بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
الإتجار بالبشر في العراق.. مصدر من مصادر تمويل للأحزاب والميليشيات |
شبكة البصرة |
اصبحت ظاهرة الاتجار بالبشر والأعضاء البشرية في العراق مصدراً من مصادر تمويل الميليشيات وبعض الأحزاب في العراق، وتزايدت بسبب حدة الفقر والبطالة، وضعف الأمن، وقوة المليشيات التي تقوم بدعم الشبكات الإجرامية والانتفاع منها مادياً، كما أدى أيضا غياب القانون وضعف دور الأجهزة الأمنية لانتشار الجريمة المنظمة وسيطرة العصابات وتنفذها، ما جعل بغداد في قائمة أسوأ المدن للعيش في العالم نتيجة انتشار عصابات الاتجار بالبشر والميليشيات المسلحة المتنفذة في الدولة والتي تمتلك الحصة الأكبر من شبكات الاتجار وتوفر لها الحماية الأمنية والقانونية إضافة إلى ذلك، استغل المتاجرون بالبشر الأزمات الاقتصادية وسوء المعيشة، مستفيدين من خسارة الناس للدخل وزيادة الوقت الذي يقضيه كل من البالغين والأطفال على الإنترنت، وبالطبع ونظرا للأثر الاقتصادي السلبي الذي تركته هذه الأزمات التي أدت إلى ارتفاع ظاهرة الاتجار بالبشر في العراق. وبدأت ظاهرة الإتجار بالبشر في العراق بعد عام 2003 بأشكال المختلفة ما بين استغلال الأطفال للتسول وإجبار النساء على العمل في شبكات الدعارة وتجارة الأعضاء البشرية ولكثرة انتشار هذه الجرائم دفع البرلمان العراقي الى اقرّار قانون رقم (28) لسنة 2012. وينص قانون الإتجار بالبشر، على أن "تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم، بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر، بهدف بيعهم أو استغلالهم في أعمال الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو السخرة أو العمل القسري أو الاسترقاق أو التسول أو المتاجرة بأعضائهم البشرية أو لأغراض التجارب الطبية".
حكومة بغداد والاتجار بالبشر كشف تقرير صادر عن وزارة الخارجية الامريكية في عام 2020، أن الحكومة العراقية لا تفي بشكل كامل بالمعايير الدُنيا للقضاء على ظاهرة الاتجار بالبشر، مع الأخذ في الاعتبار تأثير جائحة فيروس كورونا. وبناء على ذلك، ظل العراق في المستوى الثاني. ومن جانبه، أكد المرصد العراقي لضحايا الاتجار بالبشر على أن الأطفال دون السادسة عشر يشكلون ثلثي الضحايا، كما سجل المرصد 13 جريمة اتجار في بغداد والمحافظات في تقريره الخاص بشهر نوفمبر/تشرين الثاني، ورصد "ثلاث شبكات للاتجار بالبشر في بغداد يستدرجون ضحاياهم من خلال صفحات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي". وأشار المرصد إلى أن شخصيات حكومية متورطة في هذه الشبكات توقع ضحاياها من خلال نفوذها في المؤسسات الأمنية، فيما تزايدت حالات المتاجرة بالأطفال والقاصرات والمراهقات لا تزال موجودة، بل إن نسبها تتزايد، وتحديداً في مناطق وسط وجنوب البلاد، وفقاً لناشطات متخصصات في العمل على هذا الملف.
جنوب العراق في السياق، قالت نهى السماوي، وهي ناشطة من جنوب العراق، تعمل على مكافحة الاتجار بالبشر ضمن مجاميع تنتسب لمنظمات المجتمع المدني، إن "الحالات التي كانت تصدم المجتمع العراقي بشأن بيع الأطفال والمراهقات، باتت طبيعية بالنسبة لنا، لأنها في زيادة مستمرة، وتخضع لآليات منظمة تستفيد منها في النهاية جهات متنفذة وعصابات جريمة منظمة"، مؤكدة لـ"العربي الجديد"، أن "القانون العراقي ضعيف في ملاحقة حالات كثيرة تقع، وعادة ما تتم إطاحة الحالات الضعيفة". وأضافت السماوي، أن "الاتجار بالبشر موجود في عموم مناطق العراق، بما في ذلك مدن إقليم كردستان، لكنها تزداد في محافظات الجنوب بسبب انفلات الوضع الأمني وتفلت السلاح وتفشي المال الفاسد"، معتبرة أن "الفقر وانهيار المنظومة الأخلاقية لدى الزوجين أو الطليقين تؤدي إلى هذه الحالات وزيادتها، كما أن العروض من المشترين في بعض الأحيان تكون مغرية". وأشارت إلى أن "كثيراً من الحالات التي يتم الإعلان عنها عبر الإعلام الرسمي للمؤسسات القضائية والأمنية، تأتي من البائعين أو المتاجرين أصلاً بسبب الإحساس بالذنب، ما يعني أن الجهود الأمنية والاستخباراتية ليست كما يروج لها، فإنها أضعف من المعلن عنه"، مستكملة حديثها بأن "منظمات المجتمع المدني والناشطين في هذا الملف يعملون بصمت وقد منعوا عشرات الحالات خلال الأشهر الماضية".
التجنيد والاتجار تعد جريمة الاتجار بالبشر إحدى أبرز الجرائم التي نشطت في العراق خلال السنوات الأخيرة، وتُسجل السلطات وقائع شبه يومية يجري فيها استغلال فئات مثل المعوقين والمشردين والفقراء في العمل تحت ظروف صعبة، أو في مجالات بعضها مجرّم في القانون، مثل الدعارة أو التسول أو تهريب الممنوعات، فضلاً عن توجه آلاف الشباب نحو الهجرة السرية بسبب الظروف التي تعيشها البلاد، وسط انتقادات متكررة لإجراءات وخطط مكافحة تلك الجرائم. وقال الناشط الحقوقي، هيثم أحمد، إن ظاهرة الاتجار في البشر تمثل مسألة معقدة ومتشابكة تتداخل فيها عدة عوامل ومسببات، مما يتطلب تظافر جميع أجهزة الدولة المعنية لمواجهة تلك الظاهرة. ومن ثم، يجب على الحكومة العراقية الشروع في اتخاذ بعض الإجراءات الفورية التي قد تساهم في الحد من تفشى تلك الظاهرة. وأكد أحمد، حالات تجنيد للأطفال واستغلالهم من قبل جماعات متنفذة خارجة عن القانون، بما في ذلك وحدات الحشد الشعبي والميليشيات المنضوية تحت عباءته، مشدداً على أهمية تقديم الخدمات والحماية والتأهيل اللازم للأطفال بدلاً من استخدامها في الحروب. وأضاف، أنه ينبغي على الجهات المعنية والمنظمات الحقوقية السعي للعمل تعديل قانون مكافحة الاتجار بالبشر للتأكد من مقاضاة المتاجرين المتورطين وإدانته وإصدار أحكام صارمة ضدهم، بما في ذلك المسؤولين الحكوميين المتواطئين.
عصابات الاتّجار بالاطفال أكد عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق علي البياتي، أنّ عمالة الأطفال تنتشر في البلدان النامية، من بينها العراق، عن طريق تشغيل الأطفال دون 15 عاماً في أعمال شاقة ومهينة، الأمر الذي يحرمهم من حقّهم في التعليم والنموّ السليم. وأشار البياتي، إلى أنّ أبرز الأسباب التي أدّت إلى تنامي هذه الظاهرة هي النزاعات التي يشهدها العراق. وكنتيجة للاضطرابات، ثمّة أعداد كبيرة من اللاجئين والنازحين، فضلاً عن ارتفاع معدّلات الفقر والبطالة وانخفاض مستويات المعيشة والتضخم والفساد. أضاف، البياتي عن عدم توفّر الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والمياه والكهرباء ما أجبر عائلات كثيرة إلى دفع أطفالها صوب سوق العمل، فضلاً عن ثغرات ونقص في التشريعات والقوانين والسياسات الخاصة بحماية الأطفال من قبل الدولة، وعدم تطبيق المتوفّر من القوانين ذات الصلة، فضلاً عن عادات وتقاليد ومفاهيم خاطئة تقلّل من أهمية التعليم". وبين، أنّه في إطار جرائم الاتجار بالبشر، يُصار إلى الاتجار بالأطفال ودفعهم إلى التسوّل من قبل عصابات منظّمة في بيئة عمل الأطفال". ويؤكد أنّ "تلك العصابات تستخدم الأطفال في أنشطة غير قانونية ومخالفة لحقوقهم، مثل العمل القسري والتسوّل والدعارة والإرهاب، أو حتى بيع الأعضاء والتبنّي غير الشرعي". وأوضح عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق أنّ تلك العصابات تستفيد من ضعف تطبيق القانون والرقابة والعقوبات الرادعة، فضلاً عن ضعف الوعي المجتمعي"، وينتقد "السلطات العراقية لعدم تشريع قانون حماية الطفل حتى الآن"، مشدّداً على أنّ "كلّ الإجراءات المتبعة راهناً غير كافية، لأنّ ثمّة تنامياً وتزايداً في عمالة الأطفال. ولفت البياتي إلى أنّ من أبرز التحديات القائمة في هذا السياق، عدم توافق القوانين والتشريعات مع المعايير الدولية، وعدم تطبيق المتوفّر من هذه القوانين، بالإضافة إلى عدم توفّر بيانات دقيقة عن عمالة الأطفال، ولا أعداد هؤلاء، ولا مواقع عملهم، ولا أوضاعهم عموماً. وكالة يقين |
شبكة البصرة |
الاثنين 16 شعبان 1445 / 26 شباط 2024 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |