بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

حرب غزة وجنوب لبنان والضربات ضد الحوثيين تعيد تشكيل الصراع بالشرق الأوسط...

التكلفة الاقتصادية للصراعات العالمية الملتهبة تنذر بتبديل موازين القوى

شبكة البصرة

عمر نجيب

تتوسع بشكل تدريجي الحرب على غزة نحو مواجهة إقليمية أكبر، في وقت تواجه فيه إسرائيل وحلفاؤها في الإدارة الأمريكية حالة تعثر وإحباط حيث أنه وبعد 100 يوم من المواجهات العسكرية ورغم تجنيد إمكانيات مادية وبشرية ضخمة توازي مستلزمات حرب نظامية كبرى، لم تنجح لا تل أبيب أو صقور البيت الأبيض في تحقيق الأهداف المعلنة أو الخفية التي رصدوها لأنفسهم بعد هجمة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023.

فحوى لهجتين تسمعان من الجانب المعادي للفلسطينيين واحدة متشددة والثانية ظاهرها برغماتي تحيران الكثيرين، وهما تعكسان وجود خلافات داخلية مختلفة الأسباب وفي نفس الوقت تكشفان عن جهود تضليل ومحاولة نشر فخاخ غير أن في دهاليزها عملية بحث عن مخارج تحفظ ماء الوجه إذا لم تستطع تل أبيب وواشنطن إعادة مسار الصراع نحو أقرب نقطة من الهدف الذي حدد من طرفهما في بداية المواجهة عندما كانت تقارير أجهزة الاستخبارات ومراكز الأبحاث تقدر أن معركة غزة يمكن أن تحسم خلال ما لا يزيد على شهر واحد، وأن مخطط تهجير فلسطيني غزة إلى سيناء سيكون ناجحا.

الهجوم الإسرائيلي على غزة زيادة على عدم نجاحه في القضاء عسكريا على حماس وبقية فصائل المقاومة رغم مرور أكثر من 100 يوم من القتال وفشله في الوصول إلى الأسرى المحتجزين في القطاع، كبد تل أبيب خسائر بشرية ومادية واقتصادية ضخمة يتعذر حتى على الولايات المتحدة تعويضها. عمليات حزب الله على الجبهة اللبنانية كانت محسوبة حتى الآن بدقة فهي لم تصل إلى درجة جر الولايات المتحدة -التي اصبحت تفضل الحروب بالوكالة- إلى تدخل عسكري مباشر لمساندة تل أبيب ولكنها فرضت على الجيش الإسرائيلي أن يخصص لها 60 ألف من قواته العاملة لمواجهتها زيادة على نصف القوى البحرية وحوالي 22 في المئة من وحدات سلاح الجو.

الاستمرار في محاولة إحياء مشروع تهجير سكان غزة إلى سيناء أو السيطرة على محور صلاح الدين "فيلادلفيا" قرب خطر إشعال فتيل مواجهة عسكرية بين القاهرة وتل أبيب.

شن القوات الأمريكية والبريطانية ضربات جوية وصاروخية ضد القوات اليمنية الموالية للحوثيين يوم الجمعة 12 يناير 2024 ولد وضعا سلبيا حتى الآن للولايات المتحدة وحلفاءها الذين يجب أن يأتوا بقوات كبيرة إذا تصاعد التحدي ضدهم وذلك خاصة بعد أن حذرت أجهزة المخابرات الأمريكية من تعاون متصاعد بين أطراف في اليمن وحركة الشباب الصومالية التي تقاتل القوات الغربية والأمريكية أساسا منذ أكثر من عقدين في منطقة القرن الأفريقي.

إسرائيل تواجه مخاطر كبيرة خاصة سياسية إذا لم تفلح الولايات المتحدة في منع محكمة العدل الدولية من التأكيد على أن ما يجري في غزة هو عملية إبادة جماعية وتصفية، وإذا ما تم كشف عملية إيصال أدوية محملة بتقنيات "نانو" للأسرى في غزة تسمح بتحديد مواقعهم.

معركة غزة ولدت تحولات واضحة في مواقف كل من الصين وروسيا من إسرائيل ورسمت خطا جديدا في التحالفات التي ستكون ثابتة بين عالم الشرق والجنوب الذي يشكل 80 في المئة من ساكنة المعمور والغرب المتقوقع في محور الناتو.

 

فشل إسرائيلي

يوم السبت 13 يناير 2024 تحدثت وسائل إعلامٍ إسرائيلية عن أن السيطرة العسكرية على شمالي قطاع غزة عادت إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي، مع دخول الحرب الإسرائيلية على القطاع يومها المئة.

وذكر الإعلام الإسرائيلي أن 50 في المئة من شمالي قطاع غزة باتت تحت سيطرة فصائل المقاومة الفلسطينية، لافتا إلى أنّ ذلك يحدث بعد مئة يوم من الحرب المتواصلة، وبعد أن "كانت الفصائل تسيطر قبل أسبوعين على 30 في المئة من مساحته فقط".

وأضاف إعلام تل أبيب أن حركة حماس تعود، بالتدريج، إلى الإمساك بزمام تسيير الأمور في شمالي القطاع، وأن أطرها يمارسون عملهم هناك.

ومع الانتقال إلى "المرحلة الثالثة من الحرب"، التي أعلنها "الجيش" الإسرائيلي، والتي وصفها المتحدث باسم "جيش" إسرائيل بأنها "أقل كثافة على صعيد العمليات البرية"، تطرقت وسائل إعلام إسرائيلية إلى هذه المرحلة، واصفة إياها بمثابة "تنازل عن هدف إلحاق هزيمة بحماس وتدميرها"، كما أجمعت على أن الحرب لم تحقق أهدافها.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن استمرار التكتيكات الإسرائيلية الحالية "لا يشكل خطرا على حياة الجنود فحسب، بل يزيد أيضا في خطورة وقوع كارثة ستكون إسرائيل مسؤولة عنها، وتضر بها في العالم، ولا تقربنا إلى النصر غير الموجود"، مشيرة إلى أنه بينما لم يحقق "الجيش" الإسرائيلي السيطرة على المخيمات المركزية في خان يونس ورفح، بما في ذلك محور فيلادلفيا، فإن ذلك "يعني المخاطرة بحياتنا"، على حد تعبيرها.

وبشأن مستوطنات غلاف قطاع غزة، أفاد موقع "والاه" الإسرائيلي بأن الأغلبية العظمى من المستوطنين ليس لديهم النية في العودة إلى مستوطنات منطقة الغلاف وقبول "روتين تنقيط" إطلاق الصواريخ من القطاع، كما أن الثغرة الكبيرة في الثقة بالحكومة و"الجيش" الإسرائيليين، لا تزال بعيدة عن الإصلاح.

صرح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي حسب صحيفة جيروزاليم بوست، يوم الأربعاء 10 يناير، إن حركة حماس كانت تستعد منذ فترة طويلة جدا للدفاع عن نفسها بطريقة منظمة للغاية لقتال الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

كلام هاليفي جاء خلال تقييم أجراه الأربعاء، في وسط غزة مع قائد القيادة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي اللواء يارون فينكلمان وقائد الفرقة 36 العميد دادو بار خليفة وضباط آخرين.

وفي محادثة مع الجنود، قال هاليفي إن "القتال يدور في مساحة معقدة للغاية.. تحت الأرض وفوقها، وهناك عدو كان يستعد لفترة طويلة جدا للدفاع عن نفسه بطريقة منظمة للغاية.. كذلك يوجد هنا سكان، والكثير الكثير من المنازل.. إنها منطقة قتال معقدة للغاية".

وأضاف: "نحن نتحرك هنا كما لم نفعل من قبل.. لكن بمجرد أن يحدث شيء سيئ، ويحدث لنا شيء سيئ للغاية هنا بالفعل، فإننا نفقد عددا لا بأس به من الجنود، ويصاب كثيرون".

وتابع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي مخاطبا جنوده: "نخوض قتالا طويلا، وهناك مناطق كثيرة، كما لدينا تحديات كبيرة، لكننا نعرف جيدا كيف نتعامل مع أي مشكلة في غزة.. لا يوجد كيلومتر مربع واحد في غزة لا نعرف كيف نحصل عليه".

من جهة أخرى، وجه هاليفي رسالة إلى "حزب الله" اللبناني على الحدود الشمالية قائلا: "بعد غزة.. سنعرف ماذا نفعل في لبنان".

 

السنوار سنقتله لاحقا

وسط الانقسامات الحادة في إسرائيل والتي زادت من ضراوتها عملية طوفان الأقصى يطلق مسؤولون سياسيون بالونات اختبار لتغطية التعثر أو للمزايدة في معركة سياسية داخلية، وفي هذا الإطار أكد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، في كلمة يوم الأحد 14 يناير، على أن الأولوية هي عودة الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس إلى منازلهم. وأضاف يائير لابيد أنه وبدون إعادتهم إلى المنزل سيبقى الإسرائيليون في حالة انقسام كالشظايا، مردفا بالقول "علينا إعادة الرهائن فورا".

وتابع زعيم المعارضة الإسرائيلية قائلا "أما رئيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" يحيي السنوار فسنقتله لاحقا.. يحيى السنوار نستطيع قتله حتى في فبراير.. وسنقتله عاجلا أم آجلا"، وفق ما نقلته قناة "راي نيوز" الإيطالية.

كما نشر لابيد سلسلة تغريدات على منصة "X"، حيث قال: "قلوبنا محطمة.. ما دام هناك إسرائيلي واحد أسيرا في أنفاق حماس، ستبقى قلوبنا محطمة.. طالما هناك مختطفون في غزة ومحتجزون فإن المهمة ليست كاملة.. طالما أنهم لا يعودون إلى المنزل، فنحن جميعا سجناء".

وأضاف "يجب على الحكومة الإسرائيلية مواجهة هذا الاختبار وعلينا أن نعيد الرهائن إلى الوطن.. لا يوجد خيار آخر".

وأردف بالقول "إلى أن يعودوا إلى ديارهم، يتم كسر العقد الإسرائيلي إنه يرقد أمامنا على أرضية التاريخ مكسورا إلى أشلاء والطريقة الوحيدة لعلاج الكسور هي تنحية جميع الاعتبارات جانبا".

 

التعايش مع الخسارة

كذلك ويوم الأحد 14 يناير قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن تل أبيب لن تتوقف حتى تلحق الهزيمة بحركة حماس. وأضاف وزير الدفاع: "لن ندع العالم ينسى.. ونحن لن نتركهم وراءنا.. ولن نتوقف حتى يتم هزيمة حماس".

وفي آخر إحصائية نشرها على موقعه الرسمي، أكد الجيش الإسرائيلي مقتل 522 بين ضباط وجنود

يوم الجمعة 12 يناير 2024 نشر الكاتب الإسرائيلي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية ناحوم برنياع، مقالا تحدث فيه عن مفاوضات وقف إطلاق النار الجديدة في غزة وصفقة الرهائن وتقبل الجيش الإسرائيلي للنتائج المحدودة للحرب.

وفي مقالة تحت عنوان "التعايش مع الخسارة"، تحدث الكاتب الإسرائيلي عن مخطط لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 3 أشهر يتضمن تحرير كافة الرهائن الأسرى الأحياء والأموات على مراحل.

وأكد ناحوم برنياع أن المخطط الذي يتبلور لتحرير الأسرى يدل على أن تل أبيب بدأت بتقبل النتائج المحدودة للحرب.

وأوضح برنياع أن المرحلة الأولى ستكون إنسانية وتقضي بأولوية الإفراج عن المرضى والجرحى وكبار السن، مقابل تحرير آلاف السجناء الفلسطينيين كبارا وصغارا.

وأضاف: "يفترض بالمخطط أن يلبي تعزيزا دراماتيكيا لحجم المساعدة الإنسانية لغزة، إلى جانب عودة السكان إلى غزة وشمالها، وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وإقامة إدارة بتمويل دولي لإعمار قطاع غزة".

وأردف قائلا: "الأسوأ من كل شيء، هو ضمان المخطط شراكة لحركة حماس في السيطرة على قطاع غزة مستقبلا".

ولم يوضح الكاتب الإسرائيلي الجهة التي تقف خلف هذا الاقتراح.

وذكر أنه بعد حوالي 100 يوم على الإخفاق والخراب في غزة بات الوضع مفهوما جيدا لدى قيادة الجيش الإسرائيلي، لكن كيف "يرقع" نتنياهو ووزراؤه الفجوة بين التوقعات غير المسؤولة التي خلقوها والقرارات القاسية التي يقفون أمامها.

ولفت الكاتب الإسرائيلي إلى أن تل أبيب كان يسعدها أن تسمح بخروج قيادة حماس بمن فيهم السنوار والضيف إلى المنفى سواء في قطر أو أي دولة أخرى، مثلما حصل عليه عرفات ورجاله في بيروت عقب حرب لبنان الأولى.

واستدرك بقوله: "لكن غزة ليست بيروت والسنوار ليس عرفات، وفي هذه اللحظة هو لا يبحث عن مخرج في المنفى وإنما يخطط لاحتفالات النصر في غزة".

ونوه بأن الظروف كفيلة بأن تتغير أثناء المفاوضات وربما تنهار المحادثات "لكن السؤال الصعب الذي لا يزال قائما هو هل الأمل في الإفراج عن 136 أسيرا إسرائيليا يبرر أثمانا كهذه؟".

وبحسب تقدير الكاتب الإسرائيلي، فإن حماس على ما يبدو لن ترحل إلى أي مكان ولن يتم القضاء عليها في هذه الجولة وستتم صفقة للإفراج عن المختطفين، وسيتفرغ الجيش للجبهة الشمالية ولعل الإسرائيليين يتفرغون أيضا لترتيب أوضاعهم الداخلية.

وختم قائلا: "في أسوأ الأحول لن تكون تسوية، وسيعلق الجيش الإسرائيلي في غزة دون خطة أمام قرابة مليوني نازح، ولن ينجو المختطفون لدى حماس، وستشتد الأزمة الاقتصادية.. في النهاية مثلما في كل فيلم هوليوودي ستكون نهاية سعيدة. باستثناء أنني لا أعرف ما هي".

 

40 مليار دولار

قدرت مسودة الموازنة الإسرائيلية الصادرة في يناير 2024 حجم الأثر المالي للحرب في قطاع غزة، التي دخلت يومها الـ100، بأكثر من 40 مليار دولار.

وأظهرت المسودة المعدلة للموازنة الإسرائيلية ارتفاع نسبة العجز من الناتج المحلي الإجمالي إلى 6.6 في المئة، فيما أظهرت أن حرب غزة أدت إلى تراجع النمو الاقتصادي للعام الجاري بمقدار 1.1 في المئة.

يأتي ذلك، بينما أصدر وزير المالية بتسلئيل سموتريتش تعليماته لسلطة الضرائب بمصادرة مبلغ 3.1 مليون شيكل من أموال السلطة الفلسطينية لصالح "ضحايا الأعمال الإرهابية".

وقال سموتريش "لقد وقعت على تنفيذ أمر حجز أموال الإرهابيين التي تحولها السلطة الفلسطينية إلى عائلات الإرهابيين"، وفق تعبيره.

وقال: "الميزانية فيها أموال لجنود الاحتياط والناجين والمهجرين في الشمال والجنوب، لإعادة تأهيل وتطوير المستوطنات على طول خط النزاع، لتعزيز نظام الصحة العقلية، للشرطة والحرس الوطني والشرطة"، مضيفا أن "الحرب تتطلب تغيير الأولويات المؤقتة وتأجيل أشياء أخرى مهمة".

من جانبه أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، أنه كان يتعين على إسرائيل شن هذه الحرب، مشيرا إلى أنها ستستغرق شهورا طويلة.

وأضاف في مستهل جلسة الحكومة للمصادقة على ميزانية الدولة لعام 2024: "اتضح بدون أدنى شك هو أنه يتعين علينا شن هذه الحرب، وأنها ستستغرق شهورا طويلة. لذا نرفع اليوم ميزانية الحرب، ومع أن هذه الميزانية هي عبارة عن ميزانية سنوية، إلا أنها ميزانية عام نشهد خلاله حربا. وهو ما يلزمنا برصد قدر أكبر بكثير من الأموال للأمن مما كنا نخطط له. وندرك كذلك ضرورة استثمارنا في خطة متعددة السنوات لتخليص دولة إسرائيل من اعتمادها على المشتريات الخارجية في العديد من النواحي، بمعنى التزود المحلي، وقدرة الإنتاج المحلية، وسيتم طرح كل ذلك على طاولة الحكومة".

وتابع: "لكن في هذه اللحظة يجب أولا تغطية تكاليف الحرب، والسماح لنا بخوض الحرب خلال العام المقبل واستكمالها، بما في ذلك القضاء على حماس، وإعادة مخطوفينا، واستعادة الأمن والشعور بالأمان، للمنطقة الشمالية والمنطقة الجنوبية على حد سواء من أجل إعادة السكان إلى هناك.

وشدد نتنياهو: "نعمل هنا قبل كل شيء على تحقيق الأمن على المدى الفوري، لكن نضع كذلك أسس الأمن لأجيال قادمة.

من جانبه صرح مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي أبو بكر الديب، إن 100 يوم من عمر الحرب علي قطاع غزة أحدثت ضررا بالغا بالاقتصاد الإسرائيلي.

وأكد الديب في تصريحات لـRT أن الخسائر لإسرائيل بلغت 100 مليار دولار واقتصاد العالم ما يقرب من تريليون دولار مشيرا إلي أنه منذ 7 أكتوبر 2023، ارتفع الإنفاق والاقتراض الحكوميين ارتفاعا شديدا، وانخفضت عائدات الضرائب، وبالتأكيد ستتأثر التصنيفات الائتمانية سلبا مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، إذ خفض بنك إسرائيل المركزي توقعات النمو لاقتصاد البلاد من 3 في المئة في عام 2023 إلى 1 في المئة في 2024 فضلا عن توقعات بحدوث انكماش.

يشار أن مصادر رصد متعددة وخاصة في العاصمة الألمانية برلين أشارت خلال الأسبوع الثاني من شهر يناير 2024 أن حوالي 822 الف إسرائيلي غادروا إلى دول في أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية وحتى دول أفريقية منذ منتصف شهر أكتوبر 2023.

 

دمار اقتصادي

جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم 11 يناير 2024:

سلط تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الضوء على التبعات التي يواجهها قطاع التكنولوجيا، الذي تشتهر به إسرائيل، بسبب الحرب التي تشنها على غزة.

ويوم الهجوم، في الساعة 6:45 صباحا، تحدث جاك "تاتو" بيجيو، مؤسس شركة "UBQ Materials" لمدير العمليات في الشركة الذي قال إن الكيبوتس الذي يقطن فيه تعرض لهجوم مسلحي حماس، كما تلقى رسائل نصية من موظفين آخرين بأنهم يختبئون في غرف آمنة. وقال بيجيو للصحيفة: "كان مثل يوم القيامة".

وأجبر الهجوم الذي شنه مسلحو حماس شركة "UBQ Materials" على إغلاق مصنعها الذي يقع على بعد 20 ميلا (32 كلم) من الحدود مع قطاع غزة، مخلفا صدمة لدى الموظفين، الذين قتل اثنان منهم، في حين خسر كثيرون آخرون منازلهم واضطروا إلى العيش على بعد 100 ميل (160 كلم).

وبالإضافة إلى أكثر من 360 ألف جندي احتياط تمت تعبئتهم، اضطر ما لا يقل عن 225 ألف إسرائيلي إلى مغادرة منازلهم في جنوب إسرائيل أو في مناطق الشمال الحدودية مع لبنان.

وذكرت الصحيفة أن الحرب أثرت في الاقتصاد الإسرائيلي "بشكل قد لا يبدو ملحوظا خارج البلاد"، حيث توقفت السياحة وارتفعت نفقات الحكومة، والضربة التي تلقتها شركات التكنولوجيا "هزت الثقة في قطاع كان قد أضحى محركا أساسيا في اقتصاد إسرائيل".

وساهم استدعاء 350 ألفا من جنود الاحتياط في تشتيت العمليات التشغيلية لدى العديد من الشركات، كما بدأ المستثمرون بالتردد وفقا لإحصائية أجرتها سلطة الابتكار الإسرائيلية، الممولة حكوميا، بالتعاون مع مركز "Start-Up Nation Policy".

وقال جوناثان كاتز، المتنبئ الاقتصادي السابق في وزارة المالية الإسرائيلية، إن مصدر القلق الآخر هو الاستثمار الأجنبي، الذي كان ضعيفا بالفعل قبل 7 أكتوبر بسبب عدم اليقين الناجم عن النزاع بين حكومة رئيس الوزراء، نتانياهو، اليمينية والمحكمة العليا الإسرائيلية.

وقال كاتز للصحيفة: "السؤال الآن هو ما إذا كان الأجانب سيظلون يرغبون في الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلية، أو ما إذا كانوا يفضلون استثمار أموالهم في مكان آمن وهادئ، مثل أيرلندا".

وسلطت وكالة فرانس برس الضوء في تقرير نشرته في نوفمبر الماضي على شركات إسرائيلية عدة تعاني من نقص الموظفين، من بينها مجموعة "راف – بريح" (Rav-Bariach).

وبينما ستؤدي الحرب إلى إنفاق مليارات الدولارات الإضافية من ميزانية الدولة، وجه 300 خبير اقتصادي إسرائيلي رسالة مفتوحة إلى حكومة نتانياهو في نهاية أكتوبر، وطالبوه باتخاذ تدابير عاجلة، متهمين إياه بأنه "لا يفهم حجم الأزمة الاقتصادية التي قد يواجهها الاقتصاد الإسرائيلي"، بحسب فرانس برس.

وقد اتخذت إسرائيل عدة خطوات للحد من حالة عدم اليقين، وفق ما ذكرته "نيويورك تايمز" بما في ذلك تثبيت سعر الشيكل الإسرائيلي. وتخطط الحكومة لزيادة عدد العمال الأجانب المسموح لهم بدخول البلاد إلى 70 ألفا بدلا من 50 ألفا، لمعالجة النقص المفاجئ في العمالة، حيث فر العمال الأجانب وتم منع أكثر من 100 ألف فلسطيني من الضفة الغربية من العمل في إسرائيل.

 

حرب لا أسقف لها ولا حدود

في مواجهة تهديدات تل أبيب للبنان قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في كلمة في "ذكرى أسبوع الشهيد وسام حسن طويل": "الأمريكيون هددوا لبنان بأنه إذا لم يتم وقف جبهة الجنوب فإن إسرائيل ستشن حربا على البلاد، تهويلكم لن يجدي نفعا لا اليوم ولا غدا ولا في أي يوم من الأيام".

وأضاف: "يتم تهديدنا بألوية مهزومة في غزة "يا هلا ومرحب"، الجيش الإسرائيلي حين كان معافى وبكامل عتاده تحطم أمام مقاومينا في حرب يوليو".

وتابع: "من يجب أن يخشى ويخاف من الحرب هو إسرائيل وشعب العدو ومستوطنوه وليس لبنان، نحن جاهزون للحرب منذ 99 يوما ولا نخافها وسنقاتل بلا أسقف وبلا حدود".

وأكد نصرالله على أنه "على الأمريكي الذي يدعي الخوف على لبنان أن يخاف على أداته في المنطقة وقاعدته العسكرية". وأشار نصر الله إلى أن المقاومة في غزة تواصل تصديها للاحتلال "بصورة مبدعة”، لافتا إلى أن “لإعلامها دورا كبيرا في الاطلاع على بطولاتها في مقابل التكتم الإسرائيلي".

كما لفت إلى أن الكثير ممن يتابعون معركة "طوفان الأقصى" يجمعون على أن "إسرائيل أكثر تشددا وتكتما وسيطرة على الأخبار من أي وقت مضى"، وأن ذلك يأتي في الوقت الذي يعد الاحتلال "غارقاً في الفشل بتأكيد محلّليه، ولم يصل إلى أي نصر، أو حتى إلى صورة نصر".

يذكر أن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي كان قد صرح يوم الأربعاء 10 يناير أنه بعد انتهاء القتال بغزة ستعرف إسرائيل "كيف تفعل ذلك أيضا في لبنان".

 

جبهة البحر الأحمر

جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية يوم 13 يناير: تشن الولايات المتحدة وبريطانيا، ضربات على مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن بعد استهدافهم على مدار أسابيع، سفنا تجارية متوجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر فيما اعتبروه "تضامنا مع قطاع غزة". وتثير الضربات، تساؤلات حول من يمكن أن يكون فائزا أو خاسرا من تلك الضربات.

وتتداخل مصالح عديد الدول التي تستخدم الممرات البحرية التي يستهدفها الحوثيون، لذلك، فكثير من الدول معنية بهذه التطورات، ولا سيما عقب الرد الأمريكي- البريطاني، خصوصا إيران الداعم الأكبر للحوثيين.

يقول المحلل، والخبير في شؤون الشرق الأوسط، فيصل جلول، إنه يصعب النظر بميزان الخسارة والربح بينما الضربات الأمريكية والبريطانية، لا تزال في بدايتها.

لكنه عاد ليؤكد في مقابلة مع موقع الحرة، أن تصريح الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الجمعة، والذي تحدث خلاله عن قلقه من أن يؤثر الوضع في الشرق الأوسط على ارتفاع أسعار النفط "قد يشير إلى أن الولايات المتحدة متوجسة من أن تكون بين الخاسرين، إذ أن أكبر خاسر مما قد يقع، هي البلدان المستهلكة للنفط" وفق تقديره.

وأظهرت بيانات الشحن من منصة Kpler أن أربع ناقلات نفط على الأقل حولت مسارها من البحر الأحمر منذ الغارات الليلية التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على أهداف للحوثيين في اليمن.

عسكريا، يرى جلول أن الحوثي قد يكون خاسرا على أساس أن الضربات الأميركية والبريطانية طالت عدة مواقع عسكرية.

وأضاف "بما أن الضربات لم تمس حتى الآن البنى التحتية للحوثيين، فمن الصعب أن نقول أن هناك خاسرا عسكريا صريحا، لكن يمكن القول أن الضربات تكبح قوة الحوثي". القصف شمل أكثر من 150 ضربة على أكثر من ثلاثين موقعا عسكريا يسيطر عليه الحوثي.

من جانبه، يرفض المحلل الإيراني، حسن رويران، اعتبار بلاده من الخاسرين المحتملين للمستجدات التي قد تطرأ في البحر الأحمر بعد الضر بات الأمريكية البريطانية.

وقال رويران لموقع الحرة "لا أتصور أن إيران هي الخاسر الأكبر في هذا الإطار لأن هناك ضربات متبادلة بين الطرفين والمعركة لم تنته بعد، وحتى جزء كبير من الأماكن التي ضربت كانت خالية"، حسب قوله. وتابع "القول بأن الضربة الأمريكية البريطانية حسمت الموقف وبالتالي هناك رابح وخاسر، مناف للواقع" مشيرا إلى أن "كل الاحتمالات مفتوحة" وقد تنتهي بـ"فوز إيران مما يحدث" وفق تعبيره.

بخصوص مستقبل قطاع الشحن البحري في المنطقة وإمكانية تصنيفه على أساس الربح والخسارة إثر الضربات الأمريكية- البريطانية، يرى الخبير الاقتصادي والمهتم بالتجارة العالمية، صادق الركيبي، أن هذا القطاع "من بين أكبر الخاسرين" ولو مؤقتا.

وفي حديث لموقع الحرة، قال الركيبي إن قطاع الشحن البحري سيعرف ارتفاعا محسوسا في الكلفة والأسعار عموما، وهو ما يضعه في موقف الخاسر، بينما سيستفيد قطاع الشحن الجوي والبري إلى حد ما، من هذه الوضعية، ما يضعهما في نطاق القطاعات التجارية الرابحة والمستفيدة من الوضع.

 

المتضامنون مع قضية القرن

جاء في تحليل نشرته صحيفة الغارديان البريطانية يوم 14 يناير بقلم الصحفي البارز باتريك وينتور:

كان تفاعل الحوثيين مختلفا وجريئا مع العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، والآن، وبعد أن وضعتهم الضربات الغربية الأخيرة على عرش المتضامنين مع قضية القرن من المتوقع أن يزدادوا جرأة وسيطرة على الميدان داخل اليمن وخارجها في الممر المائي الأكثر حساسية بالمنطقة، باب المندب، بشكل قد يعيد تشكيل الصراع في الشرق الأوسط.

ويقول وينتور إن الحوثيين يتعاملون مع الهجمات الأمريكية البريطانية ضدهم على أنها "هدية كبرى"، و "أمر تجنيد"، وبالفعل وفرت تلك الضربات لهم تصورا مريحا لوصف أنفسهم بالمقاومين لإسرائيل التي تثير غضب العرب والمسلمين هذه الفترة بشكل غير مسبوق.

وبالتالي، فإن أول النتائج ستكون تعزيز سيطرة الحوثيين ومكانتهم داخل اليمن، وبالنسبة لخارجها، من المهم الإشارة إلى أن تردد القوى الإقليمية البارزة، مثل السعودية والإمارات ومصر (صاحبة قناة السويس والمتضررة من هجمات الحوثيين) في الانضمام إلى هجمات الغربيين ضد الجماعة اليمنية هو دليل نجاح آخر.

وينقل التحليل عن ميساء شجاع الدين من مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، قولها إن تهديدات الحوثيين للشحن الإسرائيلي ليست عذرا أو محاولة لصرف الانتباه عن إخفاقاتهم، إنه أمر عميق في أيدولوجيتهم والتي تتحدث عن "لعن اليهود والموت لأمريكا".

وقد بدأ مؤسسهم، حسين الحوثي، محاضراته في وقت قريب من أحداث 11 سبتمبر 2001، والغزو الأمريكي للعراق، وكانت تدور حول صراع الحضارات، فالأمر صراع ديني وليس قومي.

مدفوعون بهذا الهدف، طور الحوثيون بسرعة استراتيجيتهم للإضرار بدولة الاحتلال الإسرائيلي، من إطلاق الصواريخ على إيلات، والتي تبين أنها غير فعالة، إلى مهاجمة السفن التي ترفع العلم الإسرائيلي، والآن باتوا يهاجمون كل السفن المتوجهة إلى إسرائييل.

ومنذ 12 نوفمبر 2023 على الأقل، وفقاً لمركز صنعاء، "أجرت قوات الحوثيين تدريبات للمجندين من فرق الهجوم البرمائية، من خلال تدريبات شملت إطلاق صواريخ وهمية تستهدف السفن البحرية المخادعة ومحاكاة غارات السفن. كما قاموا بتوسيع أهدافهم تدريجياً من السفن التي ترفع العلم الإسرائيلي إلى السفن التي تتاجر مع إسرائيل".

ويقول التحليل إن الداخل اليمني فخور بما فعله الحوثيين، تضامنا مع غزة، قد تزايد هذا الشعور إلى مستويات غير مسبوقة خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

وفي حين ترددت الجماعات الأخرى، أظهر الحوثيون جرأة، بينما أنتجوا مقاطع فيديو دعائية مثل هبوط طائرة هليكوبتر ترفع العلم الفلسطيني على سطح سفينة "غالاكسي ليدر"، وهي سفينة شحن تبحر في البحر الأحمر.

كان الحوثيون فخورين بشكل خاص عندما سأل أحد محاوري بي بي سي محمد علي الحوثي، عضو المجلس الأعلى للحوثيين، عن السبب الذي يجعلهم يرون أنه من المناسب التدخل في فلسطين "على بعد أميال وأميال"، فأجاب: "أما بايدن، فهل هو جار لنتنياهو؟ هل يعيشون في نفس الشقة، وهل يعيش الرئيس الفرنسي في نفس الطابق ورئيس الوزراء البريطاني في نفس المبنى؟".

 

خصوم الحوثيين

ويقول عبدالغني الإرياني، من مركز صنعاء أيضا، إن المعسكر المناهض للحوثيين داخل اليمن مذهول.

وقد تعرضت التصريحات القليلة التي صدرت ضد الحوثيين منذ بداية عمليتهم لدعم فلسطين لانتقادات شديدة من قبل الجمهور اليمني.

يتم التعبير عن هذا الشعور في عبارة شائعة: "أنا وأخي ضد ابن عمنا، وأنا وابن عمي ضد الغريب".

وطالب المواطنون من جميع المشارب المتحدثين باسم الجماعات المناهضة للحوثيين "بإغلاق أفواههم".

وبالفعل، فقد تواصل بعض قادة الحوثيين بالفعل مع خصومهم السياسيين على المدى الطويل في "حزب الإصلاح" لمعرفة ما إذا كانوا سيوحدون قضيتهم ضد إسرائيل.

وتؤكد ميساء شجاع الدين أن الهجمات الغربية لن تردع الحوثيين، فهم بارعون في امتصاص الخسائر، وقد حققوا خبرة واسعة من فترة الحرب مع التحالف العربي.

وتضيف: إنهم ليسوا جيشا كلاسيكيا بقواعد عسكرية ثابتة، ومن المعروف أن الميليشيات تغير قواعد الحرب، وبمساعدة إيران أصبح لديها الآن القدرة والخبرة اللازمة لتصنيع الطائرات بدون طيار داخل البلاد.

وترى أن الضربات الغربية ضد اليمن ستجعل الحوثيين يعتقدون أنهم لم يعودوا لاعبين محليين، بل لاعبين إقليميين يتمتعون بالشرعية في مواجهة أمريكا بشكل مباشر.

بدوره، يحذر فارع المسلمي، من برنامج الشرق الأوسط في "تشاتام هاوس"، من أن "الحوثيين أكثر ذكاء واستعدادا وتجهيزاً بكثير مما يعتقده العديد من المعلقين الغربيين".

ويردف: إن تهورهم واستعدادهم للتصعيد في مواجهة التحدي يتم الاستهانة بهم دائما.

وهم يعلمون أيضا أن التحالف البحري العسكري الذي يدعم أمريكا ضعيف.

فمصر، على الرغم من حصولها على دخل من قناة السويس، رفضت دعم الضربات الجوية الأمريكية.

ولا يوجد أي بلد عربي، لديه الجرأة لتحدي الصورة الحوثية لليمنيين الشجعان الذين يتنافسون ضد القوة الأمريكية.

وربما ينظر الغرب إلى الهجوم الصاروخي على أنه الخيار الوحيد، لكنه ليس بلا تكلفة.

فطائرات الحوثي بدون طيار رخيصة الثمن، وعلى النقيض من ذلك، ينفق الغربيون ما يقرب من مليون يورو على كل صاروخ من طراز "أستر 15" يستخدمونه لصد الطائرات الحوثية بدون طيار.

Omar_najib2003@yahoo.fr

شبكة البصرة

الاربعاء 5 رجب 1445 / 17 كانون الثاني 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط