء جسم غريب في العالم العربي يفصل بلدان مغربه في افريقيا عن بلدان مشرقه في اسيا. وتنفيذا لتوصيات مؤتمر كامبل بنرمان , الذي انعقد في لندن عام 1905 واستمرت جلساتة حتى عام 1907 , والذي نوقش فيه , السياسات المطلوبة , للحفاظ على استمرارية نفود دول العالم الغربي الاستعماري في العالم العربي ومنطقة الشرق الاوسط. وكان الكيان الصهيوني لاحقا هو الجسم الغريب المطلوب في العالم العربي.

هذه الجريمة الانسانية التي تم تحضير كل مقومات ارتكابها بحق اليهود الاوروبين اولا , بطردهم وتهجريهم قسرا وطوعا من بلدانهم الى فلسطين , وثانيا بحق الشعب الفلسطيني المسالم الاعزل من السلاح , والذي اعطى مثالا انسانيا عظيما للبشرية وهو تعايش الاديان الثلاثة بود وحب واحترام داخل نسيجه الاجتماعي.جريمة طرد الشعب الفلسطيني من وطنة , وارتكاب مجازر الابادية الجماعية بحقة تحققت عام 1948 بيد القوات الصهيونية. واخرها ما ترتكب في عام 2023\2024 في قطاع غزة بيد الكيان الصهيوني , وبدعم من الاستعمار الغربي وفي مقدمته الولايات المتحدة وبريطانيا.

هذه الجريمة , اذا امعنا التفكير بعمق ,باسبايها ودوافع العالم الغربي لارتكابها , لانجد وصفا منصفا لها , سوى مصطلح الهولوكست رقم 2 , الذي كان ضحيته اليهود العادين المغلوب على امرهم والشعب الفلسطيني , الدي طرد من وطنه.

الهولوكست رقم 1 ارتكب في اوروبا ومن قبل ساسة العالم الغربي بحق الاوروبيين اليهود , ونفذ بايدي الساسة النازين في المانيا , والذين هم جزء لا يتجزا من العالم الغربي الاستعماري. وبمرور الزمن , التاريخ لا يمحي حوادثه وما جري فية ,على يد المانيا بابادة ثمانين الفا من سكان ناميبيا من عام 1904 وحتى عام 1908. والتاريخ ايضا دون اسباب ودوافع تحالف الصهيونية مع النازية الالمانية , ببيع يهود المجر الى النازيين الالمان وقبض ثمن كل يهودي مجري دولارين , مقابل دعم المانيا هجرة يهود اوروبا الى فلسطين.

فالصهيونية فكرا وثقافة ما هي سوى ارث الثقافة الغربية الاستعمارية , التي ابادت الملايين من الشعوب التي استعمرتها في افريقيا واسيا والامريكتين الشمالية والجنوبية وفي استراليا , ونهبت خيراتها وثرواتها. فالصهيونية هي ظاهرة من ظواهر الاستعمار الغربي الاستيطاني , القائم اساسا على ابادة السكان الاصليين. وقد نجح في بعض البلدان في قارات العالم واخفق في روديسيا وجنوب افريقيا وسيفشل بالتأكيد في فلسطين. ولذلك لا تستغربوا ما تقوم به اسرائيل من جرائم ومجازر وابادة في غزة وبحق الشعب الفلسطيني. لان ثقافة ساستها الصهاينة هي جزء ونتاج ثقافة الاستعمار الغربي بشتى مشاربه ان كانت نازية او فاشية او بريطانية او فرنسية.. وغيرها.

حتى ان ما ترتكبه اسرائيل في غزة فاق على ما ارتكبه النازيون في وارسو عاصمة بولندا عند احتلالها في بداية الحرب العالمية الثانية. فالتاريخ دون لنا انه عند احتلال مدينة وارسو عاصمة بولندا , من قبل ا المانيا النازية كان يعيش فيها 400 الف يهودي بولندي, وكان ثاني اكبر تجمع يهودي في العالم بعد مدينة نيويورك.في شهر نيسان من عام 1940. قرر الالمان انشاء حي خاص باليهود في وارسوا. فاجبرو اليهود على " الهجرة الطوعية " الى الحي اليهودي المقام. اي التهجير القسري للانتقال الى الحي اليهودي , وترك منازلهم واثاث بيوتهم. هذا الحي اليهودي بني حوله سورا , وسدت جميع الشوارع المحيطة به , وفرض عليه الحصار.

والامر الملفت , ان كل اسرة يهودية انتقلت للعيش في هدا الحي امنت بمسكن وفق عدد افرادها. عكس ما تقوم به اسرائيل الان بتدمير العمارات والمنازل فوق رؤوس ساكنيها , ومن نجى من الموت بقي في العراء او لجا الى ملاجىء الايواء او الى خيمة في فناء مدرسة او في فناء مستشفي , تلاحقة بالموت. ولم يكتفي جيش الاحتلال الاسرائيلي بما فعلة من قصف الاحياء السكنية وتسويتها بالارض , بل قصف مراكز الايواء والمدارس والمستشفيات التي احتمى بها المدنين , بل وصلت لا انسانية جيش الاحتلال ان دفن الاحياء بواسطة دباباتهم وهم نياما في خيمهم , كما حصل في فناء مستشفى اليمن السعيد. وقتل النازحين الهاربين من الموت الى مناطق امنة اعلن عنها الجيش الاسرائيلي انها امنة , بقصفهم بالقنابل واطلاق نيرانه عليهم.

ما مارسه الالمان , على ذلك الحي اليهودي من بشاعة وفظاعة الاعمال , أدنى مما تمارسه اسرائيل. بل ما تمارسه على سكان غزة فاق ما مارسته النازية الالمانية.

كل حركة اشخاص او غداء او بضائع في الحي اليهودي كانت تحتاج الى موافقة القوات الالمانية , والان تحتاج موافقة القوات الاسرائيلية في غزة. وما طبق على دلك الحي من تجاوزات لا انسانية مثل سياسة القتل جوعا , تمارسه اسرائيل ايضا في غزة. ان ما تقوم به اسرائيل من مدابح وجرائم وابادة جماعية باعداد قتلى يفوق عددهم يوميا مائة في غزة , والابادة بالتقسيط في الضفة الغربية , لا يمكن قبوله بعذر الانتقام لاحداث 7 اكتوبر من عام 2023 او حق الدفاع عن النفس , كما يحاول قادة الدول الغربية وفي مقدمتهم الولايات المتحدة , لاخفاء ثقافتهم الاستعمارية الداعمة لابادة الشعب الفلسطيني والتي اساسها ابادة السكان الاصليين. بل تقوم به بقاعنة ان بقائها كظاهرة استعمارية استيطانية احلالية , لابد من ابادة السكان الاصليين , اي ابادة الشعب الفلسطيني.

لانها كدولة محتلة اساسا , وفق القانون والموثيق الدولة ليس لها حق الدفاع عن النفس لانها هي دولة محتلة ارض الغير.

واحداث 7 اكتوبر من عام 2023 , لم تاتي من فراغ , كما اعلن أمين عام هيئة الامم المتحدة السيد انطونيو غوترش , وقالها كل احرار العالم. ومن نفذ تلك العملية كانوا غالبتهم من ابناء واحفاد من طردتهم القوات الصهيونية المسلحة قسرا من وطنهم فلسطين عام 1948. وزيادة في قول الحقيقة , ان الارض , التي جرت عليها احداث تلك العملية , هي اراضي فلسطينية وفق قرار هيئة الامم المتحدة رقم 181 الصادر بتاريخ 2 نوفمبر من عام 1948.

وما يجري الان امام العالم من مسرحيات هزلية واعمال بهلوانية تقوم بها بعض الدول الغربية والعربية من القاء مظلات الغداء من الجو ومن وعود بناء منصات بحرية لتقديم المساعدات الانسانية للشعب الفلسطيني , ما هي سوى الرقص على جثث الابرياء من الاطفال والنساء وكبار السن. لان تلك الدول قادرة وتسطيع ان تقدم الدعم الانساني من غذاء ودواء وماء , عبر المعابر البرية الخمسة الى قطاع غزة. بل قادرة ان توقف الابادة الجماعية التي ترتكبها اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.

لسؤء حظ الكيان الصهيوني والدعمين له او بوصف ادق تعبيرا , المشاركون في جريمة الابادة الجماعية بفعل دعمهم للكيان , ان هذه الجرائم والمدابح والابادة الجماعية , التي ترتكبها اسرائيل بالشعب الفلسطيني ,تجري امام عيون شعوب العالم بواسطة وسائل الاعلام المرئية صوت وصورة. اظهرت حقيقة اسرئيل الاجرامية واللانسانية باوضح الصور , التي هزت وجدان وضمائر الشعوب الحرة في العالم , وخاصة الشعوب الاوروبية والشعب الامريكي , التي عبرت عن انسانيتها وسمو قيمها الاخلاقية , بخروجها بمظاهرات فاقت كل تصور وتخيل , هاتفتا الحرية لفلسطين من النهر الى البحر.

ان تلك المظاهرات كانت اعظم عزاء ودعم للشعب الفلسطيني مند نكبته عام 1948. مواقف شعوب ودول العالم الحرة الداعية لرفع الظلم والهوان عن الشعب الفلسطيني والمطالبة بانصاف قضيته العادلة وتمكينه من نيل حقوقة , هذه المواقف وضعت دول العالم وشعبوبها امام مقولة ان العالم لن ينعم بامن وسلام وخاصة شعوب الشرق الاوسط , الا بتفكيك الظاهرة الصهيونية الاستعمارية الاحلالية. اي تفكيك الدولة الصهيونية واقامة الدولة الديمقراطية الفلسطينية على كامل فلسطينين التاريخية تتعايش جميع الاديان فيها بود وبحب وامن وسلام , قانون واحد لسكان فلسطين ,والجميع تحت قانون واحد.

وما اضاف الى تلك المقولة قيمة وعظمة , وقوف بعض الجاليات اليهودية الحرة اضافة الى اصوات من اليهود مفكرين وعاديين , نادت وطالبت اسرائيل بالتوقف عن ارتكاب جرئم باسمهم. وطالبت بانهاء الظاهرة الصهيونية الاستعمارية الاستيطانية الاحلالية , المستوردة من الغرب الاستعماري , والغريبة عن ارض فلسطين وشعبها , الدي لم يعرف بتاريخة العنصرية ولا التمييز بين مواطنية ومعتقداتهم.

 

التقارير والاخبار

1- هجوم وشيك لايران على اسرائيل

12/4/2024

حتما هناك هجوم، وسيكون منسق ولطيف، ويسمح بإعطاء نتنياهو السبب بوقف اطلاق النار مؤقت مع حماس، والانشغال بحرب هلامية تحمي نتنياهو من السجن لحين ترتيب اوراقه بشكل يسمح له تفكك تحالفه مع المتشددين واعادة التحالف مع العلمانيين بهدف تبديل الأحصنة من اجل الجولة التالية.سيمتاز الهجوم بتصوير إعلامي يفخم ويعظم القوى الإيرانية، ورد إسرائيلي مسرحي، وانتصار يطبل له نتنياهو، وانتصار يطبل له ملالي ايران وحزبله والحوثي، ويُجيِر انتصار حماس الى ايران وحزبله والحوثي.

لكن هذا الأمر سيعطي حماس وغزة نفس لبضع الوقت ويسمح بدخول مساعدات وترتيب الصفوف للجولة الثانية.قدرة حماس على ادارة الهدنة المؤقته في سحب اكبر قدر من المؤن مقابل تقديم اقل عدد من جثث الصهاينة، والاستمرار في التهديد اما الاستمرار في رفع الحصار او العودة للقتال.لا تفاوض على الاسرى الأحياء العسكريين إلا بعد وقف اطلاق نار دائم بضمانات دولية، وهذا لن يتم على الاقل الان.الداخل الصهيوني سيكون مشغول بالمظاهرات من طرف اهالي الاسرى، مع فرصة كبيرة للاقتتال بين العلمانيين والحرايدم المتشددين عند تبديل نتنياهو لتحالفه.

نتنياهو سيكون مخير بين السيئ والاسوء منه، اما الاستمرار مع المتشددين وهذا مخالف لتوجه بايدن، وسيكون تحت ضغط المتشددين بضرورة متابعة القتال ضد رفح وحماس، وهذا مخالف لرأي الجيش الذي فقد تماما قدراته.والاسوء منه ان يتحالف مع العلمانيين حيث سينقلب المتشددين لمتظاهرين يثيروا الفتن وربما قتال داخلي، وبالمقابل فان العلمانيين سيطالبون بتجنيد المتشددين، وبوقف دائم لأطلاق النار وحل الدولتين، لان قادة الجيش هم الأكثر يقينا ان اسرائيل لم تعد تملك جيش.

الجيش الاسرائيلي الحقيقي هو مائتين الف، منهم مائة الف النخبة، وهؤلاء هم من دخل غزة، وهؤلاء من خسروا ثلاثين الف قتيل وستين الف معاق، المائة الف الباقي هم غير النخبة، غالبهم نساء ومخنثين.

العمود الفقري لتسليح الجيش الاسرائيلي البري هو ميركافا 4 والنمر، وهؤلاء تم القضاء على غالبهم، في الحقيقة لم يعد لإسرائيل اي قوة برية لها قيمة، وفقط المتبقي هو سلاح الطيران.ان شاء الله تعالى ستفاجئ حماس العالم بما ستفعله في الطيران الاسرائيلي في الجولة الثانية.

 

2- ماهو الهدف الستراتيجي الايراني؟

 

3- هل تحوّل المسيّرات الإيرانية مسار الحرب في السودان؟

بيانات تكشف عن رحلات متعددة من إيران إلى بورتسودان.قال مصدر كبير بالجيش السوداني إنه مع مرور عام على بدء الحرب الأهلية في السودان، تساعد الطائرات المسيّرة المسلحة إيرانية الصنع «التي طوّرها الجيش السوداني» على تحويل دفة الصراع ووقف تقدم «قوات الدعم السريع» التي يحاربها، واستعادة أراض حول العاصمة، وفق تقرير لـ«رويترز».

كما قالت ستة مصادر إيرانية ومسؤولون ودبلوماسيون بالمنطقة طلبوا، شأنهم شأن المصدر العسكري، عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية المعلومات، لـ«رويترز»، إن الجيش حصل على طائرات مسيّرة إيرانية الصنع، خلال الأشهر القليلة الماضية. وذكر أكثر من عشرة من سكان الخرطوم أن القوات المسلحة السودانية استخدمت بعض الطائرات المسيّرة القديمة في الأشهر الأولى من الحرب إلى جانب بطاريات صواريخ وطائرات مقاتلة، لكنها لم تحقق نجاحاً يذكر في القضاء على مقاتلي «قوات الدعم السريع» المتمركزين في أحياء مكتظة بالسكان في الخرطوم ومدن أخرى.

وقال خمسة شهود من السكان إنه في يناير (كانون الثاني)، أي بعد تسعة أشهر من اندلاع القتال، بدأ استخدام طائرات مسيّرة أكثر فاعلية من قاعدة «وادي سيدنا» العسكرية شمالي الخرطوم. وقال السكان إن الطائرات المسيّرة بدا أنها تراقب تحركات «قوات الدعم السريع» وتستهدف مواقعها وتحدد بدقة ضربات المدفعية في أم درمان وهي واحدة من ثلاث مدن على ضفاف نهر النيل تضم العاصمة الخرطوم.وقال محمد عثمان (59 عاماً)، وهو من سكان حي الثورة في أم درمان: «في الأسابيع الماضية، الجيش أصبح يستخدم مسيّرات دقيقة في العمليات العسكرية أجبرت (الدعم السريع) على الهرب من مناطق كثيرة وجعلت الجيش يستطيع نشر قواته على الأرض في أم درمان القديمة بكثافة تحت حماية الطيران».

ولم تشر أي تقارير في السابق إلى حجم وطريقة نشر الجيش للمُسيّرات الإيرانية في أم درمان ومناطق أخرى. وأفادت وكالة «بلومبرغ» ووسائل إعلام سودانية بوجود طائرات مسيّرة إيرانية في البلاد.

الجيش السوداني ينفي:ونفى المصدر الكبير بالجيش السوداني أن تكون المُسيّرات إيرانية الصنع جاءت مباشرة من طهران، وامتنع عن ذكر كيفية شرائها أو عدد الطائرات التي حصل عليها الجيش. وذكرت «رويترز» أنها لم تتمكن من التوصل لتلك التفاصيل على نحو مستقل. وقال المصدر إنه رغم عودة التعاون الدبلوماسي بين السودان وإيران العام الماضي، لا يزال التعاون العسكري الرسمي معلقاً.ورداً على سؤال عن الطائرات المسيرة الإيرانية، قال وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق، وهو حليف للجيش وزار إيران العام الماضي، لـ«رويترز»: «لم يحصل السودان على أي سلاح من إيران». ولم ترد إدارة الإعلام بالجيش ولا وزارة الخارجية الإيرانية على طلبين للتعقيب.

وأقرّت «قوات الدعم السريع» بأنها تعرّضت لانتكاسات في أم درمان. وقال مكتبها الإعلامي إن الجيش تسلم طائرات مسيّرة إيرانية وأسلحة أخرى، استناداً إلى معلومات استخباراتية جمعتها. ولم تستجب لطلبات لتقديم الأدلة على ذلك. وقالت المصادر الإيرانية والإقليمية إن دعم طهران للجيش السوداني يهدف إلى تعزيز العلاقات مع البلد ذي الموقع الاستراتيجي.يقع السودان على ساحل البحر الأحمر، وهو موقع مهم في ظل المنافسة بين القوى العالمية، بما في ذلك إيران، مع احتدام الحرب في الشرق الأوسط. وعلى الجانب الآخر من البحر الأحمر، يشنّ الحوثيون في اليمن هجمات دعماً لحركة «حماس» في غزة. وقال دبلوماسي غربي طلب عدم نشر اسمه: «ما الذي ستحصل عليه إيران في المقابل؟ لديهم الآن نقطة انطلاق على البحر الأحمر وعلى الجانب الأفريقي».

والمكاسب الأخيرة على الأرض هي الأكبر بالنسبة للجيش منذ بدء القتال بالعاصمة السودانية في أبريل (نيسان) الماضي.والحرب بين قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» الفريق أول محمد حمدان دقلو ألقت بالملايين في براثن الجوع وخلقت أكبر أزمة نزوح في العالم، وتسببت في موجات من أعمال القتل والعنف الجنسي ذات الدوافع العرقية في منطقة دارفور بغرب السودان.

ويقول خبراء من الأمم المتحدة إن الجهود الحربية لـ«قوات الدعم السريع» تحصل على دعم من دول أفريقية مجاورة منها تشاد وليبيا وجنوب السودان. وذكر شاهدان أن نجاح الجيش في أم درمان سمح له ابتداءً من فبراير (شباط) بمواصلة هجمات مماثلة باستخدام الطائرات المسيّرة والمدفعية والقوات البرية في بحري شمالي الخرطوم لمحاولة السيطرة على مصفاة الجيلي المهمة لتكرير النفط.

وقال الجيش إن مكاسبه الأخيرة ساعدت أيضاً في تجنيد آلاف المتطوعين في المناطق التي يسيطر عليها. وعمليات تجنيد المتطوعين جارية منذ أكثر من ستة أشهر وتتسارع منذ ديسمبر (كانون الأول).

رحلات جوية من إيران:كان التعاون بين السودان وإيران وثيقاً في عهد الرئيس السابق عمر البشير ثم تخلى عن طهران بعد ضغوط شديدة في أواخر فترة حكمه الذي استمر ثلاثة عقود؛ مما أدى إلى قطع العلاقات مع طهران. وقال أمين مجذوب، وهو جنرال سابق بجهاز المخابرات السوداني، إن السودان كان يصنع في السابق أسلحة بمساعدة إيران، وأعاد تهيئة طائرات مسيّرة كانت بحوزته بالفعل لجعلها أكثر فاعلية خلال الحرب. ولم يعلق المجذوب تحديداً على مصدر الطائرات المسيّرة التي استخدمت مؤخرا في القتال.

وذكر مصدر إقليمي مقرّب من الدائرة الحاكمة في إيران أن شركة الطيران الإيرانية (فارس إير قشم) نقلت طائرات مسيّرة إيرانية من طرازي مهاجر وأبابيل للسودان مرات عدة منذ أواخر العام الماضي. وطائرات «مهاجر» و«أبابيل» المسيّرة تصنعها شركات تعمل تحت إشراف وزارة الدفاع الإيرانية، والتي لم ترد بعد على طلب للتعقيب.

المصدر: الشرق الأوسط

 

4- رويترز: إيران أبلغت واشنطن بأن ردها على إسرائيل لن يكون تصعيديا

الجمعة، ١٢ أبريل/نيسان ٢٠٢٤

أفادت وكالة "رويترز" نقلا عن مصادر إيرانية بأن طهران أبلغت واشنطن بأن الرد الإيراني على الغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق سيكون بطريقة تسمح بتجنب التصعيد.وحسب المصادر، نقل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان رسالته هذه لواشنطن في أثناء زيارته لسلطنة عمان يوم الأحد.وتقول المصادر إلى أن عبداللهيان خلال زيارته لعمان ألمح إلى استعداد إيران لوقف التصعيد في حال تلبية مطالبها، بما في ذلك مطلب الوقف الدائم لإطلاق النار في قطاع غزة.كما ألمح إلى استعداد طهران لاستئناف المفاوضات حول برنامجها النووي، تلك التي تعثرت منذ نحو عامين.

وقال مصدر آخر مقرب من الاستخبارات الأمريكية، إنه لم يكن على علم بأي رسالة من إيران عبر سلطنة عمان، لكن إيران "كانت واضحة جدا" حول أن ردها على هجوم دمشق سيكون "تحت السيطرة" و"غير تصعيدي"، وأنها تخطط "لاستخدام الوكلاء في المنطقة لشن عدد من الهجمات على إسرائيل".وأضاف المصدر أن إيران "لا تريد أن تتدخل الولايات المتحدة" في الوضع، ولذلك لن توجه حلفاءها في سوريا والعراق لمهاجمة القواعد الأمريكية.وأشارت "رويترز" إلى أن البيت الأبيض رفض التعليق على أي رسائل من جانب إيران، لكنه أكد أن الولايات المتحدة أبلغت إيران بأنها لم يكن لديها أي دور في الضربة على القنصلية الإيرانية.

يذكر أن المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي أعلن يوم الأربعاء أن إسرائيل "ستعاقب" على هجومها على القنصلية الإيرانية في دمشق، الذي نفذ يوم 1 أبريل، والذي أسفر عن مقتل عدة عناصر بارزين في الحرس الثوري الإيراني.وفي هذا السياق أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن إسرائيل سترد على أي هجوم من قبل إيران، وإذا انطلق الهجوم من الأراضي الإيراني، فإن إسرائيل سترد بضرب إيران.

كما أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن واشنطن ستقف إلى جانب إسرائيل لمواجهة تهديدات إيران و"وكلائها".

المصدر: رويترز

 

الشعر في المعركة

قصيدة لشاعر العرب اليماني عبد الله البردوني

ألقاها في مهرجان المربد عام ١٩٨١

ما أَصْدَقَ السَّيْفَ! إِنْ لَمْ يُنْضِهِ الكَذِبُ

وَأَكْذَبَ السَّيْفَ إِنْ لَمْ يَصْدُقِ الغَضَبُ

بِيضُ الصَّفَائِحِ أَهْدَى حِينَ تَحْمِلُهَـا

أَيْدٍ إِذَا غَلَبَتْ يَعْلُو بِهَا الغَلَبُ

وَأَقْبَحَ النَّصْرِ نَصْرُ الأَقْوِيَاءِ بِلاَ

فَهْمٍ سِوَى فَهْمِ كَمْ بَاعُوا وَكَمْ كَسَبُوا

أَدْهَى مِنَ الجَهْلِ عِلْمٌ يَطْمَئِنُّ إِلَـى

أَنْصَافِ نَاسٍ طَغَوا بِالعِلْمِ وَاغْتَصَبُوا

قَالُوا: هُمُ البَشَرُ الأَرْقَى وَمَا أَكَلُوا

شَيْئَاً كَمَا أَكَلُوا الإنْسَانَ أَوْ شَرِبُـوا

مَاذَا جَرَى يَـا أَبَا تَمَّـامَ تَسْأَلُنِي؟

عَفْوَاً سَأَرْوِي وَلا تَسْأَلْ وَمَا السَّبَبُ

يَدْمَى السُّـؤَالُ حَيَاءً حِينَ نَسْأَلُُه

كَيْفَ احْتَفَتْ بِالعِدَى حَيْفَا أَوِ النَّقَـبُ

مَنْ ذَا يُلَبِّـي؟ أَمَـا إِصْـرَارُ مُعْتَصِـمٍ؟

كَلاَّ وَأَخْزَى مِنَ الأَفْشِينَ مَـا صُلِبُوا

اليَوْمَ عَادَتْ عُلُوجُ الـرُّومِ فَاتِحَـةً

وَمَوْطِنُ العَرَبِ المَسْلُوبُ وَالسَّلَبُ

مَاذَا فَعَلْنَـا؟ غَضِبْنَا كَالرِّجَالِ وَلَمْ

نصدُق وَقَدْ صَدَقَ التَّنْجِيمُ وَالكُتُبُ

وَقَاتَلَـتْ دُونَنَا الأَبْوَاقُ صَامِدَةً

أَمَّا الرِّجَالُ فَمَاتُوا ثَمَّ أَوْ هَرَبُوا

حُكَّامُنَا إِنْ تَصَدّوا لِلْحِمَى اقْتَحَمُوا

وَإِنْ تَصَدَّى لَهُ المُسْتَعْمِرُ انْسَحَبُوا

هُمْ يَفْرُشُونَ لِجَيْشِ الغَزْوِ أَعْيُنَهُمْ

وَيَدَّعُونَ وُثُـوبَاً قَبْلَ أَنْ يَثِبُوا

الحَاكِمُونَ ووَاشُنْـطُـنْ حُكُومَتُهُمْ

وَاللامِعُونَ وَمَا شَعَّوا وَلا غَرَبُوا

القَاتِلُـونَ نُبُوغَ الشَّـعْبِ تَرْضِيَةً

لِلْمُعْتَدِينَ وَمَا أَجْدَتْهُمُ القُرَبُ

لَهُمْ شُمُوخُ المُثَنَّى ظَاهِرَاً وَلَهُمْ

هَـوَىً إِلَـى بَابَك الخَرْمِيّ يُنْتَسَبُ

مَاذَا تَرَى يَا أَبَـا تَمَّـامَ هَلْ كَذَبَتْ

أَحْسَابُنَا؟ أَوْ تَنَاسَى عِرْقَهُ الذَّهَبُ؟

عُرُوبَةُ اليَوَمِ أُخْرَى لا يَنِمُّ عَلَى

وُجُودِهَـا اسْمٌ وَلا لَوْنٌ وَلا لَقَـبُ

تِسْعُونَ أَلْفَـاً لِعَمُّـورِيَّـة َاتَّقَدُوا

وَلِلْمُنَجِّمِ قَالُوا: إِنَّنَاالشُّهُبُ

قِيلَ: انْتِظَارَ قِطَافِ الكَرْمِ مَا انْتَظَرُوا

نُضْجَ العَنَاقِيدِ لَكِنْ قَبْلَهَا الْتَهَبُوا

وَاليَـوْمَ تِسْعُونَ مِلْيونَاً وَمَا بَلَغُوا

نُضْجَاً وَقَدْ عُصِرَ الزَّيْتُونُ وَالعِنَبُ

تَنْسَى الرُّؤُوسُ العَوَالِي نَارَ نَخْوَتِهَا

إِذَاامْتَطَاهَا إِلَى أَسْيَادِهِ الذَّنَبُ

حَبِيبُ وَافَيْتُ مِـنْ صَنْعَاءَ يَحْمِلُنِي

نَسْرٌ وَخَلْفَ ضُلُوعِي يَلْهَثُ العَرَبُ

مَاذَا أُحَدِّثُ عَـنْ صَنْعَاءَ يَا أَبَتِي؟

مَلِيحةٌ عَاشِقَاهَا: السِّلُّ وَالجَرَبُ

مَاتَتْ بِصُنْدُوقِ وَضَّاحٍ بِلاَ ثَمَنٍ

وَلَمْ يَمُتْ فِي حَشَاهَا العِشْقُ وَالطَّرَبُ

كَانَتْ تُرَاقِبُ صُبْحَ البَعْثِ فَانْبَعَثَتْ

فِي الحُلْمِ ثُمَّ ارْتَمَتْ تَغْفُو وَتَرْتَقِبُ

لَكِنَّهَا رُغْمَ بُخْلِ الغَيْثِ مَابَرِحَتْ

حُبْلَى وَفِي بَطْنِهَـا قَحْطَـانُ أَوْ كَرَبُ

وَفِي أَسَى مُقْلَتَيْهَـا يَغْتَلِي يَمَـنٌ

ثَانٍ كَحُلْمِ الصِّبَا يَنْأَى وَيَقْتَرِبُ

حَبِيبُ تَسْأَلُ عَنْ حَالِي وَكَيْفَ أَنَـا؟

شُبَّابَةٌ فِي شِفَاهِ الرِّيحِ تَنْتَحِبُ

كَانَتْ بِلاَدُكَ رِحْلاً ظَهْـرَ نَاجِيَةٍ

أَمَّـا بِلاَدِي فَلاَ ظَهْـر ٌوَلاَ غَبَبُ

أَرْعَيْتَ كُلَّ جَدِيبٍ لَحْمَ رَاحِلَةٍ

كَانَتْ رَعَتْهُ وَمَاءُ الـرَّوْضِ يَنْسَكِبُ

وَرُحْتَ مِنْ سَفَرٍ مُضْنٍ إِلَـى سَفَرٍ

أَضْنَى لأَنَّ طَرِيقَ الرَّاحَةِ التَّعَبُ

لَكِنْ أَنَا رَاحِلٌ فِي غَيْرِ مَا سَفَرٍ

رَحْلِي دَمِي وَطَرِيقِي الجَمْرُ وَالحَطَبُ

إِذَا امْتَطَيْتَ رِكَابَاً لِلـنَّوَى فَأَنَا

فِي دَاخِلِي أَمْتَطِي نَارِي وَاغْتَرِبُ

قَبْرِي وَمَأْسَاةُ مِيلاَدِي عَلَى كَتِفِي

وَحَوْلِيَ العَدَمُ المَنْفُوخُ وَالصَّخَبُ

حَبِيبُ هَذَا صَدَاكَ اليَوْمَ أَنْشُدُهُ

لَكِنْ لِمَاذَا تَرَى وَجْهِي وَتَكْتَئِبُ؟

مَاذَا؟ أَتَعْجَبُ مِنْ شَيْبِي عَلَى صِغَرِي؟

إِنِّي وُلِدْتُ عَجُـوزَاً كَيْفَ تَعْتَجِبُ؟

وَاليَوْمَ أَذْوِي وَطَيْشُ الفَنِّ يَعْزِفُنِي

وَالأَرْبَعُونَ عَلَى خَدَّيَّ تَلْتَهِـبُ

كَذَا إِذَا ابْيَضَّ إِينَاعُ الحَيَاةِ عَلَى

وَجْـهِ الأَدِيبِ أَضَاءَ الفِكْرُ وَالأَدَبُ

وَأَنْتَ مَنْ شِبْتَ قَبْلَ الأَرْبَعِينَ عَلَى

نَارِ الحَمَاسَةَ تَجْلُوهَا وَتَنْتَحِبُ

وَتَجْتَدِي كُلَّ لِصٍّ مُتْرَفٍ هِبَةً

وَأَنْتَ تُعْطِيهِ شِعْرَاً فَوْقَ مَا يَهِبُ

شَرَّقْتَ غَرَّبْتَ مِنْ وَالٍ إِلَى مَلِكٍ

يَحُثُّكَ الفَقْرُ أَوْيَقْتَادُكَ الطَّلَبُ

طَوَّفْتَ حَتَّى وَصَلْتَ الموصِلِ انْطَفَأَتْ

فِيكَ الأَمَانِي وَلَمْ يَشْبعْ لَهَا أَرَبُ

لَكِنَّ مَوْتَ المُجِيدِ الفَذِّ يَبْدَأه

وِلادَةً مِنْ صِبَاهَا تَرْضَعُ الحِقَـبُ

حَبِيبُ مَا زَالَ فِي عَيْنَيْكَ أَسْئِلَةً

تَبْدُو وَتَنْسَى حِكَايَاهَا فَتَنْتَقِبُ

وَمَاتَزَالُ بِحَلْقِي أَلْـفُ مُبْكِيَةٍ

مِنْ رُهْبـَةِ البَوْحِ تَسْتَحْيِي وَتَضْطَرِبُ

يَكْفِيكَ أَنَّ عِدَانَاً أَهْدَرُوا دَمَنَا

وَنَحْنُ مِـنْ دَمِنَا نَحْسُو وَنَحْتَلِبُ

سَحَائِبُ الغَـزْوِ تَشْوِينَا وَتَحْجِبُـنَا

يَوْمَاً سَتَحْبَلُ مِنْ إِرْعَادِنَا السُّحُبُ؟

أَلاَ تَرَى يَا أَبَا تَمَّامَ بَارِقَنَا

إِنَّ السَّمَاءَ تُرَجَّى حِينَ تُحْتَجَبُ

شبكة البصرة

الاثنين 6 شوال 1445 / 15 نيسان 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط