|
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
|
لو تعلمونَ أيّةَ كارثةٍ مُروّعةٍ تُحيقُ بكم أيُّها العراقيون؟! 18 مليون قنبلة موقوتة في العراق والأعداد في ازدياد!؛ |
|
شبكة البصرة |
| مصطفى كامل |
|
يحارُ المرء وهو يحاول النظر في الشأن العراقي لخطورةِ ما يواجهه من معطياتٍ وعمقِ ما يراه من تفاصيل، يحارُ أين يُصوّب نظره؟ وأيَّ مجالٍ ينبغي أن يحوز على اهتمامه أولاً؟ وما هي السبل التي ينبغي عليه أن يسلكها في معالجة ما يجده من مآسٍ وكوارث، لو أنفقنا سنواتٍ من أعمارنا في تعدادها ما استطعنا حصرها. ومن بين المخاطر الجسيمة التي يعاني منها العراق اليوم، والتي ستنفجر قنابلها الموقوتة في السنوات والعقود المقبلة ما أعلنت عنه وزارة التخطيط في العراق، اليوم الاثنين 8 كانون الثاني/يناير 2024، من أرقامٍ مرعبة بشأن عدد السكان في البلاد وطبيعة أعمارهم وما يمارسونه من أنشطة اقتصادية وغير ذلك من معلومات غاية في الخطورة على محدوديتها.
((قال المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، في بيان صحفي "قُدّر عدد سكان العراق بنهاية العام الماضي 2023 بـ43 مليونا و324 الف نسمة"، مبينا أن "نسبة سكان المناطق الحضرية بلغت 69.9%، ونسبة سكان الريف 30.1%". وأوضح أن "نسبة السكان بعمر أقل من 15 سنة بلغت 41% من مجموع السكان"، مضيفاً أن "نسبة السكان للفئة العمرية 15-64 سنة بلغت 57%" وتابع، أن "نسبة السكان بعمر 65 سنة فأكثر بلغت 3%"، موضحا أن "معدّل النشاط الاقتصادي للسكان بعمر 15 سنة فأكثر بلغ 40%". وأشار إلى أن "نسبة الذكور النشطون اقتصاديا بغلت 87%"، لافتا الى ان "نسبة الاناث النشطات اقتصاديا بلغت 13%". وأوضح الهنداوي أيضاً، أن "معدل التضخم انخفض الى 4.4% عام 2023، مقارنة مع معدل 6.1% عام 2021، ومعدل 4.9% عام 2022".))
الإعلان الرسمي عن عدد السكان فقد أعلنت الوزارة في بيانٍ رسميٍ لها أن عدد سكان العراق تجاوز الـ 43 مليون نسمة بنهاية سنة 2023، وأن عدد من هم تحت الـ 15 عاماً بينهم كان هائلاً جداً حيث تصل نسبتهم إلى قرابة 41 % من الإجمالي. وطبقاً للبيان الحكومي فقد بلغ معدّل النشاط الاقتصادي للسكان بعمر أكثر من 15 سنة نحو 40 % من إجمالي النشاط الاقتصادي للسكان، وبعبارة أخرى فإن النشاط الاقتصادي لمن هم دون سن الـ 15 يبلغ نحو 60 % من الإجمالي. انتهت المعلومات التي قدّمتها وزارة التخطيط، وأعتقد أنه لابدَ من مناقشتها والوقوف عندها طويلاً من قبل المتخصصين. لابدّ من حلول سريعة، بل فورية، وجدّية وشاملة فالأمر يتعدّى كل اعتبارٍ آخر، سياسياً كان أو مذهبياً أو عرقياً، إنه أمر جدّي بالفعل وخطرٌ جداً ويهدّد مستقبل العراق كله بالضياع. صحيحٌ أن العراق لم يشهد منذ غزوه سنة 2003 تعداداً دقيقاً للسكان وحصراً حقيقياً لأنشطتهم الاقتصادية ولا طبيعة إقامتهم وتونع حياتهم، حيث تحول عوامل سياسية وعنصرية وطائفية دون القيام بهذا العمل الضروري رغم الإعلانات الرسمية الكثيرة بشأنه والمواعيد المتكررة عنه، إلا أن ما أعلنته الوزارة من أرقامٍ يبدو مروّعاً بحق ويُفصِح عن فجوةٍ سكانيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعيةٍ وتربويةٍ ومعرفيةٍ وقيميةٍ هائلةٍ، وعن خللٍ أمني كبيرٍ جداً، وعن جملةٍ من المخاطر الهائلة والمتعدّدة التي تهدّد العراق كله، وجواره أيضاً، ولا ينبغي أن يمرّ العراقيون، وكل من يعنيهم الأمر، على ما أعلن وعلى تداعياته بلا اهتمامٍ كبيرٍ ونظرٍ عميق. هذه الأرقام تؤكد أن العراقيين في قعر هاويةٍ سحيقةٍ بالفعل، وأن مستقبلهم مظلمٌ جداً بوجود نحو 18 مليون قنبلة موقوتة قابلة للتفجير في أية لحظة، والأعداد في تزايدٍ بلا وعيٍ ولا تنظيمٍ، إن لم تُبذل جهود حقيقية وشاملة وعميقة وتفصيلية على مختلف الصُعُد ويُباشر بتنفيذها فوراً لإنقاذ الأجيال القادمة من المصير المرعب الذي ينتظرهم، وينتظر البلاد كلها، في ظل كلّ العوامل الكارثية المعروفة التي تُحيق بهم وبالعراق، ومعظمها يجري دعمه والترويج له بقصدٍ وعلى وفق برامج وخطط تُعدُّ خارج العراق وتُنفّذ داخله.
وأسأل: من يرعى هذه الأعداد الهائلة ممن هم دون سن الـ 15 عاماً، وهم نحو 18 مليون نسمة؟ من يربّيهم؟ من يُنفق عليهم؟ ما هي الأنشطة الاقتصادية التي يمارسونها وقد بلغت نحو 60 % من إجمالي النشاط الاقتصادي في البلاد؟ ما هي المناهج التعليمية التي يتلقّونها؟ ما هي القيم الاجتماعية التي تسود بينهم؟ من يحميهم من مخاطر الدعارة والشذوذ والمخدرات والتنظيمات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظّمة والميليشيات المسلّحة وعوامل الانحراف الأخرى، وهي متوفرة جداً في مجتمعهم؟ من يحميهم من مؤثرات الإلحاد أو الطائفية أو العنصرية المحيطة بهم؟ أين هي الرعاية الصحية الواجب تقديمها لهم؟ ما هي الأمراض العضوية التي تنتشر بينهم؟ ما هي الأمراض النفسية التي يعانونها وقد نشأوا في أجواء غير سليمةٍ بل مريضةٍ تماماً تستلزم رعاية خاصة؟ من يضمن عدم اختراقهم أمنياً لأغراض التجسس أو لأغراض الإرهاب؟ ما مدى استيعابهم في أنشطةٍ رياضيةٍ وتربويةٍ واجتماعيةٍ مفيدةٍ وبنّاءةٍ لهم ولعوائلهم وبما يضمن مصلحة المجتمع العراقي كله بالتالي؟ وهناك عشرات الأسئلة التي يجب أن يجد المعنيون إجابة عنها ويشرعوا فوراً في إعداد الخطط لها ومواجهتها على أرض الواقع، فما أعلن اليوم من أرقامٍ يمثّل مؤشرات تعنينا جميعاً وتؤثّر علينا جميعاً وتهدّدنا جميعاً بكوارث لا تعدُّ ولا تُحصى. على العراقيين جميعاً -الأفراد منهم والمؤسسات والأحزاب والهيئات والمنظمات وعلماء الدين ومراكز البحوث والجامعات والمنتديات الفكرية والعلمية والأكاديمية ووسائل الإعلام وكل من يعنيه الأمر- أن يتحمّلوا مسؤولياتهم في هذا الصدد، وأن يقفوا طويلاً عند هذه المؤشرات ويبحثوا عميقاً فيها ويجدوا لها حلولاً سريعة، بل فورية، وجدّية وشاملة فالأمر يتعدّى كل اعتبارٍ آخر، سياسياً كان أو مذهبياً أو عرقياً، إنه أمر جدّي بالفعل وخطرٌ جداً ويهدّد مستقبل العراق كله بالضياع، فهل من مدّكر؟! والله الموفق والمستعان وجهات نظر |
|
شبكة البصرة |
|
الاثنين 26 جمادى الثاني 1445 / 8 كانون الثاني 2024 |
|
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |