بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
حزب البعث العربي الاشتراكي امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة قيادة قطر العراق المنتخبة وحدة حرية أشتراكية |
|
شبكة البصرة |
العدد 53 الصادر في 27 كانون الثاني 2024 جريدة أسبوعية تصدر عن حزب البعث العربي الاشتراكي |
عدد خاص بالحرب على غزة الفهرس الافتتاحيه: هل هي بداية نهاية ابتزاز (معاداة السامية)؟
المقالات 1- اللا عدل في محكمة العدل بقلم الرفيق ابو علي القدس المحتلة 2- حراك متسارع إسرائيلي غربي استباقا لقرار محكمة لاهاي بقلم الرفيق أبو هنيدة القدس المحتلة 3- طوفان الاقصى وصديقان يهوديان بقلم دكتور نبهان غانم 4- فلسطين تحت الصفر: دولة فلسطينية بلا سيادة؟ ه.أ. هليير 5-مصر: اقدار الجغرافيا وأخطار حرب غزة بقلم محمد قواص 6- اقنعة الإنكار الاسرائيلي بقلم سليمان الفريزلي 7- الموت وعواقبه بقلم مها يحي
تقارير وأخبار 1- غضب صهيوني من الكرك! 2- إسرائيل تهاجم رسام كاريكاتير بريطاني! 3- مواجيز 4- محلل هآرتس:الموافقة على صفقة لتبادل الاسرى اعتراف اسرائيلي بالفشل! 5- جوتيرش: رفض اقامة الدولة الفلسطينية أمر غير مقبول! 6- حماس: هذه روايتنا لطوفان الأقصى
الافتتاحية: هل هي بداية نهاية ابتزاز (معاداة اللا ساميه)؟ في يوم الجمعة الماضي اصدرت محكمة العدل الدولية قرارات تاريخية غير مسبوقة تحررت بها الى حد كبير من الابتزاز الصهيوني والغربي خصوصا الأمريكي المسخر لحماية اسرائيل من العقاب او اثبات التهم ضدها،وبالتالي منع أي ادانة لها وتسخير المنظمات الدولية بقدر ما يستطيع الغرب والصهيونية لخدمة الرواية الإسرائيلية واستبعاد الحقائق الميدانية. لقد طالبت المحكمة اسرائيل بالسماح الفوري بادخال المساعدات الانسانية بمختلف اشكالها والتوقف عن مهاجمة المدنيين ومحاسبة الضباط والجنود الذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب الفلسطيني والتحقيق في تلك الجرائم، وكل هذه القرارات تفترض أن تطبيقها مرهون بايقاف اطلاق النار جزئيا او كليا. ان هذا القرار جريء بكل ما تعنيه الكلمة من معنى خصوصا وان المحكمة اتخذته بما يشبه الإجماع حيث ان 15 عضوا في المحكمة من أصل 17 عضوا أيدوا هذه القرارات وتلك نتيجة تعد سابقة خطيرة في دور محكمة العدل الدولية وربما بقية المنظمات الدولية التي خضعت طوال عقود للسيطرة الغربية الأمريكية بشكل خاص والتأثير الصهيوني عليها، وليس هناك شك في أن عصرنا الذي ترتكب فيه اسرائيل جرائم بشعة في غزة يختلف عن الفترات السابقة التي ارتكبت فيها إسرائيل جرائمها السابقة ضد الشعب الفلسطيني وبقية الأمة العربية، حيث ان الاعلام المعولم والانترنت أخذا دورا حاسما وخطيرا في نقل الجرائم في وقتها وكما هي الى العالم كله تقريبا، وهكذا لم يعد هناك من يجهل ما تقوم به اسرائيل ولم يعد هناك إمكانية تزوير ما يقع أو تشويهه لتعدد المصادر التي تغطي الحدث وتقوم بنقله. نعم إن المحكمة راعت ايضا الطلبات الامريكية والاسرائيلية بعدم المطالبة بوقف إطلاق النار فورا ولكنها كانت مضطرة لذلك من اجل ان تصدر تلك القرارات التي ذكرناها وتشكل خدمة مباشرة للشعب الفلسطيني في غزة الذي يتضور جوعا ويموت نتيجة الافتقار إلى الطعام والماء والدواء والأجهزة الطبية وغيرها من الاحتياجات الإنسانية كالخيام لأكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني اجبروا على ترك دورهم التي دمرت بغالبيتها.ان إنقاذ الشعب الفلسطيني من الموت بهذه الطرق ضرورة تسبق غيرها،ومهما كان النقص في قرارات المحكمة فإننا نؤكد بأنها نقلة نوعية في وظيفة وأدوار المنظمات الدولية التي تخضع للغرب وبشكل خاص للولايات المتحده وتحمي الكيان الصهيوني، أما الآن فقد بدأت مرحلة جديدة بعد هذا التطور الذي نبه العالم إلى حقائق كانت مخفية عمدا وإزيح الكثير من التردد والخوف من نفوس بعض الحكومات والجهات التي كانت تحسب ألف حساب لردود الفعل الامريكية والصهيونية فيما لو اتخذت قرارات مؤيدة لشعب فلسطين. وهكذا نصل إلى الفكرة الأساسية وهي ان الاسلوب الرئيس الذي اتبعته إسرائيل والصهيونية طوال عقود مضت وهو ابتزاز العالم باسم معاداة السامية حيث كان يتهم كل من ينتقد إسرائيل بأنه معاد للسامية ويصار الى عزله وادانته! وعندما ظهر نتنياهو فورا بعد قرار المحكمة ولم ينتظر طويلا وهاجم المحكمة واتهمها بمعاداة اسرائيل والسامية فإنه سجل على نفسه وعلى اسرائيل خطوة تدينهما، لان هذه المحكمة فيها أنصار لاسرائيل مثل امريكا وغيرها، بل فيها قاض اسرائيلي، وبالتالي فإن هؤلاء القضاة ومحيطهم المهني والاجتماعي حينما سيستمع الى توجيه تهمة معاداة السامية للمحكمة سيصل الى قناعة بأن التهم السابقة التي وجهتها إسرائيل لمنظمات ودول وافراد بمعاداة السامية كانت مبنية على الكذب وعلى الابتزاز بكل ما يعنيه من معنى. ودون ادنى شك فان رد الفعل الإسرائيلي على قرار المحكمة سوف يكون له تأثير كبير على التقليل الجوهري من الابتزاز بتهمة معاداة السامية، فهل نحن الان امام نهاية الابتزاز باسم معاداة السامية؟ هيئة تحرير البعث
المقالات 1- اللا عدل في محكمة العدل بقلم الرفيق ابو علي القدس المحتلة يبدو ان من جملة نتائج طوفان الاقصى التعرية الكاملة لكل المنظومة الاممية من امم متحدة ومؤسساتها والقانون الدولي وحقوق الانسان، فالمجتمع الدولي بقيادة امريكا ذاهب في التطبيق الانتقائي للقانون الدولي بما يشكل سقوط اخلاقي مدو لما يسمى العدل والمساواة امام القانون ولا تحسن هذه الصورة قبول القضية شكلا ورزمة التدابير التي اعلنتها المحكمة التي تطالب الحكومة الاسرائيلية وجيشها الاحاطة بها وتقديم تقرير حول اجرائاتها لتنفيذها خلال شهر. ان كل هذه التدابير كان يمكن تضمينها في التدبير الاول وهو اصدار امر بوقف اطلاق النار االذي هو العنوان الذي يختصر كل التفاصيل التي وردت في القرار،ان اغماض العين عن الطلب بوقف اطلاق النار وان كانت اسرائيل لن تاخذ به هو اعطاء مهلة شهر كامل لاسرائيل وجيشها لاستكمال ما تسميه المرحلة الثالثة من عملياتها البرية وهي رسالة طمانة لها بالمزيد من ارتكاب لاعمال الابادة والتطهير العرقي التي ترتكبها وهي الرسالة التي تلتقطها وتروج لها امريكا وبريطانيا في حراكهما الذي بدا قبل صدور القرار والذي يتحرك في هذا الاطار،مما يعني ان قرار المحكمة قد رتب في ادراج وزارة الخارجية الامريكية وحليفتها البريطانية مع التشاور مع الكيان المحتل، ويؤكد ذلك استباق المانيا راس المثلث الغربي في الدعم المطلق للكيان عندما اعلن ناطق باسم حكومتها قبل ساعة من صدور القرار بان المانيا ستحترم القرار الذي سيصدر عن المحكمة بغض النظر عن فحواه، والذي لا يعني سوى شيء واحد معرفتهم بفحواه لان المانيا لا تملك ولا تجرا على المغامرة باطلاق هكذا تصريح لولم تكن تعرف هذا المحتوى ولم تاخذ الضوء الاخضر من امريكا بذلكِ. وكل ما جاء من تفاصيل احترازية هي هراء على ارض الواقع واسرائيل لن ترى بها غير فترة زمنية لتسارع لانجاز مهامها وبنهاية المطاف ستاتي بتقرير من سطرين يقول اننا نقوم بعملياتنا ملتزمين بالقانون الدولي الانساني وسمحنا بادخال المساعدات وان الضرر الذي وقع على المنشات الصحية بعضها من نيران المقاومة او لاستخدامها كمواقع ودروع بشرية من حماس طبعا مع بعض تحسين الاجراءات التجميلية التي يمكن تسجيلهاِ. ستاخذ اسرائيل وداعميها فقط من القرار ما ورد في التعليل من الطلب من المقاومة باطلاق سراح المحتجزين مع ما يعنيه هذا من ارتكاب كل انواع الجرائم والاجراءات في الضغط على المقاومة بمعاونة انظمة النظام الرسمي العربي.اما انتم يا شعبنا لكم فقط صمودكم واصراركم والتفافكم حول مقاومتكم واحتضانها مع ان تشدد المقاومة من باسها في ضرب جيش الاحتلال ومستوطنيه، فتحرك يا شعبنا بالضفة والشتات في دعم المقاومة بكل ما اوتيت من وسيلة وقوة، وانتم يا شعبنا العربي وابناء امتنا هبوا وصعدوا الرفض لما يحاك ضد فلسطين وقضيتها ولا تعولوا على القانون الدولي ومؤسساته فهي في خدمة السيد الابيض. وفي الختام شكرا لجنوب افريقيا جهدها ولشعبها الصديقٍ.
2- حراك ميداني متسارع اسرائيلي غربي استباقا لقرار محكمة لاهاي بقلم الرفيق ابو هنيدة القدس المحتلة هذا التصعيد الميداني المتسارع لجيش الاحتلال في الميدان والمتمثل الهجوم متعدد الجبهات على مركز خانيونس مع ما يرتكبه جيش الاحتلال من جرائم التدمير والقتل والتهجير واستهداف وتضييق الخناق على مستشفيي الامل وناصر في تكرار لما ارتكبه لمستشفيات شمال القطاع الشفاء،الرنتيسي وكمال عدوان والمعمداني والاندونيسي والقدس والتي اخرجت جميعها عن الخدمة، كذلك ما يقوم به من تفجير ميداني ممنهج لكل المباني المتاخمة للشريط الحدودي بعمق كيلومتر واحد بما يشير لتبييت النية الواضح في فرض الحزام الامني بالامر الواقع الميداني بالنار حتى لو اضطر تحت الضغوط القانونية والدولية للانسحاب خارج حدود القطاع. يرافق هذا التسارع العسكري الميداني حراك من داعمي هذا الكيان لتجيش راي عام دولي وخاصة اقليمي لتهيئة ظروف تحقيق انجاز لدولة الكيان عجزت عن انجازه طيلة اكثر من 110ايام في الميدان فجاء التصعيد الميداني في البحر الاحمر وبحر العرب من قبل امريكا وبر يطانيا بمهاجمة اهداف حوثية الغرض الاول منها اكثر من اي غرض عسكري تكتيكي الى الالتفاف الميداني استباقيا على قرارات محكمة العدل لتصل رسالة مزدوجة فحواها ان اسرائيل تواجه تحد وجودي اقليمي حقيقي وما تقوم به هو دفاع مشروع عن النفس وراس حربة في الوقوف في وجه حلف الارهاب كما تسميه يقتضي دعمه والوقوف معه وليس ادانته! هذه الرسالة المزدوجة موجهة لقضاة المحكمة للتاثير على قراراهم ولشعوبهم التي رفضت تورط حكوماتهم في دعم حرب الابادة الجماعية الاسرائيلية في غزةٍ. كما تاتي جولة وزير خارجية الامبراطورية العجوز للمنطقة المصحوبة بدموع النفاق والتماسيح تباكيا على الوضع الانساني والاغاثي لاهل غزة مترافقة عن تحرك مخابراتي للقاء في اوروبا لبحث صفقة محتملة بخصوص الاسرى والمخطوفين،وفي الجوهر هو خلق بيئة اقليمية للتحرك والضغط على المقاومة للقبول بشروط تبادل اسرى تحت مسمى رفع الحالة الكارثية التي يعانيها السكان في غزة ولو كان الثمن التخلص من سلطة حماس ومقاربة خروج قادة المقاومة وتفكيك البنية العسكرية والقبول بترتيبات امنية كما تراها اسرائيل، مع ما قاموا به من تصعيد في المياه الاقليمية لخلق مبررات التدخل الاقليمي في هذا الجهد بحجة تضررهم من هذا التصعيد المفتوح في المياه الافليمية لما يشكله من ضرر على مصالح دول الخليج ومصر والاردن. اذا هذا الحراك يستهدف الالتفاف المسبق على قرارات المحكمة والحصول على مكتسبات للاحتلال على طريق تحقيق اهدافه التي فشل في تحقيق اي منها حتى الان. ان هذا المخطط مكشوف للشعب الفلسطيني ومقاومته التي ستسقطه وتكشفه بمزيد من الصمود والايلام الاقسى لقوات العدو في الميدان، والدعوة واجبة لكل قوى الامة الحية والشعب العربي لتصعيد تظاهراتها ورفضها ان تنخرط انظمتها في تمرير هذه المؤامرة المكشوفة على الشعب الفلسطيني وحكومته
3- طوفان الاقصى وصديقان يهوديان بقلم د. نبهان غانم ملاحظة جريدة البعث: هذه قصة حقيقية ملخصها انه بعد 45 عاما من الصداقة والهجرة الى إسرائيل والزمالة في الدارسة الجامعية في تشيكوسلوفاكيا، وبعد احداث اكتوبر من عام 2023 , اتصل بكاتب هذا المقال اثنين من زملاء دراسته الجامعية في براغ من اليهود ويحملون جنسية براغ ويعيشون بالكيان منذ ذلك الوقت تذكروه بعد 44 سنة وزاروه في بيته واخبروه انهم يشعرون انهم بعد هذا الزمن بلا هوية وانهم كانو قد صدقوا الحلم الكذبة وسيعودون لبراغ وفلسطين هي لكم انتم اهلها وظلمتم، وانهم اتوا للاعتذار منه ووداعه قبل الهجرة النهائية، يذكر انهم فقدوا ابنا لهم في حرب 2014 على غزة صديقان يهوديان وطوفان الاقصى اثناء دراستي في المرحلة الجامعية الأولى، في احدى، الدول الاشتراكية السابقة في اوروبا الشرقية، كان لي زميل في كلية الهندسة الميكانيكية وفي تخصص التصميم الميكانيكي. كان اسمه الاكسندر وكنا ننادية باسم شاني. كان ناجحا في دراسته ولطيفا في تعامله مع زملائه، لكنه انطوائيا وقليل المشاركة في مناقشة السياسة. ولم يكن واضحا في مواقفه. كان غامضا بعيدا عن انتقاد الأوضاع السياسية الداخلية والخارجية. كانت لقاءتنا تتم في حرم الجامعة او في كافتيريا الجامعة لتناول شيئا كفطور. او في لقاء جماعي، كان يقوم بتحضيرة، الاستاذ المشرف على التخصص، في احدى المطاعم. كنت استغرب انطوائيته، وعدم الوضوح في مواقفه، إلى أن لفت انتباهي بعض الزملاء، بأن شاني يهودي. هذه المعلومة لم يكن لها أثرا على علاقتنا ولا على زمالتنا. ولم تغير في مودتنا المتبادلة ولم تمنع لقاءاتنا. بل كان لي فضول كفلسطيني ان اعرف موقفه من إسرائيل ومن القضية الفلسطينية. حاولت مرارا وتكرارا جره للنقاش، لكنه كان يتهرب، وكلامه يلفه الغموض، ولا تسطيع ان تعرف ما هو موقفه من إسرائيل ولا من القضية الفلسطينية. لكن مع محاولاتي المتكرره لجره للنقاش، خرجت بانطباع مؤكد بأنه داعم ومؤيد لإسرائيل، ولا يريد أن يبيح بذلك خوفا من النظام الاشتراكي المؤيد والداعم للشعب الفلسطيني. فتركته وشانه دون أن يترك ذلك أثرا سلبيا على زمالتنا،، ولا على سلوكي وسلوكه اتجاه الاخر. سلوك الأحترام والتقدير المتبادل. استمرت الزمالة والاحترام المتبادل الى فترة ما قبل التخرج بسنة. الا أن هذه العلاقة طرأ عليها انسان جديد، نقل هذه العلاقة الى حالة المودة واللقاءات المتكرره والى نقاشات اكثر انفتاحا وأقل غموضا. هذا الشخص كان صديقتة مارتا، التي عرفني عليها برغبة منه.كانت بنت تتحلى بلمسات من الجمال الطبيعي غير المتصنع.كانت طالبة في نفس الجامعة لكن في تخصص اخر. وما أجمل ما تميزت به، ضحكتها ومرحها، وعباراتها ذات الدلالة والمعاني. والتي كانت تضفي على لقاءاتنا شيئا من المرح والفرح والهدوء.في احد اللقاءات التي جمعتنا الثلاثة، فاجأتني بقولها والضحكة تسبق كلامها. وهي تقول لي نحن اولاد بلد واحد. وعيونها متوثبة لقراءة رد فعل مشاعري وصدى تلك الجملة على مسمعي وعلى خلجات وجهي.. عندما تلفظت بتلك الجملة، نظرت اليها بوجه وكأنه كان خارجا من ثلاجة، بجمود وصرامة، فيه مظاهر الاستنفار وكأني اتهيا لخوض معركة ضارية. كتمت انفاسي ومشاعري، وقلت لها لم أفهم. وماذا تعنين باننا اولاد بلد واحد؟ نظرت الي وترددت بالرد قليلا. لكنها افصحت بالقول عزيزي... اعرف انك تعرف ان صديقك شاني الذي هو خطيبي، انه يهودي، وأريدك أن تعرف انني أنا ايضا يهودية. من أجل ذلك نطقت بتلك الجملة اننا اولاد بلد، وسكتت وضحكتها المعهودة ومرحها،الذي كان يسبق كلامها، تراجع واختفى. في تلك اللحظة شعرت انها بذكاء وحنكة، لخصت تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني في جملة واحدة. نظرت اليها، وشعرت من عيونها واستنفار ملامحها، انها تنتظر تعليقي على تلك الجملة،التي استنفرت كل قواي الذهنية.قلت لها بهدوء، عزيزتي مارتا، منذ سنين عرفت ان شاني يهوديا، وعندما تعارفنا بفضل صديقي شاني. عرفت ايضا انك يهودية دون عناء. ويهوديتكما لم تزعجني يوما ولم يكن لها أي أثر سلبي او إيجابي علي. لاني يا عزيزتي مارتا احترم كل الاديان والقوميات والاجناس، أي انني احترم الإنسان بكونه إنسانا فقط، وغير ذلك لا قيمة له عندي. قولك او جملتك اننا اولاد بلد، لاقيمة لها عندي لو كنت من ديانة أخرى. قيمة تلك الجملة التي انفجرت ونثرت شظاياها في الجلسة، بكونك يهودية يا عزيزتي مارتا. لان جوهر الصهيونية ادعاءها أن وطني فلسطين هو أرض اليهود وهي بلدهم. وهنا تكمن مأساة شعبنا الفلسطيني. على كل حال انا سعيد انك عبرتي عن ديانتك وديانة صديقي شاني. ولنترك نقاش هذا الموضوع إلى لقاء آخر ولقاءات أخرى..... بعد تلك الجلسة، التي قالت لي فيها نحن اولاد بلد واحد. التقينا عدة مرات، وفي تلك اللقاءات ناقشت الصراع مع الكيان الصهيوني والقضية الفلسطينية، معهما، عدة مرات، لكن معظم الكلام كان يدور حول التاريخ. وطرحت لهم آثار انشاء دولة إسرائيل على شعبنا. من تهجير وقتل وسرقة وطننا فلسطين.في تلك النقاشات لم يبديا اي تأييد لإسرائيل ولا الدفاع عنها، ولم يتفوها بكلمة معادية للقضية الفلسطينية. مضت السنين وتركت تلك الدولة بعد تخرجي. وفي احدى زياراتي لها، سألت صديقا كان زميلا لي في الجامعة، عن زميلنا الاكسندر فايزرمان (شاني). اجابني بأنه هاجر الى اسرائيل. احداث 7 اكتوبر، فاجأت العالم باسره، لكنها شكلت ايضا للإسرائيلين صدمة نفسية، سيبقى أثرها السلبي لعقود في نفوس الكيان الصهيوني وسكانه. وعدوان إسرائيل على شعبنا في قطاع غزة، أحدث زلزال في الاحساس والشعور الانساني لشعوب العالم. بسب الاجرام الذي مارستها إسرائيل ضد شعبنا. والذي كشف النقاب عن فاشية وعن لا انسانية الكيان، الذي تفانا في قتل الأطفال والنساء وتدمير المستشفيات والمدارس والاحياء السكنية الى اخر قائمة اجرامه، التي هزت الضمائر الإنسانية للشعوب العالم. في تاريخ 20 اكتوبر،رن هاتفي، واجبت دون النظر الى الرقم، وانتظرت سماع صوت المتصل،. واذا بصوت امرأة، تقول صباح الخير بلغة اعرفها جيدا واتقنها ومتعود على سماعها، من الأصدقاء الذين يتصلون بي باستمرار، من تلك الدولة التي درست في جامعاتها. اجبت بتحية اجمل، لكنها لم تعرف نفسها. وعادة من يتصل بي وليس له معرفة بي يعرفني عن اسمه. سألت هل تعرف من يتصل؟. اجبت للأسف لا. لكنها قالت انت تعرفني.. أنا مارتا. صمت وسألت نفسي من تكون هذه مارتا؟. وسألتها اعتذر.. مين مارتا؟. قالت هل تتذكر الاكسندر (شاني). هذا الاسم لا اعرف غيره زميلي في الجامعة. قلت شاني فايزرمان. قالت نعم. عندما اجابتني بنعم على، تساؤلي، شاني فايزرمان. عرفتها من تكون. مارتا خطيبة شاني زميلي في الدراسة، يهودي الديانة. ذاك الزميل الغامض المنطوي على نفسه. الذي حاولت أن انتزع موقفه العلني، من القضية الفلسطينية ومن إسرائيل. ولم افلح بأن اوصله الى مرحلة إشهار موقفة، رغم اني شديد القناعة بأنه داعم ومؤيد لدولة الكيان الصهيوني. في تلك اللحظة، ذاكرتي نفضت غبار الزمن عن صورتها وملامحها ومرحها وضحكتها الجميلة، التي كانت، نادرا ما تفارقها. وعن زميلي في الدراسة شاني خطيبها، رحبت بها، أهلا مارتا. مضت سنين على سماع صوتك ورؤيتك ورؤية شاني. من اين تتحدثين. في أي بلد انت الان؟ اسئلتي، انهارت عليها، وهي صامتة، ولم تقاطعني بجواب على تساؤلاتي. الى لحظة اجابت عزيزي...أحدثك من اسرائيل. لم تفاجئني انها تتحدث من إسرائيل، لكنني شعرت بشعور غير مريح، ربما بسبب انني كنت اتمنى ان تقول لي من بلد اخر غير اسرائيل، لاني لاحقا عرفت من زملائي في الدراسة، أنهما تزوجا وهاجرا الى إسرائيل. استمر الحديث اكثر من نصف ساعة، وقد طغى حديث المجاملات والذكريات في الجامعة وعن الاصدقاء. في الحديث، بلغتني عدة مرات سلامات شاني لي. واشتياقهما لي. واردفت بقولها عزيزي... انا وشاني نريد زيارتك في أقرب وقت. اجبتها أهلا بكما في اي وقت تريدا. قالت إذا وقتك يسمح بعد غدآ. اجبتها وليكن بعد غد. الموافق ٢٢ اكتوبر. وقدمت لها تفاصيل مكان تواجدي في بيت العائلة. وانتهت المكالمة. مع ملاحظات استغراب وتساؤلات تدور في مخيلتي. منها مرحها وضحكتها التي كانت تطغى على حديثها. لم اسمع ضحكة واحدة في حديثها معي. سألت نفسي، اين مرحها وضحكتها المعهودة والمعروفة لدي. اين ذهبت؟. لم أجد جوابا. فقلت من الأفضل أن اترك تلك التساؤلات الي يوم اللقاء. وهكذا كان، لم اشغل نفسي وتركت كل تساؤلاتي الى بعد غد. في الساعة الثانية عشرة ونصف،من يوم الأحد، كانت مارتا وشاني،أمام بيت العائلة،الذي ولدت فيه وتربيت فيه. خرجت من البيت للترحيب بهما، بعد ان رايت سيارتهما تقف أمام البيت. وانا في قمة الفضول، لرؤية ما فعل الزمان بهما وما ترك من آثار على مظهرهما. رحبت بهما بما يليق باصدقاء قدماء، وعملا بتقاليد أصول العروبة، من حفاوة وكرم. وقبل الجلوس، تجولنا في داخل البيت وممراته وساحاته ذات الطابع الدمشقي او الأندلسي، المزخرفة ببلاط قديم ذو اشكال دمشقية واندلسية. وتجولنا في الحديقة الداخلية، التي تضفي الجمال والخضرة والنضرة على البيت. اثناء التجوال في البيت وساحاته وفي الحديقة الداخلية، سألت مارتا كم عمر هذا البيت؟. اسعدني هذا السؤال لانه اتاح لي فرصة الولوج في التاريخ. اجبتها قرنا وعشرون عاما. فورا علقت يعني اكثر من عمر اسرائيل. وعندها شاني، ردد نفس الجملة قائلا نعم اكثر من عمر اسرائيل. بعد التجوال واعجابهم بلمسات الشرق وجمالها، التي طغت على البيت. طلبت من أن يختاروا المكان، الذي سنجلس فيه. واضفت موضحا ان لكل مكان رونقه ودلالته. فمثلا الجلوس في الطابق الثاني في البرندا الفسيحةالمطلة على البلد القديمة، يعرض عليك تاريخ البلد العريق وحاضرها الحزين، الذي تعبر عنه البيوت القديمة جدا والبيوت المهجورة من اصحابها، لأنهم لا يستطيعوا زيارتها. لان إسرائيل لا تمكنهم من ذلك..... عندما طرحت عليهما اختيار المكان الذي، يودا الجلوس فيه، وشرحت لهما ان لكل مكان رونقه وجماله، وأوضحت ان الجلوس في برندة الطابق الثاني الفسيحة، المطلة على منازل البلد القديمة، تتيح لكما الاحتكاك مع تاريخ البلد العريق. اجابا اختر انت المكان. قلت ليكن في البرندة الفسيحة في الطابق الثاني، كي نترك للتاريخ ان يتحدث عن نفسه. ولنترك ساحات الجلوس الأندلسية، هذه للمساء، لما للمساء والليل من قيمة وأحاسيس لدى شعوب الشرق. اجابا إذن لنصعد الى الطابق الثاني، وأثناء صعودنا الدرج، تساءلت مارتا، ما هذا؟ يا عزيزي حتى درجات الدرج مزخرفة برسومات الشرق، انه درج جميل. أمام مدخل الصالون الظاهر بمحتوياته امامها، توقفت دون حركة، كي تنظر نظرة شاملة او كي ترسم صورة بانوراما في مخيلتها. خاصة وانها مهندسة معمارية. لم تدخل الصالون الفسيح، باحثة عن مكان تجلس فيه، بل كان نظرها مركزا على الصور المعلقة على الجدران، وعلى اللوحات ذات الطابع الفرعوني والسومري، وعلى الصواني المعلقة، والمصنوعة من القش يدويا. اول سؤال، سألت صورة من هذه السيدة، التي تضع على رأسها وشاح مريم العذراء. اقترب شاني وركز نظره في الصورة، وعلق فعلا انه الوشاح الابيض، الذي يظهر في صور مريم العذرا. فعلا من هذه السيدة؟. اجبت انها صورة والدتي رحمها الله التي توفيت قبل اثنا عشرة عاما. وعلقت، تقولوا انه وشاح ستنا مريم العذراء. هل نسيتم ان ستنا مريم العذراء فلسطينية؟. اجابا نعم..نعم. وابديا كثيرا من التساؤلات والاستفسارات، حول محتويات الصالون التاريخية. وخاصة مارتا كانت تريد أن تعرف حتى التفاصيل الدقيقة وتاريخها، بكونها مصممة معمارية. واردفت قائلة، حتى الاثات تاريخي قديم، من خشب محفور يدويا، بزخارف،ولا زال يحتفظ بجماله. كم عمر هذا الأثاث؟ قلت تقديري عمره يزيد عن ثمانين عاما، لأنني عايشته وانا طفلا. بصعوبة اخرجتهما من الصالون، وخاصة مارتا.الى البراندا الفسيحة، المطلة اطلالة شاسعة على مباني كبيرة البنيان، قديمة في القدم، تزيد عن مئات السنين. ومطلة على جمال الطبيعة من جبال و تلال تغطيها اشجار الزيتون واللوز والمشمش. بعد ان امعنت كثيرا في المنازل القديمة وفي الجبال والتلال والمغطى باشجار الزيتون، اقتربت من زوجها، قائلة، شاني، اولى اكاذيبهم، ان فلسطين صحراء وهم من احضروا الخضرة للصحراء. تدخلت طالبا منهم الجلوس في المقاعد المريحة. كي يرتاحا من عناء السفر. ردد شاني عناء سفر...عناء سفر، أي سفر هذا، ونحن نسكن على بعد ساعة منك. العناء يأتي يا صديقي من البشر وليس من السفر. اخيرا اجلستهما، وسألتهما، بالتأكيد تريدا شرب القهوة. وآية قهوة،عربية،تركية نسكافيه، أو شيء آخر تريدا شربه. مارتا نظرت الي، وقالت سمعت منك قهوة تركية، قلت نعم. قالت قهوة تركية كتلك التي كنا نشربها في بلدنا سويا. قلت نعم. قالت ولا زلت تشربها،قلت نعم. كل صباح اشربها وهي قهوتي المفضلة. قالت ونحن كذلك، إذن انا من سيحضرها. أرني المطبخ. مضت في المطبخ عدة دقائق تحضر القهوة التركية المفضلة لدينا جميعا. في تلك الدقائق القليلة، غصت في تفسير كلمة مارتا في بلدنا، وكانت تقصد بلدهم في أوروبا الشرقية. كذلك ما اضاف الى نفسي الراحة، قولها اولى اكاذيبهم، ان فلسطين صحراء وهم احضروا الخضرة لها. تنهدت بعمق وقلت يا إلهي، هل اكتشفا الحقيقة؟. عندها لا اخفي انني شعرت بسعادة داخلية، لكنني حرصت ان اخفيها في داخلي... مضت، في المطبخ عدة دقائق، وانا غارق في طرح الملاحظات والتساؤلات عن حالهما. من تلك اين ذهب مرح مرتا واختفت ضحكتها الجميلة. واختفى دعابها. وشاني لاحظت فيه،لم يعد انطوائيا ولديه رغبة في الحديث، لكن مارتا زوجته تقف حائلا أمام انطلاقه في الكلام، ليس لأنها لا تريده ان يتكلم، بل لرغبتها في الحديث احيانا. فتقطع عليه جمله وتعابيره بل وكلماته. سألت نفسي، يا ترى أكان حضورهم شوقا بعد هذه السنين الطويلة، ام رغبة منهم بتجديد العلاقة، التي كانت مليئة باواصر المحبة والمودة والاحترام المتبادل. ام لأمر اخر. قلت في نفسي أكيد عندهم ما سيقولونه. هي دقائق، واحضرت مارتا القهوة التركية التي كنا نشربها في بلدهم. وهي تقدم لي كأس القهوة، وهكذا كنا نشربها بكؤؤس، قالت لاحظت انك تدخن، وسابقا اثناء الدراسة لم تدخن أبدا. وتدخن بالغليون ايضا. اجبتها.. احيانا الزمان والظروف تفرض علينا امورا لم نكن نرغبها. علق شاني وأحيانا نذهب اليها برغبتنا. وأضاف غريب نحن البشر فينا رغبات متناقضة وقوى متصارعة، احيانا نختار أمرا لا نرغبه، ونسير في طريق لا نتمناه لأولادنا. لكننا نسير فيه لأننا اصبحنا عبيدا دون رغبتنا. اثناء حديث شاني. مرتا اطالت نظرها في كأس القهوة، لكن وعيها وعقلها مع ما يقوله شاني. هدوءها دلالة على موافقتها على حديثه، وهي واعية جدا لما يلمح اليه. اثناء استرسال شاني في الحديث. قلت إلا اوضحت اكثر؟ أجاب عزيزي...، باختصار البيئة التي نعيش فيها هي سبب سعادتنا وتعاستنا. بيئة كل واحد منا تعجنه وتشكله بالشكل التي هي تريده وهو طفلا، وعندما يتشكل الواحد منا، وبعد أن يكبر ويمضي الزمان، التناقضات والقوى المتصارعة في داخله، تبدا في الصراع فيما بينها في خلايا عقله وجسدة ووعيه، حتى تهيمن احداها ونصبح نحن أدوات طيعة بيدها ولو الى حين عند البعض منا. وعند البعض تهمين الى الأبد. في كل واحد منا،بداخله معاني نسميها قيم وأخلاق، تختلف مكوناتها وفق الزمان والمكان..أليس كذلك؟. وفينا الشر والخير ايضا. أليس معاني الأخلاق تختلف من مجتمع الى اخر؟. كل القيم والأخلاق مفاهيمنا عنها تختلف وأحيانا تتضارب من مجتمع الى اخر. الا أمر واحد لا تختلف عليه البشرية. وهو الألم. اينما ذهبت الألم هو واحد. الاحساس والشعور بالألم في كل البشر هو واحد، في اي مكان كنت وفي أي زمان تواجدت ٠ اجبته نعم عزيزي شاني، البيئة لها دور كبير في تشكيل سلوكنا ونظرتنا وقيمنا واخلاقنا. بالطبع تورثنا معاني كثيرة منها الخير ومنها الشرير، لكن المهم ان يمتلك الإنسان القدرة على فرز الخير من الشر، والقدرة على تصنيف المعاني. مثلا ان يمتلك قدرته على الإحساس بمفهوم او دلالة المعاني. ان يميز بين الكرامة والنذالة، وبين الكرم والبخل مثلا، و يحس بماتعنيه معاني الكبرياء والوضاعة والانحطاط والشرف والكرم والشجاعه.. الخ المعاني. اثناء حديثي، سألتني مارتا اتذكر دوشان صديقنا. قلت دوشان الذي كان يقول. لو الله خلقني قردا في حقل موز. كان أفضل لي من انسان. لولعه باكل الموز. قلت ما به، قالت حديثك ذكرني به، عندما قال لك انت تتصرف حضاريا مثلنا. وانت صرخت في وجهه قائلا، اتقارنني بكم. اسمع جيدا انا الحضارة تجري في عروقي منذ أكثر من أربعة آلاف عام. وفي كل أوروبا اقدم مدينة عمرها لا يتجاوز ثمانية مائة عام. وأقدم مدينة في تاريخ البشرية هي في وطني فلسطين وهي اريحا. وأضافت مارتا قائلة المهم الحاسوب في العقل ان نستعمله جيدا لخير البشرية. أضافت مارتا،اتعرف يا عزيزي.. انك لم تغب ذكراك عن ذاكرتنا انا وشاني، كنا دائما نتسائل، عن موقفك وعن نظرتك اتجاه ما جرى ويجري في المنطقة. بالتأكيد تجول في نفسك، الكثير من الأسئلة عن احوالنا، وعن الدافع الذي جعلنا نتصل بك ونطلب منك اللقاء. واكيد يجول في خاطرك عن موقفنا من الصراع في فلسطين، وعن موقفنا من إسرائيل. أسئلة كثيرة لديك وترغب بسماع اجاباتنا عليها،..أليس كذلك عزيزنا. عزيزتي مارتا..نعم. مكالمتك كانت مفاجأة لي، لم اتوقعها ابدا. عندما كنت في وطنكم، (كنت قاصدا ان استعمل كلمة وطن)،عام 1978 , قيل لي بعد سؤالي عنكم، انكم هاجرتم الى إسرائيل. في تلك الفترة كنت أعمل في وطنكم ممثلا لوكالة الانباء الفلسطينية، وأسكن في عاصمتكم، التي لم تعد عاصمتكم، بعد ان قسم الغرب، وطنكم ودولتكم الى وطنين ودولتين واصبح لكم عاصمة جديدة، بعد احداث 1989. اثناء استرسالي في الحديث، قالت مارتا قرأت كتابك عن تلك الأحداث، مترجما الى لغتنا، حصلت عليه عندما كنت اتجول في المكتبة، التي كنت دائما تتردد عليها معروضا للبيع. واتذكر عنوانه حتى الآن وهو (تشيكوسلوفاكيا....بين تاثير الماضي واضطراب الحاضر والخوف من المستقبل). اشتريت ثلاثة نسخ منه، واحدة لي والثانية والثالثة اهديتهما لمعارفي. قرأته انا وشاني عدة مرات. والشيء الملفت في كتابك، انك اعدت نشر تشخيصك للازمة في النظام الاشتراكي و الذي نشرته في مقالات نشرت قبل عشرة سنوات من احداث1989. تدخل شاني قائلا، اتذكر عندما كنت أحذرك من قول رأيك بتلك الصراحة أمام الطلاب الحزبيين. انت كنت دائما منفتح العقل لا تأخذ الأمور بمسلماتها، وهذا لا يعجب أصحاب السلطة اينما كانوا. عندما بدأت الحديث، كنت أريد أن اوصلهم الى نقطة الإفصاح عن سبب اتصالهم وزيارتهم لي وعن مواقفهم من إسرائيل ومن حقوق شعبنا، لكن الحديث تشعب واتجه نحو الذكريات. وهي ذكريات45 عاما من عدم التواصل بيننا. تفرض نفسها علي وعليهم دون قصد او تخطيط.تدخلت قائلا، اصدقائي، بالتأكيد لدي فضول كبير كي اسمع منكم ما حدث معكم طيلة خمسة وأربعون عاما من انقطاع تواصلنا. واول ما اريد سماعه من عزيزتي مارتا، عن سبب اختفاء ضحكتها ومرحها ومداعباتها الجميلة، التي كانت تحمل في ثناياها،محتويات كتب ومجلدات، كتلك التي، قالتها عندما كنا في مقهى كاربانو، عندما قالت لي نحن اولاد بلد واحد. اتذكرين عزيزتي مارتا. أين اختفت ضحكتك الجميلة ومرحك الطبيعي؟، الذي لم يشوبه تصنع. من لحظة وصولكم وحتى الآن لم اشاهد حتى ابتسامة على وجهك عزيزتي مارتا. لماذا اختفت تلك الضحكة الجميلة؟. وصمت، منتظرا تفسيرها، وكنت مقتنعا انني بتلك الكلمات فتحت صندوقا مغلقا. مارتا رفعت رأسها ونظرت الي طويلا،لكن نظرها لم يكن ينظر الي كي يشاهد ملامح وجهي، بل كان غائصا في أوجه ذكرياتها. لم تتكلم وخفضت نظرها الى الأرض، وبقيت اكثر من دقيقة، وهي تنظر إلى الأرض، وتحمل رأسها بين يديها، وصامتة لا تنطق بكلمة. بعد صمتها رفعت رأسها ونظرت الي. عندها رأيت قطرات دمع تسيل من عينيها. بعد صمتها رفعت رأسها ونظرت الي، عندها لمحت قطرات دمع في عينيها، قائلة عزيزي...، كم هو صعب للانسان، في لحظة عدم ادراكه عن كيفية جريان الأمور من حوله، ان يفقد هويته واصوله، ويصبح تائها في طريق يقضي وقته في البحث عن هويته، التي فقدها. وايضا كم من الاثمان سيدفعها من حياته ومن حياة اعزاءه. بعد سنة من تخرجنا انا وشاني وانت، شاءت الاقدار، أو ظروفك وظروفنا، ان نفترق كل منا الى سبيله. انت غادرت بلدنا وانا وشاني تزوجنا وهاجرنا الى إسرائيل. اعرف جيدا عزيزي... كم يؤلمك مصطلح كلمة إسرائيل، لكن أرجو أن تعذرني لأنني مضطرا ان اسمي الأمور بمسمياتها. كي اكون منصفة،في تحميل الاعباء التي تحملناها، للذي كان سببا في وجودها. هجرتنا الى إسرائيل، لا اخفيك انها كانت هجرة الى المجهول، لكننا لم ندرك ذلك الا بعد سنين طويلة.عزيزي... انت تسألني عن سبب اختفاء ضحكتي، التي عرفتها ملازمة لي. بعد زواجنا رزقنا بثلاثة أطفال، ولد وبنتين. قدمنا لهما ما نستطيع من رعاية ودعم، حتى اصبحا قادرين ان يشقوا طريقهم في الحياة.ابننا الكبير اصبح مهندسا مرموقا في احدى الشركات، بعد تخرجه من كلية الهندسة. لكنه كان ضابط احتياط في الجيش. في عام 2014 , استدعي للخدمة في الجيش اثناء الحرب مع غزة. كان عمره 34 عاما. وهناك في الحرب... في تلك اللحظة صمتت، لكن بكاءها، قال انه قتل. بعد صمتنا جميعا، وبعد أن مسحت دموعها، قالت قتل، ورددتها عدة مرات لكن بصوت عالي لقد قتل، لكن من أجل من قتل... قتل من أجل وهم زرعوه في عقولنا ان إسرائيل هي وطن لنا. اقولها لك عزيزي صادقة انني أنا وشاني، طلية حياتنا في هذا البلد الذي يدعى إسرائيل، لم نشعر انه وطننا. نعم نعيش فيه ونحمل جنسيته. لكن عزيزي بربك قل لي، هل انت تشعر ان باكستان او اندونسيا او ماليزيا هي وطنك. انت مسلم وهي بلدان اسلامية. منذ عرفتك وانت تعرف عن نفسك انك فلسطيني. انت فلسطيني ويجمعك مع افراد الشعب الفلسطيني معاني ومعالم وثقافة مشتركة. المسيحي والدرزي وحتى عدد لا يستهان به من اليهود، المناهضين لإسرائيل يقولون جمعيهم اننا فلسطينيون. هل الديانة وحدها كافية كي تصنع وطنا. أنا وشاني عشنا 45 عاما ونحن نبحث عن هويتنا عن وطننا. نحن عشنا قبل هجرتنا في بلد كل سكانه متجانسون، في اللغة والعادات والتقاليد والثقافة، وكنا جميعا نشعر ان هذا البلد هو وطننا. اما في إسرائيل يريدوا ان يجعلوا منها وطننا للالماني والفرنسي والأمريكي والمغربي والاثيوبي ولجميع جنسيات العالم. هل هذا ممكن ان يكون الدين وحده قادرا ان يشكل وطننا لكل الجنسيات.؟ عزيزي في هذا البلد سكانه، كل جنسية يتحدثون افرادها فيما بينهم بلغتهم ويتمسكون بعاداتهم وتقاليدهم. والشيء المضحك حقا ان سكان إسرائيل عندما يتعارفون حديثا، يسألون أنفسهم من اي بلد انت ومن أي قومية انت. في هذه اللحظة تدخل شاني سائلا، عزيزي...هل لا حظت هرولة حكام الدول الغربية لزيارة إسرائيل، بعد احداث 7 أكتوبر، وفي مقدمتهم الرئيس الامريكي بايدن. يا ترى لماذا هذا الحرص الدول الغربية على حياة إسرائيل. هل هذا الحرص حرصا على حياة اليهود. بالتأكيد لا. هذا الحرص لان إسرائيل هي صنيعتهم والصهيونية هي وليدتهم. وهي تؤدي وظيفة لخدمة مصالحهم. عزيزي كنا في البداية مغفلين، لكن، بعد معايشتنا وبحثنا ودراستنا في التاريخ واطلاعنا كيف تجري الأحداث. ويقولون حق إسرائيل الدفاع عن النفس. تدافع ضد من؟ أما هي دولة بائسة. ضد شعب طرد من وطنه ومورس ضده كل أنواع الإجرام..وأضاف عزيزي.. اعرف انك مطلع وتعرف خبايا الأمور كيف تجري، لا داعي ان نضيف شرحا لك. وكما قالت لك مارتا انت لم تغب ذكراك عن فكرنا ابدا، وهي من شجعتني على الاتصال بك واللقاء معك. ومارتا وانا نريد أن نقول لك ان سلوفاكيا هي وطننا ونحن سلوفاك. ولهذا قمنا من سنوات بترتيب أمورنا في وطننا سلوفاكيا، وسنغادر بدون رجعة هذا البلد الشيطاني الاستعماري. وفلسطين التي ربت شعبا له 75 عاما صابرا مثابرا،لا يستحقها الا شعبها..الشعب الفلسطيني. اتينا إليك كي نعلمك بهذا وعلى امل ان نلتقي في وطننا سلوفاكيا، الذي لك باع طويل في علاقات وطيدة، ونحن نعرف ذلك من معارفنا ومن أصدقاءنا. بعد تناول الغداء المتأخر غادرا ونحن على وعد باللقاء في وطنهم سلوفاكيا، وشرب القهوة التركية في مقهى كربانو.
4-فلسطين تحت الصفر: دولةفلسطينية بلا سيادة؟. هـ. أ. هليير .2 كانون الثاني/يناير 2024 عقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعًا في بروكسل في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع لمناقشة خطة أخرى تُضاف إلى قائمة الخطط السابقة حول مرحلة ما بعد الصراع في غزة، وتقترح مسارًا لإقامة "دولة فلسطينية". وفي واشنطن، أصرّ الرئيس جو بايدن بدوره على أن إقامة دولة فلسطينية هي السبيل للمضيّ قدمًا. وعندما ووجِه بواقع أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يرفض مفهوم قيام دولة فلسطينية، شدّد بايدن على أن نتنياهو لا يعارض جميع أنماط حلّ الدولتَين مع الفلسطينيين – وفي إصرار بايدن تكمن المشكلة. يشكّل موقف نتنياهو تجاه قيام دولة فلسطينية امتدادًا لتكتيك قديم يعتمده حول هذه المسألة، ويتمثّل في تصوير نفسه أمام الرأي العام الإسرائيلي على أنه القائد الوحيد القادر على مواجهة الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة من أجل إقامة هذه الدولة. لكن، تبيّن بوضوح شديد أن ما من ضغط أميركي على إسرائيل، بل ما تفعله واشنطن ببساطة هو التعبير عن الخيارات التي تفضّلها. أما الضغط، فيعني أن تستخدم واشنطن أدوات النفوذ التي تمتلكها، سواء ورقة المساعدات إلى إسرائيل أو أشكال الدعم الأخرى، للتأثير عليها. وهذا ليس واردًا نهائيًا. مع ذلك، استمرّ بايدن في تقديم حلّ الدولتَين على أنه خيار قابلٌ للتحقق، لأن البديل، أي الاعتراف بواقع الدولة الواحدة، هو أمرٌ لا تستسيغه واشنطن. لذا، بدأ الرئيس الأميركي باقتراح أشكال أخرى من "الدولة" قد تتمتّع بحظوظ أكبر في إقناع إسرائيل، من ضمنها قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح. فعلى سبيل المثال، أشار بايدن في تصريحات أدلى بها مؤخرًا إلى أن بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ليست لديها جيوش خاصة بها. وبايدن محقٌّ في هذا الصدد، فثمّة بالفعل دولٌ أعضاء في الأمم المتحدة من دون جيوش. لكنّ هذه الدول تتشارك جميعها خصائص محدّدة. في العادة، تكون دولةٌ أخرى قد وافقت على الدفاع عنها ضدّ العدوان الخارجي. أندورا مثلًا لا تملك جيشًا وطنيًا، لكنها أبرمت معاهدات دفاعية مع إسبانيا وفرنسا. وتشكّل ميكرونيزيا مثالًا آخر، بحيث تقع مسؤولية الدفاع عنها على عاتق الولايات المتحدة. وجمهورية ناورو مثلًا تعتمد على أستراليا. ولدى بضع عشراتٍ من الدول أيضًا ترتيبات مماثلة. قد تتّخذ المعاهدات الدفاعية كذلك شكل علاقة دفاع إقليمي، أشهرها ربما نظام الأمن الإقليمي بين دول منطقة البحر الكاريبي ودول أميركا الجنوبية. ويعتمد نجاح ذلك على وجود روابط وثيقة بين الدول الأعضاء وداعم خارجي قوي. قد يجادل البعض بأن هذه كلّها سوابق تدعم قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح ومسلوبة السيادة كحلٍّ للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لكنها جميعها لا تنطبق في هذه الحالة. فإسرائيل تصرّ على "بسط سيطرتها الأمنية الكاملة على جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن"، أي بتعبيرٍ آخر، على أي منطقة قد تقع ضمن الحكم الذاتي الفلسطيني. وهذا يعني أن إسرائيل ستكون قادرة على الدخول عسكريًا إلى هذه الأراضي متى تشاء، من دون الحصول على موافقة الفلسطينيين. وهذا الوضع لا ينطبق على أيٍّ من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ولا يشبه معاهدة الأمن الإقليمي بين دول الكاريبي وأميركا الجنوبية. فالتحدّي الأمني الأساسي للفلسطينيين هو إسرائيل في حدّ ذاتها. فالأمر في هذه الحالة أشبه بالقول إن على أوكرانيا إبرام اتفاقية أمن إقليمي مع روسيا بقيادة فلاديمير بوتين. إذًا، أيٌّ من هذه السوابق لا ينطبق في هذه الحالة. ولكن ثمّة سابقتان لهما بعض الخصائص المألوفة، إحداهما في أوكرانيا، والأخرى في جنوب أفريقيا. ففي العام 2014، أعلنت روسيا عن إنشاء "جمهوريّتَي" دونيتسك ولوغانسك في أوكرانيا، وضمّت في الوقت نفسه شبه جزيرة القرم. على المستوى الهيكلي، يشبه ذلك تمامًا ما تحاول إسرائيل فعله، أي ضمّ أراضٍ في أجزاء من الضفة الغربية، والسماح بـ"الحكم الذاتي" في أماكن أخرى من الأراضي المحتلّة. نظر المجتمع الدولي بريبةٍ إلى الخطوات التي اتّخذتها روسيا في دونيتسك ولوغانسك على أنها أشبه بجهودٍ لإضفاء الشرعية على الاستيلاء غير القانوني على الأراضي. لكن الواقع أن رؤية إسرائيل والولايات المتحدة بشأن الدولة الفلسطينية المحتملة لا تختلف كثيرًا، ذلك أن إنشاء دويلة فلسطينية منزوعة السيادة لا يبدو سوى مسعى لإضفاء الشرعية على الاحتلال. أما السابقة الثانية فهي بوفوتاتسوانا التي كانت واحدة من البانتوستانات في جنوب أفريقيا (أي "الأوطان" أو ما يمكن تسميته بـ"المحميّات" في السياق الأميركي)، والتي منحها نظام الأبرتهايد (أي الفصل العنصري) هناك حكمًا ذاتيًا. فقد احتفظ الجنوب أفريقيون بالسيادة، إلا أن بوفوتاتسوانا (التي كانت مُجزَّأة جغرافيًا) مثّلت حلًّا لمسألة توفير "الحكم الذاتي" مع الحفاظ على نظام الأبارتهايد في بقية جنوب أفريقيا. إذا ما وضعنا رسمًا بيانيًا لما قد يكون نتنياهو على استعداد لقبوله طوعيًّا كـ"دولة"، وهو ما يراه بايدن بوضوحٍ خيارًا، فهذا الرسم لن يحوي عناصر من الدول الأعضاء الحالية في الأمم المتحدة، بل عناصر من المخطّطات سيّئة السمعة التي طبّقتها روسيا في عهد بوتين، وجنوب أفريقيا في ظل نظام الأبرتهايد. وقد يلقى ذلك قبول المسؤولين في الولايات المتحدة وإسرائيل، إلا أنه من غير المرجّح أن يكون مشروعًا ناجحًا للفلسطينيين، وهم السكان الخاضعون للاحتلال، ولا للدول العربية التي تتطلّع إسرائيل إلى تطبيع العلاقات معها. منذ أكثر من 20 عامًا، تقدّمت السعودية بمبادرة السلام العربية، التي أقرّتها جامعة الدول العربية بالإجماع في العام 2002، وتعهّدت بموجبها الدول العربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل إنهاء احتلالها للأراضي العربية وإقامة دولة فلسطينية. وبعد أن كرّرت هذه الدول مذّاك الحين أن التطبيع مطروحٌ على الطاولة، ومقابل ثمنٍ أقلّ بكثير مما كان عليه قبل 20 عامًا، أصبح المطلوب اليوم فقط "مسارًا" يؤدّي إلى دولة فلسطينية. لكن لربما يكون الجزء الصامت من هذا الأمر قد قاله بصوتٍ عالٍ مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل. ففي حين أن طريقة تعاطي إدارة بايدن مع المسألة معقّدة، لأن هذه الإدارة تسعى إلى إنجاز شيء ما بالشراكة مع الإسرائيليين الذين يحدّدون "الوسيلة الأفضل لضمان أمن إسرائيل"، قال بوريل بمنتهى الصراحة إن الدولة الفلسطينية قد تحتاج إلى أن "تُفرَض من الخارج" من دون موافقة إسرائيل. يبقى احتمال حدوث ذلك في الوقت الراهن مشكوكًا فيه، لا بل من المستبعد أكثر نجاح ترتيباتٍ قد تقبلها إسرائيل طوعيًّا في تهدئة شعبٍ يسعى إلى تحقيق السيادة وإنهاء الاحتلال العسكري. في غضون ذلك، تستمرّ إسرائيل في تحويل غزة إلى أرض غير مأهولة، فيما تبقى محكومةً من ائتلاف يضمّ عناصر يمينية متطرّفة تسعى علانيةً إلى تهجير أكبر عددٍ ممكن من الفلسطينيين من غزة. قد لا توافق الولايات المتحدة على مثل هذه السياسات، إلا أنها ما لم تكن مستعدةً لاستخدام نفوذها لإرغام إسرائيل على تغيير اتّجاهها، فإن أيّ نقاش عن دولة فلسطينية سرعان ما سيصبح غير ذي جدوى.
5-مصر: أقدارُ الجغرافيا وأخطارُ حَربِ غَزّة محمّد قوّاص* 25-1-2024 تتحرّكُ مصر مُنذُ تَفَجُّرِ الوضع في غزّة بإيقاعاتٍ عالية، في سعيٍ لوَقفِ تدهورِ المشهد الغزّي وإمكانات توسّعه داخل المنطقة. وتنطلِقُ القاهرة من زاوية الدفاع عن مصالح مصر وأمنها المُهَدّد مباشرة بسبب الحرب وويلاتها التي تطلُّ مباشرةً على حدودها. لكنَّ التحرّكَ يعودُ أيضًا إلى محورية دور القاهرة لحلِّ هذه الأزمة، بحيث باتت وجهةً أولى لكل المبعوثين الدوليين.والواضحُ أنَّ أيَّ مستقبلٍ لقطاع غزّة وللقضية الفلسطينية، بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر) خصوصًا، يمرُّ حُكمًا من أبواب القاهرة. كما إنَّ كلَّ الخطط والأوراق، وآخرها تلك الصادرة عن الاتحاد الأوروبي، بشأن التسوية السياسية واحتمالات "حَلِّ الدولتين" تحتاج إلى إدارة ورعاية مصر، ذلك أنّها تمتلك علاقاتٍ مع إسرائيل من جهة والسلطة الفلسطينية وحركَتَي "حماس" و"الجهاد الإسلامي الفلسطيني" من جهةٍ ثانية، إضافةً إلى علاقاتها مع الولايات المتحدة والدائرة العربية الكبرى. وعلى خلافِ جولاتِ الحروب التي تعرّضَ لها قطاع غزّة منذ العام 2014، وكانت القاهرة وسيطًا دائمًا ووحيدًا لإنهائها وترتيب اتفاقاتها، فإنَّ الحربَ هذه المرّة وضعت مصالح مصر على المحكِّ مباشرةً.تعرّضَ معبر رفح بين غزّة ومصر لقصفٍ إسرائيلي من الجهة الغزّية بما يَفرُضُ مزاجًا إسرائيليًا على أنشطة المعبر. كما هدّدَ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإعادة احتلال محور فيلادلفيا (صلاح الدين) الذي يقع في منطقةٍ عازلة على الحدود بين غزّة ومصر. وتعتبر مصر الأمر انتهاكاً لاتفاقية كامب ديفيد المصرية-الإسرائيلية وتصفه بـ"الخط الأحمر". لكنَّ التهديدَ المُباشَر للحرب في غزّة على مصر ظهرَ في ما أُعلِنَ في إسرائيل في الأسابيع الأولى للحرب، من خططٍ لتهجيرِ سكان القطاع باتجاه سيناء. ولم يكن الضجيجُ الإسرائيلي وليد الساعة، بل سبق لإسرائيل أن اقترحت الأمر على القاهرة في عهد الرئيس حسني مبارك، وأثاره الرئيس محمد مرسي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. والواضح أنَّ ردَّ فعلِ القاهرة الحاسم والحازم، وعلى لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي، كان ضروريًا ونهائيًا لمواجهة ضغوطٍ من هذا النوع، مارسها أيضًا موفدون غربيون. أضف إلى هذه التهديدات، ما بات يتسرَّبُ داخل صحف إسرائيل من تقارير تتَّهمُ مصر بتهريب الأسلحة إلى حركة "حماس"، وتُحَمّلُ القاهرة مسؤولية مستوى التسليح الذي امتلكته "القسّام" وتعاظم أخطارها على إسرائيل. واستشرفَ بعض هذه التقارير صدامًا ما بين البلدين. وتعتبرُ القاهرة أنَّ الحربَ في غزّة تقف وراء تراجع مداخيل مصر في قناة السويس. وبغضّ النظر عن الأجندة التي تدفع جماعة الحوثي في اليمن وإيران من ورائها لاستغلالِ حَربِ غزّة من أجل مَرامٍ أخرى، فإنَّ مصر تتعامل مع حجج الحوثيين بشكلٍ جدّي، وتسعى من خلال تطوير حلٍّ في غزّة إلى نزعِ فتيل الأخطار التي تهدّد البحر الأحمر والملاحة في مضيق باب المندب كما قناة السويس. وتتحدث معلومات من العاصمة المصرية، عن اتصالاتٍ تجري في هذا الصدد مع الحوثيين في اليمن، وعن مداولاتٍ تجري مع طهران، بغية رفع مستوى العلاقات المصرية مع إيران. وكانَ لافتًا أنَّ مصر، كما بقية بلدان البحر الأحمر، لم تُشارِك في تحالف "حارس الازدهار" الذي أنشأته الولايات المتحدة في 18 كانون الأول (ديسمبر) الماضي لمواجهة تهديدات الحوثيين للملاحة الدولية في تلك المنطقة. كما إنَّ مصر رفضت اتّخاذ مواقف وإجراءات عدائية ضدّ جماعة الحوثي في اليمن. وقد صدر من مصر ما يُعبّرُ عن مخاوف من العسكرة التي يفرضها الغرب بقيادة واشنطن على البحر الأحمر، وما يمكن أن تسببّه من تفاقمٍ للوضع وتهديدٍ بإغلاق الملاحة، بدل توفير الأمان لها، وهو أمرٌ سيتداعى بشكلٍ موجع على أنشطة قناة السويس. وكان رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، أعلن في 11 من الشهر الجاري، أنّ إيرادات القناة انخفضت 40 في المئة منذ بداية العام، مُقارنةً بالعام 2023، بعدما أدّت هجمات الحوثيين في اليمن على سفن، إلى تحويل مسار إبحارها بعيدًا من هذا الممر. وتوازيًا مع اتصالاتٍ تجريها مصر مع الحوثيين. تُطَوِّرُ القاهرة علاقاتها مع طهران بإيقاعاتٍ سريعة، خصوصًا بعدما تطوّرت علاقات السعودية والإمارات ودول خليجية أخرى مع طهران. وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري التقى نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في أيلول (سبتمبر) الماضي. كما إنَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كان أجرى اتصالًا هاتفيًا مع الرئيس السيسي الشهر الماضي، واتفقا، وفقَ مصدرٍ إيراني، على "اتخاذِ خطواتٍ جادة لحسم الخلافات العالقة بين إيران ومصر، وضرورة إنهائها بشكلٍ كامل". وتكشف المعلومات، عن الإعداد لزيارةٍ يقوم بها عبد اللهيان إلى القاهرة، للإعداد ربما لزيارة رئاسية يقوم بها رئيسي إلى مصر. ويذهبُ بعضُ التحليلات إلى أنَّ الضغوطَ الاقتصادية الحادة التي تتعرّض لها مصر، بما في ذلك تغيير وكالة "موديز" للتصنيفات الإئتمانية نظرتها المستقبلية لمصر من "مستقرة" إلى "سلبية" في 18 من الشهر الجاري، ليست بعيدة من سياقِ ضغوطٍ مُتعدّدة الأغراض تتعرّضُ لها القاهرة. غير أنّ تقاريرَ أُخرى تضعُ الأزمة أيضًا في سياقٍ مصري، يتعلّقُ بهيكل الاقتصاد والنموذج التنموي المعمول به، الذي لا يُجاري إمكانات مصر وكفاءاتها، ولا يأخذُ بالاعتبار المشهدَين الإقليمي والدولي في التأثير على استيراد الرساميل الأجنبية. وما بين ما هو أمني وما هو اقتصادي، تنشطُ مصر للتعامل مع أخطارٍ مُتعَدِّدة تناسلت من حرب غزّة.في المقابل، فإنَّ الحربَ في السودان والأزمة في ليبيا تطلّان على اليوميات المصرية بشكلٍ ضاغط، يَفرُضُ على القاهرة أدوارًا إجبارية داخل هذين الملفَّين. وكان لافتًا في الأيام الأخيرة الموقف الصاخب الذي اتخذته مصر ضدّ إثيوبيا بسبب اتفاق أبرمته الأخيرة مع "جمهورية أرض الصومال" غير المُعتَرَف بها، من أجل إنشاء منفذٍ بحري وقوة عسكرية بحرية على البحر الأحمر. وتُمثّلُ الزيارة التي قام بها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، الأحد الماضي، وعقده قمّة مع الرئيس المصري في القاهرة أعراضَ "تحالف" ضدّ إثيوبيا يرفع من مستوى التوتّر الذي سبق أن شاب العلاقات المصرية-الإثيوبية، بسبب الخلاف بشأن سدّ النهضة الإثيوبي في السنوات الأخيرة.
6-أَقنِعَةُ الإنكارِ الإسرائيلي: البَحرُ يُكَذِّبُ الغَطَّاس سليمان الفرزلي* 24-1-2024 ليسَ جديدًا على إسرائيل أنّها تعتمدُ أساليبَ إعلامية ودعائية مُطَعَّمة بعِرقٍ من التجربة النازية خلال الحرب العالمية الثانية، لكنها طبعةٌ مُعدَّلة، بمعنى أنها ليست سلاحًا استراتيجيًا ثابتًا، إنّما سلاحٌ تكتيكي مُتَحَوِّلٌ حسب الحاجة الآنية، أو حسب صعوبة المأزق الذي يستدعي الإنكار. والأهم من ذلك، أنَّ الكيانَ الصهيوني ووسائله الكثيرة والفاعلة حول العالم، ينطقون ما يريدون بلسان قادة حلفائهم الرئيسيين، وأحيانًا بألسنةِ حلفائهم الهامشيين، حسب نوع الضرورة، حيثُ يُرادُ للشيء غير المعقول الذي يرتكبه أو يقوم به، خصوصًا تجاه الشعب الفلسطيني، أن يبدو لفترةٍ من الزمن، قد تكون قصيرة، وكأنه معقولٌ بفعلِ عملية تجميل لازمة للإنكار السريع. وآخرُ مثالٍ على ذلك، أنَّ الكيانَ الصهيوني عندما شعر بأن دعوى دولة جنوب إفريقيا ضده أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، قد أحدثت موجةً عالميةً عارمة من الاستنكار لعمليات الإبادة والتدمير والتهجير التي قامت بها قواته في غزَّة، وأيقنَ أنَّ مرافعته أمام محكمة لاهاي كانت ضعيفة ولم تفعل أيَّ فعلٍ مُضاد، تحرّكت لنجدته آلته الخارجية من أبعد مكان في العالم عن فلسطين. فقد قامت حكومتا المكسيك وتشيلي في أميركا اللاتينية بتقديم مذكرة إلى محكمة العدل الدولية الناظرة في دعوى جنوب إفريقيا تُطالبها بالتحقيق أيضًا في ما قامت به حركة "حماس" خلال هجومها على مستعمرات غلاف غزَّة يوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، إلى جانب ردِّ الفعل الإسرائيلي على ذلك. وهذا يعني أنَّ الفريقين المُتحاربين مُتساويان في الارتكابات غير الإنسانية، وبالتالي لا تعودُ إسرائيل مسؤولة عمّا ارتكبته، وتُحاكَمُ عليه أمام محكمة لاهاي، باعتبار أنها الفريق "المُعتَدى عليه"، وما قامت به تاليًا هو مجرّد دفاعٍ عن النفس.إنَّ القناعَ الأوسع للإنكار الإسرائيلي هو الظهور أمام العالم بأنَّ القضية الفلسطينية بدأت يوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وهذا المنحى ليس جديدًا، بل أسهمت فيه دولٌ عربية منذ عقودٍ عدة. ففي مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في دمشق في 29 – 30 آذار (مارس) 2008، تركّزت خطابات بعض الزعماء العرب على المطالبة بالعودة إلى حدود ما قبل حرب حزيران (يونيو) 1967، فوقف الزعيم الليبي آنذاك معمر القذافي وقال لهم: إنكم تتحدثون عن الموضوع وكأنَّ القضية الفلسطينية بدأت في العام 1967! فالأقنعة التي تعتمدها إسرائيل لإنكار ما تقوم به من أعمالٍ جرميَّة واسعة النطاق في فلسطين المحتلة، يصعب تصنيفها لكثرتها، وتعدُّد استخداماتها. لكن من أهمِّ المراجع التي يُعتدُّ بها في هذا الموضوع كتاب البروفسور الراحل ستان كوهين، أستاذ السوسيولوجيا السابق في "كلية لندن للاقتصاد" بعنوان: "حالات الإنكار: معرفة المجازر والمُعاناة"، الصادر عام 2000. وقد تساءل أحد زملائه في الأيام الأخيرة حول ما كان سيكون موقفه مما جرى ويجري في غزة لو كان اليوم على قيد الحياة (توفي ستان كوهين في العام 2013). وفي كتابه المشار إليه يُحَدِّدُ كوهين أبرز الأقنعة الإسرائيلية التي درسها في حالاتٍ سابقة. فهو يهودي من جنوب إفريقيا، وكان صهيونيًا في شبابه، لكنه عندما انتقلَ إلى إسرائيل في العام 1980 للعمل في الجامعة العبرية في القدس المحتلة، تخلَّى عن صهيونيته وغادر إسرائيل. وقد انتقد في كتابه انتقادًا لاذعًا طريقة احتضان القوى الليبرالية في العالم لتصرُّفات إسرائيل. وتناولَ في بحثه ثلاثة أوجه من الإنكار الإسرائيلي: أولًا، الإنكارُ المُباشَر أو الحرفي. وهو إعلانٌ صريحٌ ووَقِحٌ بأنَّ ما حدث لم يحدث. ثانيًا، الإنكارُ التأويلي أو التفسيري. وهو الإعلانُ بأنَّ ما حدث ليس كما يُقالُ أو يُظَنُّ. ثالثًا، الإنكارُ الإيحائي أو الالتفافي. وهو الاعترافُ بهَولِ ما حدث، مُرفَقًا بالإيحاء أنه كان لا بدَّ منه، لأنَّ الخطأَ من الطرف الآخر. أي قَلبُ الآية، أو تلفيقُ الحكاية، لإظهارِ المُعتَدى عليه بأنه هو المُعتَدي! ويقول زميله السابق في "كلية لندن للاقتصاد" كونور غيرتي، وهو الآن أستاذ قانون حقوق الإنسان في مدرسة الحقوق التابعة لها، إنَّ انتشارَ وسائل التواصل الإلكتروني أسقطَ القناعَ الأوّل للإنكار الإسرائيلي، وهو الإنكارُ المباشر بالزعم أنَّ ما حدث لم يحدث. في هذا الموضوع "البحر يُكذِّب الغطَّاس" على قول المثل اللبناني. لكنه تَفَكَّرَ في ما كان يُمكن أن يقولَ زميله الراحل ستان كوهين في القناع الإسرائيلي المُتَحَوِّل بدلًا من الإنكار المباشر، وهو إلقاءُ التُهَم الكاذبة على الطرف الآخر، وإرباكه بمحاولةِ إثباتِ براءته، وهو أمرٌ صعبٌ ويستغرقُ وقتًا طويلًا، فتكون التهمة الكاذبة قد لصقت بالمُتّهم ولو إلى حين. وفي تقديري أنَّ هذا القناعُ الجديد الذي لَفَتَ إليه البروفسور كونور غيرتي (في مقال مهم نشره في مجلة "لندن ريفيو أوف بوكس")، مُستَوحى من الاستراتيجيات الفضائحية التي تُطلَقُ فيها شائعات أو إيحاءات غير صحيحة، تُنزِلُ ضررًا فوريًّا بالجهة المُتّهمة، التي يقع عليها عبء إثبات براءتها، فلا ينفعها إعلان حكم ببراءتها لاحقًا، لأنَّ الضرر يكون وقع عليها من قبل. لكن في النتيجة ما يحدث في الميدان هو الأصدق من جميع الأقنعة، على قول أبي تمام: السيفُ أصدق أنباءً من الكتبِ في حدِّه الحدُّ بين الجدِّ واللعبِ بيضُ الصفائح لا سودُ الصحائف في متنهنَّ جلاءُ الشكِّ والرَيبِ وفي الحرب الدائرة الآن، بيض الصفائح هي عظمة القضية الإنسانية التي تحملها مقاومة العدوان والاغتصاب، وسود الصحائف هي وسائل الإعلام المزيَّف المتمرِّس في التزوير. سليمان الفرزلي هو كاتب، صحافي ومُحَلِّل سياسي لبناني مُقيم في لندن.
7-الموت وعواقبه في غزة بقلم مهى يحيَ سواء نجحت الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا في إدانة إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة أم لا، لقد ألحقت ضررًا بالغًا بسمعتها. 22 كانون الثاني/يناير 2024 بغضّ النظر عن نتيجة الحكم الذي سيصدر عن محكمة العدل الدولية في لاهاي، ألقت الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضدّ إسرائيل استنادًا إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة الإبادة الجماعية تبعاتٍ كبرى على إسرائيل والنظام الدولي على حدٍّ سواء.تُعرِّف هذه الاتفاقية الإبادة الجماعية بأنها ارتكاب أيٍّ من الأفعال التالية بقصد التدمير الكلّي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، ليس فقط عن طريق قتل أعضاء من الجماعة، بل أيضًا من خلال "إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بأعضاء من الجماعة؛ أو إخضاع الجماعة، عمدًا، لظروفٍ معيشية يُراد بها تدميرها المادّي كليًا أو جزئيًا؛ أو فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة؛ أو نقل أطفال من الجماعة، عنوةً، إلى جماعة أخرى". وقد صاغ مصطلح "الإبادة" محامٍ يهودي بولندي يُدعى رافاييل ليمكين في أعقاب الهولوكوست (محرقة اليهود). ترى جنوب أفريقيا أن الهجمات التي شنّتها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة تكشف عن نيّتها بارتكاب إبادة جماعية. وتطرّقت القضية إلى "نمطٍ واضح من السلوك"، على حدّ تعبير المحامي الجنوب أفريقي تيمبيكا نغوكايتوبي، أدّى إلى إلحاق دمارٍ هائلٍ بمناطق واسعة من غزة وأسفر عن مقتل أكثر من 24,000 من السكان المدنيين، 40 في المئة منهم من الأطفال، وإصابة 60,000 شخص، ناهيك عن الآلاف الذين ما زالوا في عداد المفقودين. إضافةً إلى ذلك، يواجه سكان غزة أزمة صحية حادّة، ويقفون "على حافة المجاعة"، وفقًا لسيندي ماكين، مديرة برنامج الأغذية العالمي. ومنذ بدء الجولة الراهنة من الصراع، لم تتورّع إسرائيل عن شنّ هجمات مدمّرة على الجامعات والمستشفيات والمدارس والكنائس والمحاكم وحتى مبنى الأرشيف المركزي في غزة. لذا لا تستطيع إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، الادّعاء بأن ممارساتها تندرج في إطار الدفاع عن النفس، وحتى لو زعمت ذلك، تعتبر جنوب أفريقيا أن حجم الضرر الذي ألحقته إسرائيل بالفلسطينيين لا يمكن تبريره تحت أي ظرفٍ. هذا وتتمثّل "الميزة الاستثنائية" لهذه القضية في أن التصريحات التحريضية التي أدلى بها قادة إسرائيليون تشير إلى وجود النية بارتكاب إبادة جماعية، وقد ردّد هذه الشهادات والمُفردات جنود إسرائيليون على الأرض. وتابعت مرافعة جنوب أفريقيا بأن الهجمات على غزة متجذّرة في الاعتقاد الإسرائيلي بأن العدو ليس فقط الجناح العسكري لحماس، بل أيضًا نسيج حياة المدنيين في غزة، وهو ما تسعى إسرائيل إلى تدميره. ولا يأتي هذا الخطاب من هوامش المجتمع الإسرائيلي، بل يندرج اليوم في صُلب سياسة الدولة.ونظرًا إلى أن صدور الحكم في هذه القضية قد يستغرق سنوات، طلبت جنوب أفريقيا من محكمة العدل الدولية اتّخاذ تدابير مؤقّتة لوقف إراقة الدماء ومنع خطر حدوث إبادة جماعية. لا ينبغي الاستهانة برمزية أن جنوب أفريقيا تحديدًا هي التي رفعت هذه الدعوى، نظرًا إلى تجربتها السابقة وإدراكها العميق لعواقب تأخّر الاستجابة الدولية لانتهاكات حقوق الإنسان. وقد أوضحت في قضيتها أمام محكمة العدل الدولية أن انتهاكات إسرائيل المتزايدة لحقوق الفلسطينيين تندرج ضمن ما تعتبره جنوب أفريقيا نظام "الأبرتهايد" (الفصل العنصري)، مصحوبةً بتقاعس المجتمع الدولي، يسمحان لإسرائيل بالاستمرار في ارتكاب المذابح في غزة والإفلات من العقاب. ولم تنسَ جنوب أفريقيا أيضًا تواطؤ إسرائيل مع نظام الأبرتهايد الذي حكمها سابقًا، وإبرامهما "تحالفًا غير مُعلَن" خلال فترة الحرب الباردة. وتُشير هذه العبارة (The Unspoken Alliance) إلى عنوان كتابٍ وضعه ساشا بولاكو-سورانسكي عن العلاقات السرّية التي جمعت بين دولةٍ تأسّست بعد الهولوكوست ونظامٍ قادته الأقلية الأفريكانية القومية التي دعمت ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. وارتكزت هذه العلاقة على تعاون أمني سرّي دام لعقود، وعلى "إيديولوجيا البقاء للأقليات" على حدّ تعبير بولاكو-سورانسكي، والتي حرصت على تصوير هاتَين الدولتَين على أنهما امتدادٌ للحضارة الأوروبية ويهدّدهما "البرابرة على الأبواب". وقد انتهت هذه العلاقة مع إلغاء نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. كذلك، سلّط تضامن جنوب أفريقيا مع الفلسطينيين الضوء على الشرخ القائم بين بعض دول الغرب وسائر دول العالم. وأعاد أيضًا فتح صفحةٍ من صفحات التاريخ الاستعماري الغربي، حيث تشكّل أحداث الهولوكوست بحق اليهود في الدول الغربية أساسًا ذروة العنف الذي مارسه الغرب ضدّ شعوب غير غربية، نتيجة الترويج لنظريات التفوق العرقي والسياسات الأحيائية (biopolitics) والتمادي في العنف. في هذا السياق، حمل انتقاد ناميبيا للموقف الألماني الداعم لإسرائيل أمام محكمة العدل الدولية دلالات كثيرة. فقد ذكّرت الحكومة الناميبية أن أول إبادة جماعية في القرن العشرين ارتكبتها ألمانيا على الأراضي الناميبية بين العامَين 1904 و1908، وراح ضحيتها 70 ألفًا من شعبَي هيريرو وناما. وتابع بيان ناميبيا أن "ألمانيا لا تستطيع التعبير عن التزامها الأخلاقي باتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة الإبادة الجماعية، بما في ذلك التكفير عن ذنبها في الإبادة التي ارتكبتها بحق ناميبيا، فيما تدعم ما يعادل الهولوكوست والإبادة الجماعية في غزة". في ظل هذه الأجواء المشحونة، ألقت قضية جنوب أفريقيا بثقلها أيضًا على النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية. وإذا تبيّن أن الدول الكبرى تعتمد معايير مزدوجة دفاعًا عن حلفائها، فسيقوّض ذلك أركان مفهوم النظام الدولي. وكانت هذه تحديدًا الحجة التي قدّمها الخبير القانوني الألماني ستيفان تالمون، حين انتقد تدخّل بلاده لدعم إسرائيل في محكمة العدل الدولية بأنه قرار "متسرّع" و"مليء بالدوافع السياسية"، محذّرًا من أن هذه المقاربة قد تُرغم برلين على تبنّي تفسيرٍ ضيّق لمفهوم النية بارتكاب إبادة، على خلاف ذاك الذي اعتمدته في دعوى سابقة رفعتها غامبيا ضد ميانمار أمام محكمة العدل الدولية. إذا حدث ذلك، فسيعتبره الكثير من دول الشطر الجنوبي من العالم دليلًا على المراوغة والكيل بمكيالَين في تقدير قيمة الحياة الإنسانية. كذلك، ساهمت قضية غزة أمام محكمة العدل الدولية في تعرية أسطورة تأسيس إسرائيل. فما يعرفه كثرٌ في الغرب أن إسرائيل تأسّست في أعقاب الهولوكوست بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، في مرحلة اتّسمت بمساعٍ حثيثةٍ من أجل إرساء ضوابط ومعايير دولية لمنع تكرار جرائم بهذا الحجم. وكما جادل الكاتب البريطاني توني جُت في مقالٍ لصحيفة هآرتس في العام 2006، دفعت هذه العوامل إسرائيل إلى التشديد لفترة طويلة على "عزلتها وفرادتها، وادّعائها بأنها البطل والضحية في آن، في إحالةٍ إلى المعركة التوراتية بين داود وجليات". أدّت هذه العوامل مجتمعةً إلى تشكيل حالة الاستثناء الإسرائيلي انطلاقًا من معاناة الشعب اليهودي. وسمح ذلك للقادة الإسرائيليين بتجاهل مسؤوليتهم عن الانتهاكات المستمرة ضدّ الشعب الفلسطيني، في ظل قبول جزءٍ كبير من المجتمع الدولي بهذا الوضع. فقد تغاضت القوى السياسية العالمية الكبرى في الغالب عن الاحتلال الطويل الأمد للأراضي الفلسطينية وممارسات إسرائيل الرامية إلى إخضاع الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس، بدءًا بإجراءات حظر التجول ونقاط التفتيش والطرق الالتفافية، ومرورًا بالاستيلاء على الأراضي والاعتقالات والاحتجازات التعسفية، ووصولًا إلى هدم المنازل والتهجير وأعمال العنف والاغتيالات الموجّهة. ويقع اليوم التدمير الوحشي لقطاع غزة والخسائر المروّعة في الأرواح على مرأى مئات الملايين من الأشخاص، وقد شارك بعضهم في مظاهرات حاشدة في عواصم العالم للمطالبة بوقفٍ فوري لإطلاق النار. وهكذا، تداعت الصورة التي صاغتها إسرائيل بعناية عن دولةٍ ليبرالية بناها الناجون من إحدى أفظع الجرائم التي عرفتها البشرية. وعلى الرغم من شراسة هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أظهر حجم الموت والدمار في غزة مجدّدًا أن الفلسطينيين هم ضحايا. وبات كثرٌ حول العالم ينظرون إلى احتلال إسرائيل واستيطانها للأراضي الفلسطينية، وسياساتها القائمة على الفصل العنصري التي أصبح خبراء قانونيون إسرائيليون يطلقون عليها هذه التسمية أيضًا، على أنها بقايا مرحلة استعمارية غابرة. مهما كانت نتيجة الحكم الذي سيصدر عن محكمة العدل الدولية، يبدو أن ارتكابات إسرائيل في قطاع غزة والتهمة التي وجّهتها إليها جنوب أفريقيا، قد ألحقتا ضررًا بالغًا بسمعتها. من الآن وصاعدًا، لم يعد سهلًا ربما على العالم التغاضي عن انتهاكات دولةٍ كثيرًا ما بقيت فوق المساءلة والمحاسبة.
التقارير والاخبار 1-غضب صهيوني من سكان الكرك بالأردن بسبب تسمية مطعم بحسب القناة العبريه ١٢ في تقرير نشرته صباح الخميس من المحتمل أن المطعم كان موجوداً قبل عملية طوفان الأقصى، لكنه خضع للتجديد، وقرر مالكوه اختيار اسم ٧ أكتوبر الاستفزازي،ووفقا لذات التقرير فان إدارة المطعم قدمت خاتما ذهبيا كهدية للشخص الذي اقترح الاسم الجديد للمطعم، بدورها قالت هيئة البث العبرية هل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يزال لديه شكوك حول استمرار إمدادات المياه إلى دولة الأردن المعادية. ورد احد المستوطنين على تقرير الهيئة: انها فرصة مناسبة لتصدير مليوني فلسطيني من سكان غزة إلى الأردن لتناول الشاورما مجانا لأنها أفضل لهم من الموت من الجوع والمرض في قطاع غزة ومنذ اندلاع معركة طوفان الأقصى، خرجت العديد من المواقف المؤيدة لفلسطين وغزة من مدينة الكرك وذلك ضمن مواقف الاردن الشعبية والرسمية المساندة للشعب الفلسطيني، وكانت محافظة الكرك شهدت توزيع الحلوى على سكانها مع انطلاق معركة طوفان الاقصى، واقيمت الدبكة احتفالاً بعملية 7 أكتوبر النوعية، كما شهدت الكرك تسمية طفل باسم محمد الضيف تيمنا بقائد المقاومة الميداني في غزة، وتسمية احد الشوارع ضمن نطاق قصبة الكرك باسم الشهيد الصحفي حمزه الدحدوح. ولم يكن تأييد الكرك للقضية الفلسطينية وليد اليوم، فعلى سبيل المثال طرد مواطنون أردنيون في بلدة الربة شمالي الكرك عام 2012 وفدا يهوديا كان يجول في بلدتهم التاريخية. وقال في حينه احد المواطنين انه فوجئ بوجود وفد مكون من رجال ونساء كانوا يرتدون لباس المتدينين اليهود ويرخون جدائلهم، مما دفعه لإلقاء حذائه باتجاههم، الكرك التي تتوسطها قلعة ضخمة كانت منطلق تحرير فلسطين ابان الحروب الصليبية، وفيها تعدد سياسي عريق مناهض للصهيونية، ومنها اطلق الملك ميشع ملك مملكة مؤاب جنوب الاردن حملة قوية هزم فيها اليهود العبرانيين في القرن التاسع قبل الميلاد وقرر طبخ لحم الضأن باللبن نكاية بتحريم اليهود لهذا الامر، يشار الى ان الكرك، وضمن المواقف الاردنية التاريخية المساندة لفلسطين، قدمت عشرات الشهداء على ثرى فلسطين وخاض عسكريون كبار ينتمون لهذه المحافظة معارك شرسة ضد الصهاينة مثل المشير الراحل حابس المجالي، وفي الحقبة العثمانية سجل التاريخ ان الشيخ الكركي ابراهيم الضمور رفض تسليم رجل استجار به من مدينة نابلس الفلسطينية للدرك العثماني الذين عاقبوه بحرق ابنائه الثلاثة.
2- اسرائيل تهاجم رسام كاريكتير بريطاني تعرض رسام الكاريكاتير البريطاني المعروف، بوب موران، إلى هجوم لاذع واتهامات بـمعاداة السامية بسبب رسمة كاريكاتورية انتقد فيها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.ونشر موران رسما كاريكاتوريا يظهر فيه نتنياهو جالسا على مائدة مليئة بأشلاء الأطفال والرضع، فيما يقف الرئيس الأمريكي جو بايدن بجواره بزي نادل وهو يسكب الدماء عوضا عن الشراب. كما يظهر رئيس وزراء الحكومة البريطاني ريشي سوناك وهو يحمل لنتنياهو طبقا مغطى، تظهر يد طفل متدلية منه في الهواء، في حين تعلو العمل الفني عبارة كوشير، وهي كلمة عبرية تعني الأكل الحلال.
3-مواجيز *مراسلة الجزيرة من تل ابيب:* *الحدث الأمني في خانيونس جنوب قطاع غزة ضخم جدآ* *نتجهز لإعلان قاسي وصعب في الساعات القادمة* *عاجل| الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ:* *هذا الصباح هو صباح حزين وقاسي.* *المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي: مهمتنا تسير وفق ظروف أمنية قاسية وما حصل أمس عبارة عن كارثة حقيقية*. *الحرب لها ثمن باهظ وباهظ جداً* *المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي: المعارك في خان يونس قاسية جدا وندفع ثمن كبير هناك.* *الخلاصة: فقد العدو وفق لمصادر مطلعة و خاصة أكثر من ١١٢ ضابط و جندي في خان يونس منذ البارحه و حتى صباح اليوم و من المتوقع ان يعلن العدو عن هذه الكارثه بالتقسيط لكن الاكيد انه لا يزال يحاول انقاذ جنودة تحت الانقاض و القسام تقتنص اي وحدة تقترب من الجثث المردومه و الامور قد تكون أكبر مما هو معروف حتى الان و انتظروا المفاجآت.* -جيروزاليم بوست: لم يعد بوسع إسرائيل تحقيق إنجازات على المستوى الاستراتيجي أكثر مما حققته بالفعل. -هآرتس عن مصادر مطلعة: 📌نتنياهو أبلغ عائلات الرهائن أن إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات من أجل صفقة جديدة 📌 نتنياهو أبلغ عائلات الرهائن أن إسرائيل لن تعلن وقف الحرب كجزء من صفقة الرهائن كما طلبت حماس 📌 نتنياهو قال إنه إذا وافق على إنهاء الحرب فسيجب التوقيع على ضمانات دولية لا يمكن انتهاكها 📌نتنياهو نفى وجود مقترح حقيقي من حماس لكنه قال إن هناك مبادرة دون أن يخوض في التفاصيل -واشنطن بوست عن قادة عسكريين وأمنيين إسرائيليين: • قد نفقد مكاسب #غزة بسبب الافتقار لاستراتيجية ما بعد الحرب. • على الجيش الحفاظ على مناطق سيطرته لا السيطرة على أرض جديدة. • شبكة أنفاق #حماس أكثر اتساعاً بكثير من تقديرات الجيش الإسرائيلي. • الأنفاق تمتد لمسافة تزيد عن 300 ميل في جنوب قطاع غزة فقط. • من غير المرجح أن يتم تفكيك شبكة أنفاق حماس في غزة بشكل كامل. • الوجود الأمني طويل الأمد في غزة كابوس رفضه الكثيرون في المؤسسة الأمنية.
4-محلل بهآرتس: الموافقة على صفقة لتبادل الأسرى اعتراف إسرائيلي بالفشل الكاتب قال إن مشكلة نتنياهو تكمن في أن سقف مطالب "حماس" عال جدا (رويترز) 15/1/2024| قال المحلل العسكري لصحيفة هآرتس، عاموس هاريل، إنه خلافا لما قد يظن البعض فليس هناك حاليا اقتراح ملموس مطروح على الطاولة لإبرام صفقة جديدة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).وأضاف هاريل أن المطروح حتى الآن مجرد أفكار، وأن هناك إدراكا داخل إسرائيل بما قد تطالب به قيادة حماس. وكانت صفقة الأسرى الأولى قد أُبرمت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهي الصفقة التي حصلت بموجبها حماس على مقابل "زهيد نسبيا" بحسب زعم هاريل الذي زاد بأن الحركة افترضت أن الصفقة الأولى ستؤدي إلى مفاوضات مطولة حول صفقة أخرى، وأن الجيش الإسرائيلي لن يستأنف حربه على غزة. سقف مرتفع:ووضح هاريل أن ما حدث عمليا كان العكس، إذ استؤنف الهجوم الإسرائيلي بعد انتهاء الهدنة المؤقتة.ويبدو –برأيه- أن سقف مطالب حماس في الجولة الحالية أعلى إلى حد كبير جدا، وهذا ليس فقط لأنها تطالب بصيغة "الكل مقابل الكل" في عملية تبادل للأسرى، بل لأنها تسعى أيضا للحصول على شيئين آخرين، وهما وقف طويل الأمد لإطلاق النار، والتزام بعدم تعرض قادتها للأذى. ويدعي المحلل العسكري في مقاله بأن هذين الالتزامين يبدوان للوهلة الأولى يسيرين للغاية، لكن تنفيذهما صعب. اعتراف بالإخفاق:وبالرغم من ذلك، فإن موافقة إسرائيل على مثل هذه الصفقة ستعني انتهاء الحرب بشكلها الراهن، كما يعتقد هاريل.ويضيف الكاتب أن "موافقة من هذا القبيل تمثل اعترافا من حكومة إسرائيل وجيشها بإخفاقهما مرتين، مرة في بداية الحرب، وأخرى في تحقيق الأهداف الطموحة التي حدداها بعد اندلاعها وهي هزيمة حماس وتفكيك قدراتها. وتابع هاريل أن بعض كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين يجادلون بأن إسرائيل ليس لديها خيار آخر، لأن هذه الأهداف تتعارض مع إطلاق سراح جميع الأسرى، وهو الهدف الوحيد القابل للتحقيق بالفعل في الوقت الحالي.ويوضح هاريل أن "من وجهة نظر هؤلاء المسؤولين، فإن الفشل الذريع الذي مُنيت به إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يُلزمها أخلاقيا بتحرير أسراها، حتى لو كان على حساب الاعتراف بالفشل، مما يعني عمليا القبول بانتصار حماس في الحرب"، معربا عن أمله في أن يكون ذلك قبولا مؤقتا فقط. ووفقا للمقال، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيجد صعوبة بالغة في قبول مثل هذه الصفقة لسببين، أولهما أنه بالإضافة إلى الإقرار بالفشل في الحرب، فإن ذلك سيتضمن تنازلا غير مسبوق فيما يتعلق بالإفراج عمن تصفهم إسرائيل بـ"الإرهابيين". وثانيهما، أنه من شبه المؤكد أن تؤدي تلك الصفقة إلى انهيار تحالفه الحاكم برحيل "شريكيه المتطرفين" إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وحزبيهما. المصدر: هآرتس
5- غوتيريش: رفض إقامة الدولة الفلسطينية "أمر غير مقبول" الشرق الأوسط - 21 يناير/كانون الثاني 2024 دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الأحد، إن رفض قبول حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين، وإنكار حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة، "أمر غير مقبول"، حسب وصفه.وأضاف غوتيريش في منشور على حسابه الرسمي عبر منصة "إكس"، تويتر سابقا، الأحد، أنه "يجب أن يعترف الجميع بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته". وأكد الأمين العام للأمم المتحدة في منشور آخر على منصة "إكس"، أن "الناس في غزة يموتون ليس فقط بسبب القنابل والرصاص، ولكن بسبب نقص الغذاء والمياه النظيفة، كما أن المستشفيات بدون كهرباء أو أدوية، ويجب أن يتوقف هذا". وأكد غوتيريش: "لن أتراجع عن دعوتي لوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن". وجاءت تعليقات الأمين العام الأمم المتحدة بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو التي قال فيها، السبت، إن رغبته في السيطرة الأمنية على كافة الأراضي غرب الأردن "تتعارض مع وجود دولة فلسطينية".وقال نتنياهو، عبر منصة "إكس": "لن أتنازل عن السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على جميع الأراضي الواقعة غرب الأردن، وهذا يتعارض مع الدولة الفلسطينية".
6-حماس: هذه روايتُنا: لماذا طوفانُ الأقصى؟ الأحد 21 يناير 2024 غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أصدرت حركة المقاومة الإسلامية حماس، اليوم الأحد، وثيقة رسمية توضح فيها روايتها عن طوفان الأقصى، مبينة الأسباب التي أدت إلى المعركة.وأوضحت في الوثيقة أن عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023م، كانت خطوة ضرورية واستجابة طبيعية، لمواجهة ما يُحاك من مخططات إسرائيلية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، والسيطرة على الأرض وتهويدها، وحسم السيادة على المسجد الأقصى والمقدسات، وإنهاء الحصار الجائر على قطاع غزة.وشددت على أنها خطوة طبيعية في إطار التخلّص من الاحتلال، واستعادة الحقوق الوطنية، وإنجاز الاستقلال والحرية كباقي شعوب العالم، وحق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. وفي ختام الوثيقة، دعت حماس إلى وقف العدوان الإسرائيلي فوراً على قطاع غزَّة، والعمل الفوري على وقف الجرائم والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحقّ شعبنا وأطفالنا ونسائنا وشيوخنا، وفتح المعابر، وفك الحصار عن قطاع غزة، وإدخال المساعدات وتوفير كل مستلزمات الإيواء وإعادة الإعمار. وطالبت بالعمل على معاقبة الاحتلال الإسرائيلي قانونياً على احتلاله، وكلّ ما ترتّب عليه من معاناة وضحايا وخسائر، والسعي لتدفيع الاحتلال أثمان جرائمه في قتل المدنيين، وأثمان تدميره للبيوت والمستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس والبنى التحيَّة وغيرها.وأكت ضرورة دعم المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي بكل السبل المتاحة، باعتبارها حقّاً مشروعاً وفق القانون الدولي وكل الشرائع والأديان. ودعت إلى مواصلة الضغوط الشعبية عربياً وإسلامياً ودولياً لإنهاء الاحتلال، وتفعيل حركات رفض التطبيع، وحركات مقاطعة البضائع الإسرائيلية ومقاطعة الشركات والمؤسسات التي تدعم الاحتلال. فيما يلي نص الوثيقة هذه-روايتنا-.-لماذا-طوفان-الأقصى بسم الله الرحمن الرحيم هذه روايتُنا.. لماذا طوفانُ الأقصى؟ شعبنا الفلسطيني الصَّامد المرابط، شعوبنا العربية والإسلامية، أحرار العالم مناصري الحقّ ورافضي الظلم، والمدافعين عن الحريَّة والعدالة وكرامة الإنسان، في كلّ مكان، في ظل استمرار العداون الإسرائيلي على قطاع غزَّة والضفة الغربية. ومع مواصلة شعبنا خوض معركة الحريَّة والكرامة والانعتاق من الاحتلال، وتقديمه أروعَ الأمثلة في البطولة والفداء والصمود في مواجهة آلة البطش والعدوان؛ نودّ أنْ نوضّح لأبناء شعبنا وأمَّتنا وأحرار العالم حقيقةَ ما جرى يوم السَّابع من أكتوبر، ولماذا كان، وما سياقه المرتبط بالقضية الوطنية الفلسطينية، ودحض زيف المزاعم الصهيونية، ووضع الحقائق في نصابها الصحيح. أولاً: لماذا معركة طوفان الأقصى؟ 1. إنَّ معركة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال والاستعمار لم تبدأ في 7 أكتوبر 2023، وإنَّما بدأت قبل ذلك منذ 105 أعوام من الاحتلال؛ 30 عاماً تحت الاستعمار البريطاني و75 عاماً من الاحتلال الصهيوني. والشعب الفلسطيني كان في سنة 1918 يملك 98.5% من أرض فلسطين، ويتمتَّع بأغلبية 92% من السكان، مقابل ما كان لدى اليهود، والذين أتى معظمهم آنذاك عبر الهجرات الاستيطانية المبكرة، وحتى 1948 قبيل إنشاء الكيان الصهيوني، فبالرَّغم من أنَّ الاستعمار البريطاني فتح أبواب فلسطين لهجرة اليهود، وسعى لإيجاد البيئة الأفضل للصهاينة لإنشاء كيانهم، وقام بقمع الشعب الفلسطيني وقهره، إلاّ أنَّ الصهاينة لم يتمكَّنوا إلاَّ من السيطرة على 6% من الأرض، وأن يكونوا 31.7% من السكان. وقد حُرم الشعب الفلسطيني من حقّ تقرير المصير، وقامت العصابات الصهيونية بارتكاب مجازر بشعة وتطهير عرقي أدَّى لسيطرتها بالقوة على 77% من أرض فلسطين، وتهجير أكثر من 57% من شعب فلسطين، ودمَّرت أكثر من 500 قرية وبلدة فلسطينية وارتكبت عشرات المجازر بحق شعبنا لدفعه إلى الهجرة خارج الوطن؛ وذلك تمهيداً لإنشاء الكيان الصهيوني عام1948. وفي سنة 1967 احتلت القوات الإسرائيلية باقي أرض فلسطين؛ أي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، فضلاً عن أراضٍ عربية أخرى. 2. عانى شعبنا طوال عقود من كافة أشكال القهر والظلم ومصادرة الحقوق الأساسية، ومن سياسات الفصل العنصري، وعانى قطاع غزة حصاراً خانقاً مستمراً منذ أكثر من 17 عاماً ليتحوَّل إلى أكبر سجن مفتوح في العالم، كما عانى القطاع من خمسة حروب مدمّرة؛ في كلٍّ منها كانت (إسرائيل) هي البادئة فيها. وحتّى عندما حاول شعبنا في قطاع غزَّة الاحتجاج السلمي على أوضاعه الصعبة، والمطالبة بحقّ العودة؛ عبر ما عُرف بـ”مسيرات العودة”، لم يتوانَ الاحتلال الإسرائيلي عن قتل أكثر من 360 فلسطينياً وجرح أكثر من 19 ألفاً آخرين، بينهم نحو خمسة آلاف طفل. 3. وفق دراسات إحصائية موثَّقة، منذ سنة 2000 وحتى سبتمبر 2023 (قبيل 7 أكتوبر) قام الاحتلال الإسرائيلي بقتل 11,299 فلسطينياً وجرح 156,768 آخرين، أغلبيتهم الساحقة من المدنيين. وللأسف فإنَّ الولايات المتحدة وحلفاءَها، لم يلتفتوا إلى معاناة الفلسطينيين وتابعوا تغطية البطش الصهيوني. ولم يتباكوا إلاّ على الإسرائيليين في 7 أكتوبر، ودونما أدلة حقيقيَّة ضد حماس، بالاستهداف المزعوم للمدنيين، ثمَّ قاموا بتوفير الدَّعم المادي والغطاء من جديد للمجازر والمذابح التي قام بها الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين في عدوانه الهمجي على قطاع غزة، والذي يندى له جبين البشرية، وما زالوا يوفّرون الغطاء والدَّعم والذخائر وأدوات القتل والتدمير. 4. لقد تمَّ توثيق انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وفظائعه من قبل مؤسسات الأمم المتحدة ولجان التحقيق والمحاكم الدولية ومنظمات حقوق الإنسان العالمية؛ مثل منظمة العفو الدولية و(هيومن رايتس ووتش)، وحتّى من منظمات إسرائيلية، بالإضافة إلى منظمات فلسطينية متخصصة مشهود لها عالمياً بالكفاءة والنزاهة. وقد مر ذلك كله وما زال يمر دون مساءلة أو عقاب. وعلى سبيل المثال، قام السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة (جلعاد أردان) في 29/10/2021 على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة بتمزيق تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة نفسها، في وجه ممثلي دول العالم، وأخبرهم أنَّ مكانه سلة المهملات، بل -إمعاناً في قهر شعبنا – انتُخِب (أردان) نفسه في السنة التالية نائباً لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة!! 5. الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون يتعاملون مع “إسرائيل” منذ إنشائها كـ”دولة فوق القانون”، ويوفّرون الغطاء اللازم لاستمرار احتلالها وقمعها للشعب الفلسطيني ومصادرة المزيد من أرضه ومقدساته وتهويدها، وفرض ظروف معيشية قاسية وبيئات طاردة، فضلاً عن محاولاتهم المستمرة لتهجير شعبنا وإجباره على الرَّحيل عن أرض الوطن. وبالرغم من أنَّ الأمم المتحدة ومؤسساتها أصدرت أكثر من 900 قرار خلال الـ 75 عاماً الماضية لصالح الشعب الفلسطيني؛ إلاَّ أنَّ “إسرائيل” رفضت تنفيذ أيٍّ منها، وكان الفيتو الأمريكي الغربي دائماً بالمرصاد ضدّ أيّ محاولة لإلزام “إسرائيل” بتنفيذ القرارات أو إدانة سلوكها. ولذلك، فإنَّ هذه الدول تُعدّ متواطئة ومتورطة وشريكاً كاملاً للاحتلال في جرائمه التي لا تتوقف، وفي استمرار معاناة الشعب الفلسطيني. 6. حتّى بالنسبة لمسار التسوية السلمية، فبالرغم من اتفاق أوسلو 1993 مع منظمة التحرير الفلسطينية، الذي كان من المفترض أن يؤسِّس لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلاَّ أنَّ “إسرائيل” قامت عملياً بتدمير إمكانية قيام دولة فلسطينية من خلال الحملة الشرسة لمضاعفة الاستيطان والتهويد في الضفة الغربية، وخصوصاً شرقي القدس، ووجد مؤيدو مسار التسوية بعد 30 عاماً من المحاولات أنَّهم أمام حائط مسدود، وأنَّ هذا المسار تسبَّب بنتائج كارثية على قضية فلسطين. لقد أكَّد المسؤولون الإسرائيليون رفضهم القطعي لقيام دولة فلسطينية، وقبل شهر من طوفان الأقصى، حمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه أمام الأمم المتحدة في شهر سبتمبر 2023 خريطة لكامل فلسطين التاريخية، بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة، وقد لُوِّنت كلها بلون واحد وعليها اسم “إسرائيل”. ولم يُحرّك العالم ساكناً؛ وهو يرى عنجهية إسرائيل ومصادرتها لإرادة المجتمع الدولي، وإنكارها لحقوق شعبنا في أرضه ومقدساته وحقّه في تقرير المصير. 7. والآن، وبعد أكثر من 75 عاماً من الاحتلال والمعاناة، وإفشال أيّ أمل بالتحرير والعودة، وبعد النتائج الكارثية لمسار التسوية السلمية، ماذا كان يتوقّع العالم من شعبنا أن يفعل: • في مواجهة مخططات التهويد والتقسيم الزّماني والمكاني للمسجد الأقصى، وتصاعد وتيرة اقتحامات المستوطنين الاستفزازية للمسجد الأقصى. • في مواجهة ممارسات ائتلاف اليمين الصهيوني الأكثر تطرّفاً، الذي باشر عملياً معركة حسم للسيطرة على الضفة الغربية من خلال خطة الضمّ، وخطة حسم السيادة على القدس والمقدسات، وخطّة طرد شعبنا وتهجيره من الضفة الغربية. • وماذا يفعل لإجبار الاحتلال على إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجونه؟ خاصة بعد التنكيل البشع الذي ضاعفوه في ظل حكومة نتنياهو – سموترش- بن غفير. • وماذا يفعل لإنهاء الحصار الجائر المفروض على قطاع غزَّة؟ الذي جعله يموت موتاً بطيئاً. • وماذا يفعل في مواجهة توسع الاستيطان في الضفة الغربية بوتيرة غير مسبوقة، وفي مواجهة عنف المستوطنين في الضفة الغربية وجرائمهم، التي وصلت مستويات غير مسبوقة؟ • وماذا يفعل ليحقّق أمل 7 مليون فلسطيني بالعودة إلى ديارهم بعد 75 عاماً من النفي والشتات. • وماذا يفعل في ظل عجز المجتمع الدولي، وتواطؤ بعض الدول الكبرى لمنع تحقيق حلمه بالدولة، وهو الشعب الوحيد في العالم الذي مازال قابعاً تحت الاحتلال. هل كان المطلوب من شعبنا أن يواصل الانتظار والرّهان على الأمم المتحدة ومؤسساتها العاجزة، أم أنَّ الردَّ الطبيعي على تلك الممارسات هو مبادرة شعبنا للدفاع عن أرضه وحقوقه ومقدساته؟! علماً بأنَّه حقٌّ مكفول في القانون الدولي، والشرائع والأعراف البشرية. انطلاقاً ممَّا سبق، كانت عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023م، خطوة ضرورية واستجابة طبيعية، لمواجهة ما يُحاك من مخططات إسرائيلية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، والسيطرة على الأرض وتهويدها، وحسم السيادة على المسجد الأقصى والمقدسات، وإنهاء الحصار الجائر على قطاع غزة، وخطوة طبيعية في إطار التخلّص من الاحتلال، واستعادة الحقوق الوطنية، وإنجاز الاستقلال والحرية كباقي شعوب العالم، وحق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. ثانياً: أحداث 7 أكتوبر، والرَّد على ادّعاءات وأكاذيب الاحتلال: في ضوء الكثير من الاتهامات والادعاءات والمزاعم الإسرائيلية الملفّقة فيما يتعلّق بأحداث يوم 7 أكتوبر وما تلاه من تطوّرات ضمن عملية طوفان الأقصى، فإنَّنا في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) نوضّح ما يلي: 1. لقد استهدفت عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر المواقع العسكرية الإسرائيلية، وسعت إلى أسر جنود العدو ومقاتليه، من أجل إطلاق سراح الآلاف من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، من خلال عملية تبادل؛ ولذلك تركّز الهجوم على فرقة غزة العسكرية الإسرائيلية، وعلى المواقع العسكرية الإسرائيلية في مستوطنات غلاف غزَّة، والتي كانت دائماً تشكّل مصدر قصف وإطلاق النار على غزَّة وأهلها. 2. إنَّ تجنُّب استهداف المدنيين، وخصوصاً النساء والطفال وكبار السن، هو التزامٌ ديني وأخلاقي يتربّى عليه أبناء حماس. ونحن نؤكّد ما أعلناه مراراً بأنَّ مقاومتنا منضبطة بضوابط وتعليمات ديننا الإسلامي الحنيف، وأنَّ استهداف جناحها العسكري هو لجنود الاحتلال، ومن يحملون السلاح ضد أبناء شعبنا. وفي ذات الوقت، نعمل على تجنّب المدنيين، رغم عدم امتلاكنا للأسلحة الدقيقة، وإنْ حصل شيءٌ من ذلك فيكون غيرَ مقصود، وإنَّما في ظل ضراوة المعارك التي نخوضها دفاعاً عن النفس وردّ العدوان، في مواجهة قوَّة عدوانية استعمارية طاغية، تقوم بقتل أطفالنا ونسائنا وشيوخنا ليل نهار، وبكل أنواع الأسلحة الفتاكة والدقيقة. لقد التزمت حماس منذ انطلاقتها سنة 1987، بتجنّب استهداف المدنيين، وبعد أنْ قام الصهيوني المجرم (باروخ جولدشتاين) بتنفيذ مجزرة في المصلين في المسجد الإبراهيمي في الخليل سنة 1994، أعلنت حماس مبادرة تقضي بأنْ يتم تجنيب المدنيين ويلات القتال، من قبل كل الأطراف، لكنَّ الاحتلال الصهيوني رفض حتّى مجرّد الرّد على تلك المبادرة. وقد كرَّرت حماس ذلك مراراً، لكنَّ الاحتلال الإسرائيلي واصل تجاهله، وتابع قتل المدنيين بكل صلافة وتجاهل. 3. ربَّما يكون قد حدث بعض الخلل أثناء تنفيذ عملية طوفان الأقصى، بسبب انهيار المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بشكل كامل وسريع، وحدوث بعض الفوضى نتيجة الاختراقات الواسعة في السياج والمنظومة الفاصلة بين قطاع غزة ومناطق عملياتنا. وكما يشهد الجميع، فقد تعاملت حماس بصورة إيجابية مع ملف المدنيين الذين تمَّ أسرهم في قطاع غزة، وسَعت منذ اليوم الأوَّل لإطلاق سراحهم بالسرعة الممكنة، وهو ما حدث فعلاً، خلال الهدنة الإنسانية لمدة 7 أيام، مقابل إطلاق سراح النساء والأطفال من أبناء الشعب الفلسطيني المعتقلين ظلماً وعدواناً في سجون الاحتلال، وهي عمليات اعتقال يمارسها الاحتلال بشكل منهجي على مدى عشرات السنوات؛ ضمن سياسة العقاب الجماعي لشعبنا المخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية. 4. إنَّ ما يروّجه الاحتلال الإسرائيلي حول استهداف كتائب القسَّام لمدنيين إسرائيليين في هجوم يوم 7 أكتوبر هو محضُ افتراء وكذب؛ فمصادر المعلومات التي تدّعي ذلك هي مصادر إسرائيلية، ولا توجد مصادر مستقلة تؤكّد صحة مزاعمها. ومن المعروف أنَّ المصادر الإسرائيلية تلجأ كثيراً إلى إخفاء الحقائق وتزويرها، وإلى محاولة تشويه المقاومة، لتبرير جرائم الاحتلال ضد شعبنا. وقد أثبتت المعلومات لاحقاً انكشاف كذب الرواية الإسرائيلية، التي شرعن الاحتلال على أساسها عدوانه الوحشي على قطاع غزة، وهنا بعض التفاصيل المهمَّة: • لقد أظهرت مقاطع فيديو التقطت في ذلك اليوم، وشهادات لإسرائيليين نُشرت لاحقاً أنَّ مقاتلي القسَّام لم يستهدفوا المدنيين، بل إنَّ كثيراً منهم تمَّ قتله على يد قوات الشرطة والجيش الإسرائيلي نتيجة ارتباكهم. • لقد ثبت يقيناً كذب الادّعاء بقتل أربعين طفلاً رضيعاً، وباعتراف المصادر الإسرائيلية؛ وهي دعاية انتشرت بشكل هائل في الإعلام الغربي، لتعبئته وتحريضه. • إنَّ الادّعاء بقيام المقاومين باغتصاب نساء إسرائيليات، ثبت كذبه، ونفت حماس ذلك بشكل حاسم. وعلى سبيل المثال؛ فالدراسة التي نشرها موقع موندوفايس في 2023/12/1 تتبّعت بالتفصيل كلّ ادّعاءات الاغتصاب وفنَّدتها. • بحسب تقريري صحيفتي يديعوت أحرونوت 15/10/2023، وهآرتس 18/11/2023 الإسرائيليتين، فإنَّ قتلى مدنيين إسرائيليين عديدين سقطوا نتيجة قصف طائرات الأباتشي الإسرائيلية للمشاركين في مهرجان (نوفا) قرب (مستعمرة رعيم)، حيث قُتل 364 شخصاً، وأنَّ مقاتلي حماس وصلوا للمكان دون علمٍ مسبق بالحفل، وأنَّهم بسبب حالة التداخل مع المحتفلين، قام الطيَّارون الصهاينة بإطلاق قذائفهم ورصاصهم دونما تفريق. ويعترف تقرير يديعوت أحرونوت أنّه سعياً لضرب المهاجمين، ولمنع اختراق السياج ولمنع وقوع أسرى إسرائيليين، قامت الطائرات المقاتلة وطائرات الهليوكبتر الإسرائيلية بضرب نحو 300 هدف معظمها في المناطق التي انتشر فيها مقاتلو حماس خارج قطاع غزة. • أكدت شهادات إسرائيلية أنَّ غارات جيش الاحتلال الإسرائيلي وعمليات جنوده هي التي تسبّبت بقتل عدد كبير من الإسرائيليين الذين تمَّ أسرهم في مستوطنات غلاف غزة، حيث قام بقصف وتدمير المنازل أثناء الاشتباكات مع المقاومة يوم 7 أكتوبر والأيام التي تلته، ما تسبّب بقتل الكثير من المستوطنين الإسرائيليين إلى جانب أفراد المقاومة، وذلك ضمن سياسة وبروتوكول (هانيبال) الإسرائيلي الذي يُفضّل قتل الأسير الإسرائيلي على بقائه حياً أسيراً في يد المقاومة. وقد مارس الاحتلال أبشع الجرائم في عدة حالات عبر قصف وقتل مقاومينا ومن معهم من أسرى في أثناء اقتيادهم إلى قطاع غزَّة. • ومن الأدلة الإضافية على ما سبق، تغيير سلطات الاحتلال لأعداد القتلى الإسرائيليين يوم 7 أكتوبر، حيث تحدثت بداية الأمر عن مقتل 1,400 إسرائيلي ما بين جندي ومستوطن، ثمَّ عادت بعد أسابيع من الهجوم لتقلص العدد إلى 1,200، بمبرّر أنَّ نحو مائتي جثة متفحمة تبيَّن أنَّها تعود لمقاتلين من كتائب القسام. والأسئلة التي تُطرح هنا: أليس الذي قصف هؤلاء بحيث اختلطت جثثهم مع جثث الإسرائيليين، هي القوات الإسرائيلية نفسها؟ ومَنْ غيرُ الجيش الإسرائيلي الذي يملك طائرات وأسلحة تؤدّي إلى قتل وحرق كلّ هذا العدد؟ بالإضافة إلى أنَّ آلة الكذب الإسرائيلية أضافت أعداد شهداء القسَّام إلى أرقام قتلاها لأكثر من شهر، لتتاجر بهم إعلامياً، قبل أنْ يتبيَّن من مصادر إسرائيلية عدم صحّة هذه الادّعاءات كما ورد أعلاه. • إنَّ جرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزَّة وعمليات القصف والتدمير التي أدَّت خلال العدوان إلى مقتل نحو 60 أسيراً إسرائيلياً، تكشف بشكل واضح لا يترك مجالاً للشك عدم اكتراث الاحتلال بحياة أسراه من الجنود والمستوطنين، واستعداده للتضحية بهم من أجل تجنّب دفع أثمان مقابلة. 1. في المقابل، هناك أعداد من المستوطنين المسلّحين في غلاف غزَّة، اشتبكوا يوم 7 أكتوبر مع أفراد المقاومة وشاركوا في العمليات العسكرية إلى جانب قوات الاحتلال. والذين قُتلوا من هؤلاء سُجّلوا إسرائيلياً كقتلى مدنيين. 2. ربَّما لا يعرف كثيرون أنه عند الحديث عن المدنيين الإسرائيليين، فإنَّ كلَّ الإسرائيليين فوق 18 عاماً مكلّفون بالتجنيد الإجباري (الذكور لمدة 32 شهراً، والإناث لمدة 24 شهراً)؛ بحيث يصبح الجميع قادرين على القتال، وفق نظرية الأمن الإسرائيلي، التي تؤمن بفكرة “الشعب المسلّح”، والتي جعلت من الكيان الإسرائيلي “جيشاً له دولة”، وليس “دولة لها جيش”!! 3. إنَّ القتل الوحشي للمدنيين هو سلوكٌ منهجي للكيان، يتعمّد من خلاله إذلال وتطويع الشعب الفلسطيني، وعدد الشهداءالهائل من النساء والأطفال في هذا العدوان على قطاع غزَّة يثبت ذلك. 4. ولعلّ الدراسة التي نشرتها الجزيرة التي تثبت أنَّ معدل القتل اليومي الإسرائيلي لأطفال غزَّة، خلال شهر من عدوانها، يصل إلى 136 طفلاً يومياً، بينما كان معدل قتلى الأطفال في حرب أوكرانيا أقل من طفل واحد يومياً. 5. إنَّ أولئك المدافعين عن التوحّش الصهيوني، لا تعنيهم القراءة الموضوعية للأحداث ولأحجام الخسائر والضحايا؛ إذ يذهبون لتبرير المذابح الصهيونية باحتمال وقوع “أخطاء” أثناء مهاجمة قوَّات الاحتلال لمقاتلي حماس وقوى المقاومة، بينما لايطبقون احتمال “الخطأ” ذاته في أثناء اقتحام المقاومة لغلاف غزة يوم 7 أكتوبر، مع ملاحظة أنَّ أيَّ مقارنة موضوعية تصب بشكل كاسح لصالح المقاومة. 6. نحن على ثقة بأنَّ التحقيقات النزيهة والمستقلة، سوف تؤكّد صدق روايتنا وكذب مزاعم الاحتلال، الذي أثبتت كلُّ المعطيات خلال العدوان على غزَّة ممارسته الكذب والخداع والتضليل، بما في ذلك مزاعمه بخصوص استخدام المقاومة للمستشفيات مقرّاً للقيادة وإدارة العمليات العسكرية، ومكاناً لاحتجاز الأسرى، وما حصل في مستشفى الشفاء خير دليل على كذب الاحتلال وزيف مزاعمه، ونحن واثقون من أنَّ أيَّ تحقيق موضوعي مستقل سوف يكون لصالح الرواية الفلسطينية. ثالثاً: نحو تحقيق دولي نزيه: 1. لقد انضمت فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية، ووقّعت على الانضمام لميثاق روما المؤسِّس للمحكمة. وعندما طلبت التحقيق في الجرائم التي ارتُكبت وتُرتكب على أراضيها، واجهت صلفاً إسرائيلياً ورفضاً للخطوة، بل وسعت سلطات الاحتلال لمعاقبة الفلسطينيين على ذلك، والمؤسف أنَّ كبرى الدول التي تتغنّى بشعارات العدالة والتي انحازت للاحتلال في عدوانه الأخير، هي عينها التي حاربت فلسطين وما تزال بسبب انضمامها للمحكمة الجنائية الدولية، لأنَّها تريد لـ”إسرائيل” أن تبقى دولة فوق القانون، وأن يُفلت مسؤولوها من المساءلة والمحاسبة. 2. ومن هنا، فإنَّنا ندعو تلك الدول، ولا سيّما الولايات المتحدة وألمانيا وكندا وبريطانيا، إذا كانت معنية بالعدالة حقاً كما تدّعي، أنْ تعلن عن دعمها لمسار المحكمة للتحقيق في كلّ الجرائم التي اقترفت في فلسطين المحتلة، ولتساعد في مضيّ المحكمة في تحقيقاتها بشكل فعّال. 3. وفي ضوء ما سبق، وبالرَّغم ممَّا يساورنا من شكوك وعدم ثقة للأسباب التي أوضحناها، فإنَّنا ندعو المحكمة الجنائية الدولية، ولا سيّما المدّعي العام وفريقه التحقيقي ولجان التحقيق الأممية المعنية، إلى القدوم بشكل عاجل وفوري إلى فلسطين المحتلة، من أجل التحقيق في الجرائم والانتهاكات كافة، وعدم الاكتفاء بالمراقبة عن بعد والوقوف على أطلال قطاع غزَّة، أو الخضوع للقيود الإسرائيلية. 4. وحين توجّه شعبنا لمحكمة العدل الدولية قبل أقلّ من عام، لاستصدار فتوى بخصوص قانونية استمرار الاحتلال ومسؤولية المجتمع الدولي عن إنهائه، لم تتوانَ الدول الداعمة للاحتلال في رفض الخطوة ومحاربتها. وقبل ذلك، عندما حاول شعبنا مقاضاة مجرمي الحرب من قادة الاحتلال أمام المحاكم المحلية في عدة دول أوروبية، عبر ما يُعرف بالاختصاص القضائي العالمي، أوصدت في وجه شعبنا كلّ الأبواب. 5. إنَّ أحداث 7 أكتوبر يجب أن توضع في سياقها الأوسع، وأن تُستحضر حالات النضال التحرّري من الاستعمار والاحتلال الأجنبي أو الفصل العنصري في العالم في التاريخ المعاصر. فكلّها تجارب تظهر أنَّه بمقدار ما كان هناك اضطهاد من قبل المحتل، فإنَّ ذلك كان يستجلب ردّاً ومقاومة أكثر قوَّة من قبل الشعب الخاضع للاحتلال. وإنَّ استمرار هذا الاحتلال يمثل تهديداً لأمن العالم واستقراره. 6. إنَّ الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة والعالم، بل وحتى في تلك الدّول الدَّاعمة للعدوان الإسرائيلي، تدرك مدى الكذب والخداع الذي تمارسه حكومات تلك الدول في سعيها للبحث عن مبرّرات لتسويغ انحيازها الأعمى للاحتلال وتواطئها مع جرائمه؛ فهذه الدول لا تريد أن تعترف بأنَّ جذر المشكلة وأصل الأزمة هو وجود الاحتلال ومصادرته لحق الشعب الفلسطيني في العيش بحريَّة وكرامة في دولته وعلى أرض وطنه، كما أنَّها لا تريد أن تعترف بحقّ الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه وعن أرضه ومقدساته وحقوقه، ولا تبدي أيَّ اهتمام باستمرار الحصار الجائر على ملايين الفلسطينيين، ولا تعبأ بآلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. 7. إنَّنا نحيّي كل أحرار العالم، من البلدان كافة، ومن جميع الأديان والقوميات والاتجاهات؛ الذين خرجوا في كل عواصم العالم معبّرين عن رفضهم لجرائم الاحتلال ومجازره الوحشية، ومساندين لحقوق شعبنا الفلسطيني في التحرير، انطلاقاً من قناعتهم بأنَّ القضية الفلسطينية قضية حريَّة وعدالة وكرامة إنسانية، في مواجهة احتلال بغيض وسياسة فصل عنصري وتدمير منهجي وإبادة جماعية. رابعاً: تذكير للعالم من هي حماس؟ 1. إنَّ حركة حماس هي حركة تحرّر وطني ذات فكر إسلامي وسطي معتدل، تنبذ التطرّف، وتؤمن بقيم الحقّ والعدل والحريَّة، وتحريم الظلم، كما تؤمن بالحريَّة الدينية والتعايش الإنساني الحضاري، وترفض الإكراه الديني؛ وترفض اضطهاد أيّ إنسان أو الانتقاص من حقوقه على أساس قوميّ أو دينيّ أو طائفيّ. 2. تؤكِّد حماس أنَّ الصراع مع المشروع الصهيوني ليس صراعاً مع اليهود بسبب ديانتهم، وهي لا تخوض صراعاً ضدّ اليهود لكونهم يهوداً؛ وإنَّما تخوض صراعاً ضد الصهاينة لأنَّهم محتلون يعتدون على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا. فقط، وفي المقابل، فإنَّ الصهاينة هم الذين يتبنون دعاوى دينية، ويُصرّون على فرض الطبيعة اليهودية لـ”إسرائيل” بناء على خلفيات دينية وقومية، ويقمعون الشعب الفلسطيني ويحرمونه حقوقه، ويهوّدون أرضه ومقدساته بناء على هذه الدعاوى، فإسرائيل هي الدّولة الوحيدة في العالم التي تقوم على أساس ديني، فتمنح الجنسية لكل يهودي في العالم، وتهجِّر أهل البلاد الأصليين. 3. لقد وقف الشعب الفلسطيني على الدوام ضدّ الاضطهاد والظلم وارتكاب المذابح والمجازر بحقّ المدنيين أياً كان مصدرها وبغض النظر عمَّن يقع ضحيتها. وانطلاقاً من قناعاتنا وقيمنا الدينية والأخلاقية والإنسانية رفضنا ما تعرّض له اليهود من جرائم واضطهاد من قبل ألمانيا النازية…، والمشكلة اليهودية في جوهرها مشكلة أوروبية. أمَّا بيئتنا العربية والإسلامية فكانت عبر التاريخ ملاذاً آمناً لليهود ولكل أصحاب الديانات والقوميات الأخرى، ونموذجاً للتعايش والتفاعل الحضاري والحريَّات الدينية. والصراع الحالي سببه السلوك العدواني الصهيوني المتحالف مع القوى الاستعمارية الغربية. وبالتالي، فإنَّنا نرفض استغلال معاناة اليهود في أوروبا لتبرير قهر شعبنا واحتلال أرضنا واغتصاب حقوقنا وقتل أبنائنا. 4. إنَّ حركة حماس وفق القانون الدّولي والمواثيق والمعاهدات الدولية هي حركة تحرّر وطني، مشروعة الأهداف والغايات والوسائل، تستمد شرعيتها في مقاومة الاحتلال من حقّ شعبها الفلسطيني في الدفاع عن نفسه، وفي السعي للتحرّر وتقرير المصير، وإنهاء الاحتلال والعودة إلى وطنه. وكحركة مقاومة وطنية، حرصت حماس على حصر معركتها ومقاومتها مع الاحتلال الإسرائيلي وعلى الأرض الفلسطينية المحتلة، على الرغم من عدم التزام الاحتلال الصهيوني بذلك، حيث مارس جرائمه بحق شعبنا وحركتنا خارج أرض فلسطين، ومارس عمليات اغتيال بشعة بحقّ الفلسطينيين وغيرهم خارج حدود فلسطين المحتلة. 5. نحن نؤكِّد أن مقاومة الاحتلال بالوسائل كافة، بما في ذلك المقاومة المسلحة، هو حق مشروع كفلته جميع الشرائع والأديان السماوية، وأقرّته القوانين الدولية، من اتفاقيات جنيف وبروتوكولها الإضافي الأول، إلى إعلانات وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومن أبرزها قرار الأمم المتحدة 3236 في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1974، والذي أكّد أيضاً على حق الشعب الفلسطيني في العودة، وفي تقرير المصير. وإن هذ الحق الثابت أكّدته أيضاً الممارسات والقرارات الدولية طوال فترات الاستعمار والاحتلال الأجنبي للكثير من البلدان التي نالت استقلالها في نهاية المطاف. 6. إن شعبنا الفلسطيني الصابر المرابط يخوض الآن معركة دفاع عن النفس والأرض والحقوق الوطنية المشروعة، في مواجهة احتلال استيطاني قمعي هو الأطول والأكثر وحشية، ويتصدّى لعدوان همجي غير مسبوق استهدف الأرض والإنسان وكل أشكال الحياة، ولم يتوان عدونا الظالم خلاله عن ارتكاب المجازر والمذابح الوحشية بحق الأطفال والنساء والشيوخ والآمنين، كما منعَ عن الناس الماء والغذاء والدواء والوقود، وحرمهم من كل أسباب الحياة، وقصف المدارس والجامعات والمساجد والكنائس والمستشفيات وحتى سيارات الإسعاف، ضمن عملية إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم حرب يعاقب عليها القانوني الدولي. وقد حدث ذلك كله على مرأى العالم ومسمعه، دون أن يحرك الدول الكبرى الداعمة للاحتلال لوقف هذا العدوان المستمر والإبادة المتواصلة. 7. إن الاحتجاج الإسرائيلي بذريعة “حق الدفاع عن النفس” في قمعها للشعب الفلسطيني، هي عملية تضليل وكذب وقلب للحقائق. فليس من حق الاحتلال أن يدافع عن احتلاله وجرائمه، وإنما من حق الشعب الفلسطيني أن يقوم بالمقاومة لإجبار الاحتلال على إنهاء احتلاله، ولتحقيق التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني. ونذكّر بأن القانون الدولي، بما في ذلك فتوى محكمة العدل الدولية بخصوص الجدار (2004)، لا تقر بوجود حق لـ”إسرائيل”، باعتبارها القوة المحتلة الغاشمة بما يسمى “الدفاع عن النفس”. وإن العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة الذي ما يزال تحت الاحتلال وفق القانون الدولي، فاقدٌ لمبرراته القانونية والأخلاقية، ولجوهر فكرة الدفاع عن النفس. خامساً: ما هو المطلوب؟ إنَّ الاحتلال هو الاحتلال، مهما تغيّر مسمّاه ووصفه وشكله، بصلفه ووحشيته وسعيه لكسر إرادة الشعوب واضطهادها. وإنَّ سنة الحياة، وتجارب الشعوب في الانعتاق من الاحتلال والاستعمار تؤكّد أنَّ المقاومة هي النهج والاستراتيجية والطريق الوحيد للتحرير وإنهاء الاحتلال، فمتى تحرّر شعب من الاحتلال دون نضال ومقاومة وتضحيات؟ إنَّ الواجب الإنساني والأخلاقي والقانوني يفرض على دول العالم دعم مقاومة الشعب الفلسطيني وحمايتها وليس التواطؤ لسحقها والقضاء عليها، كما يفرض عليها التصدّي لجرائم الاحتلال ووقف عدوانه، وإسناد نضال الشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه وإقامة دولته، وممارسة حقّه في تقرير مصيره، كبقية شعوب العالم. وانطلاقاً من ذلك، فإنَّنا ندعو إلى: 1. وقف العدوان الإسرائيلي فوراً على قطاع غزَّة، والعمل الفوري على وقف الجرائم والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحقّ شعبنا وأطفالنا ونسائنا وشيوخنا، وفتح المعابر، وفك الحصار عن قطاع غزة، وإدخال المساعدات وتوفير كل مستلزمات الإيواء وإعادة الإعمار. 2. العمل على معاقبة الاحتلال الإسرائيلي قانونياً على احتلاله، وكلّ ما ترتّب عليه من معاناة وضحايا وخسائر، والسعي لتدفيع الاحتلال أثمان جرائمه في قتل المدنيين، وأثمان تدميره للبيوت والمستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس والبنى التحيَّة وغيرها. 3. دعم المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي بكل السبل المتاحة، باعتبارها حقّاً مشروعاً وفق القانون الدولي وكل الشرائع والأديان. 4. ندعو دول العالم الحرّ، ولا سيّما الدول والشعوب التي كانت مستعمرة أو محتلة وتدرك تماماً معاناة الشعب الفلسطيني المحتل، وخصوصاً دول الجنوب العالمي، وكل دولة وهيئة ترفض الظلم وتؤمن بالعدالة، إلى أخذ موقف جاد وفعّال ضدّ ازدواجية المعايير التي تمارسها القوى الدَّاعمة للاحتلال الإسرائيلي، وإلى إطلاق حركة عالمية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والتأكيد على العدالة والمساواة وحق الإنسان في الحريَّة والحياة الكريمة. 5. يجب أن تتوقّف القوى الكبرى عن توفير الغطاء للكيان الصهيوني وكأنَّه “دولة فوق القانون”؛ فقد تسبّب هذا السلوك الظالم بإعطاء هذا الكيان على مدى 75 عاماً الضوء الأخضر لممارسة أبشع الجرائم بحقّ الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته. وندعو دول العالم اليوم أكثر من أيّ وقت مضى إلى تحمّل مسؤولياتها بموجب القانون الدولي، إلى الإعمال الفوري والجاد للقرارات الدولية والأممية التي اتخذتها لإنهاء الاحتلال، ونيل الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة في أرضه ومقدساته. 6. رفض أيّ مشاريع دولية وإسرائيلية تسعى لتحديد مستقبل قطاع غزَّة، بما يتناسب مع معايير الاحتلال وبما يكرّس استمراره، والسعي الجاد (بدلاً من ذلك) لإجبار الاحتلال على الانسحاب. وإنَّ الشعب الفلسطيني يملك القدرة والكفاءة في أن يُقرّر مستقبله بنفسه ويرتّب بيته الداخلي بقراره هو، ولا يجوز لأحدٍ أنْ يفرض الوصاية عليه، أو أن يُقرّر بالنيابة عنه. 7. الوقوف في وجه محاولات تهجير فلسطينيي الدَّاخل (فلسطينيي 1948، والضفَّة والقطاع) وتشريده، ومنع إيقاع نكبة جديدة بهم. فلا تهجير لسيناء أو الأردن أو أيّ مكان. وإذا كان ثمَّة انتقال للاجئين؛ فهو العودة إلى بيوتهم ومنازلهم التي أخرجوا منها سنة 1948، والتي تكرّر اتخاذ القرار الدولي بحقهم في ذلك أكثر من 150 مرَّة. 8. مواصلة الضغوط الشعبية عربياً وإسلامياً ودولياً لإنهاء الاحتلال، وتفعيل حركات رفض التطبيع، وحركات مقاطعة البضائع الإسرائيلية ومقاطعة الشركات والمؤسسات التي تدعم الاحتلال. الأحد 21 يناير 2024 |
شبكة البصرة |
الاحد 16 رجب 1445 / 28 كانون الثاني 2024 |
يرجى الاشارة الى
شبكة البصرة
عند اعادة النشر او الاقتباس |