بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

صحوة العرب.. أحلام يقظة

شبكة البصرة

السيد زهره

تحدثت في مقال سابق عن معاهدة الدفاع العربي المشترك التي تم توقيعها عام 1950، وعن قرار القمة العربية في شرم الشيخ عام 1915 بإنشاء قوة عسكرية عربية موحدة، أي جيش عربي موحد، لحماية الأمن القومي العربي والدفاع عن الدول العربية، وكيف انتهى الأمر بالمعاهدة وبهذا القرار بأن يصبحا مجرد حبر على ورق.

الأمر المؤكد انه لو كان العرب يمتلكون هذه القوة العربية المشتركة ما كان حال الدول العربية قد وصل الى ما وصل اليه اليوم. لو كان لدينا هذه القوة الرادعة ما كانت الدول الأجنبية قد تجرأت علينا على هذا النحو واستباحت الساحة العربية، ولما كان العدو الصهيوني قد تجرأ على شن حرب الإبادة الحالية في غزة، وما كانت دول عربية قد تدمرت وضاعت.

السؤال المهم هو: لماذا يعجز العرب عن توحيد صفوفهم وانشاء هذه القوة العربية الموحدة القادرة على الدفاع عن امننا القومي وعن دولنا؟

بداية، من السهل ان نتحدث كثيرا، وعن حق، عن دور القوى والدول الأجنبية المعادية في افشال أي محاولة لإنشاء قوة عربية موحدة.

هذا صحيح تماما، كل الدول العادية للدول العربية او الطامعة فيها، من الكيان الصهيوني الى ايران الى أمريكا والدول الغربية، تلتقي معا عند هدف واحد هو محاربة أي تجربة وحدوية عربية، والحيلولة دون نجاح أي محاولة جادة للتوحيد العربي وانشاء قوة عربية موحدة سواء على المستوى العسكري او الاقتصادي او السياسي. يفعلون هذا لسبب بسيط هو انه لا يمكن تحقيق مخططاتهم في المنطقة الا في ظل الفرقة العربية.

لكن دور القوى والدول الأجنبية ليس تفسيرا كافيا او وحيدا للحال الذي وصلنا اليه. الدول العربية تتحمل بداهة المسئولية الأساسية.

أسباب كثيرة تخصنا هي التي اوصلتنا الى هذا الحال من العجز.

قبل كل شي، وهذا امر يدركه الجميع ولا شك، لا نستطيع ان نقول ان هناك إرادة رسمية عربية جماعية لانشاء قوة عربية موحدة قادرة وفاعلة. الدليل على ذلك انه اذا تم اتخاذ أي قرار جماعي بهذا الخصوص سرعان ما يختفي من الوجود مثلما حدث مع قرار القمة بإنشاء القوة العسكرية العربية الموحدة.

ولأنه لا توجد إرادة من الأساس، فمن البديهي انه لا توجد أي استرتيجية عربية موحدة لمواجهة تهديدات الأمن العربي ولحماية الدول العربية. في غياب مثل هذه الاستراتيجية تتصرف الدول العربية إزاء أي تهديد او خطر كما لو كانت جزرا منعزلة لا يجمع بينها شيء. كل يفعل ما يحلو له.

الأمر الآخر الكارثي انه بدلا من توحيد الجهود بين الدول العربية تحول الأمر الى صراع وتنافس بين دول عربية كما لو كانت دولا متعادية.

في المحصلة النهائية لكل هذا، وغيره كثير، انتهى بنا الأمر الى هذا العجز العربي عن تكوين أي قوة عربية قادرة ورادعة.

الأمر المحزن ان هذا يحدث على الرغم من امرين:

الأول: ان الدول العربية تمتلك اكبر قاعدة في العالم للتوحد. نعني قاعدة الوحدة الشعبية بين أبناء الدول العربية جميعا. كما تمتلك كل الإمكانيات المادية والبشرية لتكوين القوة الموحدة.

والثاني: أن الأخطار التي تعرضت لها الدول العربية في السنوات الطويلة الماضية اخطار وجودية بكل معنى الكلمة. اخطار بسببها تدمرت دول عربية، ونتعرض اليوم للإبادة في غزة.

كل هذا لا يكفي كي يصحو العرب.

ورغم كل ما ذكرناه، فان الأوان لم يفت بعد تاريخيا كي يستفيق العرب ويستيقظوا ويوحدوا صفوفهم ويقرروا انشاء قوة عربية موحدة رادعة قادرة على الدفاع عن امننا ودولنا ومواجهة الأعداء.

أم ترى ان الأمل في صحوة العرب سيظل هكذا مجرد حلم من أحلام اليقظة؟

شبكة البصرة

الاربعاء 4 شعبان 1445 / 14 شباط 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط