بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

فن النصب على العرب

شبكة البصرة

السيد زهره

نعم هو فن بكل معنى الكلمة أجاده الغرب عموما وامريكا خصوصا في التعامل مع الدول العربية.. فن النصب السياسي.

المقصود بالنصب السياسي ان يتظاهر قادة وحكومات دول غربية باتخاذ مواقف او اتباع سياسة معينة إزاء القضايا العربية على عكس الواقع تماما وفقط بهدف خداع الدول العربية.

ولنا أن نتأمل فقط كمثال على هذا ما تعلنه الإدارة الأمريكية وما تتظاهر به من مواقف إزاء الوضع الحالي وحرب الإبادة التي تجري في غزة.

في الفترة الماضية حاولت أمريكا اقناع الدول العربية بعدد من المواقف تتبناها في مقدمتها انها حريصة على أرواح المدنيين في غزة وانها تبذل كل جهدها من اجل تقليل اعداد الضحايا في صفوف المدنيين. وعلى لسان الرئيس بايدن ووزير خارجيته بلينكن سمعنا كثيرا تصريحات مؤداها انهم تحدثوا مع الاسرائيليين بحزم من اجل عدم استهداف المدنيين.. وهكذا.

من هذه المواقف أيضا تصوير موقف الإدارة الأمريكية كما لو انها تسعى بقوة الى وقف الحرب بأسرع وقت ممكن. وأيضا تابعنا تصريحات كثيرة بهذا المعنى وكيف ان أمريكا تمارس ضغوطا على إسرائيل في هذا الاتجاه.

أيضا تؤكد الإدارة الأمريكية بإلحاح انها ترفض رفضا قاطعا أي تهجير للفلسطينيين من غزة.

وفي الفترة الماضية تم تسريب تقارير كثيرة وأيضا صدرت تصريحات رسمية لمسئولين أمريكيين تتحدث عن خلافات شديدة بين الإدارة الأمريكية ومسئولي الكيان الصهيوني حول أمور كثيرة مثل وضع غزة بعد الحرب.

وفي الأيام الماضية تابعنا تصريحات وتقارير كثيرة تتحدث عن خلاف كبير بين أمريكا والكيان الصهيوني حول حل الدولتين وكيف ان إدارة بايدن تؤيد بشدة قيام دولة فلسطينية مستقلة و تختلف مع نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني الذي اعلن انه لا يمكن أبدا ان تقوم أي دولة فلسطينية.

لا نتردد في القول ان هذه المواقف الأمريكية تندرج في اطار عملية النصب السياسي على الدول العربية، بمعنى انها لا تعكس الواقع ولا حقيقة النوايا وجوهر السياسات الأمريكية.

 

ما علينا كي ندرك هذا سوى ان نتأمل الحقائق التالية.

1- العالم كله يعلم ان أمريكا شريك كامل للعدو الصهيوني في حرب الابادة التي يشنها في غزة ومنذ اللحظة الأولى. هي مسئولة مسئولية أساسية عن كل الجرائم التي يرتكبها العدو في غزة.

لهذا من قبيل النصب والاستخفاف بالعقول ان تحاول أمريكا اظهار انها ترفض استهداف المدنيين او تتباكى على الضحايا الأبرياء الذين سقطوا ويسقطون.

2- أنه حتى هذه اللحظة ترفض أمريكا رفضا مطلقا تبني او توجيه أي دعوة لوقف حرب الإبادة التي تجري. الموقف الرسمي الأمريكي الذي اعلنه المسئولون الأمريكيون مرارا وتكرارا هو ان الحرب يجب الا تتوقف قبل ان تحقق اسرائيل كل أهدافها في غزة.

والعالم كله يعلم ان الإبادة للشعب الفلسطيني ومحو غزة من الوجود هي الأهداف الرئيسية للكيان الصهيوني. ومعنى ان تؤيد أمريكا هذه الأهداف انها تتبناها مباشرة.

3- أن أمريكا بمقدورها إيقاف حرب الابادة هذه فورا لو أرادت. بمقدورها أن تفعل هذا فقط لو أوقفت مشاركتها في الحرب ولو أوقفت جسر المساعدات العسكرية المهولة الذي اقامته لدعم الكيان الصهيوني في حربه منذ اليوم الأول.

4- ان اعلان إدارة بايدن مرارا وتكرارا تأييدها لحل الدولتين واقامة دولة فلسطينية اصبح شعارا فارغا بلا معنى ومجرد ذر للرماد في العيون.

لو كانت إدارة بايدن جادة فعلا في تأييدها حل الدولتين لماذا لم تفعل أي شيء على الاطلاق منذ مجيئها الى السلطة في هذا الاتجاه قبل حرب الإبادة الحالية؟.

وماذا يعني اعلان هذا التأييد اليوم في الوقت الذي يؤكد فيه الكيان الصهيوني بلا أي مواربة انه لن يقبل في أي وقت قيام دولة فلسطينية؟.. لم تقل ادارة بايدن ابدا انها ستفعل أي شيء او انها ستتحدى هذا الرفض الإسرائيلي.

الخلاصة ان أمريكا تقف بكل قوتها وراء الكيان الصهيوني اليوم وغدا وبعد الحرب وستدعمها بالكامل في أي شيء تفعله او تقرره.

بالمناسبة لجوء قادة ومسئولي الدول الى هذا النوع من النصب السياسي والتظاهر بمواقف لا يتبنونها عمليا هو من الأمور العادية في عالم السياسة، وهم يخدمون مصالح دولهم بالطريقة التي يرونها.

المشكلة هي ان تنطلي هذه المواقف الزائفة على الدول العربية وان تبني أي حسابات على اساسها.

شبكة البصرة

الاحد 9 رجب 1445 / 21 كانون الثاني 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط