بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
المهمة المستحيلة |
شبكة البصرة |
من نتائج عملية طوفان الاقصى الفريدة في قيمتها إن إسرائيل، ومعها الغرب الداعم لها والحركة الصهيونية بكاملها، أمام أخطر تحد يواجهونه منذ عقود طويلة، حيث ان طوفان الأقصى هدمت اقوى الأساطير التي بناها الغرب والصهيونية طوال أكثر من قرن لكي تصبح مداميك البديهيات التي لا تقبل أي نقاش، وفي مقدمتها أن إسرائيل وجدت لتبقى وأن أحدا لا يستطيع تحديها أو القضاء عليها لسببين:السبب الأول أنها تمتلك القوة الذاتية العسكرية والتكنولوجية والبشرية، وثانيها أن الغرب والصهيونية بكل قدرتهما يحميان هذا الكيان الاستعماري،لكن عملية طوفان الاقصى هدمت كل ذلك حينما كشفت القاع الحقيقي للكيان الصهيوني ولقوة الولايات المتحدة الامريكية والصهيونية ودول أوروبية تحمي إسرائيل. خلال الشهور الخمسة الماضية ثبت للعالم ان اسرائيل عبارة عن كيان كرتوني لا يصمد امام قوة صغيرة بسيطة التسليح، مقارنة بما لدى اسرائيل، نجحت في جرها الى مستنقع الانهيار الشامل خصوصا النفسي، وهو ما يراه العالم بأكمله ناهيك عن ان هذا الفشل العسكري والسياسي أدى إلى عزلة اسرائيل عن الاغلبية الساحقة من العالم خصوصا في الغرب حاضنة إسرائيل وممولتها وحاميتها،حيث أن ملايين الامريكيين والاوروبيين يخرجون يوميا يهتفون ضد اسرائيل، بل وتجاوزوا كل الخطوط الحمر التي وضعت لهم منذ عقود وأخذوا يرددون شعارات العرب في السبعينات والثمانينات وابرزها ان (فلسطين حرة عربية) و(تحيا فلسطين بين النهر والبحر) وأن اسرائيل كيان دخيل غاصب استعماري. وهكذا أخذت الاعترافات تزداد جرأة وتتواتر واحدة بعد الاخرى من مفكرين وقادة عسكريين ومستعمرين عاديين في الكيان الصهيوني تؤكد بأن إسرائيل قد وصلت نهايتها وانه لا امل في بقائها بعد كل ما حصل وثبت من خلال عملية طوفان الأقصى، وابرزها ان الشعب الفلسطيني لا يمكن قهره ابدا مهما فقد من الشهداء وضرورات الحياة نتيجة الابادة الجماعية لسكان والتدمير الشامل للمدن والقرى والمزارع. ان ما سبق يشكل التحدي الأكبر الذي يشكل الهم والاهتمام الاول لمعاهد البحوث والخبراء في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والحركة الصهيونية بكاملها، إذ أن عليها أن توقف هذا الانهيار المتسارع الذي صرفت عليه تريليونات الدولارات من أجله حروبا عدوانية توسعية ضد العرب ولفقت وزورت كل ما نقراه مما يصدر عن الغرب والصهيونية من كتب وأفكار حول إسرائيل، وبنظرة بسيطة لهذه الحقائق يمكن الاستنتاج بأن الغرب والصهيونية يركزان الان بواسطة مراكز البحوث والخبراء فيهما على إيجاد الطرق الكفيلة باحتواء الثورة العالمية غير المسبوقة ضد الغرب وإسرائيل، ووضع خطط لاحتواء غضب الملايين ووتذويبه تدريجيا واعادة رسم صورة اسرائيل القوية والعرب المهزومون بمختلف الطرق الممكنة، من اجل ان تبقى اسرائيل ولاتنهار وتمر هذه المرحلة الخطيرة. هذه المهمة ليست صعبة فقط بل شبه مستحيلة لأن ما حصل ترسخ في أذهان مليارات البشر في مختلف أنحاء العالم الذين رأوا جرائم إسرائيل خصوصا الجينوسايد وتدمير المدن لحظة بلحظة اثناء وقوعها او بعدها بدقائق، وهذا يختلف عما حصل في كل الجرائم التاريخية قبل عصر المعلوماتية والانترنت لذلك فان المتوقع ان يواجه الغرب والصهيونية تحديا كبيرا في العثور على الطرق التي تنقذ اسرائيل من عواقب ما تبلور وترسخ في ضمائر مليارات البشر عبر الكرة الارضية. افتتاحية جريدة البعث العدد 59 |
شبكة البصرة |
الاربعاء 3 رمضان 1445 / 13 آذار 2024 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |