بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إصلاح زائف.. تخبط حكومة بغداد في قراراتها الاقتصادية

شبكة البصرة

يواجه العراق الكثير من التحديات على مستوى الأمن والسياسة والاقتصاد وكافة المجالات، بسبب ضعف إدارة الدولة، وانتشار السلاح المنفلت للميليشيات والاحزاب ومكاتبها الاقتصادية التي تسيطر على مفاصل كثيرة في مؤسسات العراق ومنها القرارات الاقتصادية التي تخدم مصالحها.

وعلى الرغم من ضعف الإدارة وغياب الإرادة تحاول حكومة بغداد تلميع صورتها المشوهة في كيفية الإدارة الاقتصادية لمقدرات الدولة العراقية الغنية بمواردها الطبيعية وثرواتها البشرية الكبيرة.

ومضى عامٌ آخر منذ 23 عاماً على احتلال العراق وسيطرة الفاسدين على الدولة، وما تزال نسبة الفقر في أعلى مستوياتها، فيما ارتفعت معدلات البطالة والانتحار و الجريمة نتيجة لتدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي للفرد العراقي.

وعلى الرغم من أن عائدات النفط تشكل أكثر من 95 بالمائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي والدخل القومي للعراق، بقيمة نقدية تتجاوز 120 مليار دولار، يتم انفاقها على الموازنات التشغيلية و نسب عالية منها للأحزاب والجهات المتنفذة بواسطة صفقات الفساد المشبوهة والتستر على سراق المال العام.

 

اجندات خارجية

وقعت حكومة بغداد عدد من الاتفاقات الاقتصادية مع دول اخرى خدمة لمصالح ومشاريع هذه الدول بعيداً عن تحقيق المنفعة الاقتصادية للعراق، ومن هذه المشاريع الربط السككي مع إيران.

وواجه هذا المشروع اعتراضات كبيرة داخل العراق، حيث يصف البعض المشروع، الذي تقول بغداد إنه مخصص لنقل المسافرين فقط، بأنه مشروع سياسي أكثر منه اقتصادي.

وحذر خبراء في الاقتصاد ووزيرا سابقا من خطورة هذا المشروع، واعتبروا أن إيران التي تمول المشروع تهدف لفتح طريق تجارة دولية من خلاله عبر العراق، ما يمنح الجارة الشيعية أفضلية في التحكم به، مشيرين إلى أنه سيلحق ضررا بمشروع عراقي كبير، وهو ميناء الفاو الذي يمكن أن يربط منطقة الخليج بأوروبا.

ووصف وزير النقل السابق والنائب الحالي في البرلمان العراقي، عامر عبد الجبار مشروع الربط السككي مع إيران بأنه "رصاصة الرحمة" في جسد مشروع ميناء الفاو الكبير، قائلا إن "الربط السككي يخدم إيران على حساب العراق، وهو مشروع سياسي أكثر منه اقتصادي".

وبيّن، عبدالجبار، أن الحديث عن اقتصار الربط السككي مع إيران على نقل المسافرين غير صحيح، وهذه مجرد كذبة ومحاولة لتضليل الرأي العام، لافتا إلى أن هذا الربط يهدف إلى نقل البضائع بحمولة 25 طنا، وهذا يعني قتل ميناء الفاو الكبير، وعلى الجميع معرفة الهدف الأساسي من هذا المشروع.

 

موازنات بلا حسابات ختامية

فيما يعاني العراق في اختلال ميزانه التجاري، وغياب الرؤية الاقتصادية، مازال البلد يواجه كارثة عدم إصدار الحسابات الختامية للدولة العراقية عن موازناتها السنوية من التي تسببت بفقدان اكثر من 35 مليار دولار من سنوات.

فيما فقد أكثر من 1000 مليار دولار منذ غزو العراق سنة 2003 وسيطرة الأحزاب الموالية لإيران على سلطة القرار العراقي.

وفي وقت سابق، كشف عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، محمد النوري، عن فقدان 35 تريليون دينار عراقي مطبوعة، فيما أشار إلى أن حجم التهريب بلغ 60-70 بالمائة ولا يمكن السيطرة عليه.

وفي السياق، قال الباحث الاقتصادي، أحمد عبد الله، إن أي دول ذات سيادة وملتزمة بقوانينها الدستورية، تضع في أولوياتها إكمال حساباتها الختامية مع نهاية كل عام، بهدف تقييم إنجازات الحكومة ومدى تحقيق وتقييم أدائها، وإظهار المركز المالي للدولة وما تحقق من فائض أو عجز نقدي.

وأضاف، عبدالله، خلال حديثه، لوكالة "يقين"، أن العراق يعاني كثيراً من ضعف السياسة المالية في ظل تعدد سلطات اتخاذ القرار، وازدواجية التعامل مع القضايا الاقتصادية للدولة وفق مبدأ المحاصصة وضعف الأداء، مما يعزز الضعف في تحقيق إحكام الرقابة على تنفيذ الموازنة في مختلف الظروف.

بالإضافة إلى ان هناك أطراف تعرقل أو تمنع إصدار الحسابات الختامية لكي تغطي عن ملفات و مصروفات غير قانونية صرفت من خلال تبويب بنود الصرف أو تزويرها، وهذا يعني عدم التعرف على التجاوزات التي تمت على المخصصات المالية المتحققة ضمن بنود.

 

الدولار والأزمة النقدية

انتهى العام 2023 ولم تقدم حكومة بغداد أي حلول واقعية لمواجهة ازمة ارتفاع سعر الصرف وعمليات التهريب والاحتيال المتواصلة للعملة من داخل العراق إلى دول الجوار والمنطقة بوسائط محمية من قبل النظام الحاكم في بغداد.

ويشهد العراق منذ نهاية عام 2022 أزمة في أسعار الصرف، تتمثل في تذبذب أسعار الدينار أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، وتضخم في أسعار السلع والخدمات في الأسواق المحلية، وتعمقت الأزمة في عام 2023، مع الانخفاض الكبير في سعر الدينار أمام الدولار في السوق الموازي.

من الحلول التي وضعتها حكومة بغداد، إجبار التجار على التعامل بالدينار العراقي في تعاملاتهم المحلية، بحيث اعتمد البنك المركزي العراقي المنصة الإلكترونية في مزاد بيع العملة للحدّ من تهريب الدولار من البلاد وتمكين قيمة الدينار.

وفعّل المركزي المرحلة الثانية من اعتماد المنصة، بهدف إخضاع الحوالات المالية للأفراد والبطاقات الائتمانية، وتفعيل الدفع الإلكتروني وتقليل الاعتماد على النقد، والسماح للمصارف العراقية باستيراد كافة العملات ومنها الدولار لتلبية حاجة زبائنها، ليستفيد منها من يمتلك علاقات ونفوذ وأجندات سياسية وحزبية.

مازال تذبذب الدولار الأمريكي يضغط على الاقتصاد العراقي ويرهق قطاعاته مع دخول العام الجديد 2024، من دون أي حلول ومعالجات حقيقية، الأمر الذي جعله فرصة للتلاعب بالأسعار بسبب عدم إستقراره، حيث شهدت أسواق المواد الغذائية والخضروات خلال الأيام الماضية، ارتفاعات ما بين 5 إلى 20 بالمئة.

 

العراق بلا صناعة

تشكل الصناعة في العراق عبئاً كبيراً على طبيعة الاقتصاد العراقي، بسبب توقف مئات المصانع والشركات، وإعتماد البلد على الاستيراد من الخارج لأبسط الصناعات التي يمكن صناعتها محلياً، بهدف استمرار عمليات غسل الأموال وتحقيق اجندات الدول المجاورة لتصدير بضائعها الى العراق.

فيما يشكل عجز الشركات الصناعية الحكومية عن تغطية رواتب موظفيها، عبئاً على الاقتصاد العراقي والموازنة العامة للدولة.

واوضح المستشار الاقتصادي، سمير النصيري، أن المعامل الإنتاجية التابعة لوزارة الصناعة العراقية هي 227 شركة، منها 140 شركة إنتاجية متوقفة عن العمل بشكل كامل، وتتحمل وزارة المالية تغطية رواتب موظفيها بشكل كامل.

وأضاف النصيري، أن جميع الشركات الإنتاجية والصناعية كانت تعمل بشكل كلي قبل غزو العراق سنة 2003، وتغطي نفقات إنتاجها وتغطي رواتب موظفيها عن طريق تمويلها الذاتي، إلا أن الفترة التي أعقبت غزو العراق تسببت بإيقاف عدد كبير من هذه المصانع.

وشدد على أن غياب الرؤية الوطنية والإرادة الكاملة خلّف مشاكل اقتصادية كبيرة، في مقدمتها تعطيل الصناعة والإنتاج، مما يتطلب إعداد دراسة جدوى اقتصادية شاملة للقطاعات الإنتاجية لإعادتها إلى مسارها الصحيح.

وكالة يقين

شبكة البصرة

الثلاثاء 27 جمادى الثاني 1445 / 9 كانون الثاني 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط