بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

هل التطورات الحالية تهدد مستقبل النفوذ الامريكي في المنطقة؟

شبكة البصرة

بقلم انس الشيخ مظهر

ان المنطقة بعد حرب غزة لن تكون كما قبلها. فحتى لو انتهت الحرب بمغادرة حماس غزة ”وهو اقصى ما يمكن ان تسفر عنه هذه الحرب”، فان خروج ايران واذرعها الباقية منها دون خسائر سيعتبر نصرا حقيقيا لها تحولها من قوة اقليمية “تطمح” للسيطرة على المنطقة الى قوة اقليمية “حقيقية” تسيطر عليها. وهو ما سينتج عنه التداعيات التالية:

- سيعطي ذلك انطباعا لدى الدول المهددة من قبل ايران بان امريكا ليست الحليف المناسب لحمايتها من التهديدات المحدقة بها، مما يؤدي بها الى فك تحالفاتها معها، خاصة بوجود قوى عالمية جديدة كالصين وروسيا تطمح للتواجد في مناطق النفوذ الامريكي الحالية. وهو ما يمثل تطورا خطيربالنسبة لامريكا.

- سيطرة ايرانية كاملة على العراق وسوريا ولبنان واليمن، تتشكل على ضوئها ما يمكن تسميتها ب “دول المقاومة” بعد ان كانت فصائل متفرقة تسمى ” محور المقاومة”.

- ستشكل “دول المقاومة” هذه هلالا شيعيا يطوق دولا مثل الاردن ودول الخليج يتم تصدير تجربة المليشيات اليها كما تم تصديرها سابقا الى العراق ولبنان واليمن.. ولن يقف تاثير الهلال الشيعي عند هذه الدول فقط بل ستصل تاثيراته لدول اخرى مثل تركيا ومصر.

- سيطرة كاملة على الملاحة البحرية في المنطقة، وكذلك على مشاريع الطرق البرية المزمع تشكيلها لربط الشرق باوروبا، مما سيعطي ايران ميزة السيطرة على الاقتصاد العالمي بشكل كامل.

- هناك نقطة جديرة بالملاحظة وهي ان خروج محور المقاومة دون خسائر من حرب غزة سيعطيها دافعا لاستنساخ فكرة تشكيل المليشيات في دول اخرى تريد التاثير فيها. كل حسب ظروفها السياسية. وقد تكون امريكا هدفها التالي لنقل تلك التجربة اليها “وان كان بشكل مغاير لما فعلته في الشرق الاوسط” خاصة وان الظروف الداخلية فيها قد تساعد على نجاح تلك التجربة، من قبيل رغبة بعض الولايات للانفكاك من الولايات المتحدة، وهي بالطبع مهمة صعبة التنفيذ على ايران لوحدها، لكن بالتنسيق مع الصين وروسيا قد تجعل منها مهمة ممكنة التحقيق، خاصة وان روسيا تتطلع للرد بالمثل على امريكا في تفكيكها للاتحاد السوفيتي سابقا.

 

استنادا لما سبق نستنتج ان ايران قد تخطت خطوط امريكا الحمراء في حيثيات حرب غزة. ويبدو ان مراكز القرار في امريكا تعي هذا الخطر وقد اتخذت فكرة المواجهة مع ايران “او” اذرعها منذ فترة، بعد ان ابدت اسرائيل ودول خليجية لاكثر من مرة رفضها محاولات الادارات الامريكية استيعاب النظام الايراني.. فتوجهت دول الخليج ”السعودية والامارات” الى المعسكر الشرقي وعقدت اتفاقيات شراكة معها، ودعت الرئيس الصيني لحضور مؤتمر القمة الخليجي قبل اكثر من عام، كل ذلك شكل نقطة انقلاب في الموقف الامريكي في تغير مواقفها تجاه ايران. فقد كانت الخطوات الخليجية تلك رسائل مباشرة لامريكا بانها ممتعضة من النهج الامريكي المرن حيال الخطر الايراني،وبانها تمتلك خيارات اخرى غير امريكية يمكن اللجوء اليها في حال استمرار امريكا في نهجها هذا.

عقب المواقف الخليجية هذه تمت زيارات مكوكية لمسؤولين امريكان الى الخليج واسرائيل، وشهدت المنطقة خطوات سياسية مركبة بعيدة المدى تمثلت بتوجه سعودي اماراتي نحو تطبيع العلاقات مع ايران والانفتاح عليها، وتهدئة الوضع السياسي في اليمن والعراق “وان كان التوجه الى التهدئة في البلدين على حساب الحلفاء المحليين لامريكا بشكل مؤقت ”. هذه التحركات الخليجية حدثت بتنسيق عالي مع مراكز القرار الامريكية كان الهدف منها ابعاد دول المنطقة عن اي استهداف حال حدوث مواجهة في المنطقة مع ايران “او” اذرعها. ونشهد حاليا نتائج هذا التوجه في ان دول الخليج بمناى عن اي تهديد ايراني او مليشياوي رغم اشتعال جبهات كثيرة في المنطقة.

يبدو ان مراكز القرار الامريكي ارتات ان تكون المواجهة مع محور المقاومة بالانفراد باذرعه الواحد تلو الاخر. ففي الوقت الذي كانت اسرائيل تتوغل في مناطق غزة، سارعت امريكا بارسال بوارجها الى البحر المتوسط، واستمرت في التاكيد على عدم رغبتها بتوسيع الصراع خارج غزة، وبذلك ضيقت مساحة ردود افعال حزب الله وابقتها في نطاق قواعد الاشتباك، وعندما دخل الحوثيين الحرب، تولت امريكا مهمة الرد عليهم كي تتفرغ اسرائيل لحربها ضد حماس.

رأي اليوم

شبكة البصرة

الاربعاء 3 رمضان 1445 / 13 آذار 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط