بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سرقات ممنهجة لاستحقاقات النازحين من المنح والمساعدات.. وأسباب عدم عودتهم

شبكة البصرة

مازال ملف العائلات النازحة قسراً من مناطقها يواجه الكثير من التحديات الانسانية والسياسية والأمنية والاجتماعية، وتزايدت هذه التحديات في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها هذه العائلات مع ضعف إدارة الدولة و المصالح السياسية المبنية على إعطاء التنازلات من أجل مكاسب حزبية وسياسية، فضلاً عن سيطرة الميليشيات على مساحات واسعة وأجزاء مهمة في سلطة القرار الأمني العراقي.

ويُقيم بعض النازحين من المناطق التي تسيطر عليها المليشيات، مثل جرف الصخر والعوجة والعويسات وعزيز بلد ومناطق في شمال شرقي ديالى، في مخيمات تقع جنوب غربيّ الانبار، بينما توجد مخيمات أخرى أكبر في إقليم كردستان العراق، أما العدد الأكبر من النازحين، يقطنون في مجمعات ومناطق عشوائية، ويتدبرون أوضاعهم من خلال العمل في مجالات مختلفة.

وعلى الرغم مما تعيشه العائلات النازحة في المخيمات والمناطق الأخرى من أوضاع إنسانية مأساوية و واقع معيشي متردي، إلا ان هناك أطراف عملت وتعمل على سرقة مستحقاتهم من المنح والمساعدات المادية والغذائية.

 

احصائية أخيرة

من يتصور أن أزمة النازحين مرهونة بمخيمات هنا أو هناك فهو واهم، لأن أزمة النزوح هي أزمة كبيرة وعميقة، والحل الجذري لها يتطلب خطوات ومهام كثيرة واقعية وعملية وتعويضية على الأرض فيها الكثير من الالتزامات الحكومية الواجب تطبيقها.

وقال عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، علي البياتي، لـ"العربي الجديد"، بأن "الأرقام المتوافرة تفيد بوجود أكثر من مليون و180 ألف نازح في عموم العراق، بينهم 700 ألف في إقليم كردستان، وانتشار الباقين في أكثر من 10 محافظات، خصوصاً نينوى والأنبار".

فالأمر ليس كما يفهم الآن، بأن غلق مخيم هو نهاية الأزمة؛ الحقيقة أن إغلاق مخيم هو عملية انفتاح على أزمات أخرى متداخلة أخلاقية، واجتماعية ومالية واقتصادية.

 

عدم وصول المساعدات

تستمر هالة الاستهداف الطائفي تجاه العائلات النازحة من قبل الميليشيات والأحزاب السياسية، كما لم تتوقف معاناة مئات آلاف النازحين العراقيين عند مسألة استمرار وجودهم خارج مناطقهم وبلداتهم بعد أكثر من 6 سنوات على انتهاء المعارك.

وذلك بسبب أجندات سياسية ورغبات فصائل مسلحة منعت عودتهم، وأيضاً بسبب الفساد الذي يمنع وصول الكثير من المساعدات والخدمات المفترضة إليهم، سواء تلك التي تقدمها وزارة الهجرة، أو منظمات محلية ودولية.

وبيّن عضو مفوضية حقوق الانسان في العراق، أنس العزاوي، أن تقدّر المخصصات المالية للنازحين بـ 50 مليار دينار عراقي (نحو 33 مليون دولار)، وتستهدف توفير مواد السلة الغذائية للنازحين.

وأكد العزاوي، أن هذه المواد قليلة جداً، وتوزعها وزارة الهجرة والمهجرين ومنظمات محلية ودولية على فترات متباعدة، علماً أن أحد مقيمي المخيمات حصل على حصة غذائية ذات نوعية رديئة "بعد انقطاع نحو ستة أشهر".

وأشار إلى أن ميزانية السلة الغذائية تتعرّض لفساد وهدر، فهي تكلّف 6 دولارات، لكن وزارة التجارة تشتريها بـ 9 دولارات، فضلاً عن عدم وصولها كاملة لمستحقيها من النازحين.

 

فساد وسرقة

وفي السياق قالت، عضو مجلس النواب، فيان دخيل، إن "ملفات الفساد تشمل السلة الغذائية وأوضاع مخيمات النازحين، والمنح المالية المخصصة لهم، ونملك تقارير من ديوان الرقابة المالية في شأن ملفات الفساد".

وأعلنت فيان جمع أكثر من 50 توقيعاً من نواب أيدوا استجواب وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو في المسألة.

من جانبه قال النازح، محمد علي، الذي يُقيم في مخيم "بزيبز": "نعيش ظروفاً مأساوية داخل المخيم، ونفتقر إلى أبسط الاحتياجات اليومية، وبينها طحين الخبز. ونحن نحصل بالكاد على غذاء، أما العلاج الطبي للأمراض رفاهية لا نستطيع الحصول عليها".

كذلك اشتكى محمد من قلة المساعدات التي تقدمها الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية، لذا ناشد المنظمات المحلية والدولية إغاثة النازحين بسرعة.

وأكد محمد، أن المساعدات لا ترقى لمستوى الاستخدام البشري، فمنها منتهي الصلاحية، وأخرى قليلة جديدة لا تسد حاجة العائلة النازحة، متهماً جهات مسلحة بمنع وصول المساعدات لهم مع حلول شهر رمضان.

 

أين منح النازحين؟

هناك العديد من العائلات النازحة عادت إلى مناطق سكناها الأصلية، إلا أنها فوجئت بانعدام الخدمات والبنى التحتية وعدم صرف التعويضات المالية لإعادة إعمار منازلها.

و اضطر البعض منها العودة إلى مخيمات النزوح، فيما بقيت الأخرى في منازل شبه مهدمة ومناطق معدومة الخدمات. الظروف البيئية والجو العام والأمن والخدمات لو توفرت في المناطق الأصلية للنازحين لما بقوا في مخيماتهم، لذلك يجب أن لا تتضمن إجراءات غلق هذا الملف العودة القسرية.

وعلى الرغم من إعلان المحكومة صرف منح للعائلات النازحة العائدة لمناطقها والمقررة مليون وخمسمائة ألف دينار عراقي لكل عائلة، إلا أن هذه المنح لم توزع سوى على 10 - 15 بالمئة من هذه العائلات.

وأكد الحقوقي، أثير بلال، أن المنح المخصصة للعائلات العائدة من النزوح تمت سرقتها، أغلب المبالغ دخلت ضمن موازنات المحافظات ووزعت بطرق مشبوهة، حيث أخذ القائمين عليها 500 ألف دينار عن حصة كل عائلة.

وأفاد بلال، أن عائلات قريبة من موظفي الدوائر المعنية هي التي استفادت من هذه المنح بينما حرمت عائلات كثيرة منها، لأن اموال طائلة من المنح تم سحبها وصرفها في دعايات انتخابية وسياسية في فترات سابقة.

وعن التعويضات المقررة للعائلات المتضررة من الحرب، أكد بلال، أن مسؤولين ومتنفذين وواجهات اجتماعية لها صلة بأحزاب سياسية هي التي استفادت من هذه التعويضات وحصلت عليها، بينما المواطن البسيط مازال إلى الآن يترقب متى يحين موعد استلامه لإكمال بيته واستقرار عائلته.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الجمعة 19 رمضان 1445 / 29 آذار 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط