بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
ماهي الشرعية الحزبية؟ ومتى يجرد ممارسها منها؟ |
شبكة البصرة |
صلاح المختار |
عالمنا يمر بمرحلة السقوط الحاسم لكل اغطية الخداع والتضليل في المفاهيم والعقائد، ولعل اوضح صورة هو تعري الغرب الى الابد من اغطية الديمقراطية وحقوق الانسان والمساواة، وحرب الجينوسايد التي تشنها امريكا واسرائيل على فلسطين منذ شهور دليل واضح ولا يحتاج للشرح! نعيش في عصر ردة بشعة اسوأ بمراحل من قانون الغاب، فمن عاش قانون الغاب كان بدائيا لايملك الا العصا والرمح ووعي بسيط جدا،لهذا كان اذاه محدودا، اما الردة الحالية في الغرب (المتحضر) فهي ردة من يعرف ويعلم ويعي اكثر مما يجب، ويملك ادوات الابادة اكثر مما يجب، لذلك فنحن الان امام ازمة قيم اولا وقبل كل شيء ونحن نرى ان جرائم بشعة ترتكب بحق ملايين البشر الابرياء، كما يفعل الغرب والصهاينة! الخيارات لم تعد محيرة بين الحق والباطل وبين الشرعية المحتازة من قبل الجلاد وبين ضحاياه سواء كان غربا وصهيونية او عناصر مجندة من بين صفوفنا لتمزيق قوانا الوطنية وبأسمها وتحت شعاراتها وبقوة اسم قيادتنا القومية، والتي تم السطو عليها من نغول المخابرات الامريكية او الايرانية او الموساد! نكتب بعد اكثر من ثلاثة اعوام على خروج مؤامرة اجتثاث البعث الى العلن وهي المؤامرة التي ظهرت داخليا بوضوح في عام 2011 مع تفجر ما سمته زمرة الردة في الحزب ب(الربيع العربي) او (الثورات الشعبية الديمقراطية)! واسمينا نحن ماحدث ويحدث الربيع العبري، لان نتائجه هي مانراه من خراب حل بكل قطر وقعت فيه تلك الفتنة ولم ينشأ اي بديل ديمقراطي ابدا،ومع ذلك فهذه الزمرة مازالت حتى هذه اللحظة تعتبرها ثورات! وذلك مؤشر اخر يؤكد انها تابعة للغرب والصهيونية بوعي تام. ومن هذا التناقض في فهم ما يجري بدأت ظاهرة تمزق الحزب وتفجرت الازمة بقوة بعد رحيل الرفيق الامين العام عزة ابراهيم رحمه الله، والذي اكتشف بوضوح وجود مؤامرة تنفذها زمرة جواسيس تسللوا الى القيادة القومية، كما اكد برسالة بعث بها لكاتب هذه السطور والذي قدم استقالته من قيادة الحزب رفضا لحالته المتفجرة بسبب ذلك التكتل، والرسالة كانت ردا على طلبي الاستقالة وتحدد سبب رفض الامين العام لاستقالتي بتأكيد واضح قال فيه: (اسحب استقالتك من القيادة لان دورا تاريخيا ينتظرك لاحباط اكبر مؤامرة لتسليم الحزب الى ايران ونظام بشار يقوم بها افراد في القيادة القومية)، وهذه الرسالة استلمتها قبل رحيل الامين العام ب17 يوما في عام 2020،ونشرت اولا بصيغة كتاب رسمي من مكتب امانة سر القطر، وعندما كذبتها زمرة الجواسيس في القيادة القومية نشرنا النص بخط يد الرفيق الامين، فاسقطنا كل شك بوجود تجنيد لاعضاء في القيادة القومية من عدة اجهزة امنية. وهذه حقائق ثابتة لم نعد بحاجة لمناقشتها بعد الان وكل ما علينا هو مواصلة عزل وتصفية هذه الزمرة المجرمة وعزل من مازال يقف معها رغم اننا افقدناها اغلب الرفاق في الوطن العربي.واذا كان هناك من يتردد في وصف من سطو على القيادة القومية بالجواسيس حرصا على سمعة الحزب فاننا نذكر بان المرض حينما يضربك يجب على الطبيب اولا تشخيصة وتحديد اسبابه بدقة تامة كي يعالج، اما انكاره فهو خطأ طبي قاتل، وهو كذلك خطأ اخلاقي فادح لانه يتجاهل حقيقة انه ليس هناك ضمانة بحصانة كل من انتمى للحزب فمن يعتقد بذلك ساذج او متساذج. ونحن نفخر باننا شخصنا الجواسيس، وتجاهل وجود اختراق امني يشكل مثلبة في الوعي الامني في عصر اختراق خصوصيات البشر كلهم،خصوصا وان الكثير من الحزبيين لم يعودوا في حماية النظام الوطني او رقابته، ان وحدة الحزب هي شرط نهوضه المسبق ولانهوض له ولا تحرير للعراق الا بأعادة اللحمة الرفاقية، وبها سينهض البعث مؤكدا انه ليس في قاموسه كلمة (مستحيل) كما نرى شعبنا الان في غزة صامدا في وجه اكبر الة حربية واخطرها، وهذا الواجب المقدس يفرض اولا تشخيص مواقف العفن وتطهيرها. ان هذه المقدمة ضرورية جدا لانها تسهل فهم لم نتحدث الان عن الشرعية الحزبية ومن يتمتع بها ومن يفقدها وكيف؟ فقد ولجنا مرحلة توحيد الحزب قطريا ليكون التوحيد شاملا لكل البعثيين، فالامر تجاوز الان التنظيمات القائمة، رغم ان بعضها ناضل ومازال من اجل وحدة الحزب وحقق نتائج مبهرة، ولكن الدعوة لوحدة الحزب بعد كل الخراب الذي حل به اصبحت اقوى واشمل، فهي الان مطلب الاغلبية الساحقة من البعثيين الحقيقيين في العراق، وهم الضحايا الاكثر تعرضا للعذاب والموت، والبعث في العراق هو قاطرة الحزب قوميا، لذلك فاننا اقسمنا مرة ثانية بعد قسم العضوية في الحزب على انقاذه وأعادة وحدته بقوة نضالنا. فكما كنا السباقون لمواجهة الاحتلال منذ لحظاته الاولى،سياسيا واعلاميا وثقافيا وتنظيميا،وفي اعادة بناء المعنويات التي انهارت لدى كثيرون نتيجة الصدمة، فاننا الان سنتولى عملية توحيد الحزب قطريا وقوميا وانهاء الفرقة التي صنعتها عناصر متورطة في خطة اجتثاث البعث، وسنسقط ما تبقى من احجار الردة والتثقيف الذي سمم البعض، فالحزب ليس ملكا لاحد اي كان وهو يبقى لابناءه المخلصين في كل الوطن العربي.ولاسقاط اخر حجج وضع رجل هنا واخرى هناك سنعيد شرح المفاهيم التي تخلق التردد لكي لايقول احد انني لم اكن اعلم!.وسنجيب على التساؤلات حول الشرعية ومتى تمنح وكيف تسحب، ومفهوم الاقلية والاغلبية. مفهوم الشرعية: في الحياة البدائية للبشر لم يكن مفهوم الشرعية موجودا بل كان مفهوم القوه هو المتحكم سواء في مرحلة الصيد او مرحلة الزراعة، وهكذا اقترنت الشرعيه بصاحب السيادة او السلطة على جماعته دون ان يكون للجماعة راي في تسلطه واستبداده،فالشرعية هنا شرعية القوة وامتلاك وسائلها. ولكن الاثار التدميرية للاستبداد فجرت انتفاضات وثورات أطاحت بالاستبداد مثل الثورة الفرنسية، فوضعت قواعد ما يسمى اليوم بالديمقراطية، حيث أن الشرعية اقترنت بقيام الناس باختيار من يحكمهم وفقا لقواعد قانونية، وهكذا لم تعد الشرعية تقترن بفرد، ولا بفئة، بل كان وما زال اقترانها الرسمي بضوابطها الالزامية. ماذا ترتب على ذلك؟ اول نتيجة كانت انفصال الشرعية عمن يمثلها فهي قاعدة موضوعية لا تنسب لفرد او جماعة وانما تمنح لهم بقرار من الأغلبية في الانتخابات، وممارسة الشرعية مشروط ومؤقت، فهو مشروط بتقيد من يمارسها بسنام الضوابط الشرعية وهو الدستور. وبقدر ما يتقيد من اختير بالقانون تستمر شرعيته، وتنتهي بانتهاء الفترة الزمنية، وهذا هو مفهوم الديمقراطية الحديث. ومقابل هذا المفهوم للشرعية الديمقراطية هناك مفهوم الشرعية الوراثية، وهي عبارة عن ردة واضحة الى شرعية القوة ولكن موهت بغطاء حريري، وهو حصر القبض على السلطة وممارستها على الاخرين بمميزات عائلية خاصة، كما في النظام الملكي غير الدستوري، او قبلية فرأس السلطة حينما يموت او يقصى يحل محله ابنه او شقيقه، وهكذا اصبحت السلطة متوارثة، وتزداد قوه اغراء هذا النوع من السلطة باضفاء طابع القدسية الدينية عليها، وهذا يتجسد في مثالين بارزين الان ونعيش كوارثنا بسببهما: الاول الشرعيه التي تضفيها الكتب اليهودية على اليهود من خلال اعتبارهم (شعب الله المختار ) الذي خلق ليحكم بقية البشر والبقية عبيد لهم، لانهم جوييم. اما المثال الثاني فهو مشتق من المفهوم اليهودي،وهو حصر السلطة في (ال البيت) في التشيع الاثناعشري، وهذا مفهوم ليس له اي صلة بالاسلام ولا بال البيت الكرام، لان الاسلام دين الشورى والذي لم يسمح بالوراثة ابدأ،والادلة قدمت من النبي محمد صلى الله عليه وسلم حيث انه وهو يحتضر رفض تسمية من يخلفه من عائلته او غير عائلته وترك امر اختيار الخليفة للصحابة وهم النخبة الطليعية التي نشرت الاسلام، وهي لاتنتمي لاسرته ولا لقبيلته بل هي تمثل كل القبائل والاطراف، وهذا المفهوم المدسوس على الاسلام يقوم على ان الحكم محصور في الائمة الاثنى عشر ولا يخرج الى غيرهم، كما ادعى خميني وتبعه الايراني الحوثي،فالشرعية الوراثية مقررة سلفا للعائلة المقدسة! متى يمكن تجريد صاحب الشرعية منها؟ في المفهوم الديمقراطي فإن رئيس الدولة المنتخب وأعضاء البرلمان المنتخبين لهم مدة محددة واذا لم يجدد انتخابهم يفقدون الشرعية، لذلك فالشرعية في النظام الديمقراطي مستمدة من الانتخاب الحر. والذي يحكم عملية الانتخاب هو القانون، أما في الحزب فنظامه الداخلي ودستوره يحددان هوية الحزب وصلاحيات أعضاءه وقياداته وكيفية ادائهم ومحاسبتهم.ومن ابرز البديهيات الثابتة انتفاء ضرورة طاعة قرارات من لايتقيد بالنظام الداخلي للحزب ويعزل، فهو لايملك حقا مقدسا وتلك ام بديهيات الديمقراطية. ما الذي يترتب على كل ما سبق من نتائج؟ عندما لا يتقيد ممارس الصلاحيات بالشروط والحدود التي يعرفها مسبقا يفقد الشرعية تلقائيا ولا يحق له مواصلة ممارستها.وهذا ينقلنا إلى النقطة الثالثة الأساسية وهي: هل مفهوم الشرعية منفصل عن مفهوم الأقلية والأغلبية؟ الجواب انه منفصل حتما فلا توجد صلة بين اكتساب الشرعية وبين وجود اقلية او اغلبية مع او ضد من يمارس الشرعية، فالاصل فيها كما قلنا هو ما يحدده القانون في الدوله والنظام الداخلي في الحزب، فحينما لا يتقيد ممارس الشرعية بالضوابط يفقدها تلقائيا، حتى لو كان مدعوما من اغلبية القيادة معه، لان هذه الاغلبية لا تملك حق تغيير الضوابط الشرعية بل يجب ان تخضع لها، وبالتالي فان الاقلية اذا كانت تمثل في موقفها القانون نصا وروحا فانها هي صاحبة الشرعية والاغلبية فاقدة لها. ولنتذكر بأستمرار بان الشرعية تقررها الاغلبية في الانتخابات فقط وليس بعدها، لان الناخب يمارس حق منح الشرعية اثناء الانتخابات فقط،والسياسي بأي موقع يخضع للقانون ولايمكنه التجاوز عليه. وهذه القواعد ليست مقتصرة على الاحزاب فحتى في الدين والحركات الاصلاحية فانها تبدأ باقلية، ولو كانت الاغلبية هي التي تقرر ما هو شرعي وما هو غير شرعي لما انبثقت الاديان ولا نجحت الحركات الاصلاحية، والتي تبدأ بفرد واحد او ببضعة افراد تقف ضدهم الاغلبية بقوة، واحيانا مقرونة بالعنف والضغط النفسي ضد الاقلية، وهذا ينطبق على حزبنا فعند التأسيس كان من اسسه يمثل اقلية مثلها القائد المؤسس ميشيل عفلق ورفاقه رحمهم الله، والان الحزب يضم جماهير واسعة، ومن هذا المنطلق المعروف والبديهي فان وجود اقلية تتمسك بالحق والقانون والنظام الداخلي يجعلها هي صاحبة الشرعية وممثلها، بينما الاغلبية اذا لم تكن تتقيد بالنظام الداخلي والقانون فانها تفقد الشرعية الحزبية بالكامل. ولدينا أمثلة كثيرة فحينما قامت ردة 23 شباط 1966 في سورية على الحزب وقيادته القومية الشرعية نجح المرتدون في كسب أغلبية الجهاز الحزبي في سورية، فهل هذا الكسب وفر للنظام البديل الشرعية الحزبية ام انه فقدها الى الابد؟ الجواب بقيت الشرعية مع القيادة القومية التي كانت تمثل الحزب بصدق، وليس مثل من سطو على اسمها الان،وهم اضافة الى ارتباطاتهم الامنية يتميز اغلبهم بنقص الكفاءة. ماهي الخلاصة؟ بعد اكثر من ثلاثة اعوام على تنفيذ خطة اجتثاث البعث من داخله وبواسطة جواسيس تسللوا للقيادة القومية فقدوا الاغلبية الساحقة من الرفاق، ولئن كنا في البداية اقلية، كما في كل الدعوات الثورية، فاننا الان نمثل الاغلبية الساحقة قطريا وقوميا، والرفاق لم يعودوا يتحملون بقاء الحزب مقسما، في زمن هو الاخطر على الامة كلها، وذلك بحد ذاته يوفر الحق الاخلاقي والمنطقي لاتهام من يرفض وحدة الحزب،تحت اي ذريعة،بانه ينفذ خطة اجتثاث البعث من داخله. سنمضي بحسم وقوة لتحقيق وحدة الحزب بمفهومها الاوسع، الشامل لكل بعثي مخلص، وبنفس الوقت نعد لكافة الخطوات المطلوبة لاكمال مؤسسات الحزب القيادية،وسنواصل المسيرة التي بدأناها في عام 2021 للوصول للهدف الاقدس وهو نهوض البعث واحدا قويا مهابا، مؤكدين باننا سوف نبقي باب الحزب مفتوحا ونرحب بمن يلتحق بنا ولو متأخرا، فمن يتردد الان وهو الذي قضى في الحزب اكثر من نصف قرن حقوقه مصانة وكاملة،ولا يملك احد نزعها الا من المرتدين بأدلة واضحة. Almukhtar44@gmail.com 15-2-2024 |
شبكة البصرة |
الخميس 5 شعبان 1445 / 15 شباط 2024 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |