بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
سفراء ودبلوماسيو الزمن الأغبر بعد عام 2003 الجزء العاشر |
شبكة البصرة |
ذو الفقار |
ملاحظة: عطفا على مقالاتنا السابقة، نستكمل الحديث عن الدبلوماسية العراقية بعد الاحتلال الأمريكي الإيراني للعراق بعد ان استعرضنا الدبلوماسية العراقية في اوجها الباهر خلال الحكم الوطني السابق، وما افرزته من سفراء ودبلوماسيين لامعين كانوا مصدر فخر واعتزاز على المستوين العربي والعالمي، مثل وسام الزهاوي، ونزار حمدون، وعبد الجبار الهداوي، ووهبي القره غلي، ووداد عجام، ورياض القيسي، واكرم الوتري، وفؤاد الراوي والعشرات غيرهم، نجوم لامعة في سماء الدبلوماسية العراقية بريقها مستمر حتى بعد وفاة من مات منهم رحمهم الله تعالى. مقابل تلك النخبة اللامعة من سفراء العراق قبل الاحتلال نجد بعد عام 2003 لدينا سفراء يثيروا العجب العجاب، منهم بائع طرشي في النجف يصبح سفيرا وآخر بائع اثاث في الكوفة، وسفير كان عاملا في معرض سيارات، كما نشرت الصحف الامريكية ان استثمارات (حامد البياتي) ممثل العراق السابق في الأمم المتحدة في نيويورك (زور شهادة الدكتوراة) لديه استثمارات عراقية في قطاع العقارات في نيويورك تضاهي موازنة كل من سوريا ولبنان. كما ان سفيرة العراق في واشطن رند رحيم رفضت الولايات المتحدة اعتمادها كسفيرة للعراق لأنها امريكية فخيرت بين اسقاط الجنسية الامريكية او اعتمادها كسفيرة ففضلت الاحتفاظ بالجنسية الامريكية. السفير العراقي في اليابان يستقبل الضيوف بالنعال. السفير العراقي في موريتانيا يلبس جلبيه وينتعل شحاطة في استقبال الضيوف. سفيرة العراق في الأردن صفية السهيل مصيبتها مصيبة ولها فيلم يخدش الحياء، وهي اردنية الجنسية، وسفير عراقي في بيروت تظهر زوجته بكل وقاحة في لقطة عاطفية مع المطرب راغب علامة وتصر على موقفها العاطفي دون ان تهتز شوار السفير الديوث، وسفير عراقي في بيروت يحمل قاذفة آر بي جي 7 مع عناصر من حزب الله كأنه عنصر ميليشياوي، ومن هذا المال حمل جمال.
تعريق وزارة الخارجية في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي صدر قرار من رئاسة الجمهورية بتعريق وزارة الخارجية العراقية، وان تكون محصورة على العراقيين من أب وأم عراقيين بالولادة. ولم يكن في الوزارة الا عدد قليل من العرب في الوزارة وهم حسب ما اتذكر: ـ زيد حيدر فلسطين. بدرجة سفير. ـ زهير البيرقدار سوريا. بدرجة سفير، شغل منصب رئيس الدائرة السياسية الثالثة. ـ عبدو الديري من سوريا، بدرجة سفير. ـ اسعد الغوثاني فلسطيني مسؤول مكتب فلسطين في الخارجية، بدرجة سفير. ـ مازن الحناوي/سوريا، بدرجة سكرتير ثالث لم يكن موقف الوزارة عدائيا ضد العنصر العربي، بل هو موقف سياسي المراد منه ان تقتصر الوزارة على العراقيين فقط، مع ان أولئك السفراء كانوا على مستوى عالي من العطاء والخبرة والكفاءة، وتطبيقا لقانون الخدمة الخارجية الذي نص على شروط العمل في وزارة الخارجية، والدليل على كلامنا كان العديد من العرب يعملون في القطاع الحكومي، كما ان القيادة القومية كانت تضم كوادر عربية رفيعة المستوى.
من وحي الذاكرة اخبرني مدير القلم السري في الوزارة في الثمانينات من القرن الماضي بأنه في احد الأيام ارسل احد الرؤساء رسالة الى السيد رئيس الجمهورية صدام حسين، وتم ارسال الرسالة مع المرفق الى رئاسة الجمهورية السكرتير، وجاء تنبيه من الرئاسة بأن المرفق نسخة مصورة، وليس الأصل كما جرت العادة في المخاطبات بين الرؤساء، وتم فتح تحقيق بذلك من قبل الوزارة حسب توجيه رئاسة الجمهورية/السكرتير، حيث تبين ان الرسالة موجودة في مكتب السفير (رئيس الدائرة السياسية الثالثة)، وكان موظف القلم السري قد ارسل المرفق المصور لعدم وجود الأصل مع الملف، وعلى ضوء المشكلة قرر رئيس الدائرة الدائرية عبد الصمد ان يكون موظف الدائرة السياسية هو المسؤول عن تفريق المراسلات وليس موظف القلم السري، وأغلقت القضية بعد ارسال الأصل الى رئاسة الجمهورية/السكرتير. من الذكريات الأخرى ان مدير القلم السري كان خارج الوزارة في عمل رسمي، وجاء كتاب من رئاسة الجمهورية يخص تعيين السيد عدي صدام حسين بدرجة سكرتير اول، وكتاب آخر بنقل عدي الى ممثلية العراق الدائمة في جنيف، وكان عمه برزان التكريتي ممثل العراق الدائم في جنيف، وقامت الدائر الإدارية بإصدار كتابي التعيين والنقل، لكن موظف القلم السري اصدر كتاب النقل الى جنيف برقم وتأريخ، وبعده اصدر كتاب التعيين، وعندما حضر مدير القلم السري وراجع الأوليات استفسر من الموظف كيف تصدر امر النقل قبل امر التعيين؟ اليس من المفترض ان يعيين عدي صدام أولا، ثم ينقل بعدها؟ لكن مرٌ الأمر بسلام، ولم ينتبه احد للخطأ غير المقصود. بعد فترة قصيرة حصلت مشاكل بين عدي وعمه برزان التكريتي سيما بعد ان اطلق عدي رصاصة على موظف الاستعلامات (من المخابرات) بحجة انه يراقب تصرفات عدي ويزود برزان بأخباره، وشكت وزارة الخارجية السويسرية بأنه من الصعب توفير الحماية لشخصين مهمين في ممثلية العراق، فنقل عدي الى مركز الوزارة، وهو في الحقيقة لم يداوم يوما واحدا في الوزارة، بل لم تطأ قدماه عتبة الوزارة. لكن الملاحظة المهمة ان ابن رئيس الجمهورية حصل على درجة سكرتير أول، لكن في زمن الزيباري والجعفري تم منح عناصر من خارج الوزارة درجة مستشار ووزير مفوض. (الدرجات الدبلوماسية تصاعديا: ملحق/سكرتير ثالث/سكرتير ثان/سكرتير اول/مستشار/وزير مفوض)، اما السفير فهو منصب سياسي، والكادر المتقدم يكون من درجة سكرتير اول فصاعدا، وعندما يعين حملة شهادة الدكتوراة مثلا في الوزارة تكون درجتهم سكرتير اول، بمعنى السكرتير الأول تعادل شهادته الدكتوراة من حيث الدرجة الوظيفية، وحامل الماجستير يعين بدرجة سكرتير ثالث بعد اجتيازه امتحان اللغة. الخارطة العائلية في وزارة الخارجية صدر امر من الرئاسة بمنع وجود عدة اخوة واخوات في الوزارة تجنبا للمشاكل التي قد تنجم عنها. لكن لم يعمل بهذا التوجيه بسبب قلة من يشملهم الأمر، وكفاءة البعض الآخر، حسبما اذكر ان هذه الحالة تقتصر على بعض الموظفين، منهم نشأت العاني واخيه صفوت العاني وعملوا في قسم الجفرة، والسفير سعد قاسم حمودي، واخته لميس قاسم حمودي، وبسمة جعفر قاسم حمودي، والسفير محمد امين وابنته فاطمة محمد امين، وابنه سعد محمد امين (آخر دورة دبلوماسية قبل الاحتلال). محمد عبد العزيز الدوري، واخيه عمر عبد العزيز الدوري، السفير نوري لويس، واخته فردوس لويس، واخيه د. رياض لويس. وأخت زوجة الوزير طارق عزيز، ولم يكن لها دورا اكبر من زميلاتها، فهي موظفة عادية ولم يوليها عزيز أي اهتمام او امتياز. وربما هناك البعض مما لم استذكره.
نزاهة موظفي الوزارة ـ كانت غرفة الرونيو تعود الى القلم السري، وكان مدير القلم السري رئيس لجنة المشتريات في الوزارة، ارسل اثنين من موظفي المكتب لجلب عروض لشراء (1000) بند من أوراق الرونيو، وفعلا جاءا بعدة عروض، وتم اختيار العرض الأفضل مع جودة المواصفات. وبعد موافقة رئيس اللجنة، تم تحميل البنود الى غرفة الرونيو، وفي نفس اليوم جاء موظف المشتريات بظرفين مغلقين لرئيس لجنة المشتريات، وسأل ما هذا؟ قال الموظف انه مبلغ من المال ارسله تاجر الأوراق واحد ليٌ والآخر لك. أخد رئيس اللجنة الظرفين وقابل رئيس الدائرة الإدارية عبد الصمد واخبره بالظرفين. سأل رئيس الدائرة رئيس لجنة المشتريات: ما هو رأيك؟ فأجابه: نعيد الظرفين الى التاجر، ولا نتعامل معه مستقبل. فقال عبد الصمد: احسنت افعل ذلك؟ تلك كانت نزاهة موظفي الوزارة رغم حالة الحصار والفقر وتدني رواتب موظفي الوزارة، ولكنهم كانوا صامدين تجاه التحديات المعيشية، ولكن تحسنت امورهم بعد العمل بقاعدة التكافل الاجتماعي، حيث يستقطع جزء من رواتب الموظفين ممن يعملوا في البعثات العراقية بالخارج (بالدولار) ثم يرسل المبلغ الى ديوان الوزارة ويتم تصريفه في الأسواق المالية، ويوزع على موظفي السفارة بالتساوي. ـ كان موظفو السفارة يدرسوا ما يسمى بالحصانة الأمنية، سيما عند الترقي الى درجة دبلوماسية اعلى، وفي نهاية الدورة التي يُدرس فيها ضباط من جهاز المخابرات طلاب الترقية، يجري امتحان لطلاب الدورة، وقد حقق احد الموظفين الدبلوماسيين درجة امتياز (هذه اول مرة يحصل فيها موظف دبلوماسي على درجة امتياز)، وجاءت اخت زوجة طارق عزيز بالمرتبة الثانية بدرجة جيد جدا، ورفعت أسماء المتفوقين الثلاثة من قبل رئيس الدائرة الإدارية الى وزير الخارجية طارق عزيز لإصدار كتاب شكر لهم، لكن الوزير رفض التوقيع على الكتاب، وتم الاستفسار من السيد عدنان مالك (مدير مكتب الوزير والسفير لاحقا) عن سبب عدم اصدار كتاب الشكر، فقال اظن لأن أخت زوجة الوزير موجودة في الكتاب، فربما يعتبر الأمر نوع من المحاباة، هذه هي نزاهة الوزراء في زمن الحكم الوطني. ـ كانت رئاسة الجمهورية قد خصصت بعض كروصات السجائر (الكروص 10 علب) نوع (سومر العراقية) للوزراء في التسعينيات من القرن الماضي، ارسل مدير المكتب (السفير حسان الصفار) احد موظفي المكتب الى شركة التبوغ مع كتاب رسمي بتوقيع الوزير لاستلام الحصة الشهرية، المخصصة للوزير محمد سعيد كاظم الصحاف لكن المدير العام للشركة، ذكر للموظف ان السيد رئيس الجمهورية أوقف الحصة ولا امتياز للوزراء عن بقية المواطنين من الآن فصاعدا، فطلب الموظف نسخة من الامر الرئاسي، او التهميش على كتاب الوزارة لإعلام وزير الخارجية رسميا. علما ان الوزير الصحاف كان مدمنا على التدخين. كما منعت الحصة التموينية الإضافية للوزراء التي كانوا يستلمونها في وقت الحصار الاقتصادي (بسبب كثرة ضيوفهم) من قبل رئيس الجمهورية تلبية لمناشدة السيد وزير التجارة الرائع الأستاذ محمد مهدي صالح. سنتحدث في الحلقة القادمة عن مواضيع متعددة. |
شبكة البصرة |
الاحد 15 شعبان 1445 / 25 شباط 2024 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |