بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الصهيونية المسيحية في الجذر: الخراب من العلا إلى اليمن

شبكة البصرة

إيهاب مقبل

منذ بداية العدوان الأمريكي الإسرائيلي على شعبنا العربي المُسلم في قطاع غزة في أكتوبر تشرين الأول 2023 دعمت أمريكا الشمالية دعمًا عسكريًا وسياسيًا وأمنيًا وتكنولوجيًا وإقتصاديًا غير مشروط لإسرائيل فاق الدعم التاريخي الذي التزم به كل الرؤساء الأميركيين فيما سلف، سواء الجمهوريين منهم أو الديمقراطيين. صرّح الرئيس الأمريكي الصهيوني جو بايدن خلال زيارته لإسرائيل في الثامن عشر من أكتوبر تشرين الأول أمام حكومة بنيامين نتنياهو الحربية: "ليس ضروريًا أن تكون يهوديًا حتى تصبح صهيونيًا، وأنا صهيوني وهذه حقيقة لا أعتذر عنها".

اثارت تصريحات بايدن الخطيرة الإهتمام لدى العديد من الباحثين، وقدْ كتبت ثلاثة تحقيقات بصورة مختصرة، الأول بعنوان "الصهيونية المسيحية في الجذر: بلدان شرق البحر الأبيض المتوسط"، وفيه تاريخ ظهور العقيدة الصهيونية المسيحية والأسس التي يستندون عليها وأهدافهم الرئيسية، والثاني بعنوان "الصهيونية المسيحية في الجذر: أربعة مسارات لتكون صهيونيا"، وفيه أربعة طرق للتصهين "مسار المجرم، ومسار الحاضن، ومسار العائلة، ومسار المُتصل"، إما الثالث بعنوان "الصهيونية المسيحية في الجذر: مشاعر الذنب والعار وليس العقل"، وفيه استخدام الصهيونية المسيحية لتاريخ اليهود في أوروبا كوسيلة لخلق مشاعر الذنب والعار بين الأوروبيين والأمريكيين للدفاع غير العقلاني عن الجرائم الإسرائيلية.

شهد البحر الأحمر يوم أمس الأحد هجومًا جديدًا لحركة أنصار الله اليمنية استهدف سفينة الحاويات "ميرسك هانغتشو" الدنماركية، والتي كانت متجهة نحو ميناء إيلات الإسرائيلي. تدخلت طائرات الهليكوبتر التابعة لسلاح البحرية الأمريكية فأغرقت ثلاثة من أصل أربعة زوارق للقوات المسلحة اليمنية، مما أسفرَ عن مصرع عشرة أفراد من مقاتلي الحركة. ومع ذلك، تسرد تقارير الصهيونية المسيحية أن من بدأ الهجوم العرب والمسلمين، وليس الأمريكيين، رغم أن السفينة ووجهتها ليست أمريكية!

حذرت القوات المسلحة اليمنية مرارًا وتكرارًا بأنها لا تستهدف إلا السفن المتجهة نحو الكيان الصهيوني نصرةً لقطاع غزة، ومع ذلك تدخلت أمريكا ودول غربية أخرى في الصراع البحري العربي الإسرائيلي! وحتى لو استمرت تحذيرات القوات المسلحة اليمنية بأنها لن تستهدف إلا السفن المتجهة نحو إسرائيل، فلن يستمعوا لها، وذلك لإن الخراب يجب أن يطال اليمن في أدبيات الصهيونية المسيحية.

الخلفية لدوافع خراب اليمن ما جاءَ في سفر حزقيال 25: 13: "لذلك هكذا قال السيد الرب: وأمد يدي على أدوم وأقطع منها الإنسان والحيوان وأصيرها خرابا من التيمن إلى ددان يسقطون بالسيف". وهنا بحثت الصهيونية المسيحية عن الموقع الجغرافي لـ"التيمن" و"ددان"، وزعموا زورًا وبهتانًا أن التيمن هي اليمن في جنوب شبه الجزيرة العربية، وددان هي العلا السعودية في شمال شبه الجزيرة العربية وتمتد إلى القبائل الآشورية.

لايوجد في الواقع أية مؤشرات على الموقع الحقيقي لـ"التيمن"، وذلك لإن "الكتاب المقدس" لا يذكر الاتجاهات أو المسارات الجغرافية، فهناك تفسيرات أخرى بأنها تقع قرب مدينة البتراء الأردنية، وأخرى تزعم بأنها وراء نهر الفرات. ومع ذلك، تستغل الصهيونية المسيحية "الكتاب المقدس"، وتفسره حسب دوافعها السياسية لتنفيذ جرائمها: "وأصيرها خرابا من اليمن إلى العلا يسقطون بالسيف"، كما فعلوا بالعراق منذ العام 2003 تنفيذًا لسفر إرميا 50: 35: "سيف على الكلدانيين يقول الرب وعلى سكان بابل وعلى رؤسائها وعلى حكمائها".

إذا كنت ببساطة تعيش في فلسطين أو لبنان أو سوريا أو الأردن أو مصر أو العراق أو الجزائر أو ليبيا أو تونس أو المغرب، أي الذين يشكلون "العالم العربي" أو "العالم الإسلامي".، فأنتَ العدو الأزلي لإسرائيل وأمريكا والغرب، وذلك لإن أجدادك سواء كانوا إسماعيليين أو هاجريين "مصريين" أو موآبيين أو فلسطينيين أو عماليق أو صوريين أو آشوريين وهلم جرا ذكروا في مزمور 83: 1-8، وعليه سيف الرب سيقتل الكثيريين من هذه الشعوب كما تطمح الصهيونية المسيحية الشريرة.

تقول أدبيات الصهيونية المسيحية أن "المزمور 83 ذكرَ مجموعة من الشعوب، عدوها الرئيسي إسرائيل. وبما أن المنحدرين جسديًا من إسرائيل القديمة هم الشعوب الناطقة باللغة الإنجليزية والديمقراطيات في شمال غرب أوروبا والشتات اليهودي وحاملي لواء الحضارة الغربية، فإن المسلمين يحاربون بصورة خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل والبلدان الغربية. وبجمع المزمور 83 مع ما نعرفه عن أسلاف هذه الأمم وما نراه في أخبار المساء، نجد أن هذه النبوءات ستتحقق أمام أعيننا! إنهم نفس اللاعبين في جميع الأزمنة"

شبكة البصرة

الثلاثاء 20 جمادى الثاني 1445 / 2 كانون الثاني 2024

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط