بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

انزلاق السويد والغرب إلى كمين بوابة الدموع في البحر الأحمر

شبكة البصرة

إيهاب مقبل

تلقت السويد مؤخرًا طلبًا رسميًا من أمريكا الشمالية للمشاركة في دعم العملية العسكرية الأمريكية ضد اليمن في البحر الأحمر. وكشف راديو السويد عن تلقي ستوكهولم طلبًا رسميًا من واشنطن للمشاركة في عملياتها العسكرية المستمرة ضد حركة أنصار الله قبالة السواحل اليمنية، والتي أعلنت في وقت سابق عن استهدافها للسفن الصهيونية المتجة إلى ميناء إيلات حتى إيقاف العدوان الأمريكي الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة.

وأعرب رئيس الحكومة السويدية أولف كريسترشون في الاجتماع الأوروبي عن انفتاح بلاده على المشاركة في العمليات العسكرية الأمريكية الموالية للكيان الصهيوني في البحر الأحمر، وكذلك تلك التي تنوي أوروبا الغربية القيام بها قريبًا في ذات البحر، واصفًا إياها بـ"الفرصة للسويد"!

وأكد يوهان هيلمستراند، السكرتير الصحفي لوزير الدفاع السويدي، بأنهم تلقوا طلبًا رسميًا من ما تسمى "الولايات المتحدة" في الحادي عشر من ديسمبر كانون الأول 2023، مُشيرًا إلى أن المشاركة العسكرية السويدية لن تكون جاهزة إلا بعد بضعة أسابيع.

لكن من غير الواضح نوع الدعم العسكري السويدي الذي من المحتمل أن تشارك به السويد في البحر الأحمر، فربما بسفنها البحرية الحربية الصغيرة من نوع "الكورفيت"، والمخصصة للاشتباكات البحرية، وهي أصغر من الفرقاطة، ومجهزة بمدفع عيار 57 ملم وطوربيدات وطائرات هيلكوبتر، أو بكاسحات الألغام البحرية، والتي بمقدورها البحث عن الألغام البحرية وتحييدها بطرق مختلفة، أو بالزوارق الدورية للمراقبة البحرية من نوع "80"، والمجهزة بأجهزة استشعار وأنظمة أسلحة لصيد القوارب والغواصات، أو أبعد بسفن القتال الساحلي ونقل القوات من نوع "ستريد بوت 90 اتش" والمخصصة للقوات البرمائية، وجميعها ستكون فريسة سهلة لواحدة من أسلحة القوات المسلحة اليمنية كصواريخ أرض بحر والألغام البحرية والقواب الإستشهادية.

كان للسويد في السابق وجود عسكري في البحر الأحمر، وكان حينها يتعلق بالسفن والجنود الذين تم تدريبهم على العمليات العسكرية البحرية. وقديمًا ارتبط اسم اليمن في السويد بالرحالة السويدي الفنلندي "بيتر فورسكال" والذي مات في كهف يمني في العام 1763 خلال رحلته الاستكشافية الدنماركية التنصيرية لأرض "اللبان والبلسم السعيدة"، وذلك لدراسة المنطقة الجغرافية والبيئة العربية والإسلامية في اليمن، والمد والجزر في البحر الأحمر وأهميته في هروب بني إسرائيل من أرض مصر. كان فورسكال يرتدي ملابس يمنية، ويتقن اللغة العربية، وامتزج جيدًا مع اليمنيين لمعرفة أخبارهم وطبيعة تفكيرهم. وفي العام 1839، غزت بريطانيا عدن، وذلك بحجة التعامل مع القرصنة في البحر الأحمر، ثم اقامت عليها مستعمرة عدن (1937 - 1963).

يعد مضيق باب المندب أو بوابة الدموع أحد ثلاثة مضائق في المنطقة العربية، حيث يحتل موقعًا استراتيجيًا بين الشرق الأوسط والقرن الإفريقي، وتحديدًا بين جيبوتي وإريتريا في إفريقيا واليمن في آسيا، ويربط البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب، ويصل ما بين البحر المتوسط والمحيط الهندي، فيبلغ عرض المضيق حوالي 18 ميلًا في أضيق نقاطه، مما يحد من حركة الناقلات في قناتين بعرض ميلين، وذلك لمرور الشحنات الواردة والصادرة.

تعود أصول تسمية "باب المندب" إلى اللفظ العربي "الندب" ويعني البكاء على الموتى، فالمراد به "بوابة الدموع". وقد ذكروا أسبابا لهذه التسمية، منها: الدموع التي سكبتها اليمنيات على البحارة الذين فقدوا أثناء عبورهم المضيق. وفي النهاية يُعتقد إلى أن التسمية تشير إلى ضحية الغرق الأسطورية في العصور القديمة البعيدة، وذلك عندما أحدث زلزال ضخم الشق الذي امتلأ بالماء وأصبح البحر الأحمر "بحر القلزم". وفي عصرنا هذا، تُشير هذه التسمية أيضًا إلى المخاطر التي تنتظر السويد والغرب وأمريكا فيه.

ويُعتقد أن البحر الأحمر سمي بهذا الاسم من قبل اليونانيين نسبة إلى البكتيريا الزرقاء التي تتسبب أحيانًا في تكاثر الطحالب الحمراء في الماء. لا تزال الطحالب الحمراء حية في الجانب الإريتري إلى يومنا الحالي. وعند العرب قديمًا كان يسمى بحر القلزم، وكلمة قلزم تعني المضيق، وسمي بهذا الاسم نسبة إلى مدينة القلزم المصرية القديمة على رأس خليج السويس.

بدأت القوات المسلحة اليمنية عملياتهم لنصرة قطاع غزة في التاسع عشر من أكتوبر تشرين الأول العام الماضي، مستهدفين في البداية الطرف الجنوبي من الكيان الصهيوني، وتحديدًا إيلات، في عمق خليج العقبة، وهو الفرع الشمالي الشرقي للبحر الأحمر. وبدأت الهجمات المستهدفة للسفن التجارية والعسكرية المتجهة إلى ميناء إيلات اليهودي في التاسع عشر من نوفمبر تشرين الثاني، وذلك عندما أسر عشرة من مقاتلي حركة أنصار الله بمساعدة طائرة هليكوبتر سفينة نقل للسيارات كان متجهة إلى الكيان الصهيوني.

ترتبط حركة أنصار الله بالمذهب الشيعي الزيدي، نسبة إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وهي خليط من اليمنيين، ولاسيما من المذهبين الزيدي والشافعي منذ ترديدهم شعارهم الشهير "الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام" من جامع الصالح في صنعاء في العام 2003 كرد فعل على الإحتلال الأمريكي للعراق.

وتتلقى حركة أنصار الله الدعم العسكري واللوجستي من إيران، إلا أنها مستقلة بقرارتها، فمثلاً حذرت إيران الحركة من السيطرة على صنعاء، وهو عكس ما فعلته تمامًا في العام 2014. تنتمي إيران إلى الشيعة الاثني عشرية أو الإمامية أو الجعفرية، وتختلف عقائديًا مع الشيعة الزيدية في أمور عديدة، منها أن الزيدية على عكس الاثنى عشرية يرفضون عصمة الأئمة والتبرك بالقبور وزواج المتعة وفكرة ظهور المهدي بنسخته الاثنى عشرية، ويؤيدون كذلك الخروج على الحاكم الظالم، ولذلك يعدون دينيًا من أقرب مذاهب الشيعة إلى عقيدة أهل السنة والجماعة، ولاسيما المذهب الشافعي الذي مركزه فلسطين عمومًا وقطاع غزة خاصةً.

------

المصادر:

https://www.svt.se/nyheter/utrikes/uppgifter-usa-vill-ha-med-i-sverige-i-insats-i-roda-havet

https://sv.wikipedia.org/wiki/Svenska_flottan

https://sok.riksarkivet.se/sbl/mobil/Artikel/14380

https://www.youtube.com/watch?v=P5Mpw65BLP0

شبكة البصرة

السبت 22 رجب 1445 / 3 شباط 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط