بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 حزب البعث العربي الاشتراكي                        امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة

قيادة قطر العراق المنتخبة                                         وحدة حرية أشتراكية

شبكة البصرة

العدد 49 الصادر في 30 كانون الاول 2023

جريدة أسبوعية تصدر عن حزب البعث العربي الاشتراكي

عدد خاص بالحرب على غزة وذكرى استشهاد القائد صدام حسين

الفهرس

الافتتاحيه: صدام وفلسطين: القضية ورمزها

بيانات الحزب

1- بيان قيادة قطر العراق حول الوضع في العراق

2- بيان قيادة قطر العراق في ذكرى استشهاد القائد صدام حسين

 

مقالات

اولا: مقالات عن الحرب على غزة

1- بالنسبة الى الفلسطينيين اليوم التالي يبدأ بخطة انهاء الاحتلال الاسرائيلي بقلم زها حسن

2- حصاد سياسة بايدن الخارجية الفشل الاستراتيجي بقلم دانييل لاريسون

3- كيف حولت اسرائيل غزة إلى مختبر لأسلحتها؟ اسراء سيد

4- إذا انتصرت إسرائيل… إذا انتصرت حماس! بقلم حازم صاغية

5- هل ستتحرك المحاكم الدولية لمقاضاة إسرائيل على جرائمها بقلم زياد ماجد

6- رسالة الى القيادي في حركة حماس أسامة حمدان

7- هل هذا معقول يا حماس؟ بقلم الدكتور أحمد عبد العزيز

8- هزيمة قوات النخبة الإسرائيلية بقلم ريتشارد كيمب عقيد بريطاني متقاعد

9- مجاملات ونفاق السياسة! بقلم ابو حمزة فلسطين المحتلة

10- في اليوم 81 من الطوفان بقلم الرفيق ابو حمزه فلسطين المحتلة

11- عمر أبو زيد شهيدا بقلم الرفيق ابو حمزه فلسطين المحتلة

12- إيران توسع مستعمراتها على أنقاض غزة بقلم خالد البواب

 

ثانيا مقالات في ذكرى استشهاد القائد صدام حسين

1- صدام حسين يستشهد في بغداد ويبعث في فلسطين بقلم دكتور اكرم الجبوري

2- لسنا قليلي الوفاء بقلم الرفيق ابو حمزه فلسطين المحتلة

3- تفتقدك فلسطين الصامدة بقلم اسماعيل ابو البندوره

4- في الذكرى 17 لاستشهاد القائد صدام حسين بقلم الرفيق أبو هنيدة فلسطين المحتلة

 

شعر المعركة

1- الحق اعلى من ضجيج الحاملات شعر دكتور أحمد قايد الصايدي

2- صدام حسين في ذكراه شعر رياض ابراهيم عبيد

نص منثور

رسائل النجم الطارق بقلم صلاح المختار

 

الافتتاحيه: صدام وفلسطين: القضية ورمزها

تحل اليوم ذكرى استشهاد القائد التاريخي صدام حسين بقرار أمريكي وتنفيذ ايراني، ورغم أن المخطط كان إنهاء سيرة صدام حسين الا ان تلك العملية تحولت إلى عملية تخليد له لازمان قادمة تمتد لالاف السنين، حيث أصبح صدام حسين رمزا واسطورة اضيفت الى أساطير بلاد الرافدين وبقية الأمة العربية، والتي نقرأ عنها في المدارس والكتب، مثلما تحتل الموقع الاول في وعي عامة الناس، وابرز الشواهد على صحة هذه الحقيقة هي انه ورغم مرور 17 عاما على استشهاده فان صدام حسين مازال ينبض بقوة في ذاكرة الناس، وعودته المطلب الأول لهم وهم يعيشون الكوارث غير المسبوقة في العراق وفلسطين واليمن وسوريا وليبيا، ويواجهون الفتن القاتلة في لبنان وبقية الأقطار العربية، فالجماهير مازالت تهتف باسم صدام كأنه حي يقودها الآن في صراعها مع اعداء الامه الممثلين في ثلاثي الشر: امريكا واسرائيل وايران.

كان صدام حسين طوال عمر نضاله يمثل أنموذج البطولة التاريخية والذي لا يتكرر إلا كل بضعة قرون، ولهذا كان الغرب والصهيونية وايران حريصون كل الحرص على استئصال هذا النموذج ومحاولة شيطنته بكل الطرق والوسائل، وكان الإعدام أخطر تلك الوسائل ولكن النتائج كانت غير ما خططوا اصلا، فاغتيال الشهيد صدام حسين حوله من قائد ميداني عظيم الى رمز خالد يحرك ضمائر الملايين ويزرع الوعي في النفوس ويغرس بديهية التحرر وهي أن النضال هو الخيار الوحيد في مواجهة الغزو والاعداء.

فتحيه للقائد الشهيد صدام حسين والذي يجمعه قاسم مشترك مع شعب فلسطين اضافة الكثير من القواسم الاخرى وهو الصمود وتحمل التضحيات خارج القدرة البشرية على التحمل، فما نراه في غزة الأن من صمود اسطوري رأيناه قبل 17 عاما في البطولة الأسطورية لصدام وهو يدخل جنة الخلود مستشهدا.

هيئة تحرير البعث

 

بيانات الحزب

1- بيان قيادة قطر العراق حول حالة العراق

حزب البعث العربي الإشتراكي        أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة  

قيادة قطرالعراق المنتخبة       وحد ة حرية أشتراكية

انقاذ العراق لايتم الا بوحدة القوى الوطنية

بعد أكثر من عقدين على الاحتلال الامريكي الايراني نرى العراق يزداد تدهورا ويسير من سيء الى اسوء، والكارثة تفرخ عدة كوارث، وكل ذلك يجري تنفيذا حرفيا للمخطط الامريكي-الصهيوني-الايراني الموضوع قبل غزو العراق، فبعد ان نجحت القوات الامريكية، بمساعدة رسمية من ايران وميليشياتها، في تدمير الجيش والقوى الامنية ومؤسسات الدولة، الضامنة للخدمات وحماية المواطن وامنه وصحته وغذائه، ادخل العراق في دوامات تغيير هويته الوطنية المعروفه عبر تاريخ عمره اكثر من 8000 عام، فبالاضافة لتدمير التعليم وجعله اداة زرع الخرافات وكل انحراف فكري ونفسي ووطني، والنشر المنظم للمخدرات وصل الى حد تعاطيها حتى من قبل الاطفال! وتشجيع الشذوذ الجنسي، المقرون بالتجويع المنظم

.ومن اخطر مظاهر تدمير العراق وبعد منح الجنسية العراقيه لاكثر من خمسة ملايين من الايرانيين والافغان والباكستانيين والهنود والاكراد غير العراقيين، صدر قرار بتزويج مليون أمراة فارسية من عراقيين واعتبارهم جزءا من النسيج العراقي، مع ما يترتب على ذلك من ولادة ملايين الاطفال الجدد تربيتهم ايرانية حاقدة على العرب مع كل ما يعنيه ذلك من نتائج معنوية ونفسية وفكرية على هوية العراق، الى ذلك فان اقتصاد العراق دمر وتنهب يوميا مليارات الدولارات وتذهب لايران لتمويل غزوها الاستعماري للاقطار العربية، وما زاد الكارثة خطورة هو تجفيف نهري الفرات ودجلة عمدا وتلويث المياه المتبقية فانهارت الزراعة تماما وسرقت او دمرت المصانع، فهل يمكن للعراق بعد كل هذه الخطوات المبرمجة ان لانرى انها مقدمات لتقسيمه؟

ان العراق يدخل مرحلة تقسيمه سواء بصوره رسمية او فعلية، وهذا ما يجري تحت شعار الاقليم السني والذي هو جزء أصيل من المخطط الامريكي الاسرائيلي لتحقيق هدفين مترابطين اولهما تقسيم العراق والثاني هو توطين ملايين الفلسطينيين في غرب العراق، وهذا يكمل العمل لفصل شمال العراق وجنوبه.

ان هذه التحديات المصيرية تتطلب قبل كل شيء وجود حركه وطنية موحدة في اطار جبهة شعبية تضم كافة القوى السياسية المناهضة للاحتلال والشخصيات البارزة تقود نضال الشعب لاحباط مخطط افناء العراق وانقاذه من هذه الكوارث. لقد اثبتت التجربة المرة خلال عقدين من الاحتلال ان عدم وجود قيادة مركزية توحد طاقات كل العراقيين يعد العامل المساعد الاهم على تكريس الاحتلال الامريكي - الايراني المشترك للعراق.وهذا الواقع الكارثي يفرض اعتبار القيام بخطوات سريعة ومدروسة لانشاء الجبهة الوطنية الشاملة خطوة لامفر منها.

ان المطلوب وبدون اي تأخير هو احباط مخطط تقسيم وانهاء العراق وخطوته الاولى هي توحيد القوى الوطنية، وعندها فقط يمكن للعراق النهوض بقوة ودحر كافة المخططات المعادية والاسهام في النضال العربي المشترك من اجل انقاذ الامة العربية.

قيادة قطر العراق المنتخبة في 29-12-2023

 

2- بيان قيادة قطر العراق حول ذكرى استشهاد القائد صدام حسين

حزب البعث العربي الإشتراكي       أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة  

 قيادة قطرالعراق المنتخبة                  وحد ة حرية أشتراكية

في ذكرى استشهاد صدام حسين نجدد العزم على تحرير العراق

يا جماهير شعبنا العربي العظيم

في مثل هذا اليوم من عام 2006 تم اغتيال القائد التاريخي العظيم صدام حسين وكان ذلك متوقعا دون شك، لان عملية الاغتيال خطوة مرسومة سلفا من اجل تحقيق السيطرة المزدوجة الامريكية الايرانية على العراق، والقضاء على مقاومته المسلحة، والتي سجل التاريخ انها كانت اسرع واوسع واعظم مقاومة مسلحة في تاريخ البشرية حتى ذلك التاريخ، وقد اكدت كل الاحداث اللاحقة ان عملية الاغتيال كانت مقدمة لخطوات كارثية لم يشهد لها العراق مثيل منذ قرون، فقد دمرت الدولة تدميرا شاملا، واعيد تركيبها بصورة سرطانية تفضي الى المزيد من الخراب والدمار في العراق، وهذا ما نشهده الان في عراق تحول الى مستنقع للفساد والانحرافات والشذوذ الجنسي، واعادة الامية بصورة اشنع من فترة ما قبل محوها بحملة وطنية عظمى، بعد تدمير المؤسسات التعليمية، ولعب منح الجنسية العراقية لاكثر من خمسة اجنبي دورا رئيسا في نشر الخرافات والممارسات الشاذة عن السلوك الطبيعي للبشر، وكان التعاون الامريكي الايراني مستمرا ودائما لا تؤثر فيه الاختلافات بينهما لان القاسم المشترك الذي يربطهما هو محو العراق التاريخي المعروف واقامة كيانات هزيلة على انقاضه، كما اثبتت الوقائع وكشفت كل الوثائق الامريكيه والصهيونيه والايرانيه.

ونحن نعيش هذه الذكرى، ببيئة هي الاشد قسوة على الامة حيث تذبح فلسطين مجددا الى جانب عملية ذبح العراق وسوريا واليمن وليبيا واستنزاف بقية الاقطار العربية بالفتن الطائفية التي اشعلتها ايران بدعم تام ومباشر من امريكا واسرائيل، نؤكد في هذه المناسبه على ان الانقاذ لن يكون ممكنا الا بالكفاح المتواصل بمختلف مستوياته وسنامه المقاومة المسلحة، فالانقاذ الذي يأمل البعض ان يتم على يد نفس الذي غزا العراق ودمره لن يكون الا تطبيقا حرفيا للاهداف الحقيقيه لغزو العراق في عام 2003، ولكن ما تريده امريكا هو اذلال وقتل اعظم مفاخر العراق والامة العربية بان يخضع لها من قاومها والحق بها هزيمة استنفدت قدراتها المادية والمعنوية ومهدت لزوال عصرها بعد ان عراها امام العالم الذي شاهدها عاجزة عن الصمود، وهي المقاومة العراقية الباسلة، وهذه الردة التي تريد امريكا من البعض الاقدام عليها ستكون عارا تاريخيا لا يمحى يطبع في جباهه.

إن ما تركه صدام حسين من إرث جهادي عظيم ومفاخر الصمود والبطولة اللامتناهية هي التي تحكمت وستبقى تتحكم في مواقف كل احرار الامة العربية، والتي نراها الآن تتكرر في فلسطين في الحرب على غزة حيث ان شعبنا العربي الفلسطيني يظهر صمودا اسطوريا يشابه الصمود الاسطوري والبطولة فريدة لصدام حسين وهو يواجه الموت، وكل ذلك عبارة عن دروس لنا وللاجيال القادمه من اجل ان تكون أمتنا سائرة على الطريق الصحيح، طريق النضال والصمود والتضحيات ورفض المساومات على المصالح الوطنية والقومية، فالصورة السوداء الحالية لن تستمر وبدأت تتفكك الآن على المستوى الامريكي والاسرائيلي والصهيوني كله، والعالم كله ينتفض ضد امريكا واسرائيل، ولذلك فإننا نؤكد بأن الاستسلام للحل الأمريكي هو في حد ذاته خيانة لا يمكن تفسيرها أو تبريرها بأي حجة كانت.

لتبقى ذكرى اغتيال الشهيد صدام حسين محفزا لكل جماهيرنا من اجل تحرير العراق وفلسطين وسوريا واليمن وليبيا من الكوارث التي تعيشها والدفع باتجاه إنقاذ الاقطار العربية الاخرى من الفتن والأزمات الخانقة التي تعاني منها.

المجد والخلود للقائد الشهيد صدام حسين وكل شهداء العراق وفلسطين وبقية شهداء الامه العربيه من المحيط الى الخليج

قيادة قطر العراق المنتخبة في 30-12-2023

 

مقالات

اولا: الحرب على غزة:

1- بالنسبةِ إلى الفلسطينيين، “اليومُ التالي” يَبدَأُ بخطّةٍ لإنهاءِ الاحتلالِ الإسرائيلي زَها حَسَن*

ديسمبر 27

وإلى أن يُصبِحَ المجتمع الدولي مُستَعِدًّا لسدِّ الفجوة بين الخطط الإسرائيلية والفلسطينية في ما يتصل بمستقبل غزة، فإنَّ مفاوضات اليوم التالي لن تؤدّي إلّا إلى صرف الانتباه عن إنهاء القصف والأزمة الإنسانية المُلحّة الآن.

محمد اشتية: يتعين على الرئيس الأميركي جو بايدن اتخاذ بعض الخطوات الهادفة التي لا يُمكِنُ عكسها بسهولة من قبل إدارة أخرى.

مع دخول القصف الإسرائيلي لغزة شهره الثالث وعدم ظهور وقفٍ دائم لإطلاق النار في الأفق، يواصلُ صُنّاعُ القرار السياسي في الولايات المتحدة وإسرائيل مُناقشة "اليوم التالي" في غزة نظريًّا. بالنسبة إلى العديد من الفلسطينيين، فإنَّ مثل هذا الحديث يُعتَبَرُ أمرًا غير إنساني ويبدو قاسيًا مع استمرار ارتفاع عدد القتلى. حتى الآن، قُتِلَ أكثر من 20 ألف فلسطيني، 40 في المئة منهم من الأطفال، في حين لا يزال مصير حوالي 7,000 شخص في عداد المفقودين.

عند النظرِ في كيفيّةِ دَعمِ مُستقبلٍ أفضلٍ لغزة –وللفلسطينيين والإسرائيليين بشكلٍ عام– فإنَّ صناعّ السياسات الأميركيين والإسرائيليين والفلسطينيين وغيرهم من العرب أمامهم مهمّة شاقة. وبقدر ما يكون الأمرُ مستحيلًا بدون التوصلِ إلى وَقفٍ دائمٍ لإطلاق النار، يجب عليهم تقييم حجم وتأثير الدمار في غزة، والاحتياجات القصيرة والطويلة الأجل للفلسطينيين الذين ما زالوا مُعَرَّضين لخطرٍ كبير للتهجير الدائم الكامل أو الجزئي، والاستعداد للنزوح الدائم، وقدرة السلطة الفلسطينية على تولّي الحكم في غزة. ويجب عليهم إجراء هذه التقييمات حتى مع إشارة إسرائيل إلى أنها ستواصل حملتها العسكرية بشكلٍ ما لأشهرٍ أخرى، وربما تبقى في غزة إلى أجلٍ غير مُسَمَّى.

بالاعتماد على مقابلة حصرية مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية ومحادثات ومناقشات مع أصحاب المصلحة الرئيسيين الآخرين، يعرض هذا المقال بعضًا من أهم الأسئلة التي يجب (لكن، في الوقت الحالي، لا يمكن) الإجابة عنها بينما يناقش صنّاع السياسات سيناريوهات اليوم التالي. وتشمل الأسئلة الأكثر إرباكًا مدى صلاحية غزة للسكن في المستقبل؛ والاحتياجات العاجلة والطويلة الأجل التي لا تعد ولا تحصى لـ 2.3 مليوني فلسطيني يعيشون هناك؛ وحكم غزة خلال أي فترة انتقالية وبمجرّد التوصل إلى حلٍّ سياسي دائم.

إعتباراتٌ لليوم التالي

صلاحية غزة للسكن والبنية التحتية فيها: عند مناقشة سيناريوهات اليوم التالي لغزة، يَفتَرِضُ صنّاعُ السياسات أنَّ القطاع سيكون صالحًا للسكن بعد التوصّل إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار. هذا ليس صحيحًا. كانت الأمم المتحدة قرّرت بالفعل أنَّ غزة سوف تكون غير صالحة للسكن البشري بحلول العام 2020. ومن الواضح أن هذا التقييم لم يتحسَّن بعد أن حَوَّلت حملة القصف الإسرائيلية الأمور في غزة من وخيمة إلى "مُرَوِّعة". لقد تمّ إسقاط أكثر من 29 ألف قنبلة على غزة، وهي منطقة تبلغ مساحتها ضعف مساحة واشنطن العاصمة. وهذا يعادل وزن قنبلتين نوويتين، ما تسبّبَ في مستويات من الدمار لم يشهدها العالم منذ حملات القصف الشامل التي استمرت طوال عام في الحرب العالمية الثانية. السمومُ المُنطلقة من المتفجرات المُستَهلَكة، ومواد البناء المسحوقة في غزة، والفوسفور الأبيض الذي أكدت تقارير عدة أن إسرائيل استخدمته في المناطق المدنية، تُشَكّلُ خطرًا على صحة الإنسان وسوف تستغرق مواجهة الوضع ومعالجته وقتًا طويلًا للسماح بالسكن الآمن في بعض أجزاء من القطاع، وفقًا لخبير دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام. ماذا سيعني ذلك بالنسبة إلى التربة الأرضية في غزة والقدرة على زراعة الغذاء –واقتصاد القطاع، حيث تمثل الزراعة 85 في المئة من صادرات غزة وتوفر ما يقرب من 30 ألف فرصة عمل رسمية بينما تبلغ نسبة البطالة حوالي 45 في المئة؟ كيف سيؤثّرُ تسرّبُ السموم إلى طبقة المياه الجوفية تحت غزة في الجهود الجارية لإعادة تأهيل مصدر المياه العذبة الوحيد في القطاع؟ وكيف سيؤثر إغراقُ إسرائيل لشبكة أنفاق غزة بالمياه لاستئصال "حماس" في الاستخدام المستقبلي لطبقة المياه الجوفية؟

إنَّ إزالةَ الأنقاضِ التي خَلَّفها القصف والتفجيرات والتخلّصَ منها سيُشَكّلان في حدِّ ذاتهما مهمّة ضخمة، وما يزيد من صعوبة ذلك حقيقة أن معظم معدات الحفر التابعة للدفاع المدني في غزة قد تم تدميرها. وسيتعيَّن شراءُ معدّاتٍ جديدة ونقلها إلى غزة. كيف سيتم تمويل ذلك؟ وكيف سيتم تنسيق دخول مثل هذه المعدات مع إسرائيل عندما يتردد المسؤولون فيها في فتح المزيد من نقاط الدخول للمساعدات الإنسانية والمواد الغذائية التي تشتدُّ الحاجة إليها؟

أما بالنسبة إلى البنية التحتية المدنية في غزة، فليس من الواضح حتى الآن حجم الضرر الذي لحق بها. واتهم مسؤولون في الأمم المتحدة إسرائيل باستخدام المياه كسلاح حرب، لكن حجم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمياه ومعالجة مياه الصرف الصحي في غزة لم يَتَّضح بعد. وقد تم استهداف محطات الكهرباء والخزانات وبعض أبراج المياه ومحطات معالجة المياه. كما تعرّضَ بعض معدات الاتصالات، مثل أبراج الاتصالات وكابلات الألياف الضوئية، للتدمير أو التلف أثناء جولات القصف.

أما بالنسبة إلى قطاع الرعاية الصحية، وفقًا لمقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الصحة، فإنَّ البنية التحتية "تم طمسها بالكامل". وقد تأثرت أكثر من خمسين منشأة للرعاية الصحية بسبب القصف الإسرائيلي، في حين قُتل ما يقرب من 600 من الأطباء والعاملين في مجال الرعاية الصحية. وهذا سيشكل تحديًا لقدرة القطاع على علاج أكثر من 50,000 جريح، سيحتاج الكثير منهم إلى رعاية طويلة الأمد والذين سيواجهون مشاكل في الحركة بسبب فقدان أطرافهم. ومع وجود عدد كبير من الآباء بين القتلى، ستكون هناك حاجة أيضًا إلى مرافق لرعاية الأطفال الأيتام والجرحى وتزويدهم بالرعاية النفسية والاجتماعية. كما سيحتاج مئات الآلاف من المدنيين المصابين بصدمات نفسية إلى رعاية متخصصة بعد أن نجوا لأكثر من ثلاثة أشهر من القصف والحرمان المُتَعَمَّد من الغذاء والماء والمأوى.

المُتَطَلَّبات الإنسانية الأساسية، وتهجيرُ الفلسطينيين، وقطاع غزة المُتَقَلِّص: إنَّ الحصارَ الإسرائيلي الصارم على غزة وحرمانها من الغذاء والماء والإمدادات اللازمة للحفاظ على حياة الإنسان ستكونُ له أيضًا آثارٌ طويلة المدى على الناجين في غزة. في الوقت الحالي في الجُزءِ الجنوبي من غزة، حيث صدرت تعليمات للفلسطينيين بالفرار وحيث تم تهجير 85 في المئة من سكان غزة، أفاد برنامج الأغذية العالمي أن 56 في المئة من السكان يعانون من مستويات حادة من الجوع، وأكثر من 90 في المئة يعانون من عدم كفاية استهلاك الغذاء. لقد أدى القصف الإسرائيلي المستمر إلى شلِّ قدرة غزة على إنتاج الغذاء: على سبيل المثال، تم تدمير العديد من المخابز. وحتى قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر)، كان السكان يعتمدون إلى حدٍّ كبيرٍ على المساعدات الإنسانية وسيكونون في حاجة أكبر إلى المساعدات لبعض الوقت. وستكون هناك حاجةٌ أيضًا إلى توصيل المياه وتوزيعها من خارج غزة في المستقبل المنظور لتلبية الاحتياجات. ويستهلك الفلسطينيون في غزة حاليًا ليترَين فقط من المياه يوميًا، وهو أقل بكثير من 15 ليترًا اللازمة لبقاء الإنسان على قيد الحياة، ما يجبرهم على استهلاك المياه غير النقيّة والأطعمة النيئة أو غير القابلة للهضم. وهذه الحقيقة، إلى جانب سوء الصرف الصحي، من شأنها أن تؤدي إلى تسريع ما يسميه منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة "الصيغة النموذجية للأوبئة وكارثة الصحة العامة" مع آثارٍ مُحتَمَلة طويلة المدى على سكان غزة.

وبقدرِ ما يتمكّنُ السكان الفلسطينيون من البقاء في غزة في ظلِّ هذه الظروف غير الإنسانية وغير الصحّية، فسوف يحتاجون إلى مأوى أفضل مع حلول فصل الشتاء. ويجب إنشاء مساكن مؤقتة، وتوفير المرافق الأساسية والرعاية الصحية والتعليم وغيرها من المساعدات الإنسانية، إلى أن يتمَّ التوصل إلى حلولٍ طويلة الأمد. وكانت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) تُقدّم الخدمات الاجتماعية والإغاثة الإنسانية لما يتراوح بين 60 إلى 80 في المئة من السكان في القطاع قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر)، كما كانت تُقدّمُ على مدى أكثر من سبعة عقود خدمات التعليم الابتدائي والثانوي والرعاية الصحية الأوَّلية للفلسطينيين في غزة (قدمت الوكالة خدماتها لأكثر من ربع مليون طالب وطالبة وقدمت الفحص الصحي لنحو 1.5 مليون لاجئ مسجل). ومع ذلك، ومع مقتل وإصابة العديد من موظفيها المحليين أو بدون مأوى، ومع دعوة بعض المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين إلى تفكيك وإزالة الأونروا أو وقف تمويلها، فإنه ليس من الواضح ما إذا كانت الأونروا قادرة على القيام بدورٍ مُوَسَّعٍ أو ما إذا كانت ستبقى على قيد الحياة كوكالة تابعة للأمم المتحدة. ولا تستطيع أي منظمة أن تتدخّلَ بسهولة لتولي ولاية الأونروا، وقد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن معارضته للفكرة القائلة بأنَّ قوةَ حفظِ سلامٍ تابعة للأمم المتحدة ستوفر الأمن أو الوجود الوقائي في غزة خلال الفترة ما بين نهاية القصف وحلول الحكم الفلسطيني.

وحتى إذا تمَّ العثورُ على إجاباتٍ للاحتياجات الأساسية لأكثر من مليوني فلسطيني في غزة -المأوى والغذاء والرعاية الطبية والعلاج البيئي والحماية المؤقتة، من بين أمور أخرى- فكيف سيتم تعليم شباب غزة (نصف السكان) مع تضرّر أو تدمير الكثير من المدارس والجامعات والمساجد والكنائس؟

لا يمكنُ استبعاد احتمال أن تنوي إسرائيل تهجير بعض أو كل السكان قسرًا خارج غزة، وفقًا للمُفوَّض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي. يعيش حوالي 1.8 مليون شخص في جنوب غزة في ظروفٍ مُزرية. إن نصف الفلسطينيين في غزة يتضوَّرون جوعاً بالفعل، واليأس بدأ يتسلّل إليهم. وفي الأيام القليلة الأولى من الهجوم الإسرائيلي على غزة، اقترحت إسرائيل نقل الفلسطينيين إلى مصر مؤقتًا ـ-رُغمَ أنَّ المسؤولين المصريين والأميركيين كانوا يخشون أن يُصبِحَ التهجيرُ القسري دائمًا. وفي الواقع، أوصى تقريرٌ مُسَرَّبٌ لوزارة المخابرات الإسرائيلية بتاريخ 13 تشرين الأول (أكتوبر) ببناءِ مدنٍ دائمة للفلسطينيين في مصر. إذا تمَّ تهجيرُ الفلسطينيين بسبب ظروفٍ بائسة وغير إنسانية من صنع إسرائيل، فهل سيتم السماح للسكان بالعودة؟ أم سيتم تجريدهم من ممتلكاتهم بشكلٍ دائم، وبعضهم للمرة الثانية أو الثالثة في حياته؟

إفتراضاتُ التشغيل لأيِّ يومٍ بعد ذلك

على الرُغمِ من أنَّ قائمة الأشياء المجهولة طويلة جدًا بحيث لا يمكن وضعها في التخطيط المستنير للمستقبل، وعلى الرُغم من أنَّ الوضعَ لا يزال مُتَقَلّبًا للغاية، إلّا أنه يمكن وضع بعض الافتراضات في الوقت الحالي.

إسرائيل: أوَّلًا، سوف يصرُّ الزعماء السياسيون الإسرائيليون، سواء في الحكومة أو في المعارضة، على الحفاظ على سيطرةٍ أمنية مفتوحة على كامل قطاع غزة. كما يعتزمون ضمَّ جُزءٍ غير مُحَدَّد أو غير معروف من غزة بشكلٍ فعال لإنشاء منطقة عازلة. إنهم يعارضون عودة حكم "حماس" أو عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، ويعارضون وجود الأمم المتحدة في غزة، حتى ولو كانت قوة انتقالية للحفاظ على النظام العام، على الرُغم من أنه قد يكون هناك استعدادٌ للتسامح مع وجود قوة دولية في المنطقة العازلة. ومن الواضح أن إسرائيل ستدعم قوة إقليمية داخل غزة لتنسيق الفترة الانتقالية لأغراضِ إعادة الإعمار.

وقد نشر يائير لابيد، العضو الأكثر ليبرالية في أحزاب المعارضة في إسرائيل، على صفحته على فايسبوك رؤية سياسية تم إعدادها، كما يقول، عقب مائدة مستديرة ضمّت مسؤولين إسرائيليين وأميركيين. ويدعو القرار إلى إسناد الإدارة المدنية لغزة بشكلٍ مؤقت في المرحلة الأولى إلى فريق دولي بقيادة الولايات المتحدة بمشاركة دول عربية مختارة وعناصر محلية في القطاع غير مرتبطة ب"حماس". وسيشارك الفريق في الإدارة وإعادة الإعمار والمساعدة الإنسانية وسيقوم بإنشاء هيئة لتحل محل وكالة الأونروا. وبالنظر إلى الدعم الأميركي والدولي للسلطة الفلسطينية لتولّي الحكم في غزة في مرحلةٍ انتقالية وبشكلٍ دائم، فإنَّ التدخّلَ الدولي الساحق بقيادة الولايات المتحدة سيكون مطلوبًا للتصدّي للدوافع الإسرائيلية التي من شأنها أن تسجن السكان الفلسطينيين في نسخة مُعَدَّلة من السبعة عشر عامًا من الحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.

الدول الإقليمية: ثانيًا، إستثمرت الدول العربية المجاورة لإسرائيل والأراضي المحتلة بشكلٍ كبير لرؤية نهاية الأعمال العدائية والتوصّل إلى حل سياسي. وقد أشارت مصر والأردن إلى أنهما لن تقبلا تهجير فلسطيني واحد من غزة أو الضفة الغربية إلى أراضيهما السيادية. كما أشارا إلى أنهما لن يشاركا بشكل فردي أو جماعي مع الآخرين في إدارة غزة. وفي حين أن الدول العربية لديها مصلحة في قيادة الحوار بشأن مصير غزة والحل السياسي النهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين بسبب كيفية تأثير الأعمال العدائية على أمنها القومي، فإنها تُعارض أي خطة تتضمّن تحمّلها المسؤولية عن غزة أو الضفة الغربية أو مصير الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

مواقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي: يَتَّفِقُ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إلى حدٍّ كبير حول تصوّرهما لغزة. إنهما لا يدعمان قيام إسرائيل بتهجير الفلسطينيين قسرًا من غزة، أو تقليص مساحة غزة، أو إعادة احتلال إسرائيل للقطاع. ومع ذلك، لم يُشِر أيٌّ منهما إلى النفوذ الذي قد يكونان على استعداد لاستخدامه لمنع إسرائيل من اتخاذ مثل هذه الخطوات. وقد أشار كلاهما أيضًا إلى دعمهما لنسخة "مُعَزَّزة" أو "مُعاد تنشيطها" من السلطة الفلسطينية لتولي الحكم في غزة. واقترح بوريل أنَّ شرعية السلطة الفلسطينية "سيتم تحديدها والبت فيها من قبل مجلس الأمن الدولي". وتفترض خططهما دورًا للدول العربية، وخصوصًا تلك التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، من خلال استخدام نفوذها لدى إسرائيل للضغط من أجل إذعانها لقيام دولة فلسطينية.

موقف السلطة الفلسطينية بالنسبة إلى اليوم التالي

نظرًا إلى هذه الافتراضات بشأن إسرائيل والمنطقة وأصحاب المصلحة المؤثرين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فإنَّ الكثير يتوقف على السلطة الفلسطينية وما ستفعله أو لا تفعله في غزة بمجرّد التوصّلِ إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار. وقد أشارت السلطة الفلسطينية إلى أنها لن تتحمّلَ المسؤولية عن القطاع ما لم تكن جُزءًا من حلٍّ سياسي يُنهي الاحتلالَ الذي بدأ في العام 1967. وبعيدًا من ذلك، لا يُعرَفُ الكثير عمّا ستُطالب به السلطة الفلسطينية في مقابل مشاركتها في الترتيبات المؤقتة بخصوص غزة. ما الذي تحتاج إليه منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية قبل أن تفكر في فكرة الحكم في غزة؟ كيف يمكن تحقيق سلطة فلسطينية أكثر مصداقية من دون إجراء انتخابات أو حتى تصبح الانتخابات ممكنة؟ أجاب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية عن هذه الأسئلة في سلسلة مقابلات أجريته معه في الأسبوع الفائت.

حول موقف السلطة الفلسطينية بالنسبة إلى اليوم التالي، قال رئيس الوزراء: "اليوم هو اليوم التالي"، مُوَضّحًا أنَّ العنفَ المتوسط إلى العالي يهدد بالتحوّل إلى وضع راهن جديد ما لم يتم بذل جهود جدية نحو حلٍّ سياسي الآن. ومن ثم، فمن وجهة نظره، فإنَّ اليوم التالي يجب أن يكون اليوم التالي لخطة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وليس اليوم التالي لقرار إسرائيل السماح بالإدارة الفلسطينية في غزة. وقال إنه لا توجد حاجة إلى آلية انتقالية لإدارة غزة من قبل الأمم المتحدة أو قوة متعددة الأطراف.

على الرُغمِ من الانقسام السياسي بين السلطة الفلسطينية و"حماس" بعد سيطرة الأخيرة على القطاع في العام 2007، واصلت السلطة الفلسطينية مسؤوليتها عن الفلسطينيين هناك. حتى 7 تشرين الأول (أكتوبر)، كانت السلطة الفلسطينية تُنفقُ ثلث موازنتها في غزة. وكانت تدفع تكاليف المياه والكهرباء التي توفّرها إسرائيل ورواتب 37 ألف موظف مدني فلسطيني، بما في ذلك 19 ألف ضابط ورجل شرطة تم استبدالهم من قبل حماس" بعد أن استولت الحركة الإسلامية على الحكم. كما واصلت السلطة الفلسطينية الاحتفاظ بحكومة ظل في غزة تضم وزارات الزراعة والشؤون الاجتماعية والاقتصاد الوطني والداخلية والتعليم العالي. كما قامت بإدارة وسائل الإعلام الرسمية في غزة، وأشرفت على المناطق الصناعية وصندوق تطوير وإقراض البلديات، وهو منشأة مانحة. وأشار اشتية إلى أن حكومته التي تتخذ من رام الله مقرًا لها تضم خمسة وزراء من غزة (ثلاثة منهم موجودون حاليًا في غزة).

وأكّدَ اشتية أنَّ السلطة الفلسطينية لن تقبلَ أيَّ اتفاقٍ مؤقت أو انتقالي تتولى فيه إدارة غزة، لأنَّ مثل هذه الاتفاقيات السابقة -اتفاقات أوسلو على وجه الخصوص- كانت بمثابةِ فَخٍّ للفلسطينيين. إن الوضع في الضفة الغربية يتدهور بسرعة بسبب التوغّلات العسكرية الإسرائيلية شبه اليومية والاعتقالات الجماعية: فقد اعتقلت إسرائيل ما لا يقل عن 3,000 فلسطيني في الضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر). ونتيجةً لذلك، فإنَّ السلطة الفلسطينية بالكاد تتمسّك بالأربعين في المئة من الضفة الغربية حيث تتمتع ببعض السلطة. وقال اشتية إن هناك حاجة إلى اتفاق شامل لإنهاء الحكم الإسرائيلي وحلّ جميع القضايا العالقة، بينما لا تزال فلسطين موضع تركيز دولي.

سوف تحتاج السلطة الفلسطينية أيضًا إلى التزامات، بما في ذلك من الولايات المتحدة، حول الشكل الدقيق للطريق نحو إنهاء الاحتلال وكيف تنوي الولايات المتحدة العمل لتحقيق هذا الهدف. ومن وجهة نظر اشتية، يتعين على الرئيس الأميركي جو بايدن اتخاذ بعض الخطوات الهادفة التي لا يُمكِنُ عكسها بسهولة من قبل إدارة أخرى، بما في ذلك دعم قبول فلسطين في الأمم المتحدة والاعتراف بدولة فلسطين. إن الاعترافَ السياسي يعني إنهاء معاملة الولايات المتحدة لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها منظمة إرهابية، وهو أمرٌ يمكن لبايدن أن يفعله في ظل سلطته التنفيذية. وتريد السلطة الفلسطينية أيضًا أن تستخدم الولايات المتحدة وأصحاب المصلحة الآخرين نفوذهم لمعالجة إنهاء التشرذم الجغرافي للمجتمعات الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة وفي ما بينها وإزالة القيود التي تفرضها إسرائيل على حركة ووصول الفلسطينيين. وأي محاولة لحكم غزة والضفة الغربية من دون هذا الاتصال والتواصل من شأنها أن تضمن فشل السلطة الفلسطينية.

وبقدر ما ستكون هناك حاجة إلى ترتيباتٍ انتقالية لوضع الأساس لإنهاء الاحتلال، أصرَّ اشتية على أنّ لا يكون لإسرائيل أي رأي في الإدارة اليومية لغزة أو الدفاع المدني وإنفاذ القانون المطلوب لتأمين القطاع. وستطلب السلطة الفلسطينية أيضًا ربط أي ترتيبات أمنية انتقالية بالضفة الغربية، حيث يهاجم كلٌّ من الجيش الإسرائيلي والمستوطنين المتطرفين المدنيين الفلسطينيين، مرات عدة بالتنسيق مع بعضهما البعض.

وأعرب اشتية عن اعتقاده بأنَّ منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية ستدعمان إنشاء آلية مراقبة دولية خلال هذه الفترة. ويُقدّمُ التواجد الدولي الوقائي المؤقت الذي عمل في مدينة الخليل في الضفة الغربية لأكثر من عشرين عامًا، والذي انتهى تفويضه عندما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجديده في العام 2019، مثالًا مفيدًا. تأسست قوة متعددة الجنسيات بقيادة النروج في العام 1994 لمراقبة الوضع في الخليل وتقديم تقارير سرية عنه بعد أن فتح مستوطن أميركي-إسرائيلي النار داخل الحرم الإبراهيمي مما أدى إلى مقتل تسعة وعشرين مُصلّيًا فلسطينيًا. ولكن على عكس التواجد الدولي الوقائي المؤقّت في الخليل، قال اشتية إنه يجب تمكين آلية جديدة لتقديم التقارير العامة وتقديم توصيات إلى أصحاب المصلحة من أجل العمل الدولي والمُساءلة.

ستحتاجُ السلطة الفلسطينية أيضًا إلى التزاماتٍ من المانحين الدوليين للمساعدة على إعادة إعمار غزة وإعادة تأهيلها. وفي محاولة لاسترداد تكاليف استهداف إسرائيل الواضح للمدنيين والبنية التحتية المدنية، وتوفير العدالة للضحايا، ومنع أي انتهاكات مستقبلية محتملة للقانون الإنساني الدولي، قال اشتية إنه يجب على المجتمع الدولي أيضًا دعم جهود فلسطين نحو المُساءلة.

إحدى العقبات المهمة للغاية أمام حكم السلطة الفلسطينية والتي يجب معالجتها، بحسب اشتية، هي استمرار إسرائيل في احتجاز عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية. لم تدفع السلطة الفلسطينية رواتب موظفي الخدمة المدنية في الضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) لأنَّ إسرائيل حجبت الإيرادات والمبلغ الذي تنفقه السلطة الفلسطينية في غزة كل شهر لدفع تكاليف المرافق والرواتب. قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر)، لم تكن السلطة الفلسطينية قادرة إلّا على دفع 80 في المئة من جميع رواتب موظفي الخدمة المدنية لديها بسبب الاستقطاعات الإسرائيلية الأخرى من الإيرادات الفلسطينية. إن الاستجابة للاحتياجات الهائلة في غزة مع الحفاظ أيضًا على عمليات السلطة الفلسطينية بشكل موثوق في الضفة الغربية ستتطلب أن تكون السلطة الفلسطينية قادرة على تحصيل ضرائب المقاصة الخاصة بها.

وفي ما يتعلق بكيفية تنشيط السلطة الفلسطينية، أشار اشتية إلى خطة إصلاح السلطة الفلسطينية التي تم تقديمها هذا العام إلى لجنة الارتباط الخاصة، وهي آلية تنسيق أنشئت لتقديم المساعدات الدولية والمساعدات التنموية للسلطة الفلسطينية. وتم تقديم الخطة أيضًا إلى وفد أميركي التقى برئيس الوزراء في 18 كانون الأول (ديسمبر). وقال اشتية إن السبيل لدعم السلطة الفلسطينية الضعيفة والمُختَلَّة هو إنهاء الممارسات الإسرائيلية التي تُقَوِّضُ سلطة السلطة الفلسطينية، بما في ذلك التوغلات العسكرية والاعتقالات الجماعية والتوسع الاستيطاني وحجب إيرادات السلطة الفلسطينية. إن السماح للسلطة الفلسطينية بالاستفادة من أراضيها ومواردها الطبيعية من شأنه أن يساعد أيضًا على تعزيز قدراتها.

أما بالنسبة إلى تمثيل "حماس" المستقبلي في السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير الفلسطينية، فقد كان اشتية حذرًا، واعترف فقط بأنَّ "حماس" هي "جُزءٌ لا يتجزّأ من الفسيفساء الفلسطينية” ولكن بدون الإشارة إلى كيفية دمج "حماس" كحزبٍ سياسي في المؤسسات الوطنية الفلسطينية. في الأسابيع الأخيرة، أبدى أعضاء المكتب السياسي ل"حماس" في مقابلاتٍ أُجرِيَت معهم استعدادهم لقبول حلِّ الدولتين وبرنامج منظمة التحرير الفلسطينية. فمن ناحية، تُدركُ السلطة الفلسطينية أنَّ أيَّ نقاشٍ حول حلٍّ سياسي مع "حماس" كشريكٍ سوف يُستَخدَم لتبرير عدم مشاركة إسرائيل، وعلى الأرجح عدم مشاركة الولايات المتحدة. ومن ناحية أخرى، فإنَّ استبعاد الذراع السياسية لحركة "حماس"، التي تحتفظ ببعض الدعم في غزة والضفة الغربية، من شأنه أن يضمن استمرار الانقسامات الداخلية وفشل أي سلام حقيقي. وعلى الرغم من مدى التغيير الذي طرأ في جميع أنحاء المنطقة منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، إلّا أن الوضع قد لا يتغير على الإطلاق في هذه المنطقة.

أفكارٌ ختامية: اليوم التالي بعد التدمير

يبدو أن بين ما تُريده إسرائيل لغزة وما ستُطالبُ به السلطة الفلسطينية مختلفٌ بشكلٍ واسعٌ وعميق. وما لم تكن لدى أصحاب المصلحة الرئيسيين خطةٌ لتجاوز الخلافات واستخدام نفوذهم الجماعي الكبير، فإنَّ المكان الذي من المرجح أن ينتهي فيه الفلسطينيون في غزة لن يختلف عن الضفة الغربية، حتى لو تولت السلطة الفلسطينية مسؤولية الحكم في القطاع خلال أي مرحلة انتقالية. ومن المرجح أن يضطر الفلسطينيون إلى العيش في مناطق أصغر داخل غزة مع قدر أكبر من الحرمان مما عرفوه من قبل. ويبدو أن هناك مستقبلًا مختلفًا مُمكنًا، إذا كان المجتمع الدولي، بقيادة أصحاب المصلحة الرئيسيين، على استعداد لدعم المصالحة الوطنية الفلسطينية والانتخابات، وتقديم بعض التنازلات للسلطة الفلسطينية نحو أفق سياسي، واستخدام نفوذهم لدى إسرائيل. ولكن في الوقت الراهن، يبدو أن مناقشات اليوم التالي ليست سوى مجرد صرف انتباه عن المسألة الأكثر إلحاحًا المتمثلة في إنهاء القتل في غزة وتأمين وقف إطلاق النار.

• زها حسن هي محامية في مجال حقوق الإنسان وزميلة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

 

2-حصاد سياسة بايدن الخارجية 2023.. شيك على بياض أفضى لفشل استراتيجي دانييل لاريسون

المصدر: دانييل لاريسون - ريسبونسبل ستيتكرافت، ترجمة وتحرير الخليج الجديد - 28/12/2023

سلط كاتب العمود، دانييل لاريسون، الضوء على حصاد السياسية الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، واصفا إياها بأنها "فاشلة" و"لن تمنح بايدن الكثير ليتفاخر به في انتخابات العام المقبل".وذكر لاريسون، في مقال نشره بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الولايات المتحدة ستكون أكثر إرهاقا في نهاية عام 2023 مما كانت عليه في البداية دون أن يحقق بايدن سوى القليل جدا من النجاحات السياسية.ففي معظم أيام العام، لم تكن هناك أي كوارث كبرى، لكن ذلك تغير خلال الشهرين الماضيين عندما أعطى بايدن الحكومة الإسرائيلية "شيكًا على بياض" لشن حرب وحشية في غزة، بالتزامن مع دعم واشنطن لحرب خارجية أخرى في أوكرانيا، بحسب لاريسون.

وأضاف أن الصراع في أوكرانيا وصل إلى طريق مسدود، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لم تكن ملزمة بدعم هذه الحرب إلا أن بايدن حرص على تحويلها إلى إحدى سياساته المميزة وربطها بشكل وثيق بخطابه العام.ولم يقدم بايدن حجة مقنعة لتسويق أن الدعم غير المشروط لإسرائيل يصب في مصلحة الولايات المتحدة، خاصة أن تكاليف هذا الدعم آخذة في الارتفاع منذ ذلك الحين.وإضافة لذلك، فإن دعم بايدن لعدوان إسرائيل على غزة عرض القوات الأمريكية في العراق وسوريا لهجمات متجددة من الميليشيات المحلية، كما أدى إلى زيادة المخاطر على السفن الأمريكية في البحر الأحمر، حيث يشن الحوثيون هجمات على السفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل.

وتتزايد المخاطر المتمثلة في احتمال تصاعد الصراع وانتشاره إلى أجزاء أخرى من المنطقة، وكذلك خطر تورط الولايات المتحدة بشكل مباشر في حرب متعددة الجبهات.ولذا يرى لاريسون أن "غريزة بايدن في دعم إسرائيل حتى النهاية عززت من احتمالية نشوب حرب أوسع نطاقاً ووضعت القوات الأمريكية في خطر أكبر".ولم يطغ الدعم الأمريكي لإسرائيل في غزة على بقية أجندة السياسة الخارجية لبايدن فحسب، بل ربط الولايات المتحدة أيضًا بحملة قصف عشوائية وحصار عقابي يدفع مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين إلى حد المجاعة.

ولم تكتف إدارة بايدن بإحراق ما تبقى من مصداقية واشنطن فيما يتعلق بحقوق الإنسان والقانون الدولي، ولكنها ربطت الولايات المتحدة بشكل وثيق بجرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين.ويؤكد لاريسون على أن الضرر الذي لحق بسمعة الولايات المتحدة كان كبيراً، مرجحا أن يكون الضرر الذي سيلحق بالمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط وخارجه على المدى الطويل كبيرا أيضا.وأضاف: "لا يمكن إنكار النكسة التي لحقت بأجندة بايدن، إذ توقفت أكبر مبادرة دبلوماسية للإدارة الأمريكية لعام 2023، وهي السعي غير الحكيم للتطبيع السعودي الإسرائيلي، وذلك عندما أظهرت الحرب في غزة أن فهم الإدارة للمنطقة معيب".

فإدارة بايدن صدقت الافتراض الخاطئ بأن اتفاقيات التطبيع التي تيسرها الولايات المتحدة بين إسرائيل والعرب من شأنها أن تحقق الاستقرار في المنطقة، وفشلت في إدراك مدى سوء الأوضاع في فلسطين المحتلة.ومثل سابقتها، لم تفعل إدارة بايدن أي شيء لإبقاء حكومة نتنياهو الائتلافية تحت السيطرة بينما تواصل سعيها لضم الضفة الغربية، معتقدة أنه يمكن تهميش الفلسطينيين بأمان وتجاهل مظالمهم، وفي هذا الإطار كانت تحاول معرفة الحوافز اللازمة لحمل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على تأييد التطبيع.

ولو قُدر لهذا السيناريو أن يمر لفرض التزاماً أمنياً آخر على الولايات المتحدة والمزيد من التكاليف، ولذا يرى لاريسون أنه كان من الجيد أن تخرج هذه السياسة عن مسارها.وأوضح: "ليس من الواضح مدى تأثير الدفع من أجل التطبيع السعودي في المساهمة في قرار حماس بالهجوم (عملية طوفان الأقصى)، ولكن من الواضح أنه لم يكن من المفيد للولايات المتحدة أن تضيع الكثير من الجهد في محاولة إغراء السعوديين بالتوصل إلى صفقة بينما كانت التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين على وشك الانفجار".

وأضاف: "إن الجملة الشائنة التي قالها مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، قبل وقت قصير من بدء الحرب عن أن المنطقة أصبحت أكثر هدوءً مما كانت عليه منذ عقود تعكس مدى تصديق الإدارة لبياناتها الصحفية"ويشير لاريسون إلى أن دعم الحرب في غزة كلف الولايات المتحدة الكثير في بلدان الجنوب العالمي، كما أن معارضة الإدارة العنيدة لوقف إطلاق النار تركت الولايات المتحدة معزولة بشدة في الأمم المتحدة كما لم تكن في أي وقت مضى فيما يتعلق بقضية رئيسية.

وأشار إلى أن إدارة بايدن أكدت، في وقت سابق، على أهمية التنافس على النفوذ مع القوى الكبرى الأخرى في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، و"لكن مع موقفها المتشدد بشأن غزة يبدو أنها أهدرت معظم المكاسب التي حققتها"، حسب تعبيره، مشيرا إلى أن "الإدارة التي تتحدث باستمرار عن أهمية دورها القيادي، تفوقت على نفسها في عزل وإبعاد بقية العالم عن الولايات المتحدة".وأشار لاريسون إلى أن دعم إسرائيل المطلق في حرب غزة قوض الدعم الأمريكي للحرب في أوكرانيا، بعدما أمضت إدارة بايدن نحو عامين لحشد الدعم لها.ويخلص لاريسون إلى أن إدارة بايدن رسمت السياسة الخارجية لعام 2023 من خلال الاعتماد المفرط على الأدوات العسكرية وبذل القليل من الجهد في المشاركة الدبلوماسية، ما تسبب في رفض واسع من الجمهور الأمريكي، ومن أجل مصلحة "بايدن" الشخصية ومصالح الولايات المتحدة فإنه يحتاج إلى إجراء تغييرات رئيسية في مسار السياسة الخارجية لعام 2024، سواء في غزة أو في نهجه الشامل تجاه العالم.

 

3- كيف حوَّلت "إسرائيل" غزة إلى مختبر لأسلحتها؟ إسراء سيد

نون بوست 28/12/2023

شنت “إسرائيل” خلال الـ20 عامًا الماضية عدة حروب على قطاع غزة المحاصر، وفي كل مرة تُخرج من مخازنها أسلحة جديدة تقصف بها الفلسطينيين المدنيين والعزَّل، وسرعان ما تروجها في الأسواق العالمية، لتصبح حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على المدنيين أحدث اختبارًا لصناعة الأسلحة الإسرائيلية في أرض غزة.على مر السنين، اختبر جيش الاحتلال الرصاص المطاطي والبنادق الآلية والطائرات المسيَّرة، وأشكالًا مختلفة من حلول تفريق الحشود، التي تسببت في إصابات خطيرة للفلسطينيين، وأطلق العديد من هذه الأسلحة على المتظاهرين السلميين الذين كانوا يحتجون ضد جدار الفصل العنصري والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة منذ عام 2002.

أسلحة مثل المياه الملوثة المسماه بـ”مياه الظربان” (skunk water) استخدمت لأول مرة في قرية بلعين الواقعة غرب مدينة رام الله بالضفة الغربية، لتفريق المتظاهرين. هذا السلاح المنسوب إلى الرائحة الكريهة التي يطلقها الظربان، ينشر رائحة تعشش في البيوت والجدران والثياب، طورته شركة “أدورتك” (Odortec) الإسرائيلية باعتباره “سلاحًا لقمع الاحتجاجات والعقاب الجماعي”.

إلى جانب استخدام حكومة الاحتلال “مياه الظربان” على الفلسطينيين، تقوم شركة “Odortec” أيضًا بتسويقها وتصديرها للجيوش في جميع أنحاء العالم، ففي الولايات المتحدة، يُستخدم هذا السلاح الخبيث في “المعابر الحدودية والمرافق الإصلاحية والمظاهرات والاعتصامات”، وقد اشترته العديد من أقسام الشرطة بالفعل، بما في ذلك قسم فيرجسون بولاية ميسوري، في أعقاب الاحتجاجات ضد وحشية الشرطة والعنصرية عام 2015، وتحدثت تقارير عن استخدامه في السودان في أعقاب الانقلاب الذي قاده الفريق عبد الفتاح البرهان عام 2021.

ليس مفاجئًا أن يكتسب هذا السلاح الذي طورته شركة إسرائيلية شعبية في الخارج، كما تقول المحللة في شبكة السياسات الفلسطينية يارا هواري، فـ”إسرائيل” تستخدم الفلسطينيين “كفئران تجارب لإثبات كفاءتها وقدرتها على القتل”، ولا يتعين على شركة “أدورتك” وغيرها من الشركات المصنعة للأسلحة الإسرائيلية أن تستثمر في تسويق أسلحتها، فالقنوات الإخبارية التي تعرض لقطات من الهجمات الوحشية التي يشنها جيش الاحتلال تؤدي هذه المهمة.

الشركات الإسرائيلية التي تنتج أسلحة للقتل الجماعي لديها غزة لتختبرها عليها، حتى إن الإسرائيليين أطلقوا على القطاع المكتظ بالسكان، حيث لا يتمتع المدنيون بحماية “القبة الحديدية” أو الملاجئ العسكرية المتطورة، اسم “البقرة الحلوب”، وكانت النتيجة المروعة لعقود من ممارسات “اختبار” شركات الأسلحة الإسرائيلية هي مقتل وتشويه آلاف الفلسطينيين.

على سبيل المثال، في عام 2014، وخلال العدوان الإسرائيلي على غزة، كان الشاب الفلسطيني أحمد سعيد النجار يقود سيارته الأجرة في رفح، محاولًا مساعدة العائلات على الوصول إلى مناطق أكثر أمانًا في جنوب غزة، ليتفاجأ بصاروخ اخترق فتحة سقف سيارته، وانفجر داخلها، ما أدَّى إلى استشهاد الركاب الست الذين كانوا معه على الفور، وحده النجار، أُنقذ من حطام سيارته، لكنه أصيب بحروق بالغة، وفقد عينه وساقه اليمنى التي بُترت بسبب الانفجار.

تبين لاحقًا أن السيارة اُستهدفت بصاروخ إسرائيلي الصنع من طراز “سبايك” (Spike)، تصنعه شركة “رافائيل” للصناعات العسكرية المملوكة لدولة الاحتلال، ويمكن تعديله ليحمل قنبلة “دايم” التي وُلدت في مختبرات سلاح الجو الأمريكي بعد سلسلة أبحاث استهدفت تصنيع أسلحة خاصة بالمناطق السكنية، ويسهل التحكم بحدود تأثيرها المدمّر ليقتصر على نطاق جغرافي معين.

تستخدم صواريخ “سبايك” التي تصنعها شركة “رافائيل” الإسرائيلية في 40 دولة، تتكون “الدايم” من خليط متجانس من المواد المتفجرة، بالإضافة إلى معدن التنغستن الكيميائي، الذي يتشظى في لحظة الانفجار إلى أجزاء متناهية الصغر تقتل الأشخاص الموجودين في مدى 4 أمتار، كما تلحق إصابات بالغة بالأشخاص الذين يبعدون مسافة أكبر من بينها بتر الأطراف والإصابة بسرطان الأنسجة، ولا يعرف عن أماكن وأزمنة استخدامها سوى غزة في ذلك التوقيت ولبنان عام 2006.

وتشير روايات شهود عيان من الأطباء العاملين في مستشفيات غزة إلى أن “إسرائيل” أسقطت أسلحة تجريبية خلال حربها على غزة، تشمل متفجرات معدنية خاملة كثيفة، تسبب إصابات مروعة عن طريق الحرق في درجات حرارة عالية، وذكرت مؤسسة الحق الحقوقية الفلسطينية، أن “الدايم” تم حملها في صواريخ “هيلفاير” (Hellfire) الموجَّهة التي أسقطتها طائرات مسيَّرة إسرائيلية.

من خلال إقامة علاقات وثيقة مع صناعة الأسلحة الإسرائيلية، منحت الكثير من الدول الغربية الفلسطينيين نفس المكانة التي تتمتع بها الحيوانات المستخدمة في التجارب القاسية، بحلول عام 2014، أصبحت الطائرة المسيَّرة “إيتان” (Eitan)، المعروفة أيضًا باسم “هيرون تي بي” (Heron TP)، والتي تحمل صاروخ “سبايك” مطلوبة بشدة من الدول الأخرى، وهي أكبر طائرة دون طيار في “إسرائيل”، دخلت الخدمة عام 2007، وتصنعها شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية الحكومية، يمكنها حمل أربعة صواريخ “سبايك” والطيران لمدة تصل إلى 40 ساعة متواصلة.

استخدم الاحتلال الإسرائيلي “إيتان” لأول مرة خلال الحرب على غزة التي أُطلق عليها اسم “عملية الرصاص المصبوب” عام 2008-2009، لشن هجمات ضد المدنيين، وفقًا لتقرير صدر عام 2014 عن منظمة “Drone Wars” البريطانية غير الحكومية، ووفقًا للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، من بين 353 طفلًا اُستشهدوا و860 جريحًا خلال هذه الحرب، اُستشهد 116 طفلًا بسبب الصواريخ التي أطلقتها طائرات مسيرة.

وفقًا لتقرير “Drone Wars“، شهدت الشركة الإسرائيلية المصنِّعة ارتفاعًا في الطلب على طائرات “إيتان” من 10 دول على الأقل بين عامي 2008 و2011، خلال هذه الفترة، اشترت الدول أو استأجرت أكثر من 100 طائرة دون طيار في إطار مشاريع مشتركة، ثلثها تقريبًا (34 طائرة) كان من نصيب الهند في هذه الفترة، تليها فرنسا (24)، والبرازيل (14)، وأستراليا (10).بالنسبة لصواريخ “سبايك”، فقد باتت أوسع انتشارًا حول العالم، ووصلت مبيعاتها حاليًّا إلى نحو 40 دولة، نصفهم تقريبًا دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي “ناتو”، وكانت آخر صفقة عسكرية هذا العام بقيمة 1.44 مليار شيكل (400 مليون دولار) مع اليونان لشراء هذه الصواريخ، التي وصل أكثر من 34 ألف منها إلى بلدان مختلفة أطلقت أكثر من 6 آلاف منها، سواء لأغراض الاستخدام العملي أم التدريب.

كما مكّن الهجوم على غزة في صيف عام 2014 “إسرائيل” من عرض بعض من أحدث أسلحتها، فقد أفادت التقارير، على سبيل المثال، أن طائرات “هيرميس” بنسخها المختلفة، وهي إحدى الطائرات المسيرة متعددة الحمولة التي تنتجها شركة “إلبيط سيستمز” (Elbit Systems) الإسرائيلية، ظهرت لأول مرة خلال الأسبوع الأول من الحرب التي بدأت في 8 يوليو/تموز 2014، ونُسب خلالها مقتل 37% من الشهداء إلى هجمات الطائرات المسيّرة، وفقًا لتقدير مركز الميزان لحقوق الإنسان ومقره غزة.

وعلى عكس ما أحدثته هذه الطائرة من معاناة ودمار هائلين مُنعت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش من توثيقهما، حرصت “إسرائيل” على الترويج لها باعتبارها “مثبتة في القتال لدرجة أنها يمكن أن تقتل السائق وتترك الركاب على قيد الحياة في المقعد الخلفي”، و”الأداة الأساسية للجيش الإسرائيلي في عمليات مكافحة الإرهاب”، وهو ما دفع البرازيل إلى شرائها بغرض المراقبة خلال كأس العالم، ومكنت الصفقة شركة “إلبيط” المصنعة للطائرة، من التفاخر بكيفية مساهمتها في إجراءات “الأمن والسلامة” بالأحداث الرياضية.

وعلى النقيض من الإبلاغ عن المراقبة الجماعية لمشجعي كرة القدم، فإن المناقشات حول الاستخدام المحتمل للطائرات المسيرة الإسرائيلية لتعقب اللاجئين المتجهين إلى شواطئ أوروبا، مرت دون أن يلاحظها أحد، رغم انتهاك وكالة إدارة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس) حقوق الفلسطينيين، وفقًا لتحقيق موقع “ميدل إيست آي”.وفي عام 2014، تضاعفت مبيعات الأسلحة الإسرائيلية إلى أوروبا، وارتفعت المبيعات من 724 مليون دولار إلى 1.63 مليار دولار عام 2015، كما ارتفعت المبيعات إلى أمريكا الشمالية إلى 1.02 مليار دولار، ومن خلال إقامة علاقات وثيقة مع صناعة الأسلحة الإسرائيلية، منحت الكثير من هذه الدول الفلسطينيين نفس المكانة التي تتمتع بها الحيوانات المستخدمة في التجارب القاسية.

بعد حرب غزة عام 2014، أصبحت “هيرمس 900” واحدة من أكثر الطائرات دون طيار شهرة، وتوسع سوق صادرات “إلبيط” بشكل كبير أيضًا، وحصلت منذ ذلك الحين على عقود مع أكثر من 20 دولة حول العالم بما في ذلك الفلبين، التي اشترت 13 طائرة، بالإضافة إلى الهند وأذربيجان وكندا والبرازيل وتشيلي وكولومبيا وأيسلندا والاتحاد الأوروبي والمكسيك وسويسرا وتايلاند، وفي مارس/آذار الماضي، أعلنت الشركة عن طلبيتها رقم 120 لشراء “هيرمس 900”.

قد يجادل البعض بأن ذلك لا يعني أن “إسرائيل” تشن حروبًا لمجرد استعراض أسلحتها، ومع ذلك، تنشر “إسرائيل” في كل حرب ضد غزة، مجموعة من الأسلحة وتقنيات المراقبة ضد الفلسطينيين، قبل تسويقها وبيعها لعدد كبير من الدول حول العالم، كما يقول الصحفي الأسترالي المستقل أنتوني لوينشتاين.في كتابه “مختبر فلسطين: كيف تصدّر إسرائيل تكنولوجيا الاحتلال حول العالم”، نشر لوينشتاين تحقيقًا مفصلًا عن تجربة “إسرائيل” أسلحة مختلفة على الفلسطينيين، واستخدم الأراضي الفلسطينية المحتلة لعقود من الزمن كحقل تجارب للأسلحة وتكنولوجيا المراقبة التي تصدّرها بعد ذلك إلى جميع أنحاء العالم لتحقيق أرباح بملايين الدولارات.

جربت “إسرائيل” أسلحة في الضفة الغربية وغزة ثم عرضتها في السوق الدولية على أنها “أسلحة ثبتت فعاليتها في المعركة”وبحسب لوينشتاين، استخدمت “إسرائيل” أنواعًا مختلفةً من الأسلحة، بعضها لا يتمكن الأطباء من التعرف على الإصابات والحروق التي تسببها، ويعجزون عن التعامل معها ومعالجتها في ظل نقص المعدات الطبية واستهداف المستشفيات، ويكشف أن هذه الإصابات ناتجة عن أسلحة جديدة يتم اختبارها على الفلسطينيين.

ووفقًا لاستشاري جراحة العظام، نبيل الشوا، الذي عالج العديد من الفلسطينيين الذين أصيبوا بنيران إسرائيلية خلال مسيرة العودة الكبرى عام 2018، كان القناصة الإسرائيليون يتدربون على التصويب على البشر، ويتعمدون إصابة المدنيين في المفاصل لإحداث أكبر قدر من الضرر وليس القتل، وتسببت هذه الطلقات الجديدة في إصابات لم ير مثلها من قبل، وفي بعض الحالات كان الطرف يبدو سليمًا، لكن في أثناء الجراحة لم يتمكن من التمييز بين العظام والأنسجة الرخوة.

ربما يدفع ذلك البعض إلى رفض فكرة المظاهرات، لأنها في بعض الأحيان تُستحدم لمعرفة كيفية استخدام كل نوع من الأسلحة، وهو ما يجعل هذه الأنواع من الأنشطة التي يقوم بها الفلسطينيون مفيدة للإسرائيليين، وتجعل هذه المنطقة بمثابة ميدان لاختبار أسلحتهم وتطويرها وجعلها صناعة تجارية من خلال تصدير أدوات الاحتلال إلى عدة دول تستخدمها ضد الأقليات الخاصة بها ونشطاء حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين.

وطوَّرت “إسرائيل” الكثير من تكنولوجيا الطائرات المسيرة في سماء غزة، تستخدمها فيما يُسمَّى “وقت السلام”، رغم أنها ليست كذلك للفلسطينيين، بل عندما تحدث حرب بين “إسرائيل” وحماس كما كان دائمًا في السنوات الـ15 الماضية، تتحول هذه الطائرات وبشكل متكرر إلى جزء أساسي من عملية استهداف المدنيين الفلسطينيين.بحسب تقرير نشره مركز “بوليترز” عام 2016، جربت “إسرائيل” أسلحة في الضفة الغربية وغزة ثم عرضتها في السوق الدولية على أنها “أسلحة ثبتت فعاليتها في المعركة”، فيما يُعرف بـ”Battle Tested”، وهو المصطلح المستخدم كثيرًا من الشركات والحكومة الإسرائيلية نفسها لتسويقها والترويج لها بعد اختبارها والوقوف على مدى فعاليتها وقدرتها التدميرية.

هناك أيضًا احتمال أن “إسرائيل” تستخدم الفلسطينيين كـ”فئران تجارب” لشركات الأسلحة الأجنبية أيضًا، ففي القدس الشرقية، على سبيل المثال، يقدّم الأمريكيون الرصاص الإسفنجي لـ”إسرائيل”.في البداية، بدأوا برصاصة إسفنجية زرقاء، لكن بعد ذلك قرروا أنه لم يكن فعالًا للغاية، لأن الفلسطينيين يرتدون الكثير من الملابس، فغيّروه بعد ذلك إلى رصاصة إسفنجية سوداء أقوى تسببت في عاهات مستديمة، بحسب قول المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان المقيم في القدس إيتاي ماك.يتصيد جنود الاحتلال الأطفال الفلسطينيين بالرصاص الإسفنجي الأسود الذي يتسبب في إصابتهم بتشوهات دائمة

بدأت قوات الاحتلال باستخدام هذا النوع من الرصاص عام 2014، في ذلك العام، جرى إطلاق أكثر من 35 ألف رصاصة، ورتفع مذاك عدد الضحايا الفلسطينيين مع زيادة استخدام الشرطة الإسرائيلية للرصاص، وهناك عشرات الفلسطينيين الذين فقدوا أعينهم وأعضاءً أخرى من أجسادهم، وزعمت تل أبيب أنها حققت في شكاوى بشأن إصابات، كثير منها لأطفال، لكن لم يتم توجيه الاتهام إلى أي من رجال الشرطة حتى الآن.

دلائل عدة تشير إلى أن “إسرائيل” استخدمت خلال السنوات الأخيرة على الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك الهجمات الأخيرة، أسلحة محرمة دوليًا. أنواع عديدة وأسماء مختلفة من هذه الأسلحة، أبرزها قنابل الفسفور الأبيض، والقنابل العنقودية المدمّرة، والقنابل الفراغية، والمتفجرات المعدنية الخاملة الخفيفة، وهو نوع من الأسلحة يعرفه أبناء غزة، واُستخدم في حروب سابقة ضد القطاع.

ليس هذا فحسب، فقد كشفت الحرب على غزة عن أسلحة جديدة في طريقها إلى الأسواق العالمية، فبعد أسبوعين من بدء عملية “طوفان الأقصى”، نشر جيش الاحتلال لقطات لوحدة الكوماندوز “ماجلان”، وهي تنشر قذيفة هاون جديدة موجهة بدقة تسمى “اللدغة الحديدية” (Iron Sting)، أعلنت شركة “إلبيط” المصنّعة لها، عن خصائصها على موقعها على الإنترنت منذ مارس/آذار 2021، لكنها شهدت مرحلة الاستخدام العملي لأول مرة في الحرب على غزة.

ووصف بيني غانتس، وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، الذي أصبح الآن عضوًا فيما تسمى “حكومة الحرب” التي يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، “اللدغة الحديدية” بأنها “مصممة للاشتباك مع الأهداف بدقة، في كل من التضاريس المفتوحة والبيئات الحضرية، مع تقليل احتمالية حدوث أضرار جانبية ومنع إصابة غير المقاتلين”.

هذا الادعاء ردده مارك ريجيف، المتحدث السابق باسم نتنياهو، بشأن النهج الشامل الذي تتبعه بلاده في حربها على غزة، حيث قال إن “إسرائيل تحاول أن تكون “انتقائية” قدر الإمكان من الناحية الإنسانية” في حربها على غزة.

ومع ذلك، بعد مرور 80 يومًا على القصف الإسرائيلي العشوائي على غزة، قتلت “إسرائيل” أكثر 20 ألف مدني فلسطيني، أغلبهم من الأطفال والنساء، بمتوسط نحو 300 شخص يوميًا منذ بداية الحرب، وأصابت أكثر من 50 ألفًا آخرين في القطاع المحاصر والضفة الغربية المحتلة، ودمرت عشرات آلاف المنازل، وتسببت في نزوج مئات الآلاف من منازلهم.

ووفقًا لشهادات الطواقم الطبية في غزة، استخدمت قوات الاحتلال أنواعًا من الأسلحة غير المعتادة، التي تذيب الجلد وتحدث حروقًا شديدةً وغير عادية على جثث الفلسطينيين الذين استشهدوا أو أُصيبوا بعد الغارات الجوية الإسرائيلية، وهذا ما لم تعهده الطواقم الطبية خلال الحروب السابقة، وفق تصريحات أشرف القدرة، المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة.

لكن الأخطر ما يقوله الأطباء بأن “إسرائيل” استخدمت في حربها على قطاع غزة أسلحة جديدة تتميز بالقدرة على القتل الأكيد، وليس بوسع الناجين المصابين بها أن يطمئنوا مهما كانت إصاباتهم طفيفة إلى أنهم قد نجوا فعلًا.

في مقابلة مع صحيفة “تورنتو ستار“، وصف الدكتور أحمد المخللاتي، من قسم الحروق وجراحات التجميل بمستشفى الشفاء، نوعية الأسلحة المستخدمة هذه المرة بأنها “تسبب حروقًا عميقةً من الدرجة الثالثة والرابعة، وتترك الأنسجة مشبعة بجزيئات سوداء”، وهي إصابات يوصف فيها الجلد بأنه قد ذاب مباشرة حتى العظام، مشيرًا إلى هذه لم تكن حروقًا بالفسفور، لكنها “مزيج من نوع ما من موجة القنابل الحارقة ومكونات أخرى”.

في حين أنه من غير الواضح ما الذي يسبب هذه الجروح الخطيرة، تشير القنابل الحارقة الغامضة والظهور الأول لطائرة “أيرون ستينغ”، والتقارير عن استخدام طائرة “سبارك” المسيّرة الجديدة في الحرب الحالية إلى أن “إسرائيل” تختبر مرة أخرى أسلحة جديدة في الصراع.

وتعد “إسرائيل” أكبر مُصدِّر للطائرات المسيرة العسكرية في العالم، ففي عام 2017، تشير التقديرات إلى أنها كانت وراء ما يقرب من ثلثي إجمالي صادرات هذه النوعية من الأسلحة على مدى العقود الثلاث الماضية، وتوفر “إلبيط” نحو 85% من الطائرات المسيَّرة التي اشتراها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفقًا لقاعدة بيانات التصدير العسكري والأمني الإسرائيلي (DIMSE).

ويرى محللون أن الترويج لمثل هذه الآلات المدمرة التي تستخدمها “إسرائيل” على أنها “انتقائية أو موجهة”، وتختبرها على الفلسطينيين بالفعل، تحظى بإقبال عالمي، وهو ما تثبته الطلبات المتراكمة لدى شركة “رافائيل”، التي تتجاوز حاليًا 10 مليارات دولار.

وحتى قبل قصف غزة في هذا التوقيت، كان لدى شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية طلبات متراكمة بقيمة 11.1 مليار دولار، وكان لدى “إلبيط” أعمال متراكمة بقيمة 6.2 مليار دولار، لذلك لا قد نتفاجأ عندما يكون الطلب على أسلحة الاحتلال أكبر من الآن فصاعدًا، فالحرب ذاتها أنعشت عاشر أكبر تاجر أسلحة في العالم بنفس الطريقة التي أنعشت سوق الأسلحة الأمريكية.

ووفقًا لـ”لوينشتاين”، ستظل الأسلحة الإسرائيلية جذابة للمشترين الدوليين، بناءً على أدائها في غزة، لكن “إسرائيل” لا تبيع الأسلحة فحسب، إنها “تبيع أيديولوجية الإفلات من العقاب لدول أخرى”، كما يقول، ومع ذلك، أظهر شعب غزة بروحه التي لا تُقهر، أن الغلبة بالتكتيك وليس بالقوة.

 

4- إذا انتصرت إسرائيل... إذا انتصرت «حماس»... حازم صاغية

ليس حتميّاً، بطبيعة الحال، أن يحصل أيّ من الاحتمالين الواردين في العنوان، والأدقّ أنّ انتصار طرف ما، في حال حصوله، لن يأتي صافياً منزّهاً عن مشاركة شركاءٍ أو عن ضغوط تمارسها أطراف ثالثة.مع هذا فالمُراد من وراء العنوان، بما ينطوي عليه من احتمالات قصوى، هو رسم قياسات ومعايير نتبيّن على ضوئها الخيارات المتاحة أمام منطقة المشرق العربيّ، وهي كلّها خيارات تعيسة أنتجتها هذه الحرب القاتلة.

فإذا انتصرت إسرائيل عمّت الفكرة الرهيبة القائلة إنّ القوّة هي وحدها الحقّ، وإنّ التقنيّة العمياء تغلب البشر وتتقدّم عليهم وعلى حياتهم. وبالنتيجة تشيع في المنطقة كلّها حالة ذهنيّة شديدة الخطورة وبعيدة الأثر وذات طبيعة عبوديّة مفادها أنّ المخاطبة الوحيدة للعرب تتمّ عبر تخويفهم وبثّ الرعب فيهم، فهم ليس مطلوباً منهم إلاّ أن يخافوا لأنّهم لا يفهمون من اللغات إلاّ لغة الخوف.تترتّب عن هذه المقدّمة هرميّات عنصريّة مفادها أنّ الإنسان الإسرائيليّ أهمّ بإطلاق من الإنسان الفلسطينيّ، والعربيّ تالياً، وأنّ الطفل الإسرائيليّ أهمّ من الطفل الفلسطينيّ. فمقتل الأخير يمكن أن يحدث لسبب أو آخر غير أنّ مقتل الأوّل ينبغي طرده حتّى من الأحلام. ولسوف تتّخذ «الحرب الحضاريّة» التي يسعى إليها جميعُ المتحاربين شكلاً احتقاريّاً لثقافة العرب ولقيمهم، شكلاً لا يدانيه التمييز بحيث يتساوى عنده أبو العلاء المعرّي وأسامة بن لادن، وهو ما لا يُستبعد أن يرافقه سلوك عدوانيّ مباشر حيال أفراد أو جماعات من العرب، يظهر هنا أو هناك. وفي المقابل، سوف يجد المهزومون والمُحبَطون بالنصر الإسرائيليّ ثأرهم الوهميّ في الاستنجاد بالخرافات اللاساميّة، وهو أيضاً ما قد يرافقه سلوك عدوانيّ حيال أفراد أو جماعات من اليهود، يتأدّى عنه نوع من التطابق بين خصومة الدولة العبريّة واللاساميّة.

أمّا على الصعيد السياسيّ، وعلى رغم تفاؤل بعض المتفائلين، فالمُرجّح أن تتعطّل أو تتجمّد التسويات على صعيد المنطقة، بينما يغدو أيّ سلام مطروح على الفلسطينيّين أقرب إلى استسلام صريح بلا أيّ تمويه. ويجوز الافتراض، والحال هذه، أن يمضي المستوطنون اليهود في الضفّة الغربيّة في عمليّات قضم الأرض وسرقتها، مع أعمال طرد أخرى تطال الفلسطينيّين أصحاب الارض. ومَن الذي يستطيع أن يضمن، في هذه المنطقة الولاّدة للعصبيّات، أن لا يكون شرق الأردن، وربّما جزئيّاً لبنان وسوريّا، مسارح لمجموعة أخرى من «حروب الأخوة»؟

وأمّا محاسبة بنيامين نتانياهو على سياساته وإخفاقاته، فيُستبعَد جدّاً أن تغدو محاسبة لنهج عدوانيّ ليس نتانياهو غير وجه من وجوهه الكثيرة. والحال أنّ تلك المحاسبة، مصحوبة بفكرة القلعة الآمنة والمتفوّقة، قد تفضي إلى مزيد من تحصين العجرفة الإسرائيليّة وتعزيز التشاوف الشوفينيّ الواثق.

وفي المقابل فإنّ انتصاراً تحقّقه «حركة حماس» سوف يجدّد التعامل مع «التحرّر الوطنيّ» بوصفه صراعاً أحاديّاً مع محتلّ غريب، أمّا طريقة الحكم التي تُفرض على الفلسطينيّين فلن يلحظها الاهتمام ولن تستوقف أحداً. ومن الحرّيّات على أنواعها إلى التعليم سوف يسود العتم والتضييق اللذان تزيدانه بشاعةً أحوال الفقر والبؤس ممّا ضاعفته الحرب بنسبة فلكيّة. وفي موازاة انعدام حساسيّة الطرفين المتحاربين حيال المدنيّين وموتهم، والمقاوِمُ والغازي يحقّ لهما ما لا يحقّ لغيرهما، تنعدم الحساسيّة حيال المرأة التي بدأت بيئة المقاومات تعلنها آلة للإنجاب في معركة «الجهاد الديموغرافيّ». وقبل أن تنتصر «حماس» راحت تتكاثر الإشارات إلى مكارثيّة تشهّر بمن لا يقول قولها ويفعل فعلها، وصولاً إلى وثنيّة الإشارات والرموز كالتقيّد بمصطلحات معيّنة في وصف «العدوّ»، وبمراتب ناجزة في وصف أحوال الموت. والشيء نفسه يصحّ في تعطيل ندوات ومحاضرات في الجامعات التي يُفترض أنّها أمكنة النقاش، وتالياً التشهير بالأساتذة الذين ينظّمونها بوصفهم «صهاينة».

وبهذه الترسانة التي يجتمع فيها كلّ ما هو متخلّف ورجعيّ تحت الشمس، ستخوض بنا «حماس» والمعجبون المتكاثرون بتقدّميّة أبي عبيدة «حرباً حضاريّة» تمضي في عزلنا عن العالم ومنجزاته بحجّة انحياز دوله إلى إسرائيل، وبالطبع لن تفوتها الثقة بانتصارنا في تلك الحرب!

ولسوف يغدو المشرق العربيّ، الذي توصد في وجهه التسويات من أيّ نوع كان، منطقة حروب دائمة عبر الحدود وفي داخل كلّ حدود، فتتناسل الكراهيّات وتختلط الأمور على نحو شوربائيّ بينما تنفرد طهران بفرك يديها فرحاً وحبوراً.

وسيكون انتصار «حماس»، إلى ذلك، مشروع تأجيل لكلّ ما هو تحرّريّ أو تقدّميّ في المنطقة. ولن يعوزنا الانتباه إلى أنّنا، منذ «طوفان الأقصى»، لم نعلم شيئاً عن أعمال قمع في إيران وعن أعمال قتل في سوريّا وعن أعمال نهب يتعرّض لها اللبنانيّون الذين باتوا لا ينتظرون إلاّ خطاباً يلقيه من يخبرهم فيه ما يلزم أن يعرفوه عن حياتهم وموتهم...

وهذا بعض ما قد يرزقنا به «طوفان الأقصى» حين يندفع إلى نهاياته، مُعمّماً يميناً عنصريّاً لئيماً وبارعاً في قتل الأطفال وشعبويّةً متعصّبة كارهة للحياة والعقل والحرّيّة.

 

5- هل ستتحّرك المحاكم الدولية لمقاضاة إسرائيل على جرائمها؟ بقلم زياد ماجد

تتصاعد منذ بدء حرب إسرائيل الجديدة على الفلسطينيين في قطاع غزة أصوات حقوقية وسياسية في القارات الخمس تطالب بمقاضاة إسرائيل لارتكابها «جرائم حرب» و«جرائم ضد الإنسانية».

وتوثّق منظمات حقوقية دولية وفلسطينية حالات يمكن الجزم بكونها، وفق اتفاقيات جنيف الأربع الموقّعة العام 1949 وبروتوكوليها الإضافيّين الموقّعين العام 1977، «جرائم حرب»، لاستهداف الجيش الإسرائيلي مدنيّين فلسطينيين عن عمد، أو لقصفه مستشفيات وسيارات إسعاف وغير ذلك من عملياتٍ توقِع الأذى المقصود بالمنشآت المدنية وقاطنيها.

ويقول المعنيّون بالتوثيق إن بعض الجرائم يمكن أيضاً أن يُعد «ضدّ الإنسانية» في حالات، كمثل الحصار المانع دخول مستلزمات الحياة ومقوّماتها، أو التهجير الجماعي للسكّان وإلزامهم تحت القصف والإجراءات الحربية على مغادرة منازلهم ومدنهم أو بلداتهم ومخيّماتهم، وصولاً إلى تحويل استهداف البنية التحتية الطبية والاستشفائية إلى سياسة عنف ممنهجة بما يتسبّب بإعدام قدراتها على الاعتناء بالمرضى والجرحى المدنيين.

على أن التوثيق وحده لا يكفي قانونياً، إذ ينبغي أن تتقدّم أطراف ذات أهلية بشكاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية تطالب بالتحقيق في الانتهاكات الاسرائيلية، أو أن يبادر المدّعي العام فيها إلى التحقيق (خاصة أن دولة فلسطين موقّعة على ميثاق روما للمحكمة)، أو أن يطلب مجلس الأمن الدولي من المحكمة القيام بذلك، وهذا بالطبع مُستبعد (وثلاثة من أعضائه الدائمين، أمريكا وروسيا والصين، غير موقّعة أصلاً على الميثاق المعني – أو هي موقّعة ثم متراجعة عن التوقيع).

جريمة الإبادة الجماعية:وإذا كان القول بـِ»جرائم الحرب» و«الجرائم ضد الإنسانية» لتوصيف الانتهاكات الإسرائيلية صار محطّ إجماع لدى معظم المنظمات الحقوقية والأفراد المختصّين في مجالات القانون الدولي الإنساني، فإن توصيفاً آخر أشدّ خطورة بدأ يُستخدم من قبل عددٍ من الخبراء، ولو أن استخدامه يظلّ حذراً لصعوبة التداول به من ناحية حقوقية ولندرة حالات إثبات حصوله تاريخياً خلال حروب أو مجازر ارتُكبت على مدى عقود. ونعني هنا التوصيف المستند إلى مفهوم «الإبادة الجماعية» أو الـ«جينوسايد».تُعرّف «الإبادة الجماعية» في الاتفاقية الدولية الأولى الموقّعة لمكافحتها العام 1948، ثم في ميثاق روما لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية العام 1998 على النحو التالي:«الإبادة الجماعية هي أيّ من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلّي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه، من خلال:

– قتل أعضاء من الجماعة.

– إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بأعضاء من الجماعة.

– إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.

– فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.

– نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.

يمكن بناء على هذا التعريف، وبالعودة إلى حجم القصف التدميري والاستهداف المباشر للفلسطينيين قتلاً وحصاراً وتعذيباً جماعياً جسدياً ونفسياً وعقلياً، بوصفهم فلسطينيين في قطاع غزة، بالترافق مع تصريحات رسمية إسرائيلية تُفصح عن ذلك (ولنا عودة لها)، الحديث عن توافر أدلّة مادية لارتكاب إسرائيل جريمة «الإبادة الجماعية»، أو على الأقل المباشرة في ارتكابها.

فأعداد القتلى المدنيين الشديدة الارتفاع، وحجم التدمير والتهجير وجعل مقوّمات الحياة والوجود نفسها معدومة عبر القطع الكلي أو الجزئي للمياه والكهرباء والوقود والاتصالات، وعبر الحصار والمنع الكلي أو الجزئي لدخول المساعدات الإنسانية – الغذائية والطبية – وعبر تدمير المستشفيات والتسبّب بوفاة مرضى وأطفال لاستحالة معالجتهم تُحيل بوضوح إلى البنود الثلاثة الأولى من التعريف القانوني المذكور آنفاً.

لكنّ السعي لنقل ذلك من «الحيّز النظري» المستند إلى الوقائع الموثّقة، إلى حيّز «الشكوى القانونية» أو «التصنيف القانوني» يتطلّب خوضاً أو تدقيقاً في مسألة إضافية، هي مسألة القرار بتنفيذ الإبادة أو إرادة التنفيذ. ذلك أنه من شروط اعتبار الجريمة المعنية جريمة «جينوسايد» إثبات وجود قرار أو إرادة صريحة بارتكاب الفعل الجرمي.

والبعض يعتبر أن التصريحات الإسرائيلية الرسمية (من قبل رئيس الدولة ورئيس الحكومة ووزير دفاعه ووزير الأمن القومي وعدد من الوزراء والنواب والقادة العسكريين) الداعية للقتل والانتقام والنازعة الإنسانية عن الفلسطينيين أو المعتبرة أن «لا مدنيين في غزة بل حفنة من الإرهابيين وداعمي الإرهاب»، أو أن على سكّان القطاع إخلاءه أو إخلاء أجزاء منه أو الطالبة علناً تهجير كلّ أهله ونقلهم إلى دول مجاورة وبعيدة، ومثلها القرارات الواضحة الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين بإحكام الحصار على قطاع غزة وذكر المواد الممنوع إدخالها على الرغم من الإدراك بأن لا حياة ممكنة من دونها، وقدرة الجيش الإسرائيلي على تطبيق كل ذلك وشروعه بالأمر، تعدّ (هذه التصريحات والقرارات والإجراءات) بحدّ ذاتها كافية لإثبات الرغبة بالإبادة أو إرادة الإبادة والانتقال من الإعلان إلى حيّز التنفيذ.

وقد دفع ذلك أحد مسؤولي الأمم المتحدة (كريغ مخيبر) إلى الاستقالة اعتراضاً على الصمت الدولي تجاه ما أسماه «حالة إبادية واضحة»، ودفع عدداً آخر من الخبراء الأمميين إلى توقيع رسالة في 2 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، تحذّر من أن الفلسطينيين يواجهون خطر «الإبادة الجماعية». وذهب المدّعي العام السابق للحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو إلى حدّ اعتبار أن فعل «الإبادة بات على الأرجح قائماً، وليس خطراً فحسب»، فيما قال المؤرّخ الإسرائيلي وأحد الباحثين المعروفين في قضايا الإبادة الجماعية راز سيغال إننا أمام «حالة دراسية نموذجية» من حالات الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة.

الأهم ربّما، على الصعيد الإجرائي، أن خمس دول هي جنوب أفريقيا وبنغلادش وبوليفيا وجيبوتي وجزر القمر تقدّمت قبل أسبوعين (في 17 تشرين الثاني/نوفمبر) بطلبٍ رسمي إلى مدعي عام المحكمة الجنائية كريم خان للتحقيق في الجرائم الإسرائيلية، وهو ما لم يبدأ بعد.

ويمكن لدول أُخرى أن تطلب الأمر أيضاً. كما يمكن لشكاوى أن تُسجّل ضد إسرائيل في أكثر من دولة من قبل فلسطينيين يحملون جنسية الدول المعنية إن كانوا من ذوي الضحايا في غزة المزدوجي الجنسية.

التحدّي القانوني (والسياسي) بات يكمن اليوم إذاً في كيفية نقل التوثيق والبحث في الأدلّة والتعريفات إلى حيّز الشكاوى لمقاضاة المسؤولين الإسرائيليين أمام المحاكم الدولية أو الوطنية، ومكافحة الحصانة التي طالما حمتهم وحمت ارتكاباتهم وفظائعهم لأسباب سياسية. وثمة أكثر من فرصة لتحقيق ذلك ولتشديد الضغط على إسرائيل والحكومات الحامية لها من قبل المنظمات الحقوقية والفاعلين الحقوقيين المدعومين من شرائح واسعة من قوى سياسية ومجتمعية ونقابية وأكاديمية وطلّابية في أغلب بلدان العالم، ممّن يشاهدون يومياً مقدار التوحّش في القصف والتدمير والتهجير والتعذيب الذي يطال أكثر من مليوني فلسطيني في رقعة جغرافية لا تتجاوز مساحتها الـ363 كيلومتراً مرّبعاً، هي نفسها المتعرّضة لحصار منذ العام 2007 تبعته أربع حروب واسعة، وهي نفسها التي تُبرز التقارير العسكرية أن لا قوّة تدميرية أصابت منطقة في العالم في العقود الأخيرة، خلال فترة قصيرة، على نحو ما أصابتها في بضعة أسابيع.

في كل الأحوال، ستستمر المعركة ضد جرائم إسرائيل على مختلف الجبهات السياسية والقانونية والثقافية. ولا شكّ أن كل جولة من جولاتها ستُحقّق بعض الإنجازات أو الخروقات التي يُمكن أن يُبنى عليها، رغم كمّ المصاعب والعقبات والأهوال، ورغم تأخّر المحاكم عامةً وبطئها في التحقيق والتحرّك والمقاضاة…

*كاتب وأكاديمي لبناني

 

6- رسالة الى القيادي في حركة حماس اسامة حمدان

مرات متكررة ونحن ننبه قيادات الفصائل الجهادية الفلسطينية بان تضع الحقائق كما هي وتزن الامور بموازينها الحقيقية لا العاطفية او النفعية او العلاقات المشبوهة.واليوم يظهر لنا اسامة حمدان غير مبال بنصائحنا ولا احترام لاهل السنة في العراق فيكيل المدح للميليشيات العراقية التي هي في حقيقة الامر ايرانية امريكية. ويستنكر استهدافها لان ذلك منع لها للقيام بواجبها؟ ترى ماهي واجبات هذه الميلشيات؟! اليست هي ومن تتبع له من الاحزاب هي من طردت الفلسطينيين واذاقتهم مر العيش وهجرتهم عن العراق؟ اليست هذه الميليشيات هي من قتلت اهل السنة* *وهجرتهم وانتهكت اعراضهم هي واحزابها؟ اليست هذه الميلشيات هي التي اشاعت الطائفية في العراق ومكنتها وجعلت اهل السنة اقلية لاحراك لهم؟ اليست كذا وكذا الخ!

ترى ماذا ينتظر منها اسامة حمدان لنصرة غزة؟!!؟ ان كانت الميلشيات تريد ان تصد عدوان اليهود في غزة فتلكم غزة طريقها معروف ليست في القواعد الامريكية (التي اصبحت شكلية لاوجود لها حقيقياً في صحراء الانبار)، نعم ان هذه الميلشيات تنتظر ان تهيأ لها الظروف في غزة للاستيلاء عليها ثم تسليمها الى ايران وانتم تعلمون ما وراء ذلك دينياً واجتماعياً ووووالخ.ان تصريحكم يا أسامة حمدان غير موفق وموقفنا منه موقف المستاء وما عليكم الا ان تعتذروا للشعب العراقي على ذلك

والله من وراء القصد

الشيخ الدكتور عبدالحكيم عبدالرحمن السعدي

٢٧/١٢/٢٠٢٣

 

7- هل هذا معقول؟ الدكتور أحمد عبد العزيز

أن تطلب إيران إلى ‫حماس: أن تذكرها بخير، وتثني على دورها، في مناسبات معينة، مقابل دعمها للمقاومة الإسلامية في غزة، فهذا أمر مفهوم، وقد قامت حماس بذلك مرارً مما عرضها لنقد شديد، وكنتُ واحدا من منتقديها..‏أما أن يُصرِّح الناطق باسم الحرس الثوري الإيراني بأن طوفان_الأقصى كان ردا على اغتيال قائد الحرس الثوري قاسم_سليماني

فهذا امتهان لحماس ولكل فصائل المقاومة، وإساءة لا يمحوها بيان نفي لهذا التصريح الفج الخالي من اللياقة! ‏لقد قدمت حماس كثيرا من رموزها ومؤسسيها شهداء أثناء مسيرتها الجهادية ضد المحتل الصهيوني، وكان من باب أولى أن تجعل من طوفان الأقصى ردا على اغتيال مؤسسها الشيخ *أحمد ياسين*، أو خليفته الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أو الشيخ نزار ريان أو القائد أحمد الجعبري وغيرهم كثر، غير أن حماس لا تشن حربا كبرى كهذه انتقاما لشخص حتى لو كان زعيمها المؤسس، وطلائعها الأولى، وإنما هي حرب تحرير مقدسات وشعب وأرض بمختلف طوائفه ودياناته وفصائله، وقد بات الكل يعي ذلك وفي مقدمة الكل أطفال غزة..

‏إن تصريح الناطق باسم الحرس الثوري الإيراني لا يمكنني قراءته ولا فهمه إلا في سياق الثأر "الإعلامي" لسليماني الذي لم تثأر له إيران حتى الآن! وكذلك الثأر للمستشار رضا موسوي الذي اغتاله العدو الصهيوني في سوريا قبل أيام..

‏لإيران أن تثأر لقتلاها بالأسلوب الذي يناسبها، بشرط ألا تربط ذلك بطوفان الأقصى، تلك الحرب الوحيدة التي أهانت العدو الصهيوني، وحطمت كبرياءه، ونسفت أسطورة تفوقه، وألحقت به هزيمة لم يشهدها منذ قامت له دولة، وكبدته خسائر أضعاف خسائره في كل الحروب التي خاضها مع محيطه العربي..إنه لمن المسيء للمقاومة الإسلامية في غزة، وحماس في القلب منها أن يكون هذا النصر الكبير والفريد ثمنا لاغتيال قاسم سليماني، أو حتى خامنئي نفسه!

 

8- هزيمة قوات النخبة الاسرائيلية بقلم: ريتشارد كيمب عقيد متقاعد الجيش البريطاني

جريدة الجارديان البريطانية

ما حدث لقوات لواء النخبه الاسرائيلي لواء الجولاني وانسحابه من غزه بعد ان تعرض لخساره 45 في المئه من معداته و قتل المئات من ضباطه وافراده امام كتيبه من كتائب حماس في حي الشجاعيه في غزه يعد معجزه كبيره، فمن غير المعقول ان يواجه افراد ومجاميع يمتلكون اسلحه بدائيه لا تقارن مع مايمتلكه اقوى جيش في الشرق الاوسط برا وبحرا وجوا ويقف خلف هذا الجيش اقوى حلف عسكري وهو حلف الناتو "و بمسانده قوات على الارض من دول حلف الناتو *

خروج لواء جولاني من المعركه وانسحابه من غزه ان لم يكن فراراً، إذا تشير التقارير بأن افراد وضباط اللواء يفرون من ارض المعركه، اذا ما الذي يمتلكه مقاتلي حماس؟؟؟ وماهذا الصمود المذهل؟؟ ومن اين تأتيهم الشجاعه ورباطه الجأش؟؟؟ اسرائيل في حاله جنون ومن يقف خلفها في حاله من الحيره اذ لم يبقى في مخزونهم ومستودعاتهم غير الاسلحه النوويه لضرب مجموعه صغيره ضربت اروع البطولات التي لا يمكن ان تقاس حسب الموسوعه العسكريه المعروفه"" "

 

9- مجاملات ونفاق السياسه.. ابو حمزه فلسطين المحتلة

بالاساس كلها تقوم على الكذب واظهار عكس ما يبطن المتحاورون...

تنتهي المجاملات والنفاق عندما يبدا تقاسم الكعكه والحصص والمواقع والمناصب...الهدف في السياسه هو الوصول الي الحكم اما من اكتفوا بالتسحيج وحمل المحارم فهم دوما خارج اللعبه..عادة ما يتم التقاسم حسب النفوذ والواقع الميداني وقوة الحضور الشعبي او حسب نتائج الصندوق اذا وجدت حاله ديمقراطيه..وقد يتم الحسم حسب اخر جنزير للدبابه واين وصل...

بعد معركة الكرامه ذهب ياسر عرفات الى القاهره وفي جامعة الدول العربيه قال لهم هذه المنظمه لنا بتاعتنا نحن من يقرر فيها ويعيد تركيب البزلز فيها..المكونات حسب الحضور وهكذا تم تقاسم عضويه المجلس الوطني واللجنه التنفيذيه وكانت الغلبه فيها والقرار لفتح وانعكس ذلك على كل مؤسسات المنظمه ومنظماتها الشعبيه حيث هيمنت فتح على القرار والسلطه فيها وان كانت تقبل بمنح بعض المقاعد لكن القرار بيد فتح والرئاسه لها..

بعد الانتفاضه وبروز حماس كاحد اللاعبين طرح عرفات على حماس الدخول في منظمة التحرير ولحماس نظره الي المنظمه ومنذ البدايه لم تكن مقتنعه ان تكون تحت مظلتها وفضلت الانفراد والابتعاد او التقارب من موقع النديه حسب الحاجه...طلبت حماس ٤٠% من مقاعد المجلس الوطني وعرفات قال لهم وماله ٤٠ مقعد تفضلوا خدوها عمل حاله مش عارف..واستمر هذا الحال مراوحه دون رغبه في المشاركه..حماس تعتبر نفسها البديل لمنظمة التحرير ولا تريد وراثتها بل ازالتها..

والمنظمه بمكوناتها تنظر بريبه وشك الي العلاقه مع حماس بالرغم من كل النفاق لكن في حديث القلب للقلب يتم الحديث بصراحه لا يمكن الشراكه ولا اللعب في فريق واحد..حتى في العلاقه بين حماس والجهاد تجدها دوما محل شد وجذب عكسي ويوم تشكيل تحالف الفصائل العشره بعد اوسلو لم يفلح ولم يتقدم خطوه واحده بفعل هذه العوامل..اما على صعيد المنظمه فالعلاقه القائمه لا تعدو اكثر من علاقه هيمنه من فتح على باقي الفصائل التي سميت باسمائها لصاحبها حركه فتح وقد كانت في زمن ياسر عرفات تتحرك برسن طويل اما اليوم فالحبل مشدود الي المقود..

هذه الصوره التوضيحيه للعلاقه البينيه الفلسطينيه توضح هذا التضارب والتنازع والاختلاف الذي اوصل الحاله الا الانقسام الحاد افقيا وعموديا..

اليوم وفي خضم طوفان الأقصى ومخرجاته وابعاده ونتائجه التي يتم الخوض بها اليوم التالي لما بعد انتهاء، الحرب اليوم التالي لغزه اليوم التالي اسرائيليا واليوم التالي فلسطينيا واليوم التالي سياسيا وبكل ما تحمل الكلمه معني..سنشهد تغييرا ولن يكون اليوم التالي كما كان بالامس فلسطينيا ومهما كان الثقل امريكيا او مدعوما باسرائيل فلن يخلق الا محميه فلسطينيه تحت غطاء اسرائيل اما في الاتجاه الاخر فلن يكون الا قلعه مقاومه وشوكه في حلق العدو..

اليوم التالي سيعيد تشكيل الحاله الفلسطينيه بما يتناسب والميدان مع بقاء مجموعه مواليه للعدو يستخدمها في مواجهه المقاومه..لن يتم شطب السلطه بجرة قلم لكنها لن تكون بتلك القوه في مواجهه المقاومه وما تمثله من حاله شعبيه اخذت موقعها بالدم ومقارعة العدو...اليوم التالي لكل حادث حديث لكن ما يمكن قوله انه لن يكون اسرائيليا ولا سلطويا...

الطروحات السياسيه..لن يتوقف اطلاق النار بقرار من مجلس الامن ولا بقرار مصري ولا بقرار عربي ولا بكل تظاهرات ومسيرات العالم التي تدعوا له

لن يتوقف اطلاق النار الا في حالة هزيمة اسرائيل او القضاء على المقاومه وما زال هذا الافتراض بعيد المنال..لذلك لن يتوقف اطلاق النار لان نتنياهو لا يريد ذلك او لان حماس تريد ذلك او لان امريكا لا تريد بعدلن يتوقف اطلاق النار قبل انضاج طبخه سياسيه ما زالت مكوناتها لم تحضر بعد ولم يتم اختيار الطباخ ولم تاتي الطناجر...

هذه المعركه ليست كسابقاتها لذلك نتائجها لن تكون على مزاج البعض او مشان خاطر بعض الكتاب او الساسه او لعيون هيفا..هذه المعركه فاصله بكل المقاييس واول حرب فلسطينيه اسرائيليه بعد النكبه عام ٤٨..تسميها إسرائيل حرب الاستقلال الثانيه

وتسميها حماس حرب التحرير او بروفه لحرب التحرير.حرب اريق فيها ماء وجه اسرائيل وتبعثرت كرامتها ومسح بجيشها الارض وتمرغ انف نتنياهو وحكام اسراىيل في التراب..حرب اظهرت ضعف وعجز وهشاشة ونقاط ضعف الكيان الصهيوني مما استدعى تداعى الحلفاء على عجل سياسيا وعسكريا وحتى دينييا..

حرب اظهرت ان كل الشعارات والتحالفات وكل اللقاءات وما يقال عن حلف الممانعه والمقاومه ووحدة الساحات وغيرها كانت للاستهلاك المحلي كما هي الوحده الوطنيه الفلسطينيه وانهاء الانقسام وكل الحكي الفاضي.حرب اظهرت ان لا عرب ولا مسلمين في الميدان وكلهم في المطاعم ومنفصلين عن الواقع معهمش خبر..

حرب اكدت ان التطبيع كان اقوى من اتفاقات السلام وان زراعة العملاء اهم من زراعة الحشيش..وحتى لا نغرق في التفاصيل نعود الى الطبخه التي ما يزال التحضير لها سابقا لاوانه وتقوم على اساس السؤال الوحيد

هل يمكن السماح بالعيش الى جوار اسرائيل؟ هل يمكن القبول بمجرد فرضيه ٧ اوكتوبر اخرى..؟ هل يمكن السماح بوقوع حرب اخرى..؟

لذلك ما هو الحل الذي، يمكن ان يجيب على هذه الاسئله:هل يمكن صنع سلام بعد كل هذه الدماء، هل سيحصل التغيير الكبير الذي يجعل من وجود اسرائيل مستحيلا في هذه المنطقه..اسئله كبيره واجابات اكبر من صغحات الفيس بوك وقد لا يقدر عليها كثيرون من الساسه في الوطن العربي..

الطبخه السياسيه الكبرى لن تكون اقل من طوفان الاقصي وقد يغيب عنها الاقزام والوسطاء والسماسره فلا مكان فيها للصغار..المعارك الكبرى كما حدث بعد الحرب العالميه الاولى الثانيه عقدت مفاوضات ومعاهدات لقرن قادم على الاقل..وطوفان الاقصي لا يقل في مفاعيله ونتائجه وضحاياه عن الحروب العالميه ولا حتى عن المشاركين فيه...انها حرب عالميه وان لم تسمى بذلك ونتائجها لن تكون بحجم السيسي...وللحديث بقيه..

 

10- في اليوم ٨١ من الطوفان الرفيق ابو حمزة - فلسطين المحتلة

ونحن نقترب من نهاية الشهر الثالث وقد نكون اقتربنا من نهاية مرحلة البدايه التي بدات في السابع من اكتوبر..بمعركة لا يشبهها الا معارك تاريخنا العظام فهى من حيث التوقيت والمفاجأه تشبه معركة بدر ومن حيث قدرات العدو وتحالفاته تشبه الاحزاب ومن حيث الاستراتيجيه تشبه فتح مكه ومن حيث الضراوه والشده تشبه القادسيه ومن حيث الشمول تشبه عين جالوت ومن حيث النتائج قد لا تشبه ايا ممن سبق وستسجل تاريخا فاصلا..

طوفان الاقصى يقترب من نهاية البدايه وقد بدا بفتح مبين ومفاجأه كبرى وانتصار على الجيش الذي كان يدعي انه لا يقهر واذا به يداس بالاحذيه ويمرغ في التراب..بداية التغيير وبداية معركة التحرير بعد ان تم حذف كل الموروث وكل ما قيل وكل ما حفظناه عن ظهر قلب وكل الخزعبلات والتخويثات والتخويف والامثله والشعارات ووضع مكانها جميعا انه لجهاد نصر او استشهاد خيار واحد لا غير ونتيجتين اما النصر او الشهاده لا تراجع ولا استسلام ولا مجرد تفكير بتغيير النهج او الطريق وهو الجهاد...

استطاع طوفان الاقصى ان يجمع في طريقه كل الشرفاء كل المؤمنيين بالحريه والتحرير تجاوز كل المناكفات وكل جلسات العصف الذهني وكل حوارات الحكي بلا نتائج وذهب مباشره الي لعلعة الرصاص وصهيل الخيل والمنازله التى اذهلت الصديق قبل العدو وحقق النتاىج الكبرى في ساعات وعاد الى مرابضه شامخا مؤزرا وفي حساباته ما سيقترفه العدو من خسه ونذاله واجرام..

انها الحرب لها تكاليفها منها ما هو متعارف عليه ومنها ما هو خارج الصندوق فهي حرب غير متناظره لا من حيث القوه ولا العدد ولا من حيث العقيده القتاليه ولا من حيث شرف الخصومه ولا من حيث قواعد الاشتباك.. مواجهه مع عدو معروف عنه الاجرام والمجازر وارتكاب كل اشكال الاذى ولا عهد له ولا وعد مغرور متعال كذاب لا يحترم جوار ولا حليف ولا صديق ولا معاهده ولا اتفاق ولا يعرف عبر ناريخه الا القتل..

لذلك ومنعا للاطاله وبما اننا اقتربنا من نهاية البدايه وما زال المشوار طويل والمعركه لها ابعاد اخرى غير المواجهه العسكريه او الاعلاميه ولا يجوز ومن غير المفهوم ان نجلس جميعا في مقاعد العسكر او المحلليين العسكريين او المتفرجين بانتظار النتائج او نصرخ او نشتم او نبكي او نلوم انفسنا او الفاعلين..

وتمر الايام وكلنا يشتغل بالعد عداد الايام وعداد الشهداء والجرحى وعداد قتلى العدو والياته المدمره وعداد البنايات المدمره وعداد الاطفال والنساء الشهداء وتشغلنا وسائل الاعلام بما هو غير مفيد او محبط او كاذب او مضلل ولا نرى فعل شعبي او جماهيري او سياسي باستثناء بعض ما يروج له العدو لما بعد اليوم التالي وشروط وقف النار او عدم وقف النار والرهائن وننسى او نتناسي ان هناك مليونان وثلاثمئه الف بني ادم ما زالوا حقل تجارب هاجروا انزحوا من هنا الي هناك مناطق غير امنه ولا يوجد شبر امن في غزه كلهم الان في محشر وعلى صعيد واحد بلا ماء ولا غذاء ولا دواء ولا رعايه ولا خيام وحياتهم كلها ساعه بساعه اذا لم تكن اقل دقيقه بدقيقه وما زال مخطط التهجير القسرى او الطوعي يحتل البند رقم واحد من اجل افراغ قطاع غزه من سكانه واخضاعه لهيمنه الاحتلال والقضاء على كل اشكال الحياه والمقاومه فيه هذا المخطط وان كان مرفوض شكلا واعلاميا الا انه يطبخ على النار ويخضع لعوامل وضغوط واغراءات وموافقه ورغبه ورضى مصحوب بالخجل وكثير من المصالح..

ماذا نحن فاعلون وهل نكتفي بالانتظار او التسحيج او الشتم او البكاء او النفخ في قدرات او توقعات ونشر البشائر والنصر صبر ساعه او نص ساعه ونحن لا ساعة لدينا ولكل واحد منا مواقيته واذان لصلاته..

حان الوقت للعمل لياخذ كل دوره وقد يسال سائل من تقصد ليش في حدا..وهذا نوع من انواع التثبيط..

يجب على القوى السياسيه المبادره فورا الي تشكيل جبهه مساعده لنصرة اهل غزه وتمكينهم من الصمود والثبات وتقصي احتياجاتهم وتشكيل اللجان وجمع التبرعات والهبه المشتركه والضغط على الحكومات لايصال ذلك وادخال المواد والفرق والتهيئه لليوم النالي الذي لا ينتقص ولا يحيد ولا يضيع من جهد المقاومه..

التفاصيل كثيره وان تشعل شمعه خير من ان تلعن الظلام...

 

11-عمر ابو زيد شهيدا الرفيق ابو حمزة/فلسطين المحتلة

عمر ابو زيد شهيدا. فقد عاش ومات مقاتلا في الصفوف الاولى دوما من اجل فلسطين عمر ابو زيد ابن فلسطين عاش ومات لاجلها لم يعرف غيرها ولم ينتمى الا لها كانت بالنسبه له الاول في كل شيء وقبل كل شيء من عرف عمر او تعرف اليه عرف كيف يمكن ان تكون فلسطيني كيف يمكن ان تحب فلسطين كيف يمكن ان تكون فلسطين في كل حركه او نبضه قلب. عمر لم يهادن ولم يتاجر ولم يساوم في حب فلسطين احب فلسطين واحبه الجميع..كل من عرف عمر ومن لا يعرف عمر ابو زيد وهذا الاسم الذي بقى كالجرس اكثر من نصف قرن حاضرا في الميدان عمر كان قائدا متميزا اينما وجدا وفي كل مواقعه وعلى عكس القاده الذين تسلقوا الى المواقع لم يكن عمر في موقع القياده الا تكليفا وليس تشريفا...كان خادما بصدق يسال ويساعد ويقدم للجميع لم يغب يوما...عمر باي صفه يمكن ان ارثيك او اناديك كنت نعم الاخ والصديق والرفيق والجار. عمر شهيدا وها انت تفارقنا في خضم معركة طوفان الأقصى ولم تغب يوما عن معركه من معارك الامه وقد قدمت روحك ولم تبخل بشيء في سبيل فلسطين حتى اخر يوم شهيدا...

كم تمنيت وداعك وادعوا لك بالرحمه والعزاء لزوجتك والابناء وكل من احبك...انا لله وانا اليه راجعون

 

12-إيران توسّع مستعمراتها على أنقاض بقلم غزّة خالد البوّاب

السبت 30 كانون الأول 2023

تفرض التطوّرات السياسية والعسكرية التي تعيشها المنطقة على وقع الجبهات المشتعلة، ما يتعدّى الكلام حول الحرب على غزّة والقضية الفلسطينية. لم تعد المعركة مرتبطة بقطاع غزة إنّما بجبهات مفتوحة بشكل مدروس ومضبوط تتّصل بترسيم حدود ومواقع نفوذ في المنطقة. صحيح أنّ الحرب التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة تتّصل بعمليات تدمير وتهجير في سبيل إنهاء القضية الفلسطينية والإجهاز عليها، إلا أنّها وضعت عناوين كبرى لها، منها ما يستحيل تحقيقه ومنها ما يشير إلى معركة طويلة الأمد.

من الأسباب المباشرة الأولى، التي لن يكون هناك إمكانية لتحقيقها، ما أعلنته إسرائيل حول سحق حركة حماس وإنهائها، وتالياً تهجير الفلسطينيين إلى الدول المحيطة. وهذه كلّها لا تزال غير قابلة للتحقّق في ظلّ صمود الجسم العسكري لحماس وإدارة المعركة. أمّا في ما يتعلّق بالعناوين الواسعة للمعركة، فيأتي ما أعلنته إسرائيل من أنّ الصراع هو بين قيم الحضارة الغربية وبين التخلّف، وبين إرادة الحياة وبين إرادة الموت، وأنّ المعركة التي تخوضها تل أبيب هي معركة للدفاع عن أميركا وأوروبا. وقد أكثر المسؤولون من هذا الكلام في الفترة الماضية للحصول على دعم غربي ولوضع المعركة في سياق أوسع يتّصل بالتمدّد الغربي في المنطقة، الذي يلقى مواجهة من قبل الصين وروسيا وإيران. وفي مثل هذه المعارك لا تكون النتائج سريعة إنّما ستكون الحروب باردة وساخنة على فترة طويلة من السنوات.

تشير مصادر دبلوماسية عربية مواكبة للمفاوضات التي تشهدها القاهرة لـ"أساس" إلى أنّه يمكن خلال الأسبوعين المقبلين الوصول إلى وقف إطلاق نار عملي وغير معلن

حرب الاستنزاف:تشير الوقائع الحالية إلى الدخول في مرحلة من حرب الاستنزاف على الجبهات المختلفة، في قطاع غزة، جنوب لبنان وحتى في اليمن والبحر الأحمر. فيما إسرائيل تواصل استنزافاتها لحماس داخل غزة، ولإيران وحلفائها في سوريا مع عدم بروز أيّ مؤشّرات حول توسيع الصراع إلى لبنان ليتحوّل إلى حرب شاملة. إذ تشير مصادر دبلوماسية عربية مواكبة للمفاوضات التي تشهدها القاهرة لـ"أساس" إلى أنّه يمكن خلال الأسبوعين المقبلين الوصول إلى وقف إطلاق نار عملي وغير معلن، بحيث تغيّر إسرائيل من مسار عملياتها العسكرية داخل القطاع، وتبقي على عمليات الاستنزاف والاغتيال. كما تستبعد هذه المصادر امتداد الحرب على لبنان بالشكل الذي عرفته الحروب السابقة وآخرها حرب تموز. وهذه المعلومات التي يكشفها المصدر تتطابق مع ما كتبه الزميل نديم قطيش قبل أيام في "أساس" نقلاً عن معلومات أميركية تشير إلى الاستعداد للدخول في حرب استنزاف ضدّ قادة حماس في مناطق مختلفة، وربّما ضدّ مسؤولين في الحزب وآخرين إيرانيين.

لا تريد إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة، ولا الوصول إلى تفاوض سياسي لأنّ الحكومة فيها غير قادرة على إبرام أيّ اتفاق، وهذا يفرض تغييراً حكومياً إسرائيلياً والإطاحة بنتانياهو. بانتظار ذلك فإنّ العمليات الأمنيّة ستبقى مستمرّة لتبقي إسرائيل في حالة حرب. في ظلّ هذا الوضع، لا تريد الولايات المتحدة الأميركية تمدُّد الصراع أو اتّساعه إلى لبنان أو البحر الأحمر، وهي لا تزال تحافظ على قنوات اتصال خلفيّة بالإيرانيين في سبيل التفاوض المفتوح للوصول إلى اتفاق. ما تريده واشنطن في خضمّ الصراع الدولي الكبير هو استمالة طهران لا استعداؤها، وهذا يتّضح من خلال التعاطي الأميركي مع حلفاء إيران في العراق، لبنان، واليمن، وحتى التعاطي مع الموقف الإيراني الداعم لروسيا في أوكرانيا.

إيران تبحث عن دور موسّع:في المقابل، إيران تستفيد من الوضع القائم لتكريس دور موسّع في المنطقة. فهي التي كرّست دورها على الساحة الفلسطينية، والعراقية، والسورية واللبنانية بما يتّصل بأمن إسرائيل. تريد أن تكون إحدى أبرز الدول الشريكة في تقرير مصير الملاحة في البحر الأحمر. وبالتالي هي تطالب بالاعتراف بدورها في غزة والبحر الأحمر ولبنان. لذلك فإنّ المسلك الذي ينتهجه الحوثيون في هذه المرحلة يشبه إلى حدّ بعيد ما كان قد سلكه الحزب في الثمانينيات والتسعينيات وصولاً إلى انخراطه في الحروب السورية والعراقية واليمنية، كنوع من تكريس نفوذ إيران. هذا الدور نفسه يتكرّر مع الحوثيين.

بناء عليه، فإنّ الصراع القائم حاليّاً يتجاوز أيضاً النقاش المفتوح حول القرار 1701، أو دور الحوثيين ونفوذهم، أو مصير قطاع غزة ومستقبله. إنّما تريد طهران أن تكون راعية لأيّ تفاهمات في المنطقة، وتفرض نفسها شريكة أساسية في أيّ تسوية شاملة تحتاج إليها المنطقة. بينما في المقابل، سيحاول الإسرائيلي العمل على التصعيد في سبيل التفاوض حول حدود النفوذ ونوع الدور الإيرانيَّين.

إذا كانت روسيا خاضت الحرب ضدّ أوكرانيا لمنعها من أن تكون غربية، وفي إطار وضع سدّ منيع ضدّ التمدّد الغربي نحو الشرق، فإنّ الأميركيين والإسرائيليين يقولون بوضوح إنّ حربهم في قطاع غزة وضدّ الفلسطينيين هي حرب العالم الغربي أو المتحضّر، حسب وصفهم، بينما لم يظهر أيّ موقف روسي داعم لإسرائيل، فيما يتّضح دور إيران المنوط بحلفائها في غزة، جنوب لبنان، واليمن لمواجهة هذا المشروع ومنع إسرائيل من تحقيق انتصار كاسح يشير إلى تقدّم المشروع الغربي وانتصاره. لذلك فإنّ إيران تحاول منع مشروع التغريب واتفاقات السلام مع إسرائيل أو اتفاقات التطبيع، لأنّ ذلك سيجعل إسرائيل الدولة القاطرة في المنطقة. إنّه الصراع الذي يأخذ مجدّداً طابع الصراع بين الشرق والغرب.

 

ثانيا: ذكرى استشهاد القائد صدام حسين:

1-صدام حسين يستشهد في بغداد ويُبعث في فلسطين الدكتور اكرم الجبوري

القائد صدام حسين، الابن البار العربي، الاصيل الفلسطيني، الذي قدم حياته لفلسطين قضية البعث المركزية ووهبها كل حاجاتها.لقد جعل الرئيس صدام العراق الارض الملتهبه شعبا وقيادة لفلسطين، وكان العدو في حيرة من امره للتخلص من القائد صدام حسين والعراق... لقد سخر سيادته الامكانات الماديه والمعنويه الوطنيه لفلسطين حتى لحظة احتلال العراق ولحظة اغتياله مرددا اسم فلسطين الحرة من البحر الى النهر.

لم تنقطع يوما الرعايه المستمره والدائمه لفصائل المقاومه الفلسطينيه بأجمعها لاسيما جبهة التحربر العربيه ودعمها المباشر بالقيادات العسكريه والمقاتلين والمستلزمات العسكريه من معسكر التدريب الى خط التماس المباشر مع الصهاينه...تحمل سيادته الرعايه الابويه لعوائل الشهداء والاسرى والمعوقين والطلبه الفلسطينين في الجامعات العراقيه ومعاهدها.

في عهد البعث والقائد صدام تم اعتبار شهداء فلسطين كشهداء الجيش العراقي مع المتابعه الخاصه من لدن سيادته شخصيا ومعرفة اوضاع العوائل الفلسطينيه في العراق وفلسطين.لقد كان القائد صدام حسين على اتصال مباشر بالانتفاضات الفلسطينيه وخاصةمنها انتفاضة الاقصى الشهيره التاريخيه.

وكان يقدم لعائلة الشهيد الفلسطيني 25 ألف دولار ويعيد بناء بيته إذا هدمه جيش العدو. يمنح الأسير والجريح 10 آلاف دولار، ويتكفل بعلاج جرحى الانتفاضة في مستشفيات الأردن.ان فلسطين والقائد صدام حسين تؤامان لاينفصلان رغم كل المؤامرات والاغتيالات المغريات التي تعرض لها.

ولا تزال اخر كلماته هاتفة "عاشت فلسطين حرة ابية من البحر الى النهر" تزلزل مضاجع الصهاينة والفرس.

 

2- لسنا قليلي الوفاء..بقلم الرفيق ابو حمزة - فلسطين

نستحضر في هذه الايام وفي خضم طوفان الاقصى ذكري استشهاد الرئيس صدام حسين رحمه الله الذي كانت اخر كلماته عاشت فلسطين عاش العراق عاشت الامه..

لم ينس فلسطين وهو يواجه الموت بشجاعه ولا بد من القول انه احب فلسطين حب العاشق حب الابن البار حبا تجسد في كل مراحل حياته منذ نعومة اظفاره وفي مراحل النضال المختلفه حتى وصل الى سدة الحكم بقيت فلسطين هي الحاضر الذي لا يغيب في فكر صدام فلسطين شعبا وارضا ومقدسات، ولم يكن صدام حسين يحب فلسطين ويكره الفلسطينية وينكل بهم او يحابي طرفا فلسطينيا على طرف كان يقترب او يبتعد بقدر اقتراب هذا او ذاك من فلسطين القضيه او ابتعاده عنها...

اعد صدام حسين العده كما يقتضي وبما استطاع كما امرنا الله واعد العراق ليكون قاعدة الامه في مواجهة الصهيونية واستعدادا لمعركة التحرير..اعد جيشا كانت عقيدته تقوم على ان الصهاينه هم العدو وان فلسطين ارضا عربيه محتله يتوجب تحريرها.اعد قاعدة صناعيه صلبه لتجاوز الحظر المفروض على تطور ونمو الامه في المجال التصنيعي وصولا الى عدم الاعتماد على القوى المتحكمه.اعد قاعده علميه بارقى واهم التخصصات من افضل الجامعات في العالم، اعد قاعده اقتصاديه تقوم على مبدا التنوع وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، بني افضل شبكه من الطرق والمطارات والسكك الحديديه..

لم يبخل في مد يد العون والنصره للمقاومه الفلسطينية بكل فصائلها عبر منظمة التحرير، واعتبر شهداء الانتفاضه شهداء العراق وكل بيت يتم هدمه او تدميره يحصل على تعويض لاعاده البناء، استقبل ابناء وبنات فلسطين في الجامعات العراقيه بدون حصر كطلبه بعثات دون النظر الي حلفيه سياسيه او اجتماعيه..ومع تمسك صدام حسين رحمه الله بالثوابت والحقوق دون تفريط الا انه منع تحويل الخلاف في بعض المواقف السياسيه الى حاله اختلاف جذري وترك الباب دوما مواربا مع تقديم النصح والمشوره..

ما يمكن ان يقال في صدام حسين وفلسطين الكثير وقد بادلته فلسطين حبا بحب ووفاء وما زال ذكره خالدا ولا يكاد يمر يوم او موقف او مناسبه دون ان يذكر صدام حسين ونري نصب صدام التذكاريه تزين مداخل وساحات المدن الفلسطينية.واليوم وفي ذكرى استشهاده وفي هذه الايام التي يخوض فيها شعبنا معركه طوفان الأقصى نستذكر بحزن والم صدام حسين الذي ما كان يترك غزه تواجه هذا العدوان منفرده دون سند حقيقي..

رحم الله صدام حسين شهيد الامه وفلسطين، واسكنه فسيح جناته مع شهداء فلسطين وطوفان الأقصى وكل الشهداء على طريق القدس...وانه لجهاد نصر او استشهاد.

 

3- تفتقدك فلسطين الصامدة بقلم اسماعيل ابو البندورة

أيها العربي الذي ودع وحيا فلسطين وهو على حبل المشنقة.. تفتقدك فلسطين يامن كنت تشير إلى نموذجية فلسطين وشعبها في العراك والمواجهة.. وكنت ترى أن الطريق إلى فلسطين قاب قوسين أو أدنى مهما قيل عن إنسداد الطريق ومشقة الوصول..

تفتقدك فلسطين وقد كنت تحملها داخل عقلك ووجدانك وكنت توعز بان البوصلة لابد أن تكون نحو تحريرها إذ أنك كنت ترى في قوة رجالها ما يطمئنك على مستقبلها وكنت تدعو إلى تكثيف الجهود والقوى لاستردادها..تفتقدك فلسطين هذه الأيام وهي تتصدى وتنتصر على عدو نازي ماعرف للانسانية والأخلاق سبيلا.. تفتقدك وهي تعرف أن روحك تحوم حولها وتقول لرجالها (عفية) هكذا يجب أن يكون الرجال..

هاهي فلسطين تنتخي بك وبأطيافك وتقرأ درسك القومي وتراك عندما أحاطت بك كل قوى الشر وصمدت وابيت التراجع والانهزام ويوم ودعتها بمايليق بها من كلام بأن تبقى كما هي في جغرافيتها وتاريخها الحقيقي من النهر إلى البحر..الآن وقد رحلت غيلة وشرورًا عليك أن تستريح في قبرك وأنت ترى فلسطين كما عهدتها مقاتلة وصامدة بوجه أعتى وأقذر الأعداء وأنها في طريقها إلى النصر والحرية..

 

4- الذكرى السابعة عشر لاستشهاد القائد صدام حسين الرفيق ابو هنيدة فلسطين المحتلة

فجر يوم عيد الاضحى في العام 2006 نفذت امريكا بايدي عملائها وعملاء ايران في المنطقة الخضراء جريمتها بتنفيذ حكم الاعدام الذي اصدرته محكمة فاقدة للشرعية عينها الاحتلال بالرئيس الشهيد صدام حسين وهي تعرف ان هذه المحكمة لم تستند الى قانون عراقي او دولي يعطيها الحق في محاكمة الرئيس ومن ثم الحكم باعدامة كما انها بنفس الوقت تجاوزت على قانون الجرائم العراقي الساري الذي يحظر تنفيذ الاحكام في ايام الاعياد الدينية والرسمية وايضا ينص على تصديق رئيس الدولة ليتم التنفيذ الذي يقتضي ان يمضي شهرا على الاقل على اصدار القرار ليتم التتفيذ. لقد كانوا في عجلة من امرهم وكان التاخير عن ذلك سيتيح للرئيس فرصة الافلات او الطعن بالحكم او الغائه اوان يتحرك ضمير البعض من حكام العرب ويتدخل للعغو عنه.

لقد دفع العراق ورئيسه ثمن الدعم لفلسطين وثمن استقلالية القرار العراقي كيف لا وعراق صدام حسين هو الوحيد الذي وقف ودعم فلسطين ومقاومتها بكل فصائلها والعراق بقيادة صدام حسين هو الوحيد من تفرد بقصف الكيان ب39صاروخ وتحدى على الحكام من يطلق الصاروخ ال40وصدام حسين الوحيد من دعم الفلسطينيين في الانتفاضة الثانية ومنح اسرة كل شهيد 25الف دولار وامر باعمار ما تهدم من البيوت واعتبر شهداء فلسطين كشهداء الجيش العراقي في مستحقات اسر الشهداء، وفي اثناء الحرب العراقية الايرانية وغداة اجنياح العدو لبيروت عام 82واعلان ايران عن استعدادها لارسال جيشها للدفاع عن الثورة الفلسطينية متذرعة بانه لولا الحرب لتفعل ذلك فما كان من مجلس قيادة الثورة ان اعلن انه مستعد ليسمح للجيش الايراني بالمرور من العراق ليذهب الى لبنان وان العراق نفسه سيدفع بجيشه ايضا ليشارك بنفس المعركة مشترطا فقط موافقة ايران على قرار وقف اطلاق النار ليببن بهذا زيف الادعاء الايراني عن استعداده لمحاربة الكيان.

وكما سبق وقال الرفيق الشهيد في احدى لقاءاته تعبيرا عن حجم الدعم العراقي لفلسطين ومقاومتها انه ليس من بندقية فلسطينية الا وفيها مسمار عراقي، وهو الذي اعد بشكل جدي لمعركة التحرير بان ارسل قوات خاصة لاستطلاع الحدود مع الكيان من جهة الاردن لا بل سير كثير من الطلعات الجوية لذلك وهو القائل اعطونة وصلة قاع على الحدود مع الكيان ونحن نكفيكم مهمة التحرير

لقد بنى العراق اقتصاده وجيشه وتعبئته الشبابية والوطنية على هدف التحرير الذي عمل من اجله طيلة 35عاما لذا فعندما باءت كل محاولاتهم بثني العراق عن فلسطين ودعمها ودعم شعبها وبعدم تبني سياسة الناي بالنفس عن قضيتها تم فتح جبهة ايران التي استطاع صدام حسين بغلقها باتفاق الجزائر مع الشاه بان اوعزوا للخميني بان يسافر الى باريس ليركب موجة الثورة الشعبية المتصاعدة التي قادتها القوى الوطنية الايرانية وبعد ان تخلوا عن الشاه عقابا له لتوقيع اتفاق الجزائر فامر بالعودة الى طهران على طائرة فرنسية خاصة ليعلن عشية وصوله انه سيعمل على تصدير ثورته التي اسماها يالاسلامية الى الجوار مبتدءا من العراق فبدات المشاغلات الحدودية والخروقات العسكرية التي اخذت ذروتها في 4/9/80بالاغارة المتواصلة على بغداد حيث تم اسقاط احدى الطائرات واسر طيارها. ولما لم نفلح ايران في تحقيق اهداف الحرب باسقاط نظام البعث وثورته وتجرع خميني السم بقبول قرار وقف اطلاق النار في 8/8/1988 استدار الحلف العدواني في تحريك انظمة الخيانة في الكويت والامارات ليمهدوا لهم التدخل المباشر فكان دخول الكويت الذريعة التي استخدمت لقدوم الاساطيل فاين كانت حكومات العرب وجامعتهم الهزيلة في فرض الانصياع على حكام الكويت والامارات باحترام سيادة العراق وحقوقه ولكن بدات ادوار هؤلاء الحكام تبان بكل وضوح فعبرت انظمة مصر وسوريا والسعودية عن مدى التساوق والتامر لتحقيق هدف تحطيم العراق وجيشه ولاول مرة في تاريخ مجلس الامن يتم اتخاذ قرارات تحت البند السابع ليتم فرضها دوليا والزام الدول على تطبيقها ليتمكنوا من خنق العراق وحصاره لمدة 13عاما يجردوه خلالها من كل اسباب المنعة والقوة حتى شملت اقلام الرصاص وحليب الاطفال والكثير من المواد التي تدخل في نطاق الاستخدام المزدوج مع جولات التفتيش على اسلحة الدمار الشامل حتى شملت القصور الرئاسية ورغم علمهم بخلو العراق من هذه الاسلحة الا انهم بالرشا والكذب والتضليل افشلوا ان يصدر عن الامم المتحدة ولجان التفتيش تقريرا عن خلوالعرلق منها والتزامه التام بعدم تطويرها لتبقى هي الحجة التي استخدمت لغزو العراق واسقاط نظامه الوطني في 2003والذي استخدمت فيه اسلحة غير تقليدية بضرب المطار ليتم بعدها لهم السيطرة على بغداد واحتلالها واسقاط نظامها الوطني.

 

شعر المعركة

1- الحقُّ أعلى من ضجيجِ الحاملاتْ د. أحمد قايد الصايدي

مذهولةٌ هذي الجماهيرُ التي

رانت على حُكَّامِها عدوى السُّباتْ

إهتزَّت الدُّنيا أفاقت كلُّها

لم يبق فيها نائماً غير الذَّواتْ

أين الجيوشُ الساحقاتُ الماحقاتْ؟

أين اختفت دروعُكم، أين المشاةْ؟

أين الصَّواريخُ التي قلتم لنا

أعددتموها للَّيالي الحالكاتْ؟

في الجوِّ أعددتم سلاحاً ضارباً

أين اختفى فرسانُه والطَّائراتْ؟

أين الأساطيلُ التي كانت هنا

في السِّلم تمضي جارياتٍ راسياتْ؟

أين الخطاباتُ التي اختلتم بها؟

أطلقتموها هادراتٍ صاخباتْ

أين الوعودُ اخلفتمُوها كلَّها

أين الوعيدُ انسَتْكُموهُ النَّازلاتْ!!

هل تسمعون القدسَ تشكو جرحَها؟

قد طالت الشكوى، فهل أنتم مَواتْ!!

من غزَّةَ الأبطالِ درسٌ نافعٌ

فلتفهموا منه المعاني السَّامياتْ

أطفالُها من رُضَّعٍ أو خُدَّجٍ

أضحوا طعاماً للكلابِ التائهاتْ

والأمهاتُ استأثرت في دفنها

دبَّابةٌ أو مدفعٌ أو راجماتْ

أحياؤها اندكَّت أُبيدت كلُّها

والعالمُ (الحرُّ) ارتضى دعمَ البغاةْ

لم يوقفِ المحتلُّ طوفاناً طما

أو يُضعفِ الأبطالَ هولُ الفاجعاتْ

أو يَحجبِ الإعلامُ حقَّاً ظاهراً

أو تخدعِ النَّاسَ الدَّعاوى الزَّائفاتْ

العدلُ أقوى من أساطيلٍ أتت

والحقُّ أعلى من ضجيجِ الحاملاتْ

لن يثنيَ الأبطالَ في أوطانهمْ

إرهابُ مصَّاصي الدِّماءِ النَّازفاتْ

حُكَّامُنا قد آن أن تستوعبوا

معنى شموخِ الماجداتِ الصَّامداتْ

بالأمسِ صوتٌ أطلقته حُرَّةٌ

تستنجدُ الحُكَّامَ من رومٍ طغاةْ

هبَّت إليها نجدةٌ مشهودةٌ

لم يَجبُنِ الحُكَّامُ والجندُ الأباةْ

واليومَ أصواتُ الملايين اعتلتْ

لم تسمعوا حتَّى نحيبَ الأمهاتْ

أعطيتمُ الأعداءَ ما لم يحلموا

مكَّنتموهم من رؤوسٍ شامخاتْ

إن تنهضوا فالفعلُ محسوبٌ لكمْ

أو تقعدوا فالعارُ من بعضِ الصَّفاتْ

صنعاء، 24 ديسمبر 2023م

 

2- صدام حسين في ذكراه شعر رياض ابراهيم عبيد

أيَنْتَهي بِكَ؟ لا، بَلْ يَبْتَدي العامُ

يَوْمٌ كَيَوْمِكَ، في التّارِيْخِ، أعْوامُ.!

يَوْمٌ تُسائِلُهُ الأجْيالُ عَنْ خَبَرٍ

فَيَهْتِفُ المَجْدُ، إنَّ المَجْدَ صَدّامُ

تارِيْخُ قِفْ، وَتَعَلَّمْ مِنْ مَشاعِلِنا

صُنْعَ الضِّياءِ مَتى ما الدَّهْرُ يَعْتامُ

صَدّامُ، يا شُعْلَةً ماجَتْ بِلا أفُقٍ

زَيْتاً تَقَدَّسَ، كَيْفَ الزَّيْتُ إضْرامُ!؟

وَجُرْأةُ الحَقِّ يَوْمَ الفَصْلِ تَذْكِرَةٌ

لِلواثِقِيْنَ، وَإخْبارٌ، فَإعْلامُ

يُقاسِمُوْنَكَ يَوْماً لا كَفاءَ لَهُ

وَفي معانِيْكَ إفْصاحٌ، وَإعْجامُ

فَكانَ بَعْدَكَ في الأحْداثِ مُفْتَرَقاً

لِلخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالسّاعُوْنَ أخْصامُ

وَكانَ مِيْعادُهُمْ مِيْقاتَ مَوْعِظَةٍ

وَكُلُّ دَرْبِكَ رَوْعاتٌ، وَأسْقامُ

كَفاكَ مِنْ بَيْنِهِمْ، أرْسى الزّمانُ عَلى

أيّامِكَ الوَجْدَ كَيْ تَبْكِيْكَ أيّامُ

فَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْأزْمانِ مُقْتَرِفاً

شَهادَةَ الخَلْقِ، وَالأيّامُ أرْحامُ

وَارْحَلْ، وَأوْسِعْ لِهذا المُنْتَهى وَطَناً كَيْما تُحاكِيْهِ قِيْعانٌ، وَأجْرامُ

لَأَنْتَ مَوْعِدُنا، وَالوَعْدُ يَكْتُبُنا

سِفْراً تُسَطِّرُهُ في الوَعْيِ آلامُ

وَأنْتَ قُدْوَتُنا، بَلْ أنْتَ قائِدُنا

أبا عُدَيٍّ، ألَيْسَ الخُلْدُ مَأثَرَةً

وعَنْكَ يُؤْثَرُ وَالأزْمانُ أقْلامُ؟

وَأنْتَ هَدْأتُنا، انْتَ انْتِفاضَتُنا

وَكُنْتَ يَقْظَتَنا حِيْنَ الوَرى نامُوْا؟

تَخُطُّ بِالدَّمِ، وَالألْواحُ شاخِصَةٌ

إلَيْكَ تَهْفُوْ، وَلِلْأبْطالِ إلْهامُ..!

صَدَعْتَ بِالحَقِّ بَرّاً نَقْتَفِيْكَ، وفي

الشَّهادَتَيْنِ حِساباتٌ، وَأرْقامُ

لِقَوْلِ قَوْمٍ، كَأنَّ الحَقَّ أنْطَقَهُ

عِنْدَ الشَّهادَةِ، أنَّ العَهْدَ قَوّامُ

فَلَيْتَهُمْ رَصَدُوْا، أوْ لَيْتَهُمْ فَقِهُوْا

أنَّ المَسِيْرَةَ إعْدادٌ، وَإسْهامُ!

وَتِلْكُمُ الوَقْفَةُ الغَرّاءُ مَدْرَسَةٌ

للواثِقِيْنَ فَلا، ما كانَ إعْدامُ

أَتِلْكَ مِشْنَقَةٌ تُغْري ضَحِيَّتَها

حَتّى أتَيْتَ بِما لَمْ يَأتِ ضِرْغامُ؟

وَقَدْ تَدَلّتْ، وَحَبْلُ السُّرَّةِ انْتَصَبَتْ

عَلى يَدَيْهِ عَمالِيْقٌ، وَأقْزامُ..!

طَفِقْتَ تَمْسَحُ عَنْها كَلَّ خافِيَةٍ

تُغْرِيْكَ قامَتُها تَزْهُوْ بِها الشّامُ

تَسْعى، كَأنَّكَ في الدُّنْيا عَلى سَفَرٍ

بِغَيْرِ زادٍ، كَأنَّ القَصْدَ إحْرامُ

ثَبْتَ الخُطى، واثِقاً، تَفْتَرُّ عَنْ زُحَلٍ

وَفيْكَ، عِنْدَ الّلقَاءِ، الثَّغْرُ بَسّامُ

حَسِبْتُ وَثْبَتَكَ المِعْراجَ، إذْ طَفِقَتْ

تَرْقى إلى ما ارْتَقَتْ في الظَّنِّ أحْلامُ

هُنا فِلَسْطِيْنُ ألْقَتْ عَنْ كَواهِلِها أكْفَانَها، وَعَوِيْلُ القُدْسِ هَدّامُ

وَلِلْبُيُوْتِ أنِيْنٌ كَالَّذيْنَ رَمَوْ_

_ها بالبلاءِ، فَما دامَتْ، وَلا دامُوا

وَكُنْتَ مَوْعِدَةً مِنْ بَعْدِ مَوْعِدَةٍ

لِلمُرْجِفِيْنَ، وَسَيْفاً حَدُّهُ الهامُ

فَفي الرُّجُوْلَةِ لَمْ تُخْفِضْ لَنا عَلَماً

وَفي البُطُوْلَةِ كَمْ شاقَتْكَ أعْلامُ.!

يا قَوْمُ، إنْ لَمْ تَكُنْ أعْمارُنا سَنَداً

فَالنَّوْمُ هَرْطَقَةٌ، وَالوَعْيُ آثامُ

لِلْفَضْلِ سابِقَةٌ، لِلْعَدْلِ خالِصَةٌ

لِعاشِقِيْكَ، وَبَعْضُ العِشْقِ إلْهامُ

للشّاخِصِيْنَ إلى الأضْحى وَقَدْ عَزَمُوا

أمْرَ الفِداءِ، فَأغْضى النَّصْلُ إذْ هامُوْا

فَأغْمَسُوا فَجْرَهُمْ في نَهْجِ مُلْهِمِهِمْ

فَلا ظَلامٌ، وَلا، مِنْ بَعْدُ، ظُلّامُ

هُوَ العِراقُ، مَناراتٌ، وَأَوْرِدَةٌ

وَلَيْسَ تُثْنِيْهِ أحْقادٌ، وَآثامُ

تِلْكَ الهُتافاتُ آياتٌ مُرَتَّلَةٌ

إذْ عاهَدُوْكَ لِيَوْمٍ دُوْنَهُ قامُوا

تَمْشي إلَيْكَ القُرى ناساً، وَأمْكِنَةً

كَالسَّيْلِ أمْواجُهُ دُوْرٌ، وَأقْدامُ

وَثَوْرَةٌ تِلْكُمُ الرّاياتُ تَرْفَعُها

يَدُ الحَضارَةِ ما سامٌ، وَآرامُ

نَشِيْدُها، وَجُنُوْدُ البَغْيِ أرْعَبَهُمْ

مَهِيْبُ خَطْوِكَ، وَالسّاحاتُ إقْحامُ

هُمْ فِتْيَةٌ، آمَنُوا بِاللهِ يَنْصُرُهُمْ يُبايِعُوْنَكَ، وَالإيمانُ إبْرامُ

وَالعابِرُوْنَ إلى الإنْسانِ يَرْفَعُهُمْ

فَوْقَ المنائِرِ يَوْمَ الفَصْلِ إكْرامُ

قَدْ أخْرَجَ الزَّرْعُ فِيْهِمْ شَطْأَهُ، وَإليْ-

-هِمُ اسْتَقَلَّ جَناحَ المَجْدِ صَدّامُ.

القلمون في: 30/12/2019

 

نص منثور: رسائل النجم الطارق صلاح المختار

(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ): الفاتح لبوابات المناقب، الناثر لنور الله في زوايا قبور النوائب، المانح للضائعين في مجرات رغبات محرمة فسحة حلم لرؤية الله الحاضر الغائب، المكفّر للانا المهوسة برغباتها المحرمة في دوامات الكوارث والغرائب، الغالقة لبوابات النقاء في سفوح مهما بحثت فيها عن الاستلقاء في احضان خيالات الراحة فلن تجد غير المصائب، لكن النجم الطارق يعيدها لمربع الفناء، يكنس تراكم حشرجات المحارق، يسوق افياء غيمة كاتمة همّ الانا المثقلة بأثامها في مهاجر النفايات، المعيقة للوعي، يغذ منشدوا الوعد السير في قوارع الزمن، ماسكين اياد فقدت فوانيسها في زحمة تدافع مناكب الاهوال، وهنا يبزغ نجم صدام، يشرق، يسمّر قوافي النار فوق بصره يرميه فوق سحابات ارسلها النجم الطارق، يستعد لركوب غيمة تاخذه بعيدا الى سدرة المنتهى، وتحت ظلالها، وسكون غروب شموسها، تبدأ ليالي تيه سحري ومسحور، في بحار غريبة ومغتربة، تعجز عن رؤية قاربها المبحر في فجرها اللاحق بليلها، تطرق سمعك المبلول برائحة ملائكة، تراها بهاجسك العتيق تعزف الحان الاحتفال بنصر تكتبه انامل رفاق صدام.

(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ) ينفث راحة مخلوق عجيب من اسمه هارب، يتمدد في ازقة كونية ممهورة بأسم الله محصنة بسدود يجتازها صهيل خيول المناقب، يسرق البصر من حامل النظر، يخترق الزمن، يجرنا جرا خارج مجرات المحن، يبتسم لصدام، يلوّح بيده مناديا التائهين في مفازات النوم: ها هو النجم الطارق، ها هو الزمن الحارق، ها هو الليل البارق، ادخلوا (كعبتنا) بسلام، اخرجوا من بيوت اللئام، المعشعشة في مزالق الظلام، ابتعدوا عن هسيس التردد، ففي عصور ما بعد النجم الطارق تنهزم الحيرة ويأتي الخبر المزدحم بألاف الاسئلة، لا تنتظروا، تسامروا، تناظروا، استديروا قبالة النهار الاتي، فالاسئلة امتحان والصمت ارتهان، ومن يفتح وعيه اولا يحوز خيط يربطه بالنجم الطارق، ينوش بواباته برمقة بصر، تفتح للذي يعرف كل شيء، للذي يقدم اجوبة تحيّر اكثر من اسئلتها، ومع ذلك يومض فانوس صدام في عين مترفة، تأتي المعارف متدحرجة من فوق تلال قصية، تجلب الخلاص بشعشعة اضواء النجم الطارق، يقرع ضمائرنا صرير انذار اخير، يبقيها يقظة لاتنام حتى لو بلغ نعاسها مشاتي سايبريا الهائمة في صقيع لانراه الا في خيال طفل لم يولد بعد، فوانيس صدام تهشم ذل الاستكانة لسيد فقأ الله عينه اليسرى وابقى يمناه لترى فوانيس صدام، وبها يخلع قميص الاستسلام، يحرق نور صدام (الانا) في جرب قوم لوط، التي ما خلق الله الانسان لتكون بوصلته، يخرجه من (الانا) الى فضاء طرقه معبدة بحجارة من سجيل تفضي ل(نحن) الغافية في حضرته.

(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ) هيبة اسطورية تهشم الخوارق تبحر وجرس صوتها المنشد لايات نصرنا يأتينا محمل برؤية الاتي الساحق، مصفوفة بالاف الزوارق، ينادي صدام ممخرا عباب سماء لاتنام فيها الاضواء: هيا فقد حان وقت دخول كعبة الخلاص، انهضوا فهدير النجم الطارق نداء لنا يحدد مسارا واحدا للنظر، اخرجوا من النوم الساذج في احضان القهر، طلقّوا مشانق الحيرة، ادخلوا كوكب اليقين، انصتوا لملائكة تسد بواباته بأزاهير منفية، تدقق احلام ونوايا الاتين اليه، فمن كان ينطق بلغة صدام وتطهر من الحاد شرطي لايتقن الا طاعة عمياء لسيده، يدخلونه كوكب اليقين، وهناك يفترش وعيه المنحدر من قمة جبل هار، قرب النجم الطارق، في عثراته مفارق ومغارق، ويقعي جارا لموائد النور، يرسم بالوانها المتفجره انهارا من عسل ولبن، يعزف فوق اديمها الحانا لانسان دخل كوكب اليقين بعد تنقل ممض بين يقظه يكتشف فيها الغاز الكون لبرهة ثم تتسرب من بين اصابعه كحلم ليلة صيف، وغفوة تلقيه فوق بساط يسابق الريح، يهدأ عندما يصل خيمه نائية في بطون غيب مقهور، يرمق فيها والده الراحل وامه الغائبة وجده وجد جده الذين رحلوا قبل ان يولد! تتلبسته رغبة ممنوعة لقراءة وجوههم ومصافحة قلوبهم!يدخل مبهورا وهو يلتقي الاحبة الذين رحلوا ولم يعودوا فجاء هو اليهم بعد ان دخل كوكب اليقين ورحل من عالم كل ما فيه مترجرج وفي قمته تتوج حيرة صقر هجين.

(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ):صدام يصعد منصة الرحيل وسط ضجيج الذباب الهاتف بأيات شيطانية، استعمرت صدام رغبة لايطاق الصبر فيها برؤية من خلق النور وادار المجرات، ذلك الذي بقي يصلي له طوال قرون ليست لها نهاية ولا بداية، يبتسم وهو ينهي لحظاته الارضية بحبل يلتف حول عنق التاريخ كله، راى صدام ما يختفي خلف غيوم الغيب، ستارة حجب الغيب احترقت بلمسة جبرائيل، وعرف ما ينتظره، رسم على محياه اعظم ابتسامة في تاريخ الفرح، غادر اليه، الى الذي لانراه ولكننا نعرف انه في دخيلتنا الغافية في سلطان نوره، يطرق وعيه ويغيب السكون من مقلتيه مذ كان طفلا يحبو! دخل مكة الاحلام ومنها عرج على منطقة شفق في منصات الجنة، وقبل ان يرحل قال كلمة سر الدخول: لا لشرطي العالم، قالها منفردا، متفردا، عظيما لا يخشى الا ان يفوته مسار النجم الطارق فلا يصل الى كوكب اليقين الفارق.

(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ):انه طارق عالم يحكمه ضابط منافق، وتحت امرته شرطي مطيع بوعي مطي، محكوما بالقهر ان يفقد فانوس الهداية في طريق هجرته الشمس منذ قرون، فبقى خارج كوكب اليقين، يتلظى مشويا فوق ارض مصهورة ومقهورة، تقذف عيونا ناتئة مفزوعة، متقافزة، تقرع بهسيسيها مطايا فقدت القدره على قول (لا) رغم ان قولها بطاقة دخول كوكب اليقين. وصدامها قالها، وصدامها توهج وهو يخترق بواباتها، فكان اول من دخل كوكب اليقين وفي يده اسطر كلام الله.

(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ) المسخن لليل حارق، في نهايته سنرى اللص والسارق، نرى نبيل الشهادة ممتطيا صهوة جواد صهيله يدق سكون البيارق، من فمه تأتي كلمة سر تفتح بوابات الغد، في نجم غادر اليه صدام اسمه الطارق، لا يكف عن طرق الضمائر ونثر البشائر، فتفتح مغاليق ازمان النكبات، ترمي نغول الازمات في مكبات النفايات، تفتح بوابات النور، يدعونا صدام للنهوض واختراق جدر الزمن المهموم والملغوم، صدام همس وهو يرحل:الغد لا ياتي الينا نحن نذهب اليه، صدام علمنا ان لاننتظر غيرنا كي يفتح بوابات الوعي، كي نرى، ونفهم ونتعلم ثم نتيقن، بل قال وهو يضغط على حروف النور: المرشحون لدخول كوكب اليقين هم فقط من يتقنوا قول (لا) بحجم مجرات تتسابق مجنونة وهي تدور في افلاكها مرهونة، والنجم الطارق يحلق في مداراته المغلقة.

(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ): نداءات تترى، الف نداء يعقب مليونها، وكل نغمه نداء توقظ ملايين الغفاة، تدس امال لا تموت في قلوب تائهة وعيون راقصة تبحث عن بوابات الخروج رغم انها قبالة الضمير!وفي الزاوية القصية نرى رجل نوراني محموم افترسته رغبة الاغفاء في سرير صمته يحي الموتى، وطرقات على بوابات الزمن ايماءات تلملم شرود الرؤيا، توحد حزم الضوء المتنافرة، تعد العدة لكلمة حسم قريبة تركها صدام امانة في ضمائرنا، كي يبقى الغد كما اراده صدام غدنا وليس غد نغول جارتنا، غدنا كما رأه صدام مشرقا بعد ظلام يستمد وضوحه من موجات رعد النجم الطارق فهيا ايها الرفاق الى الغد، احرقوا مقود دخيل لئيم ابحر من امس لكنه بغتة احتل سفينتنا بخديعة مفضوحة، بفوانيس صدام اخلعوا رداء السواد عن الحقيقة، انيروا جسد الشيطان المتعفن لنرى افاعيه المتلوية في احشاءنا، اسحقوا نغول جارتنا الشرقية، نظفوا مقود سفينة الخلاص فالنصر معقود عليه، وبه نحلق في كواكب البراءة قريبا من صدام.

Almukhtar44@gmail.com

27-12-2021

شبكة البصرة

الاحد 18 جمادى الثاني 1445 / 31 كانون الاول 2023

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط