بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ديّن الحكومة الداخلي يتجاوز حاجز 70 تريليون دينار.. أين ذهبت أموال العراق؟

شبكة البصرة

انعكست السياسة على الاقتصاد، تجعل منه أداة للنفوذ وتعزيز السلطة وقوة السلاح على حساب القانون والسياسة الاستراتيجية في بناء دولة تعتمد على مواردها لتحقيق التنمية الشاملة في مختلف المجالات، وما زال العراق يعاني من سوء الإدارة المالية التي أوصلت حالة الدين الداخلي العام للحكومة العراقية إلى أكثر من 70 تريليون دينار في نهاية 2023 ليرتفع بمقدار 1.5% مقارنة مع 2022 وهو اعلى رقم يصله الدين الداخلي للعراق منذ سنة 2003.

وتبقى الاسئلة المتداولة في الشارع العراقي حول مصير الأموال العراقية وأين تذهب؟

حيث أكد مختصون أن الهدر الكبير في الأموال العراقية و عمليات التهريب كانت عوامل ساهمت في ارتفاع نسبة الديون العامة الداخلية والخارجية في العراق، وسيطرة المسؤولين على منافذ الأموال وتبويبها من خلال مشاريع أو ايفادات أو مشتريات عامة.

وذكرت مؤسسة عراق المستقبل المعنية بالدراسات الاقتصادية في تقرير لها، أن اعلى نسبة نمو في الدين الداخلي العام حدثت سنة 2020، حيث قفز من 38 تريليون في نهاية 2019 الى 64 تريليون في نهاية 2020 بزيادة بلغت قيمتها 26 تريليون دينار، وبنسبة زيادة بلغت 67% مبينة أن الدين العام انخفض بمقدار “ضئيل” في 2022 وعاود الارتفاع في 2023 ليتجاوز حاجز 70 ترليون دينار عراقي.

ووفقا للتقرير، فإن الدين الداخلي توزع بين قروض من المصارف التجارية والحكومية، والتي بلغت نسبتها بحدود 37% من مجمل الدين، و بحدود 62% من البنك المركزي العراقي كالتزامات على المؤسسات الحكومية.

وأشارت المؤسسة في تقريرها إلى أن الدين العام يمثل ما نسبته 19% من الناتج المحلي الإجمالي للعراق، واذا ما اضيف لها الدين الخارجي والبالغ بحدود 40 تريليون دينار، فان اجمالي الدين يبلغ بحدود 110 تريليونات، أي يمثل ما نسبته 29% من الناتج المحلي، وهي نسبة مقبولة نوعا ما مقارنة بنسب باقي الدول.

ونوه التقرير الى ان المشكلة الاساسية تكمن في ان اغلب هذه الديون هي نفقات تشغيلية، وليست استثمارية بمعنى ان هذه الديون لا يمكن استرجاعها من المشاريع الاستثمارية التي كان من المفترض أن تعمل على انشائها الحكومات، لتساهم في زيادة الناتج المحلي وبالتالي المساهمة في ارجاعها الى دائنيها، محذرا من ان استمرار هذه الديون الداخلية بدون وجود خطط لتسديدها يكلف موازنة الدولة نفقات اضافية تتمثل بمبالغ الفائدة التي تضعها المؤسسات الحكومية الداخلية والخارجية على هذه الديون.

 

الفساد أساس الديون

تشير جميع الأرقام التي تتعلق بالاحتياطي والديون الداخلية والخارجية على أنها "غير مطمئنة" على اعتبار أن العراق لا يملك إيرادات مالية من غير النفط، وأن البلد دخل فيما يعرف اقتصاديا بمصطلح "المرض الهولندي" الذي يعني اعتماد البلاد على الإيرادات النفطية فقط دون وجود أي إيرادات أخرى مؤثرة.

وعلق الخبير الاقتصادي، عبدالرحمن المشهداني، على أن عدد الموظفين في العراق الآن قرابة 4.5 ملايين بعد موجة التعيينات التي تعمل الحكومة عليها حاليا، فضلا عن 500 ألف موظف في شركات التمويل الذاتي التي تتلقى رواتب حكومية، مع 4 ملايين متقاعد، و3 ملايين مستفيد من شبكة الرعاية الاجتماعية.

وأضاف، أن مجموع الذين يتلقون رواتب من الدولة نحو 12 مليون عراقي، وفي حال اعتبار أن العائلة العراقية مكونة من 5 أفراد، فإن الرقم الكلي سيزيد على عدد سكان العراق، وهو ما يعني أن جميع العراقيين يعتمدون على الرواتب الحكومية في معيشتهم.

ويرى الباحث الاقتصادي، علي عواد، أن سوء الإدارة والفساد وسيطرة المتنفذين على سلطة القرار الاقتصادي ساهم بارتفاع وزيادة الديون، من خلال التوظيف غير المدروس والاعتماد على دفع الرشاوى بمبالغ مالية طائلة للحصول على وظيفة حكومية.

وأكد عواد أن رواتب الموظفين في العراق بلغت نحو 54 تريليون دينار (36.7 مليار دولار) في عام 2021، ثم أضافت إليها حكومة الكاظمي نحو 10 تريليونات دينار (680 مليون دولار)، فيما ستضيف الحكومة الحالية ذات الكلفة، بما يعني أن رواتب الموظفين وحدها ستكون قرابة 70 تريليون دينار (47.6 مليار دولار).

 

الديون تتضاعف

وفي السياق، قال مستشار رئاسة الوزراء، مظهر محمد صالح، إن هذا الدين تضاعف في السنة المالية 2020 و 2021 ففي العام 2020 لم تكن هناك موازنة مقرة بمجلس النواب، واصَدر المجلس تشريعات يسمح فيها للحكومة في ذلك الوقت باقتراض يزيد عن 25 تريليون دينار، اضافة الى ذلك شرّع قانون الأمن الغذائي والتنمية.

وأوضح صالح، أن الاقتراض تم داخلياً، عن طريق اصدار حوالات الخزينة من وزارة المالية وبيعها الى المصارف الحكومية، التي سيّلتها لدى البنك المركزي، وكذلك تم تمويل قانون الامن الغذائي من اقتراض حوالات الخزينة، وهذه القوانين الثلاث اضافة الى افتراضات لاحقة حدثت هي التي ضاعفت الدين الداخلي ورفعته”.

ووصف المستشار الدين الداخلي الذي يبلغ حجمه 70 تريليون أنه “رقم كبير”، مبينا انه “حوالي 65 في المائة منه بحوزة البنك المركزي العراقي في المحفظة الاستثمارية للبنك”. واكد صالح انه يعتبر عبئا على الموازنة، لكنه يبقى داخل النظام المالي الحكومي. بمعنى أن النظام المالي للحكومة هو من يتحمله وليس السوق، كأنما هو تسويات قيدية”. واردف بالقول ان “مخاطره قليلة في الوقت الحاضر، لكونه يعتبر دينا داخليا (من الحكومة واليها) ولكونه داخل المؤسسة المالية الحكومية، بين المصارف الحكومية والبنك المركزي ووزارة المالية وهذه مؤسسات دولة”. وخلص الى القول انه “برغم ان مخاطره القليلة لكن هذا لا يلغي انه دين، ويجب اطفاؤه والعمل على ذلك، واقترح ان توضع خطة سنوية لإطفائه بالتدريج او تسويته باي طريقة اخرى وازالة العبء لأنه اكبر من حجم الدين الخارجي على العراق والذي لا يتجاوز 25 مليار دولار. بينما الدين الداخلي وصل لحدود 50 مليار دولار”.

 

بيانات غير حقيقية

وعلى صعيد ذي صلة، الخبير المالي والمصرفي، مصطفى حنتوش، يرى حنتوش أن هناك مغالطة في بيانات المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء بما يتعلق بنسبة الديون الداخلية العائدة للبنك المركزي، مشيرا إلى أن البنك المركزي كان قد أعطى للحكومة سندات خزينة بـ20 مليار دولار عند انخفاض أسعار النفط عام 2020، حيث عمدت الحكومة لبيع هذه السندات وتحويلها إلى أموال سددت بها رواتب الموظفين، لافتا إلى أن الحكومة أعادت أموالا للبنك المركزي تقدر بنحو 35 مليار دولار دون خصمها من قائمة الديون حتى اللحظة.

وأوضح حنتوش، أن حجم الدين الداخلي في العراق، ارتفع الى أكثر من 70 تريليون دينار، على اعتبارات أنه دين امن وان هناك أموالا في العراق نتيجة قلة الاستثمار وبسبب ان المصارف الحكومية تمنح قروضا قليلة للاستثمار، وبالتالي لديها مدخرات كبيرة.

وأشار، الى أن “الحكومة قامت بالاستعانة بتلك الديون لتمشية الأمور، لكن من جانب آخر فشلت إدارة مجلس صندوق التقاعد - وهو صندوق استثماري - في الدخول بأي استثمار منذ عشرين سنة، وبالنتيجة الحكومة استثمرت جزءا من هذا مقابل فائدة”.

وأضاف، أن هناك “عدة جهات توجد فيها أموال تابعة للدولة، بضمنها مؤسسات و حتى مصارف حكومية واهلية استدانت منها الدولة. وإضافة الى الدين العام، هناك مستندات مطروحة للجمهور قرابة 7_8 الى تريليونات، وهذه المبالغ استخدمت من قبل الحكومة في تمويل موازنتها”.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الجمعة 19 رمضان 1445 / 29 آذار 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط