بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
إسرائيل بدأت “المرحلة الثالثة” من الحرب على غزة.. إليكم تفاصيلها وما تعنيه |
شبكة البصرة |
أعلن وزير دفاع الاحتلال أن إسرائيل بدأت "المرحلة الثالثة" من حربها على قطاع غزة، فماذا يعني ذلك؟ كان وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، قد قال، الخميس 4 يناير/كانون الثاني 2024، إن خطط المرحلة الجديدة للحرب على غزة ستعتمد على "تكتيك عسكري جديد في شمال القطاع"، مؤكداً على الاستمرار في التركيز على استهداف قيادات حماس المشتبه في وجودها في الجنوب، بحسب شبكة CNN الأمريكية. وعاد غالانت، الإثنين 8 يناير/كانون الثاني 2024، ليؤكد على أن إسرائيل تتجه إلى المرحلة الثالثة من الحرب على قطاع غزة، مضيفاً أن تلك المرحلة "ستشهد انخفاضاً في كثافة العمليات العسكرية والانتقال إلى مرحلة العمليات الخاصة، لكنها ستكون مرحلة أطول من المرحلتين السابقتين"، بحسب ما نقلته عنه صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.
مرحلة ثالثة من حرب إسرائيل على غزة كانت إسرائيل قد شنَّت، منذ عملية "طوفان الأقصى" العسكرية يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قصفاً جوياً وبحرياً على قطاع غزة، تبعه اجتياح بري، معلنةً عن هدفين رئيسيين هما: تدمير المقاومة، وتحرير الأسرى بالقوة العسكرية. و"طوفان الأقصى" هو الاسم الذي أطلقته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على العملية العسكرية الشاملة، التي بدأت فجر ذلك اليوم، رداً على "الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني". ففي تمام الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي في فلسطين، شنّت "حماس" اجتياحاً فلسطينياً لمستوطنات الغلاف المحاذية لقطاع غزة المحاصَر، حيث اقتحم مقاتلون من كتائب عز الدين القسام البلدات المتاخمة للقطاع، في ظل غطاء جوي من آلاف الصواريخ التي أُطلقت من غزة باتجاه تل أبيب والقدس ومدن الجنوب. ووسط حالة الذعر والصدمة التي انتابت الإسرائيليين، وانتشار مقاطع فيديو وصور لدبابات ومدرعات تابعة لجيش الاحتلال، إما محروقة أو تحت سيطرة المقاومين الفلسطينيين، وأسر العشرات من جنود من جيش الاحتلال والمستوطنين وسيطرة فلسطينية كاملة على مستوطنات، أعلنت دولة الاحتلال أنها "في حالة حرب"، للمرة الأولى منذ حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973. وبعد مرور 3 أشهر من الحرب على غزة، لم تحقق إسرائيل أياً من أهدافها العسكرية، التي يصفها أغلب المحللين بأنها "مستحيلة"، بحسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية. والسبت 6 يناير/كانون الثاني، زعم المتحدث باسم جيش الاحتلال أن القوات الإسرائيلية أكملت تفكيك "الهيكل العسكري" لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في شمال غزة، وقتلت حوالي 8000 مسلح في تلك المنطقة، وأضاف الأدميرال دانيال هاجاري في إفادة صحفية أن الجيش استولى أيضاً على عشرات الآلاف من الأسلحة وملايين الوثائق في تلك المنطقة. وتابع: "نركز الآن على تفكيك حماس في وسط وجنوب قطاع (غزة)"، بحسب رويترز. ونقل موقع Ynet الإسرائيلي، الإثنين، عن غالانت قوله إن المرحلة الثالثة من الحرب على غزة ستكون عبارة عن "عمليات في الشمال تشمل غارات وتدمير أنفاق وأنشطة جوية وبرية وعمليات خاصة". ونقلت CNN عن يوهانان بلينسر، رئيس معهد الديمقراطية في إسرائيل وعضو الكنيست السابق عن حزب كاديما، قوله إن "هذه المرحلة ستكون أقل كثافة لكنها ستستغرق وقتاً أطول".
ماذا عن سكان شمال غزة؟ تتزامن تصريحات غالانت بشأن المرحلة الجديدة من الحرب على قطاع غزة مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للمنطقة والرسالة التي يحملها معه لإسرائيل، بحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية. يركز بلينكن على ضرورة قيام إسرائيل بما هو ضروري لتمكين عودة النازحين من شمال القطاع من العودة إلى منازلهم، والتأكيد أيضاً على رفض الدعوات لتهجير سكان القطاع. لكن صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية نشرت تقريراً، الأحد 7 يناير/كانون الثاني، ذكرت فيه أن هناك مناقشات تجري بشأن ممر يشق القطاع من جنوب غزة، مضيفاً أن الجيش الإسرائيلي بدأ بالفعل في تنفيذ هذا الطريق قبل عدة أسابيع. والهدف هو أن يكون هذا الممر بمثابة طريق عسكري فقط، وتقام على طوله محطات للرقابة وحواجز عسكرية الهدف منها منع عودة النازحين من شمال القطاع، والذين أجبرهم القصف على الهروب نحو الجنوب. ويريد هؤلاء النازحون الآن العودة إلى بيوتهم وأراضيهم ومصالحهم التجارية أو مزارعهم. كان جيش الاحتلال قد وضع حواجز ونقاط تمركز بالفعل لمنع عودة النازحين من شمال القطاع إلى جنوبه إلى بيوتهم، ويبدو أن القرار اتخذ لتطوير تلك النقاط كي تصبح طريقاً فاصلة يحافظ عليها ما دام جيش الاحتلال في غزة، وهو ما يقول قادة الجيش إنه يتوقع أن يمتدّ حتى نهاية السنة الجارية، رغم طلب الولايات المتحدة تقصير هذه المدة، بحسب يديعوت أحرونوت. تشير هذه المعلومات إلى أنه مع فشل تحقيق أهداف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والضغوط الداخلية والخارجية على الجيش للانسحاب، وتقليص حجم الحرب وزمنها، يأتي كشف النقاب عن المرحلة الجديدة من الحرب وتقسيم قطاع غزة إلى قسمين شمالي وجنوبي، والعمل على احتلال القطاع ولو لفترة زمنية مؤقتة، وهي أهداف تتناقض مع ما تعلنه إدارة جو بايدن مؤخراً. فمع ارتفاع وتيرة التصريحات الإسرائيلية، التي يصدرها وزراء متطرفون مثل إيتمار بن غفير وزير الأمن الداخلي وبتسلئيل سموتريتش وزير المالية، بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، أصدرت الخارجية الأمريكية بيانات رافضة لتلك التصريحات، كما أكد بلينكن على ضرورة عودة سكان القطاع إلى بيوتهم. ففي مؤتمر صحفي في العاصمة القطرية الدوحة قبل توجهه إلى أبوظبي، قال بلينكن إن "هذا وقت توتر عميق في المنطقة. هذا صراع قد ينتشر بسهولة ويتسبب في المزيد من انعدام الاستقرار والمعاناة"، وأضاف أنه سيبلغ المسؤولين الإسرائيليين عند زيارته إسرائيل ضرورة بذل المزيد من الجهود لمنع سقوط قتلى ومصابين من المدنيين في غزة، وأنه يجب السماح للمدنيين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم، ويجب عدم الضغط عليهم لمغادرة القطاع، بحسب رويترز.
هل تغيّر إسرائيل "أهدافها" من الحرب على غزة؟ في تصريحاته لوول ستريت جورنال، أشار غالانت إلى أن مفهوم الدفاع بالنسبة لإسرائيل تغيَّر بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قائلاً: "وجهة نظري الأساسية هي أننا نقاتل محوراً، وليس عدواً واحداً، وإيران تقوم ببناء قوة عسكرية حول إسرائيل من أجل استخدامها ضدنا". ورغم أن وزير الدفاع الإسرائيلي قال إن إسرائيل لن تتخلى عن أهدافها المتمثلة في تدمير حركة حماس وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، إلا أنه بعد 3 أشهر من الحرب لا تزال تلك الأهداف "متعالية وعصية على التنفيذ"، ويراها كثير من المحللين "مستحيلة"، بحسب CNN. إن تأثير حماس وشعبيتها يمتد خارج قطاع غزة أيضاً، وهو ما يعني أن إلحاق الهزيمة بحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية يمثل "طموحاً صعب المنال" بالنسبة لإسرائيل، هذا إذا كان يمكن تحقيقه من الأساس، بحسب الشبكة الأمريكية. ورغم ذلك، فإن نتنياهو، في خطابه بمناسبة مرور 3 أشهر على الحرب، أعاد التأكيد على أهدافه: "القضاء على حماس وعودة الأسرى وضمان ألا تمثل غزة تهديداً لإسرائيل". كما أنه من الناحية العسكرية، لا يبدو أن قيادات جيش الاحتلال تتفق مع أهداف رئيس الوزراء الساعي للبقاء في منصبه. فبحسب الإعلام الإسرائيلي، تخلى مدير الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال، الجنرال أهارون هاليفا، عن هدف تدمير حماس، خلال كلمة له، الخميس 4 يناير/كانون الثاني، حدد خلالها الأهداف من وجهة النظر العسكرية. حديث غالانت ونتنياهو عن استمر الحرب على غزة طوال عام 2024 وربما بعدها أيضاً لا يبدو متسقاً مع الحقائق القائمة على الأرض. فالانقسامات المتصاعدة في الداخل الإسرائيلي، سواء بين القيادات السياسية من جهة وقيادات الجيش من جهة أخرى، أو ارتفاع وتيرة المعارضة لاستمرار الحرب، إضافة إلى الضغوط الخارجية بسبب الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في القطاع، وارتقاء أكثر من 23 ألف شهيد، أغلبيتهم الساحقة من الأطفال والنساء، والتدمير الكامل لبنية القطاع المدنية، كلها أمور تجعل من شبه المستحيل أن تستمر الحرب دون عواقب وتداعيات من الصعب توقعها. وفي سياق متصل، تعقد محكمة العدل الدولية هذا الأسبوع جلسات للنظر في قضية رفعتها جنوب أفريقيا تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في حربها على غزة، وتطالب بوقف عاجل لتلك الحرب. ومحكمة العدل الدولية، والتي يطلق عليها أيضاً اسم المحكمة العالمية، هي أعلى هيئة قانونية تابعة للأمم المتحدة، تأسست عام 1945 للتعامل مع النزاعات بين الدول. وتتعامل هيئة محكمة العدل الدولية المؤلفة من 15 قاضياً -والتي سيضاف إليها قاضٍ واحد من كل طرف في قضية إسرائيل- مع النزاعات الحدودية والقضايا المتزايدة التي ترفعها الدول لاتهام أخرى بانتهاك التزامات معاهدة الأمم المتحدة. ووقعت كل من جنوب أفريقيا وإسرائيل على اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، والتي تمنح محكمة العدل الدولية الاختصاص القضائي للفصل في النزاعات على أساس المعاهدة. وتلزم اتفاقية الإبادة الجماعية جميع الدول الموقعة ليس فقط بعدم ارتكاب الإبادة الجماعية، بل وبمنعها والمعاقبة عليها. وتعرّف المعاهدة الإبادة الجماعية بأنها "الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية". وتقول جنوب أفريقيا، في الدعوى المؤلفة من 84 صفحة، إن أفعال إسرائيل وقتل الفلسطينيين "تعتبر ذات طابع إبادة جماعية، لأنها ترتكب بالقصد المحدد المطلوب" لتدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من القومية الفلسطينية الأوسع والمجموعة العرقية والإثنية. كما تشير الدعوى إلى أن سلوك إسرائيل -"من خلال أجهزة الدولة ووكلاء الدولة وغيرهم من الأشخاص والكيانات التي تعمل بناءً على تعليماتها أو تحت توجيهها أو سيطرتها أو نفوذها"- يشكل انتهاكاً لالتزاماتها تجاه الفلسطينيين في غزة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية. وذكرت الدعوى أيضاً أن إسرائيل "فشلت في منع الإبادة الجماعية، وفشلت في مقاضاة التحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية". وصفت إسرائيل الاتهام بأنه لا أساس له، وقال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن "اتهام فرية الدم السخيف" الذي توجهه جنوب أفريقيا يهدف إلى إثارة الكراهية القاتلة لليهود، لكن تل أبيب قالت إنها ستمثل أمام المحكمة لعرض قضيتها الأسبوع المقبل. ورغم أنه لا توجد وسيلة لتنفيذ أحكام محكمة العدل الدولية النهائية وغير القابلة للطعن عليها، إلا أنه من شأن صدور حكم بحق إسرائيل أن يضر بسمعتها دولياً ويشكل سابقة قانونية. عربي بوست |
شبكة البصرة |
الاثنين 26 جمادى الثاني 1445 / 8 كانون الثاني 2024 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |