بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

على وقع القصف الأخير.. سلطة الميليشيات أكبر من سلطة الدولة العراقية

شبكة البصرة

سلط الهجوم الأخير الذي وقع على قاعدة أميركية داخل الحدود الأردنية، والذي قُتل فيه 3 وعشرات المصابين من الجنود الأميركيين، الضوء مجددا على الميليشيات ودورها في العراق، بعد إعلان ميليشيا تطلق على نفسها "المقاومة الاسلامية" مسؤوليتها عن ذلك الهجوم.

فهذه الميليشيا التي ظهر اسمها حديثا عقب أحداث 7 أكتوبر الماضي، تبنت معظم الهجمات التي تعرضت لها القوات الأميركية، وبعد الهجوم الجديد حملت واشنطن مسؤولية وقوعه للميليشيات الموالية لطهران، ليمثل وفق المراقبين نقطة تحول في الصراع وتغييرا دراماتيكيا لقواعد الاشتباك قد يقود لحرب كبرى في المنطقة.

هذا الإعلان من قبل الفصائل يطرح تساؤلات عديدة حول ماهية هذه الجماعات وما ينضوي تحت مظلتها من ميليشيات وتيارات سياسية، وهل أنها تأتمر مباشرة بأوامر إيران أم أنها تتحرك من تلقاء نفسها؟

ومن أبرز الميليشيات التي تنضوي في هذه الميليشيا بالعراق، كتائب حزب الله وحركة النجباء، ووفق "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، تشير الأدلة المتوافرة إلى أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني يؤدي دورا في تنسيق عمل هذه الميليشيات.

و تحرص الميليشيات المسلحة في العراق بشدة على حماية هوياتها الفردية والفضل الذي يعود إليها في الهجمات (المباشرة أو عبر جماعات واجهة مرتبطة بها)، لذا يشير استعدادها لإخفاء هذه الهويات وحتى التراجع عن تبني هجوم منفَّذ على مستوى جماعة فردية إلى أن سلطة عليا تتولى تنسيقها" وفق معهد واشنطن.

 

اضطرابات وردة فعل

ويحذر خبراء من أن اتساع دائرة الفعل ورد الفعل عقب هجوم الأردن بين الميليشيات الموالية لإيران والقوات الأميركية في المنطقة، مما قد يقود لتوريط العراق بصورة مباشرة في صراع إقليمي واسع.

وقال الخبير الأمني والاستراتيجي، مخلد حازم، إن تصاعد وتيرة الهجمات المتبادلة، تضع بغداد أمام موقف حرج يقتضي اتخاذ خطوات جادة وملموسة لتجنيب البلاد المزيد من التورط، ولمنع تحولها لساحة تصفية حسابات وتبادل رسائل خارجية وفقهم.

ورغم وجود هذه الميليشيات سابقا، لكن بعد 7 أكتوبر استحدثت غرفة عمليات ضمن إطار ما يسمى وحدة الساحات، وتضم عدة جماعات أبرزها ميليشيات حزب الله و النجباء و سيد الشهداء وأنصار الله الأوفياء، و لتجتمع تحت مظلة ما يسمى بـ"المقاومة الإسلامية" في العراق، وهي جزء من محور يمتد من إيران إلى لبنان واليمن.

ويضيف، أن هذه الميليشيات تنسق عملياتها ضمن غرفة عمليات مشتركة وهي تأتمر بأوامر خارجية ولديها بنك أهداف، مصعدة تدريجيا من وتيرة ونوعية هجماتها حيث بدأت بصواريخ الكاتيوشا والمسيرات وصولا للصواريخ الباليستية المتوسطة والبعيدة المدى.

وهذا ما يكشف أنه يتم مدها بمختلف هذه الأسلحة والترسانات من الخارج، وإيران هنا لا تخفي دعمها وتمويلها لهذه الجماعات، بمعنى أنه ليس أمرا سريا.

ويؤكد، أن استمرار هجمات الفصائل، فإن النتائج ستكون وخيمة على العراق وأمنه والتزاماته الدولية، وما يزيد من قتامة المشهد أن بغداد لا تبدو قادرة على ضبط هذه الجماعات، التي تأتمر من وراء الحدود وليست معنية بمصالح العراق.

 

حرب بالإنابة

فتح فقدان ستة مقاتلين من مليشيات سوريا الديمقراطية، حياتهم، نتيجة استهداف مسيرة إيرانية قاعدة حقل العمر النفطي في دير الزور، شرقي سوريا، احتمالات تدخل “قسد” على خط النار في الصراع الإيراني – الأميركي.

وتبنى ميليشيات ما يسمى بـ“المقاومة الإسلامية” في العراق الموالي لإيران، حادثة استهداف مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، الأمر الذي دفع ميليشيا “قسد” لإصدار بيان قالت فيه، إن القوات العسكرية أجرت تحقيقاً في الهجوم الذي استهدف أكاديمية تدريب لقوات الكوماندوس في “قسد”، وثبُت تنفيذه من قبل “ميليشيات مدعومة من إيران”.

وأضافت أن الجماعة استخدمت مناطق غربي الفرات؛ حيث السلطة الفعلية للمليشيات الإيرانية، لتنفيذ الهجوم على أكبر القواعد الأميركية في سوريا.

واعتبر الخبير الأمني، عصام الفيلي، أن استهداف فصيل موال لإيران، لقوات سوريا الديمقراطية يمثل تغييراً في استراتيجية المواجهة الإيرانية – الأميركية.

وقال الفيلي، وهو أستاذ في العلوم السياسية وخبير في الشأن الأمني، إن الضربة الأخيرة جعلت طبيعة المواجهة مفتوحة، عبر استراتيجية “الحرب بالإنابة”، مشيراً إلى أن طبيعة الأهداف تدل على ذلك، إذ تعتبر قاعدة حقل العمر أكبر القواعد الأميركية في سوريا، وأن المواجهة الإيرانية الأميركية في سوريا والعراق “تأخذ طابع ضرب الوكلاء”.

وأضاف، أنه لم تشر ميليشيات “المقاومة الإسلامية” الموالية لإيران في بيان تبني الهجوم، بأنه رداً على القصف الأميركي الذي استهدف 85 موقعاً لفصائل إيرانية في سوريا والعراق، فيما شنّ الجيش الأميركي غارات جوية على 85 موقعاً في سوريا والعراق، استهدفت فصائل مرتبطة بإيران، وخلّفت الضربات نحو 40 قتيلاً وجريحاً.

وقال “الفيلي” إن إيران وأميركا يتجنبان الصدام المباشر عبر ضرب الوكلاء في المنطقة، وتجلّى ذلك في ضرباتها الأخيرة، بينما استُهدفت قاعدة العمر من الأراضي السورية.

 

الضربات الأمريكية

أكدت وزارة الخارجية الأميركية، أن الضربات التي شنتها الولايات المتحدة ضد الميليشيات الموالية لإيران في العراق، لن تكون الأخيرة في سلسلة ردود الفعل على الهجوم الذى أودى بحياة ثلاثة جنود أميركيين في الأردن.

وقال المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية، سامويل وربيرغ، في مقابلة مع برنامج "بالعراقي" على "الحرة عراق"، إن الولايات ستحاسب الجهة المنفذة للهجوم على القوات الأميركية في الأردن.

وشدد وربيرغ أن "الولايات المتحدة ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية نفسها وحماية القوات الأميركية في أي مكان، سواء في العراق أو سوريا أو أي مكان آخر".

وقال المسؤول الأميركي إن ضربات الأيام الماضية لن تكون الأخيرة فيما يتعلق بردود الفعل الأميركية "لدينا أدوات أخرى يمكن أن نستعملها بما في ذلك ردود الفعل العسكرية أو فرض العقوبات".

ولفت وربيرغ إلى أن "الحكومة العراقية لديها المسؤولية لحماية كل جنود التحالف الدولي الموجودين على أراضيها لأنهم هناك بدعوة منها، وهي لديها المسؤولية للتنسيق معنا من أجل حمايتهم".

 

سلطة الميليشيات

تزايد تأثير الميليشيات في العراق على سلطة القرار الأمني والسياسي والاقتصادي، بسبب ضعف الدولة وتواطؤ الحكومة بأجندات خارجية متعلقة بالترابط العقائدي مع إيران، التي باتت تستخدم أدواتها في العراق كحلقة لتنفيذ أنشطتها وتمويل عملياتها خارج إيران بواسطة العراق.

وتسببت تلك الميليشيات في كل عمليات الفساد والإجرام وتزايد الفقر والاغتيالات والسجون السرية وقانون مادة أربعة إرهاب والتغيير الديموغرافي والتغييب على الهوية الطائفية، فضلاً عن قوانين رجعية أخرى مناهضة للنساء وحقوق الإنسان وتحويل العراق إلى حديقة خلفية لإيران.

ويستثمر المشروع الإيراني في الدول الفاشلة أو في البلدان التي تنعدم فيها أيّ أسس للدولة بالمعنى القانوني والهوياتي والأمني والسياسي، كما هو الحال في العراق واليمن ولبنان، وإذا كانت الحرب تعبيرا مكثفا عن الاقتصاد، فأن إيران دولة غير قادرة على المنافسة الاقتصادية في السوق الرأسمالية في المنطقة دون ميليشيات وقوة عسكرية، أي أنها لا تملك الأموال بسبب العقوبات الغربية عليها ولا تملك التكنولوجيا الصناعية التي تؤهلها للمنافسة الاقتصادية، إنما عملت على تعزيز ودعم الميليشيات وإعطائها السلطة والنفوذ لتحقيق رغباتها واجنداتها.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الاربعاء 4 شعبان 1445 / 14 شباط 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط