بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
الإغراق الوظيفي.. تخبطات سياسية تهدد اقتصاد العراق |
شبكة البصرة |
يواجه العراق الكثير من المشاكل الاقتصادية والسياسية والأمنية، وبمختلف الصور والأوجه بين فساد والحكومة وسطوة الأحزاب والميليشيات على سلطة القرار الاقتصادي للدولة العراقية بعد غزو العراق سنة 2003. ومنذ أكثر من عقدين عملت القوى السياسية المتحكمة بالسلطة على شراء الولاءات من خلال شبكاتها الفاسدة عبر الوظائف الحكومية، مستغلة معاناة الشباب وحاجاتهم، بدلاً من الحلول الحقيقية والواقعية المدروسة لنهاية معاناة الفقر والبطالة. وسعت الميليشيات و القوى السياسية المتنفذة إلى هذه السياسة في فترات الانتخابات، لتحقيق اكبر عدد ممكن من الاصوات الانتخابية، في تخادم زبائني، لا علاقة له بالتأييد الجماهيري، بل بتحقيق مصالح سياسية ضيّقة على حساب معاناة الناس، فيما يشهد القطاع الحكومي ترهلاً وفائضاً كبيراً في القوى العاملة، مع العجز الكبير لدى القطاع الخاص. ومن أشد مخاطر الإغراق الوظيفي وجود عدد كبير من متعددي الرواتب، حيث يتقاضى عناصر الميليشيات والأفراد المنتمين لجهات حزبية متنفذة، أكثر من رواتب، لوجود أسماء لهم في عدة أماكن، مما ينذر بكارثة حقيقية، خاصة وأن عدد موظفي الدولة العراقية يوازي ما موجود في خمس دول أوروبية مجتمعة.
مزايدات سياسية وفي السياق، أكد عضو اللجنة المالية النيابية، جمال كوجر، وجود ترهل كبير في جميع المؤسسات مع تكدس الملايين من موظفي الدولة، حتى وصل الحال في البلد إلى مرحلة عدم توفر الحلول. وأضاف، كوجر، أن هناك خيارين أثنين متبقيين أمام حكومة السوداني، الأول هو التدقيق بمتعددي ومزدوجي الرواتب والفضائيين، والثاني هو الشراكة مع القطاع الخاص وترحيل بعض الشركات الحكومية بموظفيها إلى هذا القطاع، ولا توجد حلول اخرى. وتابع، كوجر، خلال حديث صحافي، أن سياسة الإغراق الوظيفي مستمرة منذ التغيير وفي كل الحكومات وحتى الآن، وستستمر في ظل وجود الانتخابات والعرف السياسي السائد، واستمرار نفس السياسيين في الحكم، مشيراً إلى أن هذه المزايدات ستبقى، وأن اي كلام عن تقليلها يبدو كلاماً فارغاً، على حد وصفه. ووصف كوجر هذه السياسة بكونها مقامرة بمستقبل العراق، فانخفاض اسعار النفط، يمكن أن يؤدي إلى إفلاس الدولة، بسبب كثرة التزاماتها في الموازنة التشغيلية، ويمكن أن يصل عجز الحكومة العراقية لمليارات الدولارات حينها. وبيّن، أن قيمة موازنة العراق التشغيلية بلغت أكثر من 70 ترليون دينار، يذهب ما قيمته 60 ترليون دينار منها إلى الرواتب والالتزامات الشهرية، وهو شيء مخيف، لأن عدد موظفي الدولة العراقية يوازي ما موجود في خمس دول اوروبية مجتمعة.
البرلمان وفساد التوظيف يعد دور البرلمان العراقي سلبياً في قضية الإغراق الوظيفي للدولة العراقية، ويتحمل مسؤولية تعيين 175 ألف مواطن في درجات وظيفية جديدة ضمن موازنة الدولة العراقية الاخيرة، والتي عدها مختصون بالكارثة التي ستؤدي إلى انهيار اقتصاد العراق. وفي اعترافٍ رسمي، قال المستشار المالي لرئاسة الحكومة، مظهر محمد صالح، إن سبب المشكلة يكمن في المحاصصة التي ولدت وظائف للمتحاصصين، والتي تزيد على ثلاثة أضعاف أو أكثر عن حاجة البلاد. وأضاف أن مسألة الاغراق الوظيفي، هي نتيجة طبيعية لتوزيع المصالح بين الكتل السياسية، سواء على مستوى الطوائف أو القوميات، ما أدى إلى تراكم هذه الاعداد الكبيرة غير المنتجة. وأشار صالح، إلى أن النظام السياسي الذي فرض هذه الطريقة، أثقل كاهل الدولة بنفقات تشغيلية تصل إلى 75 في المائة من حجم الإنفاق الكلي، حتى باتت الأجور والمرتبات والمعاشات والتقاعدات، أقرب إلى الدعم والرعاية الاجتماعية. ولفت إلى أن البلد وصل إلى حد لا يسّر، بينما الرؤية الاقتصادية الصحيحة تتمثل في الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، وهذه الشراكة تتطلب اقتصادات كفوءة رابحة غير خاسرة، وتعمل بكفاءة وانتاجية عالية.
الرشوة والغياب الدولة خلق النظام السياسي الحاكم في العراق صورة قاتلة للاقتصاد والمجتمع مفادها أن الوظيفة الحكومية هي الأكثر أماناً للمواطن العراقي، بغض النظر عن الرواتب التي يتقاضونها، وحتى لو كانت هناك أجور أفضل بقليل في القطاع الخاص، فسيفضل الشاب الوظيفة الحكومية بسبب الامتيازات، التي لا توفرها وظيفة القطاع الخاص، كالحماية والتأمين والضمان الاجتماعي وغياب قانون عمل واضح، فضلاً عن الحقوق التقاعدية. واستمرت حكومة بغداد في سياسة التوظيف لأغراض سياسية، لحشد الأصوات والتأييد لجهات سياسية وكسب الولاءات. وهذا ينطبق على الحكومة السوداني هي الأخرى، التي أطلقت ايضاً وظائف بهدف اجتماعي وسياسي غير اقتصادي. ويرى خبراء في الإقتصاد، أن بقاء اتباع سياسة الاغراق الوظيفي بهذا الشكل العشوائي، سيبقي سوق العمل العراقي متشعبا، ويخلق كسلا لدى الشاب الذي يطمح فقط للتعيين الحكومي. وقال الخبير الاقتصادي، زياد الهاشمي، أن الشاب اليوم يدفع اموالاً طائلة كرشوة لمسؤولين في الدولة أو شخصيات متنفذة للحصول على توظيف، مما قد يكلف تعيين شرطي في وزارة الداخلية، عشرة آلاف دولار، ويكلف التوظيف في وزارات أخرى 25 ألف دولار، وتتراوح كلفة الحصول على عقد عمل بين 5 و6 آلاف دولار. ورهن الخبير الهاشمي الحلول للحد من عمليات الترهل والإغراق في التوظيف بتشريع قانون عمل واقعي يضمن حقوق العامل ويحقق الضمان الاجتماعي بشكل واضح وغير روتيني او معقد. وأكد، أن غياب القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية عن النشاط الحقيقي يسبب كل هذه البطالة، الأمر الذي يتطلب من الحكومة ان تنظر اليه بجدية أكبر، وأن تقوم بجذب الاستثمارات لتفعيل هذه القطاعات، والحد من عمليات الاستنزاف والفساد. وكالة يقين |
شبكة البصرة |
الثلاثاء 4 رجب 1445 / 16 كانون الثاني 2024 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |